دور صراعات بين مختلف مراكز القوى في إيران، وذلك لعدة أسباب. فهناك من جهة النزعة التدخلية التي قادت إيران لمشاركة الولايات المتحدة في مهاجمة أفغانستان والعراق، ونشر الجيوش والأساطيل في البر والبحر. وهذه النزعة تعاني من مصاعب جمة منذ نشوب الثورات العربية، لأن مناطق النفوذ التي تعاونت إيران مع الولايات المتحدة عليها، تُعاني من القلق والاضطراب مثل العراق وسوريا ولبنان. وبدلاً من المراجعة والنقد؛ فإن المحافظين وأهل الحرس الثوري، لا يزالون يصرون على أن خطأً واحداً لم يحصل ، وهناك الحصار الذي تُعاني منه إيران بسبب ملفها النووي. وكما في حالة مناطق النفوذ، فإن الجميع يُظهرون الوقوف في صف واحد في المسألة النووية. فهم جميعاً مع نظام الممانعة الأسدي. وهم جميعاً في صف واحد في النوويات. وهم جميعاً مع التوتير في الخليج، بحجة أنه توتير ينال من المتطرفين و«القاعدة»، والولايات المتحدة وإسرائيل! وبشكل منتظم وبدون استثناء، فإن هؤلاء المتصارعين يتناوبون على امتداح الأسد ودعمه، وامتداح مقاومة غزة ضد إسرائيل. وامتداح المالكي وأفعاله ضد الكُرد. بيد أن ما قاله علي أكبر ولايتي -وهو ينزع نفس المنزع- يستحق التذكر والتفكير. و«ولايتي» كان وزيراً للخارجية الإيرانية، وهو منذ سنوات مستشار لخامنئي مرشد الثورة. قال ولايتي: إن صراع الثورات في العالم العربي هو صراع بين الإسلام والقومية العربية، وسينتصر الإسلام، لأن الثورات تقتدي بإيران التي اشترعت نظاماً إسلامياً، وها هم المصريون والتونسيون يسلكون نفس المسلك!
والواقع أن هذا الكلام قاله عديدون من الإيرانيين على رأسهم خامنئي الذي وجَّه خطاباً بالعربية مع بداية الحراك بمصر وتونس، ليشير إلى أن العرب إنما قاموا بثوراتهم من أجل الإسلام، والانضمام لنموذج إيران. لكن الإيرانيين ما لبثوا أن تراجعوا عن ذلك، وقال لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني إن «الثورات» هذه مؤامرة أميركية لأنها لا ترفع شعار تحرير فلسطين، ولأنها قامت في سوريا ضد نظام الممانعة والمقاومة! فما الذي عدا مما بدا حتى عاد «ولايتي» القريب من خامنئي للإشادة بالنموذج المصري، بل والتونسي، بزعم أن الصراع في مصر هو بين القومية العربية والدين، ومن الطبيعي أن ينتصر الدين كما انتصر في إيران!
وما ذكر أحد في الواقع، بمصر وتونس، القومية العربية على شفة أو لسان. وعندما يتقاذف المتصارعون التُّهَمَ بمصر يتحدث البعض عن الإسلاميين، ويتحدث البعض الآخر عن الليبراليين أو العلمانيين! ثم كيف يعيّر ولايتي الثائرين بالعروبة والقومية، وها هو حليفه وحليفهم الأسد مُصِرٌّ على عروبته البعثية حتى النهاية؟ فلماذا لا يذكره ولايتي بسوء، بينما يحمل على المعارضين المصريين الذين يقفون في وجه «الإخوان والسلفيين»، وليس باسم القومية العربية أو المصرية، بل باسم الحريات والدستور والديمقراطية وحكم القانون؟!
إن الذي أراه أن التصاريح الإيرانية لا معنى لها منذ مدة. ويقال لنا دائماً إنها موجهة لغيرنا وليس لنا وإن قيلت من عندنا! بيد أن السياقات الجديدة التي تجري فيها الأحداث، تستحق الذكر والتعليق، وليس من أجل نفي التهمة عن العرب أو القومية العربية! إذ بالفعل فإنه في مصر على الخصوص يتقدم السلفيون مطالبين بتطبيق الشريعة التي ثبتوها في الدستور في عدد من مواده. وهم لا يكتمون أنهم يريدون إنشاء دولة يحكمها الإسلام. و«الإخوان» ذوو خطاب مزدوج: فهم أمام جمهورهم مع تطبيق الشريعة، ومع المجتمع العام يتحدثون عن الدولة المدنية، وأن الشعب مصدر السلطات! ومن الواضح من هذا كُلّه، أن مشروعات الإسلاميين بمصر -وإن تكن إسلامية العنوان- فهي مختلفة جوهرياً عن دولة الدين وولاية الفقيه بإيران! السلفيون يقولون إنهم يقصدون بتطبيق الشريعة أو تطبيق مبادئها، الأصول والقواعد الجامعة في مذهب أهل السنة والجماعة. و«الإخوان» يذهبون إلى أن الدولة في الإسلام مدنية، ومرجعيتها الإسلام والشريعة، والشعب مصدر السلطات فيها. وبينما يُجافي السلفيون إيران، يجاملها «الإخوان». وبالطبع فإن الرئاسة المصرية، لن تُشبه بأي حال ومهما كانت الصناعات، ولاية الفقيه. لكن الأمر يظل أعقد من ذلك. فقد كان «الإخوان» حلفاء لإيران عندما كانوا في المعارضة. وكانت إيران ولا تزال لها أقدام قوية في السودان ومصر وغزة. وما يُهم إيران ليس مسائل تحرير فلسطين كما يزعمون، بل عدم السماح بالوصول إلى حل عادل وشامل في فلسطين، للاستمرار في الإفادة من الغياب العربي والضعف العربي، اليوم وغداً وبعد غد. والاستمرار في الإفادة من التحرش بإسرائيل باعتبار أن لإيران قدرات على الإيذاء، لكي يسعى اليهود لإرضاء أنصار إيران في غزة كما في لبنان. فالإسرائيليون لا يريدون السلام، وكذلك إسلاميو إيران وأعوانها. ولذا تبقى الحدود هادئة بسوريا ولبنان، والآن بغزة، وتظل «السلطات الإسلامية» قائمة في مُهادنة طويلة للعدو، مع استمرار التهديد والوعيد!
وكما لا يهم الدولة الإيرانية، ماذا يحدث في فلسطين إلا إذا كانت هي التي تحمل الراية، لا يهمها ما يحدث في مصر، إلا في سياق اعتبار مصر محسوبةً عليها، وكذلك تركيا، في مواجهة دول الخليج. ولذا فقد لا يكون من المبالغة القول إن الثورة السورية أساسية في تحول المشهد كله في الشرق الأوسط. إذ بتغير نظام الحكم في دمشق، تعود الدول والسلطات العربية لتحوط فلسطين وتؤثر فيها، في عمان ودمشق ورام الله. وإذا أُضيفت لذلك الحيوية الحاصلة مع الاعتراف بفلسطين دولةً غير عضو بالأمم المتحدة، وأضيفت لذلك تصريحات «حماس» بإرادة المصالحة، وبقاء المبادرة العربية للسلام على الطاولة؛ فذلك كله كفيل بأن يُنهي عهداً أو عهوداً كان فيه الجميع حاضرين باستثناء العرب!
وهناك نقطة استراتيجية أخرى تتمثل في العلاقات الإيرانية مع الخليج، وفي هذا التناظُر مع تركيا، وما تحاول أن تُقيمه مع مصر بعد الثورة. وهذا مدى استراتيجي ما عاد يمكن إخراج إيران وتركيا منه، لكنه مدى إذا حدث تضامُن عربي فيه، سيمكن من الوصول إلى علاقات متوازنة مع دول الجوار الإقليمية والإسلامية هذه.
وتبقى النقطة الاستراتيجية الثالثة بعد راية فلسطين، وبعد الترتيبات الاستراتيجية الإقليمية، وهي تتمثل في الإسلام. وقد كان الصراع خلال العقد الماضي على «روح الدين»، أو من يمتلك القبض على أنفاسه؟ وقد نجح الإيرانيون من خلال المجموعات الشيعية والإسلامية في أن يصبحوا قطباً وازناً في السياسات والاستراتيجيات باسم الإسلام. وهم يحاولون الآن بعد الثورات، أن يكسبوا من الإسلام السياسي، ويعوضوا خسائرهم في سوريا وأفغانستان. وما كسبوا بعد شيئاً، لكن الاضطراب مشتعل في العراق ولبنان واليمن.. إلخ. ولذا لابد من أمرين: مَنْع استغلال الإسلام السياسي لإنشاء محاور جديدة تقْسم العرب، والدخول في محادثات وحوار بين السنة والشيعة مهما كانت الظروف حَرِجةً وصعبة. لقد ناضل العرب لإخراج بلدانهم من الإسار الإيراني، ويكون علينا متابعة النضال لإخراج ديننا من التسييس، ومن الاستغلال الإيراني أيضاً.
لا أحد يجادل في ارتباط “حزب الله” وزعيمه بالجمهورية الاسلامية الايرانية ومرشدها. لهذا يدور الآن سؤال كبير عما ستطلبه طهران من السيد حسن نصرالله في المرحلة المقبلة التي تفصل لبنان عن سقوط النظام السوري. التكهنات كثيرة، لكن أسوأها الذي سيكون بمثابة الكارثة الكبرى على لبنان أن يكون “التكليف الشرعي” الذي سيصدره الامام الخامنئي الى نصرالله بتفجير الاوضاع هنا لتغطية انهيار سلطة بشار الأسد استعدادا للسيناريوهات المظلمة واحدها محاولة انشاء الدولة العلوية في شمال سوريا. ربما يكون الجواب ان مرشد الجمهورية الاسلامية لن يدفع تابعه اللبناني في هذا الاتجاه المخيف بل السماح له باستكشاف سبل تحصين لبنان في مواجهة تداعيات انهيار “سد مأرب” النظام السوري. وأول الخطوات لهذا التحصين ستكون بقبول “حزب الله” بنزع الصاعق من القنبلة الموقوتة المتمثلة بالحكومة الحالية واستبدال الرئيس نجيب ميقاتي بشخصية محايدة على رأس حكومة انقاذية ترعى المرحلة الانتقالية ليس نحو الانتخابات النيابية المقبلة فحسب بل نحو سوريا الجديدة التي ستولد في وقت بات قريباً جداً.
في انتظار أن يظهر تكليف ايراني من هذا النوع أو لا يظهر أبداً، تبدو حركة الرئيس نبيه بري الحوارية مع نواب 14 آذار مثيرة للاهتمام، فهي إما بموافقة من “حزب الله” من أجل كسب الوقت ريثما يصل التكليف الايراني الكبير، وإما هي من عنديات بري كيّ يحضّر البلاد لخيارات أخرى غير التي سيطرحها الايراني لتفجير لبنان. وإذا كان الاحتمال الاخير هو وراء ما يسعى اليه بري فمن حقه ان يخشى على حياته أسوة بخشية كل قيادات 14 آذار.
لا مبالغة في القول أبداً، ان سياسة “النأي بالنفس” التي تتباهى بها لفظياً حكومة “حزب الله” ستكون حقيقية برحيل هذه الحكومة قبل فوات الاوان. فهي جاءت في زمن القهر لزعيم الاغلبية الرئيس سعد الحريري. وإذا استمرت بعد زمن القهر السوري الآيل الى السقوط فمعنى ذلك أن طهران قررت نقل المواجهة من سوريا الى لبنان، وبتعبير آخر، ستتدفق الحرب الاهلية الى لبنان من سوريا حيث يسعى النظام المتهالك هناك الى إضرامها. فهل هذا ما تريده طهران وسينفذه “حزب الله”؟
من باب التبسيط الذي يريح عقول الذين لا يجرؤون على استباق العاصفة القول ان قوة “حزب الله” التي تمسك اليوم بزمام الحكومة ومفاصل الدولة قادرة على الاستمرار في هذا الموقع. هذا الكلام إذا صح اليوم فهو لن يصح غداً. وإذا كان الرئيس الحريري الذي مارس قولاً وفعلاً ما يحول دون انزلاق لبنان الى الحرب الاهلية فهو سيكون خارجها بالتأكيد إذا ما وقعت. ولأن الحرب تحتاج الى طرفين فإن “حزب الله” سيكون في مواجهة اعصار التطرف السني الذي لم يعرفه لبنان من قبل. والذين يتابعون بدقة ما يجري حول لبنان يعلمون ان معادلة القوة لم تعد الى جانب “حزب الله” بالمطلق. وكي يستفيد لبنان من فترة السماح الآيلة الى النفاد يجب أن يظهر من يقول لايران من بين أهل الشيعة في لبنان كفى.
لعل أكثر التحديات التي تواجه دول الربيع العربي بعد الثورات هي مشكلة المصالحة الوطنية، خاصة أن الطواغيت الساقطين والمتساقطين عاشوا على مدى عقود على زرع التناقضات ودق الأسافين بين مكونات شعوبهم على الطريقة الاستعمارية “فرق تسد”. ففي الوقت الذي كان يرفع فيه القذافي مثلاً شعار “العالمية”، و”الطريق الثالث”، كان يعمل على الأرض على ضرب القبائل ببعضها البعض كي يعيش على تناحراتها وصراعاتها. وكذلك فعلت الأحزاب “القومجية” في أكثر من مكان، فكانت ترفع شعارات قومية عريضة، بينما تمارس على أرض الواقع سياسات طائفية وعشائرية ضيقة ومريضة هدفها الأساسي خلق مشاحنات بين أطياف المجتمع كي لا تتحد في وجهها، وكي تبقى متنازعة ومتشرذمة. ونظراً لذلك، فقد ساد الخصام والتناحر بين الناس بدل التسامح والوئام.
لقد زرع الطواغيت ألغاماً بين شعوبهم تماماً كما زرع المستعمر ألغاماً في مستعمراته عندما تركها، بحيث تنفجر تلك الألغام بعد رحيله. وقد شاهدنا نتائج النزاعات الحدودية والعرقية والدينية التي تلت خروج الاستعمار من بلادنا وغيرها. وكما هو واضح، فإن سياسة الطواغيت العرب كانت تهدف تماماً إلى ما كان يهدف إليه الاستعمار من قبلهم، فمن خلال زرع التناقضات القبلية والاجتماعية والطائفية بين مكونات المجتمعات كانوا يهدفون إلى جعل تلك المجتمعات مشغولة طوال الوقت أثناء فترات حكمهم بخلافاتها وضغائنها، بحيث لا تلتفت كثيراً إلى سياساتهم الشيطانية. وعندما تحاول تلك المجتمعات أن تتململ في وجه الطغاة، فعندئذ يضربون الناس بعضهم ببعض من خلال حروب ونزاعات أهلية تحرف الأنظار عن لب المشكلة وهي الثورة على الطغيان. وقد رأينا في بعض الثورات كيف يحاول الطاغية أن يصور الوضع في بلاده على أنه صراع بين مكونات الشعب وليس ثورة ضد نظام حكمه. بعبارة أخرى فإن طواغيتنا الساقطين والمتساقطين كانوا يريدون الانتقام من الشعوب ثلاث مرات، الأولى أثناء فترة حكمهم لإلهاء الناس بخلافاتهم الطائفية والعشائرية والاجتماعية، والثانية عندما تنتفض ضد أنظمة حكمهم الطغيانية، فيسلطونها على بعضها البعض، والثالثة بعد رحيلهم عن الحكم تحت ضربات الثورات، فبدل أن يلتفت الناس إلى إعادة بناء مجتمعاتها، تبدأ بالانتقام من بعضها البعض على أسس طائفية واجتماعية وقبلية.
لهذا على الشعوب، خاصة النخب المثقفة أن تنبه الجميع إلى هذه الأفخاخ الخطيرة التي يمكن أن تحول الثورات من نعمة إلى نقمة، فيما لو بدأت مكونات المجتمعات بالتقاتل فيما بينها وتصفية “ثاراتها” التي زرعها الطغاة النافقون بعد الربيع العربي. إن أول ما يجب أن تتعلمه شعوبنا بعد الثورات فضيلة التسامح والتعالي فوق الجراحات و”الثارات” وقبول الآخر مهما اختلفت معه كي تؤسس لمجتمعات ديمقراطية صحية، خاصة أن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم في بلاد مازالت تفكر بعقلية “داحس والغبراء” ورفض الآخر لأتفه الأسباب.
لنتعلم أن الديمقراطية هي أفضل نظام يمكن اللجوء إليه لحل صراعاتنا وتسوية خلافاتنا ونبذ ضغائننا، فيما لو التزمنا بتعاليمها وشروطها. لقد أظهرت التجارب بعد الثورات أنه، وللأسف الشديد، مازال أمامنا وقت طويل كي نقبل بالآخر حتى من خلال صناديق الاقتراع، فما بالك إذا انتصر علينا على الأرض. لقد فرحنا كثيراً عندما انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية على خير دون مواجهات بين مؤيدي محمد مرسي ومعارضيه. وقد ظننا أن الناس فعلاً جاهزة للديمقراطية والقبول بنتائجها، لكن سرعان ما خاب ظننا، عندما راح معارضو الرئيس المصري من مؤيدي النظام السابق وخصوم مرسي العقائديين يحاولون الانقلاب عليه، وعرقلة مشاريعه، رغم أنه وصل إلى السلطة من خلال انتخابات نزيهة وشفافة، وكأنهم بذلك ينتقمون منه ومن الفائزين بالانتخابات ومن مناصريه.
لقد بدا معارضو الرئيس المصري غير قادرين على ابتلاع الهزيمة، مع العلم أن الصراع كان سلمياً تماماً بين الفائزين والخاسرين، ولم تسفر الانتخابات عن نقطة دم واحدة، فما بالك عندما ينتصر طرف على طرف في الثورات والصراعات بقوة السلاح وشلالات الدماء كما هو الحال في العراق وسوريا وليبيا. فهنا تكون الكارثة. دعونا نتفق أولاً على توجيه التحية لكل الأيادي التي شاركت في إسقاط الطواغيت في بلدان الربيع العربي.
لكن في الآن ذاته، علينا أن نناشد الجميع، منتصرين ومهزومين، أن يلملموا الجروح فوراً بعد نفوق الطواغيت، ودمل خلافاتهم من أجل بناء مجتمعات جديدة نظيفة من الضغائن والأحقاد القديمة التي زرعها الساقطون. فليعلم الذين يحاولون الثأر والانتقام من أبناء جلدتهم بالقوة من الطرفين، المنتصر والمهزوم، أن ذلك لن يجلب لا السلام ولا الاستقرار لأي بلد. لاحظوا كيف ما زال العراق مهتزاً ومسرحاً للدمار بعد انتصار المعارضة المزعوم على النظام العراقي السابق، رغم مرور حوالي عشر سنوات عليه.
لماذا؟ لأن هناك طرفاً حاول اجتثاث شريكه في الوطن بعد سقوط صدام حسين، والاستئثار بالسلطة والوطن معاً، فما كان من الطرف المهزوم إلا أن ينتقم لنفسه بتحويل حياة المنتصرين المزعومين إلى جحيم مقيم، لا بل حبسهم في زريبة سياسية يسمونها “المنطقة الخضراء”.
وكي لا نذهب بعيداً في التاريخ الحديث، لاحظوا وضع ليبيا المهتز الآن والمضطرب والقلق بسبب محاولة البعض فرض إرادته على قسم آخر من أبناء جلدته بالقوة الغاشمة، لمجرد أنه انتصر عليه. لا يمكن بناء ليبيا الحديثة على أسس قذافية. ما الفرق بين النظام الساقط ومن يحاول السير على خطاه في الانتقام والإقصاء والاجتثاث؟
علينا بعد الربيع العربي أن نستوعب الجميع تحت راية الوطن، المنتصر والمهزوم معاً، وإلا ستبقى بلادنا بعد الثورات كساحة العراق، مع الاعتراف طبعاً أن النظام العراقي أسقطه الغزو الأمريكي، بمساعدة رمزية من معارضيه، بينما البقية أسقطتهم شعوبهم في ثورات شعبية.
إن أوطاناً تعيش على صفيح ساخن من الثأر والانتقام ستتصومل، وتتأفغن، وتتعرقن عاجلاً أم آجلاً. فلتدفنوا سواطيركم بعد الثورات، ولتوحدوا راياتكم، ولتستوعبوا بعضكم بعضاً كي لا يضحك عليكم الطغاة الساقطون في قبورهم وحجورهم، ويشمتوا بكم. وكما يقول أحد الحكماء: “إن كنت ستصفي كل من لا يعجبك، فلن يبقى سواك على وجه الأرض، وسيصفيك من لا تعجبه أيضاً”.
إذا لم يبدو خيار وضع جرمانا كهدف ستراتيجي متفقا جدا لا مع “المتمردين” الذين تجد عائلاتهم واقاربهم ملاذا آمنا فيها، ولا مع “الارهابيين” ممن يجدون اعداءهم من العسكريين والمختلفين معهم ايديولوجيا في مكان آخر، فهل الامر كذلك لدى الطرف الآخر؟ هل ثمة اسباب او ربما حاجة لدى النظام، منذ ربيع عام 2012 لمعاقبة او تحذير الطائفتين اللتين تشكلان غالبية سكان هذه المدينة السورية؟
الجواب نعم فرغم الضغوط والتهديدات التي فرضت على الدروز والمسيحيين منذ بداية الانتفاضة في مارس عام 2011 لم يتمكن رئيس الدولة بشار الاسد من احداث تبدل في موقف هاتين الطائفتين والمتمثل بالوقوف الى جانبه. الآن وضع الرئيس حساس للغاية بسبب عوامل عدة تمدد الصراع عبر الاراضي السورية، انهاك جيشه بدنيا ونفسيا، والاستيلاء على اسلحة فعالة مضادة للطائرات من قبل وحدات الجيش السوري الحر، والحالة النفسية للطائفة العلوية التي ينتمي اليها انصاره الأكثر ولاء، وتضاعف عدد حالات الفرار والانشقاق بين الضباط والمخابرات وكذلك الاعتراف الدولي ب¯ “الائتلاف الوطني للثورة والمعارضة السورية” مازال محدودا ولكن في طريقه الى التوسع – كممثل شرعي للشعب السوري.
في حين ينبئ تطويق العاصمة تدريجيا بموضوع مقبل يتمثل في ان بشار الاسد يريد ان يكون قادرا على الاعتماد على جميع الاقليات رغم انه يعلم ان بعضا من ابناء هذه الاقليات لا يحبونه، بل يكرهون حتى ما يمثله من استبداد ومحسوبية وفساد، وكذلك، منذ بداية الاحتجاجات من عمى سياسي، وانعدام للرحمة وجنون القتل، ولكن يعلم ايضا ان بعد 21 شهرا على الثورة التي انضم اليها البعض منهم، فهي اي الاقليات، مترددة الآن، ان لم تكن خائفة من تواجد مقاتلين اسلاميين راديكاليين في سورية ومن المخاطر التي يشكلونها على البديل الديمقراطي الذي لا يزال هدف الثوريين.
بمساعدة احد وكلائه من اللبنانيين، الوزير السابق وئام الوهاب، الشخصية الخشنة التي اوجدت للحد من نفوذ الزعيمين التقليديين لطائفة الدروز في لبنان، وليد جنبلاط وطلال ارسلان، تمكن النظام السوري في بداية الاضطرابات من تجنيد بعض الشباب الدروز العاطلين عن العمل في لجان شعبية بمناطقهم، كما اظهرت زيارة مفاجئة لبشار الاسد الى مدينة السويداء في 12 مارس 2011 انه يأمل في اقناع الدروز – كما كان يحاول في الوقت نفسه مع الأكراد – بعدم المشاركة في الحركة الاحتجاجية او المطلبية التي ستهدد سلطته، وقبل كل شيء قد تسقط الدولة في أيدي الطائفة السنية وافرادها الاشد “راديكالية” جماعة الاخوان المسلمين واصدقائهم السلفيين.
هذه المحاولة او المناورة لتحييد هؤلاء لم يكن لها الاثر المطلوب، فمنذ الايام الأولى للاحتجاجات وبتحفيز من المحامية والناشطة السيدة منتهى الاطرش، ابنة قائد الثورة السورية الأولى الزعيم الراحل سلطان باشا الاطرش دعم الدروز الثوار سياسيا وماديا، فعلا في اصعب الظروف بدرعا، كما رفضوا لاحقا حمل السلاح كما عرض عليهم وئام وهاب، وامتثالا لنصائح وليد جنبلاط فقد “امتنعوا عن العمل مع الشرطة ووحدات الجيش التي تحارب الشعب السوري”.
بعد ذلك، عندما اصبح الحياد والتقاعس عن العمل لا يطاق بالنسبة الى طائفة متقدمة تقليديا في الكفاح من اجل الاستقلال والحرية، فقد امتثلوا مرة اخرى لمواقف زعيمهم الذي اوصاهم منذ الآن حفاظا على كرامتهم ومستقبلهم ب¯ “ترك الجيش النظامي والانضمام الى صفوف اولئك الذين يضحون بأنفسهم للاطاحة بالنظام” ولكي يربط بين القول والعقل فهو يستقبل ويحمي في لبنان الجنرال الدرزي فرج المقت، الذي انشق عن النظام كسواه من نحو عشرين ضابطا آخر من هذه الطائفة.
على عكس اعلى مسؤولياتهم الدينيين- مشايخ العقل- ممن اضطروا الى التزام الصمت منذ وقت طويل لعلاقات تربطهم بالنظام، فقد اتخذ زعماء الطائفة الدرزية في جرمانا مواقف، في مناسبات متعددة، ضد ما اعتبروه ضارا، ليس فقط بطائفتهم، بل بكل مكونات النسيج الاجتماعي المحلي، وبالمجتمع السوري عموما، وهكذا في 25 يوليو اعلنوا بيانا بلهجة تهديدية ندد بالهجوم الذي شنه بعض ابناء طائفتهم، ممن مسجلين في “اللجان الشعبية” ضد مدرسة تم فتح ابوابها للاجئين من المناطق المجاورة التي دمرتها القوات المسلحة النظامية، وندد ايضا بقتل شاب من أهل السنة بدم بارد داخل المدينة.
في ما يتعلق بالمسيحيين، ومع مرور الوقت وانزلاق الصراع الى مجازر تعرض لها السكان من دون مبرر، بدأ رؤساء الكنائس المختلفة على نحو متزايد تحركا لاعادة التموضع ولكن هذا التحرك لا يزال بطيئا ومتواضعا ومستكينا، تمليه اعتبارات سياسية اكثر منها انسانية وانجيلية، مستوحاة من احتمال هزيمة النظام اكثر من رفض سلوكه.
لحسن الحظ، بعد تجاوز التسلسل الهرمي للمؤمنين العاديين، الذين يعرفون ان الهجمات المنظمة في الأحياء المسيحية في دمشق وحلب، التي تهدف فقط الى التخويف وليس الى القتل هي من صنع اجهزة الاستخبارات، بل هي “لدغة تذكير” من جهاز المخابرات بعد ظهور كتيبة مسيحية وكتائب مختلطة الطوائف ووحدات يقودها مسيحيون وسط التمرد المسلح، وهذه ظواهر هامشية لكنها تساعد على اظهار ان خلافا لما يدعيه هذا النظام فان المسيحيين في سورية ناشطون منذ فترة طويلة في المعارضة، ويشاركون اليوم في الثورة وهم ليسوا جميعا الى جانب السلطة، بل يريدون ايضا رحيل بشار الاسد وهم يشعرون بالقلق اكثر حسب تطور الاحداث، لكنهم غاضبون قبل كل شيء بسب سياسته المتمثلة في التدمير والقتل.
الاحباط الذي تعانيه السلطات السورية – التي تكره ان يقاومها الدروز والمسيحيون، بل تطمح الى ان يقدموا الدعم للابقاء على سلطة بشار الاسد – ليس وحده لب المسألة علي هذا النحو فقد تعرضت هاتين الطائفتين لهجمات استهدفت جرمانا ولا تزال تستهدفها، ولتمرير تحذير للدروز لا لبس فيه، فان “الارهابيين” يمكن ان يختاروا مكانا آخر، السويداء صلخدا او القريا مسقط رأس عائلة الاطرش.. ولارسال رسالة الى المسيحيين فانهم قد يستهدفون كما جرت العادة احياء مثل باب توما، القصاع او القصو.
في الحقيقة، الهدف من هذه الاعمال الارهابية المتكررة والمكثفة ان يفهمها المستهدفون من الدروز والمسيحيين في آن معا، لكنهم رفضا معا في جرمانا الوقوف موقف العداء لبيئتهم السنية وهو من يحاول النظام ادخاله في اذهان جميع الطوائف من الاقليات، ومعا قاوم الدروز والمسيحيون في جرمانا للحفاظ على فتح ابواب مدينتهم لمواطنيهم ممن هم في محنة، بغض النظر عن طائفتهم.
هذه الهجمات المرتكبة بتواطؤ من بعض مؤيدي النظام في المدينة من الدروز والمسيحيين، منذ اشهر عدة هدفها منع سكان جرمانا من اتباع خط آخر غير خط السلطة، خط اولئك الذين تعتبرهم السلطة اعداء وتعزو لهم بشكل ممنهج الانفجارات التي تحدث فتريد من الدروز والمسيحيين معاقبتهم من خلال اظهار العداء لهم، واغلاق الابواب امامهم، وحرمانهم من الغذاء والتجول في الطرق، وكل ما هو خلاف ذلك، فهو احباط لخطط النظام، وبالتالي فهم بحكم الواقع، مع المعارضة ويعادون السلطة.
منذ الصيف الماضي عندما ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية حول العاصمة، ومنذ ان اصبح الجيش السوري الحر على وشك فرض سيطرته الكاملة على الغوطة عكست تفجيرات جرمانا قلق المسؤولين السوريين من فقدان ما تبقى من “معاقل قوية” على الحدود الشرقية للمدينة وبالتالي فقد اصبح ثمة حاجة اكثر من اي وقت مضى للحفاظ على حالة تأهل وتعبئة في بعض المناطق المختلطة النادرة التي تقطنها طوائف من الاقليات والتي من المحتمل ان تؤخر تقدم “المتمردين”، وكما يتضح من موقع جرمانا على الخريطة، فهي جزء من هذا التوجه. ان سقوط هذه المدينة او عقد اتفاق بين سكانها ومقاتلي الجيش الحر سيتيح لهؤلاء المقاتلين إمكانية الوصول المباشر الى “باب شرقي” وهذه المفاوضات جرت في الاشهر الاخيرة.
وبالتالي، فان سكان جرمانا يجب الا يستغربوا اذا رفضوا فهم رسالة النظام، بان تستمر الهجمات والتفجيرات وتتضاعف، وستسبب هذه الافعال، كما هي الحال دائما الى “الارهابيين” ممن سيقول النظام ان من سماتهم الرئيسية التعصب الديني وكراهية الآخر، وتلك التفجيرات ينبغي على الاقل – حسب ما يأمل مرتكبوها المجهولون – ان تحافظ على الدروز والمسيحيين ضمن منطقة نفوذ مرتكبوها او تعيدهم اليها.
كان الأولي أن تقوم الأحزاب السياسية المعارضة ـ غير الراديكالية ـ ، ومنظمات المجتمع المدني . برفع قضية دولية ، لاستصدار حكم دولي . بعدم اجراء الاستفتاء . وبالغاء البيان الدستوري الذي مهد لمثل ذاك الدستور .. .
ودعوة الشعب لعدم قبول الاستفتاء . الا .. بعد البت في الدعوي القضائية الدولية . المرفوعة ضده . لكون هذا الدستور :
1 – دستور شجبته المنظمات الحقوقية الدولية – والمحلية – .
2 – فضحه الاعلام العالمي والعديد من كبار زعماء العالم .
3 – استنكرته المحكمة الدستورية العليا .
4 – استهجنته محكمة القضاء الاداري ،
5 – استخزاه نادي القضاة ، وخرجت الملايين بمحافظات مصر تندد به ،
6 – في التظاهرات ضده . راح قتلي وجرحي .
7 – و أصر الرئيس وجماعته الدينية علي فرض الاستفتاء – جبرا ـ وعلي عدم الغاء اعلانه الدستوري المعيب ، احتقارا لرأي الشعب ، واستهتارا بالرأي العام .
8 – تمت ممارسة البلطجة السياسية ، من قبل ميليشيات حزب الرئيس ، وجماعته . بالاحتشاد أمام مبني المحكمة الدستورية العليا ، وتهديد عضائها . لمنعهم من الاجتماع واتخاذ قرار بشأن دستور العار .
9 – كذلك ممارسة البلطجة أمام مدينة الانتاج الاعلامي ، بالاعتداء علي بعضهم . وتهديد الاعلامين الأحرار لمنعهم من الدخول لأداء عملهم بالقنوات الفضائة . والاعتداء قامت به ميليشيات جماعات وأحزاب التطرف الديني المؤيدة للرئيس .
ربما لم يعرف تاريخ السياسة بالعالم أجمع . عجبا أعجب من المعارضين السياسيين . الذين كرهوا أن يتولي الراحل أنور السادات . رئاسة مصر ، خلفا لعبد الناصرـ وكانت بأيادي هؤلاء المعارضين . كافة مفاتيح الحكم – كل المناصب الفائقة الحساسية – واستخدوا بدلا منها سلاحا أهبلا وصبيانيا . فدفعوا الثمن . سنوات من أعمارهم ، قضوها وراء القضبان .!!!
عبد الناصر كان يفضل ويقرب أهل الولاء . علي أهل الكفاءة – معروف عنه – . وعين السادات نائبا أول له ..
وبموجب الدستور ، يتسلم النائب رئاسة الدولة عند وفاة رئيس الجمهورية. فصار السادات رئيسا لمصر . فكانت من النكات الكثيرة التي أطلقها الشعب لهذه المناسبة
وانتشرت بالبلاد : أن الزبببة التي في جبين السادات ، سببها انه كلما حاول التحدث في الاجتماعات الرسمية . كان عبد الناصر يزج باصبعه في جبهة السادات ، قائلا له : اسكت انت ، اسكت انت . ( !! )
أراد فريق السلطة – المعارضون – ، تنحية السادات . و كان ذلك لا يحتاج منهم لأكثر من ساعة واحدة ـ بالكثير ـ كان ببنهم وزير الدفاع ، وزير الداخلية ، و المباحث العامة ، والاعلام . ولكنهم اتخذوا طريقة تلاميذ المشاغبين بالمدارس الاعدادية والثانوية . ومن ضمن ذلك ، ما حدث باجتماع السادات باللجنة المركزية العليا للحزب الوحيد والحاكم ـ الاتحاد الاشتراكي ـ . اذ راحوا ـ كما ذكر السادات في خطاب عام للشعب ـ يدبدبون بأقدمهم في الأرض زي سينما أونطة .
.. ليعبروا له عن رفضهم لوجوده رئيسا ..ظنوه سينزل من فوق المنصة ليستقيل ويترك لهم الحكم !!
فياله من تفكير بريء لا يعادله سوي : تفكير من يصيحون الآن : ( ارحل ارحل ) لمن لا يرحل ، ولن يرحل طواعية هو ، أو جماعته .. حتي ولو جري في مصر نهر من الدماء ، يوازي نهرالنيل بطوله وعرضه ..!! .
وكانت نهاية المعارضون الامعات هؤلاء . في عهد السادات . بعدما استمروا في معارضتهم علي طريقة تلاميذ المدارس . أن امتدت يد السادات لقفا وأذن كل واحد منهم ، وسحبهم لداخل أسوار السجون والمعتقلات . ودخلوها بسلام آمنين ..!!
وما أشبه اليوم بالبارحة .. نخشي من أن تكون نهاية زعماء المعارضة السياسية ـ الحاليون , نفس النهاية . ـ د. البردعي ، حمدين صاحي ، عمرو موسي ،. وربما دكتورعبد المنعم أبو الفتوح ، معهم أيضا ـ . ربما .. فالنية مبيتة، و مبكرا :
النائب العام المصري يتهم رموز المعارضة بمحاولة «قلب نظام الحكم …
6 كانون الأول (ديسمبر) 2012 … التحقيق في اتهامات بالتخابر ضد موسى والبرادعي وصباحي … يتهم قادة في المعارضة بمحاولة “قلب نظام الحكم، والتخابر لصالح جهات أجنبية” إلى نيابة …
——
— في ليبيا عقب ثورة الشعب علي القذافي علي الفور تكونت حكومة بديلة ، انتقالية. فراحت دول العالم تعترف بها دولة بعد أخري ، وسفارات ليبيا بالخارج ، راحت تعترف بحكومة الثورة .. وحدث نفس الشيء في سوريا . وتوالت استقالات الوزراء من حكومة الطاغية
بعد تشكيل حكومة بديلة ،، وانحيازات ضباط الجيش والشرطة الي جانب ثورة الشعب
—-
لو كان زعماء المعارضة قد أعلنوا تشكيل حكومة بديلة . لأعفو الشعب من الانصياع للاستفتاء الاذعاني الاذلالي .
علي دستور قبيح . .
كان أنسب وقت لاعلان حكومة معارضة ، عندما خرج ملايين المصريين ، يقولون لا للاعلان الدستوري للفرعون الاخواني . . وكان العالم يرقب هذا الحدث باكبار . وقبل أن فيق الوحوش وتخرج من الكهوف .
محفزات و دواعي هائلة . لتشكيل حكومة مصرية بديلة ، ، جديرة باعتراف غالبية المصريين وغالبية العالم بها :
1 – ردود الفعل الدولية علي الببان الدستوري للرئيس مرسي :
العفو الدولية : دستور مصر يتجاهل حقوق المرأة والطفل ويقيد الحريات
…منذ وأعربت رئيسة قسم “سيادة القانون” في مفوضية حقوق الإنسان بالمنظمة الأممية ، منى ريشاوي، عن “قلق المفوضية بشأن … وتابع البيان أن “مسودة الدستور تفتح الطريق أمام تأسيس دولة دينية، على نمط نظام (ولاية الفقيه
مشروع قانون أمريكي لوقف المساعدات إلى مصر بشكل فوري
رويترز : 13/12/2012 – قدم عضو الكونجرس فيرن بوكانان، مشروع قانون لوقف المساعدات الأمريكية إلى مصر بشكل فوري، وطالب إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعدم استخدام أموال دافعي الضرائب لمساعدة أى نظام ديكتاتورى يقف مع الإرهابيين
… 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2012 … أصدرت الجمعية الجمعية العامة للمحكمة الدستورية بيانًا شديد اللهجة، أوضحت فيه الأسباب الكاملة لما أعلنته … بيان من “الدستورية العليا”: مشروع الدستور الجديد يقضي على استقلال المحكمة ويضعها في يد رئيس الجمهورية … …الدستورية العليا . ضد البيان والدستور الاخواني : .
استقالات مساعد الرئيس . ومستشاره :
استقالة مساعد الرئيس المصري سمير مرقص احتجاجاً على … – القدس العربي
23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … القاهرة ـ يو بي اي: أعلن مساعد الرئيس المصري لشؤون التحول الديمقراطي سمير مرقص الجمعة أنه كتب رسالة استقالته من منصبه وسيرسلها خلال ساعات إلى …
القاهرة 26 نوفمبر2012 (شينخوا) اعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية ياسر علي اليوم (الاثنين) ان الدكتور سمير مرقص مساعد الرئيس محمد مرسي والشاعر فاروق جويدة مستشار الرئيس تقدما باستقالتهما على خلفية الاعلان الدستورى
استقالة مساعد للرئيس المصري وضباط يؤيدون الاحتجاجات
24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … احتشد مئات الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية أمس للاحتجاج على الإعلان الدستوري الجديد والاعتصام في الميدان بناء على …
… 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … رئيس القضاء الأعلي: نرفض الإعلان الدستوري وبيان الرئاسة صدر دون موافقتنا. … وقال المستشار محمد عبده صالح نائب رئيس محكمة النقض, إن قرار
نادي القضاء الإداري:الإعلان الدستوري «عدم» – جريدة الاتحاد
القاهرة (الاتحاد) – وصف نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الإداري) الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي وحصن بموجبه قراراته ضد الرقابة القضائية بـ”العدم”. وقال مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة في بيان اصدره وبثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية “إن ما سمي بالإعلان الدستوري هو عدم لا قيمة له تأكيدا للقواعد الفقهية المقررة”.
& 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … أعلن مجلس نقابة محامين بالشرقية عن رفضه للإعلان الدستورى جزئياً، فيما يخص تحصين قرارات الرئيس من رقابة القضاء والجمعية التأسيسية.
نقابة المحامين تطالب الرئيس بإسقاط الاعلان الدستورى
تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … محمد محمود فايد تقرير / شيرين الكردى تشهد نقابة المحامين بوسط القاهرة الآن تجمعاً لمئات المحامين، استعداداً للمسيرة التى ستنظم لميدان التحرير بعد …
YouTube
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … اليوم تعقد نقابة الصحفيين الجمعية العمومية الطارئة لها تحت عنوان كرامة الصحفي في خطر ومن المقرر أن تتصدر أعمالها 3 ملفات وتتمثل الملفات …
وقفة أمام نقابة الصحفيين للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري –
YouTube
27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … وصلت إلى ميدان التحرير، عصر اليوم الثلاثاء، مسيرة نقابة الصحفيين وسط شلل مروري تام في كل الشوارع التي تحركت بينها المسيرة. تابع احدث
“ثوار طنطا” يعلنون استقلال المدينة عن حكم “الإخوان”.. و”جبهة إنقاذ …
منذ 2 يوم … ثوار طنطا يعلنون تشكيل حكومة انقاذ وطني ومجلس ثوري لإدارة المحافظة جبهة إنقاذ مصر بالسويس … “ثوار طنطا” يعلنون استقلال المدينة عن حكم “الإخوان”.
…منذ 3 يوم … شباب الثورة يعلن استقلال السويس عن حكم الإخوان … البيان دعوة لجميع محافظات مصر بالاستقلال عن ما وصفه البيان بالنظام الفاشى وقام المتظاهرون من …
مدينة المحلة المصرية تعلن الاستقلال عن دولة الإخوان المحلة . تعلن الانفصال عن مصر و“تململ” في “الصعيد … – المدينة
… 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … تنطلق بعد قليل مسيرة حاشدة لحزب الدستور وحركة 6 إبريل والتيار الشعبي وبعض القوى الثورية الأخرى من أمام ديوان عام محافظة الشرقية للمطالبة
27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … انطلقت منذ قليل العشرات من مختلف القوى الثورية بمحافظة الشرقية وذلك احتجاجاً على الإعلان الدستورى الذى أصدره الدكتور”محمد مرسى ” رئيس الجمهورية
…منذ 3 يوم … نظم حوالي 250 محامي من محافظة الشرقية مسيرة اليوم تحت شعار محامون يرفضون “الإعلان الدستوري”، تنديدًا بالاستفتاء على الدستور والمزمع إجراءه …
اشتباكات أمام منزل مرسي بالشرقية.. والأمن يحاول إجلاء أسرة الرئيس
… 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … قال المستشار محمد عجوة، رئيس نادي قضاة الإسكندرية، أنه بموجب الإعلان الدستوري الجديد، فإن الرئيس احتكر كافة السلطات فى يده، مما يعد إهداراً لأحكام
«قضاة الإسكندرية»: اتجاه لتعليق العمل فى المحاكم لحين إلغاء الإعلان …
23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … أدان مجلس إدارة نادى قضاة الإسكندرية الإعلان الدستورى المكمل، واعتبروه تجاوزاً من قبل الرئيس محمد مرسى فى حق السلطة القضائية، ومحاولة للسيطرة …
اشتباكات بالمولوتوف بين متظاهرين رافضين للإعلان الدستوري …
30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … وقعت اشتباكات بالمولوتوف بين مجهولين ومئات المتظاهرين من ممثلي القوي السياسية والوطنية فى الإسكندرية، احتجاجا على الإعلان الدستوري الذى …
الأخبار – كنائس الإسكندرية تطالب بسحب الإعلان الدستوري تقارير …
-…27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 … واصلت كنائس الإسكندرية شمالي مصر رفض الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وطالبت قيادات كنسية الرئيس بالعدول عن قراراته وأكدت
حتي طلبة كلية الحقوق جامعة القاهرة – برنامج العاشرة مساء . فضائي . يقدمه الاعلامي المصري المعروف – . وائل الابراشي ـ 13-12-2012 . قامت مجموعة من طلاب الدكتورة والبكالريوس . بعرض سلسلة طويلة بالعوار والخداع الذي يكتظ به الدستور ، المطروح للاستفتاء الاجباري اذعاني . والمفصل لدكترة وسلطنة الرئيس الذي يمثل جماعة دينية ولا يمثل شعبا ، وجاء بانتخابات تلتف حولها الشبهات وبموءامرة داخلية وخارجية
تلك كانت محفزات و دواعيا هائلة . تسوغ تشكيل حكومة بديلة ، ، جديرة باعتراف غالبية المصريين وغالبية العالم بها . ولانقاذ البلاد .
فهل سيتدارك زعماء المعارضة ـ ولو بعد طول تأخرـ وقبل أن يلقي بهم الرئيس و جماعته . في غياهب السجون . مثلما فعل الرئيس السادات بمعارضيه في 15 مايو 1971 – وسميت ثورة تصحيح ـ ؟! …
أم سيهجروا السياسة ـ ان كانوا عاجزين . ويفسحوا المجال لغيرهم . أشرف لهم ؟؟ صلاح محسن فيسبوك
واخيرا تحققت نبوءتي ياأبا جعفر فقد قطعوا رسك كما يقطع رأس زانية لم تزن الا بالاشاعات.
قلت لك ومنذ سنوات ان تختفي من هذا الشارع فهو شارع مدنس ومكروه وعابروه قطاع طرق.. ليسوا قطاع طرق فقط وانما احفاد الذين قطعوا راس الحسين ولأنهم لم يجدوا مشهورا مثلك يقطعوا رأسه فقد قطعوا رأسك يامسكين كما قطع طفل في السابعة من عمره اول امس رأس رجل بقامة حادة.
قلت لي قبل سنوات اني باق في هذا الشارع فانا الذي امرت برصفه قبل مئات السنين وطلبت مني ان اسمعك اغنية “بغداد” لفيروز.. كان ذلك قبل 7 سنوات حين زرتك قبل ان يقطعوا رأسك ويرموه في الخلاء.
اتذكر في ذلك اليوم كانت ملامح وجهك توحي بالحزن الشديد وانت تتذكر زرياب واسحاق الموصلي وتراثهم الغنائي الرائع. وكنت انا مستعدا لمشاكستك حين قلت “ان مغنينا هذه الايام لايختلفوا عنهما ابدا، فهذا مثلا المدعو الرسام وانا واثق انه لايعرف رسم حتى عمود افقي او طولي يصرخ “الله ياخذني اذا اكذب عليك، وانا روحي كلها بين ايديك” وقلت لي من هذا المجنون قلت من؟ فهم اكثر قلت ،هذا الذي اسميته الرسام.
قلت :اوه يابليغنا العربي الاصيل انهم كثر ولكن هذا المغني ليس لديه وقت الا للبكاء من الصباح الى الليل حتى انه يمشي بالشوارع ويصيح :انه من الصبح لليل افكر بيك” يعني الاخ لاشغل ولا انتاج ولافائدة من سمنته سوى انه جالس على الدكة ويفكر بالاخ.
قلت لي عجيب.
ليس اعجب من ذاك المستفز والساقط اخلاقيا الذي يبدأ اغنيته ب”راح اطلعه.. راح اطلعه” ونفهم بعد ذلك انه يريد ان يطلّع قلبه ليقدم اليه “باربكيو”.
طلبت مني السكوت بعد ذلك ولكني لم اسكت وقررت ان اسمعك مزيدا من مباهج السقوط الاخلاقي عند المغنين العراقيين هذه الايام ولكنك رميت امامي حجرا اسود دلالة لغضبك العنيف.
وادرت دفة الحديث الى منحى آخر لكي لا تغضب وسألتك هل زارك صابر العيساوي قبل ان “يجلقوه”؟ وهل نظر اليك صلاح عبد الرزاق وهو يمر من امامك ذاهبا الى بيته؟ لااعتقد.. ولكن بصراحة شيمة العربان كلها موجودة عند عبعوب ولا ندري لماذا تأخر في ارجاع رأسك الى جسدك ؟ ربما لم يجد وقتا كافيا لذلك .. اعذره ياابا جعفر المنصور.. فانه مشغول حتى اذنيه ويكاد يغرق بالشغل حتى ان المراجعين سمعوه امس وهو يصيح “اني اغرق .. اغرق”.
اهذه نهايتك يا ابا جعفر.. جسد بلا رأس في المدينة التي تحمل اسمك .. بس حيل بيك لأنك ما سمعت كلامي.. توسلت بك ان تهرب من هؤلاء الزعاطيط واقترحت عليك ان تهاجر الى فيينا بلد التماثيل، وتوسطت لك عند مدير البلدية الذي عاتبني بالقول انك لاتحتاج الى وساطة فسيرة حياتك تدّرس في مدارسهم ولكنك رفضت وصحت بي ،كيف لي ان اغادر المدينة التي بنيتها واصبحت عنوان العلم والمعرفة في كل العالم؟.
حسنا ،لعد حيل بيك مرة اخرى ظل جثة بلا رأس الى يوم يبعثون.
فاصل:اوصاني ابو جعفر ان ابعث براسه المقطوع الى كل من يحب بغداد ووعدته ان ابعثه للذي يطلب.تواصل مع محمد الرديني فيسبوك
يقول الاستاذ العفيف الأخضر في الحلقة الرابعة: (القراءة الهرمينوطيقية تمر بثلاث درجات : تبدأ بالمعنى الحرفي لتبرهن على أنه غير مقنع غالبا منتقلة إلى روح النص أي إلى معانيه المفهومة وأخيرا إلى الدرجة الثالثة القراءة المجازية للنص حيث يتجاور عالم مؤلف النص مع عالم قارئ النص في حوار قوامه الايحاء والاحتمال والترجيح. القراءة الهرمينوطيقية مارسها في الإسلام المتصوّفة وتفسير ابن عربي هو أحد نماذجها الأكثر نضجا، وهو للأسف لا يُدرس على حدّ علمي في أي كليّة دينية إسلامية. أضيف شخصيا إلى علوم الأديان علوم الأعصاب التي تَدرُس تركيب الدماغ ووظائف وآليات اشتغاله. اكتشافاتها في هذا المجال غيّرت راديكاليا المفاهيم الدينية القديمة. مثلا ظلّت البشرية منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام تعتقد أنها تفكر وتؤمن بالقلب إلى أن كشفت البيولوجيا العصبية أن الإنسان لا يفكر بقلبه بل بدماغه وتحديدا بقشرة الدماغ أي الخلايا العصبية – نورونات
neurones
– المُنتجة للتصورات الذهنية من مشاعر وأحاسيس وانفعالات وأفكار… كل خلية من المائة مليار خلية عصبية في دماغنا تقوم بوظيفة محددة. مثلا خلايا القشرة الجبهية، وهي متطورة جدا عند الإنسان قياسا على ابن عمّنا الشامبنزي، متخصصة في الفكر العقلاني. خلايا الفصّ الصدغي الأيمن متخصصة في إنتاج الظواهر الدينية كالأيمان والتأمل الروحي والوجد الصوفي والوحي والنبوّة… هذا الإكتشاف تاريخي ينبغي تعليمه لتلامذة وطلبة التعليم الديني تنويرا لهم لإنقاذهم من التجهيل المنظم الذي تحشو به التربية الدينية العتيقة، في مدرسة اللامعقول الديني، أدمغتهم لإبقائهم رهينة لأساطير ما قبل تاريخ العلم. تعليم ديني يَستنير بالعلم هو الكفيل بتخليصنا من مدرسة اللامعقول الهاذي وشياطينها أي التزمت والتعصب والتطرف والعنف الديني، من فتاوى إهدار الدماء إلى تفجير الأحزمة الناسفة في المُصلّين الشيعة في العراق وفي المراهقين الإسرائليين المُسطفّين لدخول المرقص) انتهى.
المعلومات التشريحية عن دماغ الإنسان التي قدمها الأستاذ العفيف معلومات صحيحة، غير أنها لا تفيدنا في حالة دراسة الإسلام لأن دراسة الإسلام والاعتقاد به تقوم على النقل وإلغاء العقل إلغاءً كاملاً. وحتى لو علمنا كل فرد في الشعوب المسلمة هذه الحقائق التشريحية عن الدماغ فإنها لن تفيدنا شيئاً أمام غسب الدماغ منذ الطفولة. خذ مثلاً الدكتور الظواهري، ساعد بن لادن الأيمن، هذا الرجل طبيب جراح درس التشريح ويعرف هذه الحقائق عن الدماغ، لكن معرفته لم تسطع التغلب على الأيدولوجية الساكنة في عقله الباطن. وخذ كذلك الأطباء الثلاثة الذين حاولوا تفجير مبنى مطار جلاسكو باسكتلندا قبل عامين، فهم كانوا يعرفون هذه الحقائق التشريحية ولكن معرفتهم بها لم تمنعهم من محاولة تفجير مبنى المطار وقتل الأبرياء. وكما يعرف معظم القراء أن القرآن والتراث الإسلامي كله ظل لعشرات السنين تراثاً شفهياً تتناقله الألسن وتسمعه الأذان حتى وصل إلى مرحلة التدوين في القرن الثامن أو التاسع الميلادي. ومن وقتها أصبح النقل هو الطابع العام لتدريس التراث. ولما كان النقل يهتم بالإسناد أي العنعنة، فهو غير مشغول بصحة المتن أو ملاءمته مع العقل. مثل هذا التراث لا يمكن إخضاعة للدراسة العقلية لأنه سوف يصبح وقتها كفص ملح ألقينا به في كوب ماء. وللأسف ما زال الإنسان المسلم، في الغالب، يفكر بقلبه ويعتقد بقلبه لأنه مقيد بالأمية المتفشية بيننا، وما زال العقل في إجازة دائمة. ولكي نثبت ذلك ما علينا إلا الذهاب إلى النجف في المناسبات الدينية الشيعية لنرى مدى تهميش العقل في عالمنا الإسلامي، عندما نرة امرأة يشج رأس طفلها بالسيف والدم يسيل على وجهه ليُكفّر عن مقتل الحسين. أو نرى آلاف الرجال القوامين على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، يجلدون ظهورهم بالسلاسل حتى تُدمي لأن أجدادهم خذلوا الحسين بن علي. أو يمكننا الذهاب إلى طهران والاستماع إلى أحمدي نجاد وهو يكرر على أسماع الإيرانيين أنه يذهب كل يوم جمعة إلى بئر معينة في طهران ويتحدث مع الإمام الغائب الذي يسكن تلك البئر. أو لنذهب إلى مصر ونزور قبر السيدة زينب أو نقرأ لفقهاء الأزهر الذين يؤمنون بكرامات الأولياء وزيارة قبورهم. فالقراءة الهرمينوطيقية للإسلام ربما تفيد عدداً قليلاً من المسلمين، ولكن الغالبية، خاصة الأمية، سوف تظل في غيها.
يقول الأستاذ العفيف: (علوم الأديان مُجتمعة تقدم لنا معرفة موضوعية عن الدين تساعدنا على فهمه وتفسيره للتعامل معه بعقلانية أي بفكر يتساءل ويفحص بعيدا عن الرقابة الدينية المفروضة أو الذاتية للوصول إلى إسلام مسالم وفردي منفتح على باقي الأديان التوحيدية والوثنية ، علما بأن المؤمنين بالديانات الوثنية يمثلون 56 في المائة من سكان العالم. وتجاهلهم وبالأحرى التفكير في جهادهم لإدخالهم في الإسلام بحد السيف، طبقا لفقه الولاء والبراء الجهادي الذي بات خطرا على السلام الاجتماعي في أرض الإسلام وعلى السلام العالمي وخاصة على الإسلام نفسه الذي أوقفه اليوم في قفص الاتهام، جريمة واستحالة في وقت واحد. ولا شيء كحوار الأديان لتجاوز الولاء والبراء المنغلق على نفسه والذي يعتبر حوار الديانات الأخرى كفرا.) انتهى
هذا منطق سليم لو كنا نجادل أناساً تجادل بعقولها وليس بقلوبها. أمة تعدادها، كما يزعمون، مليار ونصف المليار من البشر، يحتفلون ويهللون بإسلام لاعب كرة أجنبي لا يستطيع حتى أن ينطق الشهادة، أو يحتفلون بإسلام أخت زوجة توني بلير لأنها اعتنقت الإسلام بعد أن زارت قبر السيدة فاطمة بالعراق وانبهرت بما رأت، وأسلمت قبل أن تصل إلى الصفحة ستين من المصحف. أمة كهذه تسير بروح القطيع تحتاج حادياً يسير أمامها ويترنم لها بالمدائح النبوية وهي تسير من خلفه. إذا تغير الحادي وترنم بحوار الأديان وبالتسامح مع الغير، فسوف يضل القطيع طريقه، ويسيطر عليه الذعر لأنه فقد ما تربى عليه، وهو الحب في الله والبغض في الله، والجهاد في سبيل الله حتى تصير كلمة الله هي العليا. حوار الأديان بدأ في المملكة العربية السعودية في أربعينات القرن المنصرم عندما زار وفد من رجال الدين السعوديين بابا الفاتيكان في روما. والتحقت بركب التفاوض مجموعات أخرى من الأزهر ومن المذهب الشيعي، ثم تسلم زمام الأمور الملك عبد الله بن سعود، وما زال الحوار مناسبة للسفر إلى الخارج ولأخذ الصور التذكارية، ولم يثمر هذا الحوار عن الاتفاق على بند واحد من بنود الخلاف بين الإسلام والمسيحية. وكيف يثمر هذا الحوار بين الأديان والمسلمون أنفسهم منقسمون إلى عدة مذاهب لا تتفق على شيء. وحتى عندما تنبه المسلمون لهذا الخلل وعقدوا مؤتمرات للتقارب بين السنة والشيعة، قاطع أساطين السنة من أمثال الشيخ القرضاوي المؤتمرات لأن الشيعة يبشرون بمذهبهم في البلاد السنية ويشتمون الصحابة. هل يمكن لأمة هذا حال علمائها أن تدرس الإسلام دراسة عقلانية وتتحاور مع بقية الأديان حواراً ذا مغذي وفائدة؟ تحليل الأستاذ العفيف الأخضر تحليلٌ منطقي لو كان يتعامل مع غير المسلمين الذين يعتبرون الجهاد فريضة لإعلاء كلمة الله. العفيف الأخضر نفسه يقول (فقد نسخوا 75 آية اعترفت بالحرية الدينية وحرية الضمير والتسامح الديني وحوار الأديان بآية واحدة وحيدة قرؤوها كعادتهم قراءة حرفية هي “إنما الدين عند الله الإسلام”) انتهى. فهل يمكن الحوار مع مثل هؤلاء الشيوخ؟
وعندما سُئل الأستاذ العفيف: (ولكن كيف يمكنك التوفيق بين التنزيل الصالح لكل زمان ومكان وتاريخيّة النص التي تفرضها علوم الأديان؟) أجاب: (بتنزيل
((situer
التنزيل في التاريخ الذي مارسه التنزيل نفسه على نفسه. فلا نكن ملكيين أكثر من الملك. فقد نسخ القرآن مئات الآيات التي تقادمت، أي فقدت صلاحية تطبيقها على الوقائع الجديدة وعوّضها بآيات “خَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا” كما تقول الآية. وبعد وفاة نبيّ الإسلام نَسَخ أبو بكر وعمر وعلي ومَعاذ بعض الآيات، كما نسخ الفقهاء بعض الآيات الأخرى والأحاديث، أَخُصّ بالذكر منهم أبو أحمد الونشريسي والفقيهين الطاهر الحداد وحسن عبد الله الترابي مثلا.) انتهى.
وهنا مكمن الداء الذي يجعل الإسلام لا يخضع للدراسات العلمية والتحليل العقلاني، لأن القرآن الذي يُفترض فيه أنه كلام الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ حتى قبل أن يخلق الأرض، وأنزله على رسوله على مدى 23 سنة، وهي فترة قصيرة جداً بالمقارنة مع تاريخ الله، تجعل القاريء للقرآن قراءة عقلية يتشكك في هذا الإله، عالم الغيب، الذي فشل في أن يعلم أن ظروف عرب يثرب سوف تتغير في هذه الفترة الوجيزة، فأنزل آيات أضطر إلى نسخها أو إلغائها بعد فترة وجيزة جداً، قد لا تتعدي الأسابيع في بعض الحالات. هل يمكن عقلياً أن يكون هذا القرآن من عند إله عالم بالغيب؟ وإذا تشكك العقل في مصدر القرآن، يصبح الإسلام كله ديناً مشكوكاً به ولا يمكن أن يصمد للتحليل العقلاني. ولذا نجد شيوخ الدين يصادرون كل كتاب أو مجلة يحاول فيه النقاد دراسة الإسلام دراسة عقلانية. فالنص الذي يمكن نسخ بعضه عن طريق القرآن ذاته أو عن طريق الفقهاء، لا يمكن أن يكون نصاً إلهياً. ولمنع مثل هذه الاستنتاجات يمنع فقهاء الإسلام مناقشة القرآن. والقرآن نفسه ينصح محمد وأتباعه بأن يجلسوا مع من يخوض في آيات الله. فكيف ندرس دراسة عقلانية نصاً يمنعنا من مناقشته؟
سأل المحاور الأستاذ العفيف عن الكيفية التي يمكن أن نتخلص بها من بعض العادات الإسلامية مثل الختان ومنع أكل لحوم معينة، فأجاب السيد العفيف الأخضر بالآتي: (أولا بمنعها قانونا وثانيا بتوظيف الإعلام والتعليم في إعادة تثقيف الوعي الجمعي بقيم الحضارة الإنسانية واللاعنف ضد الذات وضد الآخر) انتهى
وأنا أتفق مع الأستاذ العفيف أن الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذه العادات هو منعها قانوناً أولاً ثم توعية الناس بمضارها، ولكن كيف يتسنى لنا ذلك وقد أصبحت الدول الإسلامية بعد الصحوة المباركة تتسابق لتجعل المادة الثانية من دساتيرها تقول أن القوانين مصدرها الشريعة، وأصبحت المحاكم المدنية في مصر تعرض حكمها على المجرمين المدانين على الأزهر أولاً ليبارك الحكم قبل إعلانه وتنفيذه؟ لكي نمنع هذه العادات قانوناً نحتاج إلى ديكتاتورية أتاتوركية تفصل الدين عن الدولة، وهذا للأسف لا يتوفر لنا في البلاد الإسلامية التي زاد تشنجها مع الصحوة الأخيرة. ولهذا أنا أقول إن إصلاح الإسلام لا يمكن أن يحدث عن طريق دراسته بعلوم الأديان المقارن.
يقول الأستاذ العفيف الأخضر: (الدولة الدينية تستمد شرعيتها من الدين، أما الدولة المدنية فتستمد شرعيتها من احترام القانون الوضعي العقلاني وفصل السلطات ومن احترام حقوق الإنسان. إصلاح الإسلام كفيل بتغيير القيم وإعادة تأسيسها عقلانيا. من هنا أهميّة تدريس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي لا يتجاوز بموادّه الثلاثين صفحتين أو ثلاث منذ الإبتدائي لتحديث العقلية الإسلامية التي يمثل تطويرها رهانا كبيرا للتصالح مع الحداثة أي مع العالم الذي نعيش فيه عسى أن نتحوّل من موضوع للتاريخ إلى مساهم في صنعه. وكذلك تدريس ملحقاته كالإتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والإتفاقية الدولية لمنع التمييز ضد المرأة، والإتفاقية الدولية لحماية الأقليات) انتهى.
ولا خلاف على هذا القول، ولكن نأتي إلى مرحلة تطبيق هذا القول، فمن الذي يأمر بتدريس حقوق الإنسان التي يعترض عليها شيوخ الإسلام لأن كلام الله في القرآن يقول (واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) (النساء 34). ويقول كذلك (وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) (البقرة 228). والحديث يقول (من أطاع ولي الأمر فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله). فرجال الدين الإسلامي لا شك سوف يعترضون على تطبيق حقوق الإنسان التي تمنع حرية الاعتقاد، وحرية العبادة وتمنع تفضيل الرجال على النساء، وكذلك أولي الأمر الذين بيدهم الحل والعقد، قد شرّعوا للتعذيب والقتل في معتقلاتهم. فمن الذي سوف يأمر بتدريس حقوق الإنسان في البلاد الإسلامية؟
عندما سُئل الأستاذ العفيف الأخضر لماذا هو متفائل، أجاب (أنا أشتغل على سيناريوهين إثنين : المتشائم والمتفائل، وأراهن على هذا الأخير كمجرد إمكانية واعدة. متمنّيا أن لا تتحقق نبوءة فلوبير “المستقبل هو أسوأ ما في الحاضر” (L avenir, c est ce que le présent a de pire)
أما إذا اشتغلت على السيناريو المتشائم أي الكارثي فلا يبقى لي إلا الصمت. فالعالم مهدّد بسلسلة من الكوارث كالعرائس الروسية يُغطي بعضها البعض. مثلا، انهيار مالي عالمي يغطي سيناريو الحمائية الجمركية، وهذه الأخيرة تغطي سيناريو الفاشية والحرب ، وهو السيناريو ذاته الذي اكتوت به البشرية في الثلاثينات ، ولكن هذه المرة يغطي سيناريو احتمال الحرب النووية ولو محدودة. ونتيجة لذلك ارتفاع حرارة المناخ إلى 4 درجات في مستقبل منظور، وهذا يغطي سيناريو انفجار آبار الميتان في البحار الكفيلة بإبادة النوع البشري) انتهى
وكم تمنيت أن يكون عندي تفاؤل الأستاذ العفيف الأخضر، ولكني متشائم جداً من مستقبل العالم كافة ومستقبل أوربا خاصةً لأن الإخوان المسلمين قد زرعوا مخالبهم الأخطبوطية في أحشاء أوربا، وربما لا يطول الزمن قبل أن يستولوا على بعض الأقطار الصغيرة مثل السويد والنرويج والدنمارك. وعندما ينجحون في ذلك فلن يتجرأ أحد على الحديث عن إصلاح الإسلام المظفر، كما لم يتجرأ أحد على نقده عندما زحفت جيوشهم على شمال إفريقيا والأندلس.
تحدث الأستاذ العفيف الأخضر في الحلقة الأخيرة من المقابلة عن انحطاط العقل الإسلامي، فقال (الدخول في الإنحطاط في الحضارة الإغريقية كما في الحضارة العربية الإسلامية هو هزيمة العقل الفلسفي أمام الأسطورة في الأولى، وهزيمة العقلانية الدينية والعقل الفلسفي الإسلامي والعقل النقدي في الثانية أمام القراءة الحرفية للنصّين المؤسِّسين القرآن والحديث على يد حزب المحدثين الذي عبّر الترمذي، تلميذ البخاري، عن لامعقوله الديني عندما قال: “من أصاب في القرآن بالرأي فقد أخطأ ومن فسّر القرآن بالرأي فقد كفر”، والرأي عنده هو العقل) انتهى.
ولا أستطيع أن أضيف شيئاً هنا لانحطاط العقل الإسلامي الذي يقول الفكر كفر. فهل بعد هذا نستطيع أن نأمل في أن نُدرّس النشء في البلاد الإسلامية علم الأديان المقارن؟ أعتقد أننا نطلب المستحيل هنا. اللهم ابعث فينا كمال أتاتورك.
يقول الأستاذ العفيف الأخضر في الحلقة الثانية من المقابلة: (كان على النخب الحاكمة أن تتبنّى مشروع إعادة تأسيس هذه الذاكرة الجمعية بتدريسها بعلوم الأديان في مدرسة المعقول الديني. استطاعت الجمهورية الفرنسية الثالثة أن تتجاوز الصراع الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت بتدريس تاريخ ما قبل المسيحية القادر على خلق هويّة جماعية يتعرف فيها جميع الفرنسيين على أنفسهم تكون أقوى من الهوية الدينية لكل من الكاثوليك والبروتستانت. بإمكان الدول العربية والإسلامية أن تستفيد من هذه التجربة، لتكوين هوية جماعية مشتركة أقوى من الهويات الطائفية. وذلك بتدريس جميع لحظات تاريخها بدلا من أن تقتصر على آخر لحظاته التي هي اللحظة الإسلامية جاعلة منها أَلِف التاريخ ويائه. بإمكان مصر مثلا أن تدرّس الفترة الفرعونية والفترة القبطية… إلخ، إلى أن تصل إلى الفترة الإسلامية. في تونس يبدأ التاريخ من اللحظة القرطاجنيّة المُؤسِّسة مرورا بالفترة الرومانية التي أثّرت في الإسلام التونسي ثم المغاربي، فقد أخذ فقهاء المالكية بعض أحكام القانون الروماني الذي أصبح عند السكان عرفا وعادة. وأخيرا اللحظة الإسلامية التي كانت أكثر اللحظات الثلاث تأثيرا واستمرارية. وتونس جديرة بالإستلهام ويليق بالنخب الإصلاحية في أرض الإسلام أن تستلهم تجربتها الاصلاحية الطويلة والثرية) انتهى.
مع احترامي لرأي الأستاذ العفيف الأخضر أعتقد أنه لا توجد أرضية مشتركة بين الجمهورية الثالثة الفرنسية والعالم الإسلامي، حتى يستفيد العالم الإسلامي من التجربة الفرنسية. الجمهورية الثالثة أتت بعد الثورة الفرنسية التي جعلت من الحرية والإخاء والمساواة والاعتراف بالآخر محور الحركات السياسية الفرنسية، بل الأوربية جميعها. و الثورة الفرنسية كانت ثورة دامية ضحى فيها وقبلها الشعب الفرنسي بالكثير، والجمهورية الثالثة كذلك أتت بعد حروب دامية بين فرنسا وبروسيا أدت إلى انهزام الفرنسيين تحت قيادة نابليون. والتاريخ يعلمنا أن الحكومات التي تولد من رحم الحروب والثورات تكون حكومات أكثر عقلانية وأبعد شيء عن التقوقع في أيدولوجية الدين أو القبلية التي تشرذم المجتمعات. وخير مثال لذلك حكومة الولايات المتحدة التي أعقبت الحرب الأهلية وأتت بدستور أكثر علمانية من أي دستور قد عرفته البشرية حتى تلك اللحظة.
بينما البلاد الإسلامية لم تعرف أي ثورات في تاريخها الحديث، ولم تعرف أي حروب لتصهر الفوارق بين شعوبها التي لا تملك أي هوية غير الإسلام، لأنها شعوب مهمشة في أوطانها، يسحقها الفقر والجهل وفقدان أي قيم يعتزون بها غير دينهم. يقول حسن البنا في المؤتمر الخامس لجماعة الإخوان المسلمين عام 1938: (إن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنظم شئون الناس فى الدنيا والآخرة، وإن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحى مخطئون فى هذا الظن، فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف ) انتهى. فالإسلام وطن وجنسية ودولة وهوية. الفرنسي قبل الجمهورية الثالثة كان يعرف أنه فرنسي كاثوليكي أو فرنسي بروتيستانت، أما المسلم في مصر مثلاً، فيعرف انه مسلم عربي يبدأ تاريخه في مصر منذ دخول عمرو بن العاص إليها. قبل ذلك لم يكن في مصر عرب غير قبائل صغيرة في صحراء سيناء، وبعض سكان الإسكندرية مثلاً هم سلالة عدة قوميات من رومانية إلى هكسوس إلى فرنسية، فلا شيء يجمعهم مع سكان جنوب مصر من النوبة غير الإسلام. وهذا يعكس مصداقية الحديث الذي يقول (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا).
دراسة التاريخ، إن وجد تاريخ غير مزيف لأن التاريخ دائماً يكتبه المنتصر، قد تفيد قليلاً وقد تُعقد الأمور في بعض الحالات، ولا يُعقل أن يأتي زمن يقول فيه مدرس التاريخ في مصر إن مصر كانت دولة قبطية إلى أن احتلها عمرو بن العاص وأجبر أهلها على دفع الجزية أو التحول إلى الإسلام.
وبما أن الحكومات منذ الاحتلال التركي الذي سموه الخلافة العثمانية قد وضعت التعليم في أيدي رجال الدين، أصبح تاريخ تلك البلدان مهمشاً واستعاض عنه شيوخ الدين بالتاريخ الإسلامي المزيف. وبما أن الشعوب ذاكرتها قصيرة، فقد انمحى تاريخ ولغة وثقافة تلك الأقطار التي احتلها واستوطنها الإسلام، مثل ثقافة الأمازيغ والثقافة النوبية. وبعض البلاد مثل باكستان لا تاريخ لها قبل سنة1947 لأنها كانت جزءاً من الهند التي هي عدوتها الأولى الآن. وهناك بلاد مثل اليمن قد تعرضت إلى استعمار استيطاني من عدة قوميات من الفرس والحبشة والرومان وغيرها، مما جعل العامل الوحيد المشترك بين اثنياتها المختلفة هو الإسلام
دراسة التاريخ القديم لتلك البلاد الإسلامية، في رأيي، لن يساعد في إصلاح الإسلام لأن مناهج التعليم ما زالت في أيدي رجال الدين الذن يزورون التاريخ القديم كما زوروا تاريخ العرب قبل الإسلام وسموا تلك الفترة المضيئة في تاريخهم ب “الجاهلية”. إذا لم تنشأ نظم سياسية في تلك البلاد تفصل الدين عن الدولة لن نستطيع أن ندرّس النشء التاريخ الحقيقي لتلك البلاد التي استوطنها الإسلام. فالإصلاح يجب أن يكون سياسياً أولاً، ثم يتبعه الإصلاح الديني كما حدث في الجمهورية الثالثة وفي الولايات المتحدة.
عندما سُئل الأستاذ العفيف الأخضر عن العلوم التي يمكن أن تساعد دراستها في إصلاح الإسلام، قال (علوم الأديان المطلوب تدريسها هي تاريخ الأديان المقارن والسوسيولوجيا الدينية والأنثروبولوجيا الدينية وعلم نفس الأديان واللسانيات والفيلولوجيا (علم اللغة) والهرمينوطيقا (علم التأويل)… وأُضيفُ إليها علما آخر لم يكن في الأصل من علوم الأديان ولكنّه غدا اليوم منها أعني به علوم الأعصاب
Les neurosciences))
. كما أضيف الفلسفة التي ليست علما الا أنها ينبوع الفكر النقدي الضروري للمقاربة التاريخية – النقدية للظاهرة الدينية ولتحصين عقول الأجيال الجديدة ضد فيروس الهذيان الديني) انتهى
لا شك أن الأستاذ العفيف الأخضر مصيب فيما ذهب إليه من تعريف العلوم التي تساعد على وضع الإسلام في صورته وحجمه الطبيعيين في خارطة الأديان الأخرى، وتقلل من الادعاء الإسلامي بأنه الدين الوحيد غير المحرّف، وهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولكن مثل هذه الدراسات قد تفيد الذين يدرسون في الجامعات أو يشتغلون بالدراسات فوق الجامعية. نحن مشكلتنا مع الطفولة التي نحشو رؤوسها بكل غث قيل عن الرسول والصحابة ونزرع كراهية الغير في عقولهم الناشئة. النشء لا يمكنه أن يستوعب مثل علوم الأديان المقارنة والفلسفة. أرى أنه يجب أن نكتفي في مراحل التعليم قبل الجامعي بتدريس النشء تاريخ الأديان فقط، كما يحدث مثلاً في إنكلترا. فإعطاء التلميذ نبذة عن تاريخ الإسلام، وتاريخ المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية الخ، سوف يمهد له الطريق للتوغل في هذه الأديان عندما يكبر، وفي نفس الوقت نتجنب حشو أدمغة النشء بفقه الوضوء والطهارة والحيض والنفاس ودخول حشفة البالغ في الفرج، كما يحدث الآن. وكل هذا لا يمكن أن يحدث مالم يحدث إصلاح سياسي يعزل رجال الدين عن التحكم في مناهج التعليم. ما دام لرجال الدين تأثيرٌ في وضع مناهج التعليم فلن نستطيع أن ندرّس النشء الفلسفة لأن فقهاء الإسلام يقولون “من تفلسف فقد تزندق”. وما زالت الفلسفة ممنوعة في أغلب البلاد الإسلامية.
عندما سئل الأستاذ العفيف: ما العمل إذاً؟ أجاب: (تحليل نفسي جماعي يتكفل به اصلاح ديني شجاع يفصل بين القرآن والعلم. وهذا ما حققه الشيخ متولي الشعراوي في كتابه “معجزة القرآن” قائلا :”ان الذين يقولون أن القرآن لم يأتي ككتاب علم صادقون. ذلك أنه كتاب أتى ليعلمني الأحكام ولم يأتي ليعلمني الجغرافيا أو الكيمياء أو الطبيعة”. هذه الكلمات جديرة بأن تكتب بماء الذهب ويدرسها أبناؤنا منذ الابتدائي لشفاء أمثال عبد المجيد الزنداني في “جامعة الايمان” من الهذيان السريري الذي أوصله إلى ادعاء اكتشاف دواء للأيدز من القرآن … الا ان أطباء اليمن رفضوا الاعتراف به) انتهى
قد يكون الشيخ الشعراوي قد نفى أن يكون القرآن كتاياً علمياً، ولكن عندما نقرأ كتاب الشعراوي “أحكام النساء” نجد شعراوي آخر يؤمن بالبخاري أكثر مما يؤمن بالقرآن نفسه. وهذه من المشاكل الرئيسية التي تجعل إصلاح الإسلام مستحيلاً لأن فقهاء الإسلام يعانون من انفصام في الشخصية. هم يشهدون أن لا إله إلا الله عالم الغيب، وفي نفس الوقت يجعلون محمد معصوماً عن الخطأ، رغم أنه بشر، وعالماً بالغيب. والشعراوي كان من الذين يؤمنون بكرامات الأولياء وبزيارة أضرحتهم للتبرك بها. ومع هذا الشعراوي كان واحداً من آلاف الشيوخ الذين يعارضونه ويقولون إن القرآن كتابٌ علمي. ولكن بما أنه لا يمكننا في الواقع عمل هذا التحليل النفسي لنشفي الشيخ الزنداني وأمثاله الكثيرين من الهوس الديني، أولا: لأنهم يعتقدون أنهم هم الوحيدون الراشدون وما غيرهم ضالون، وبالتالي هم لا يحتاجون هذا التحليل، وثانيا: هم يعتمدون على هذا الدجل لكسب قوتهم وبناء قصورهم وجامعاتهم الخاصة كما فعل الزنداني، وعليه لن يستسلم هؤلاء الدجالون لأي نوع من التحليل أو “عقلنة” ما يقومون به. ولذلك يجب أن نفكر في وسائل أخرى لإصلاح الإسلام، إذا كان من الممكن إصلاحه، وأنا أشك في هذه الإمكانية. في اعتقادي أن الحل الوحيد يجب أن يُفرض بالقوة، ولكن أين لنا من رجل مثل كمال أتاتورك
في الحلقة الثالثة يناقش الأستاذ العفيف الأخضر كيفية إدخال حد الرجم في الإسلام رغم أن القرآن لم يذكره، ولكن ابن إسحق استطاع أن يؤلف قصة عن محاولة اليهود اختبار محمد ليعرفوا إن كان نبياً أو ملكاً، فيأتون له برجل وامرأة يهوديين متهمين بالزنا، فرجمهما محمد لأن حد الزنا في التوراة هو الرجم. والقصة مع سذاجتها استطاعت أن تؤثر في فقهاء الإسلام إلى الدرجة التي جعلتهم ينسخون آية قرآنية أتت في سورة النور، التي هي من آخر السور التي كشفها لهم محمد، وأوصت بجلد الزانية. وهذا يُثبت أن الإسلام لا يمكن إصلاحة من الداخل لأنه يعتمد أساساً على القيل والقال في الأحاديث المنسوبة لمحمد، والتي جُمعت بعد أكثر من قرنين من موته. هذه الأحاديث التي لا يمكن بأي حال من الأحوال إرجاعها إلى محمد، تمثل في مفهوم رجال الدين العمود الفقري للإسلام، ويأتي القرآن بعدها في الأهمية. ولأن كل فرقة إسلامية لها أحاديثها المفضلة، يصبح من المستحيل إقناع أي فرقة بتجاهل أحاديث هم قد بنوا مذهبهم عليها.
يقول الأستاذ العفيف الأخضر في نهاية الحلقة الثالثة: (ومن علامات نضج الإنتقال من الفقه القديم إلى فقه إسلامي جديد متصالح مع عصره، انعقاد مؤتمر إسلامي في مارس الماضي بمدينة ماردين (تركيا) حضره علماء من عدة بلدان إسلامية اعتبروا فيه تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب وتكفير المسلمين باسم عقيدة الولاء والبراء قد تجاوزه الزمن فلم يعد صالحا لعصرنا وهو ما كنت أتمناه بكل جوارحي. وأَقترحُ على شيخ الأزهر أن يعقد مؤتمرا موسّعا تحت إشرافه لتأييد هذه الفتوى الشجاعة وتوسيعها وتعميقها بل وأقترح على كل بلد مسلم عقد مثل هذه المؤتمرات للتعجيل بميلاد فقه إسلامي جديد متصالح مع عصره، دشن الصديق جمال البنا بسملاته الأولى) انتهى
وكم كنت أتمنى أن يكون المشتركون في مؤتمر ماردين جادين في توصياتهم، ولكن تاريخ المؤتمرات الإسلامية يقول بغير ذلك. فلو أخذنا مؤتمرات مكة العديدة التي أعلنوا فيها التصالح بين السنة والشيعة، نجد أنها لم تنتج أي طحين رغم الجعجعة الهائلة التي تصاحبها، فقبل خمس سنوات (بعث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برسالتي شكر إلى كل من السعودية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لدورهما في رعاية وتهيئة الأجواء لمؤتمر علماء الدين الذي انعقد في مدينة مكة المكرمة، وما تمخض عنه من توقيع لعلماء الدين العراقيين على وثيقة تحريم الدم العراقي التي عرفت باسم «وثيقة مكة» في ظل بيت الله الحرام.) (الشرق الأوسط 23/10/2006). وامتدحت إيران والحكومة الأردنية، وحتى جماعة الإخوان المسلمين الأردنية هذا التصريح الختامي من رجال الدين العراقيين (ورحبت ايران بـ«وثيقة مكة” امس، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسيني: «شهدنا في الايام الاخيرة اجتماعا ناجحا لرجال الدين العراقيين، السنة والشيعة، في مكة بمبادرة من منظمة المؤتمر الاسلامي. ان نشر هذه المعلومات طمأن القلقين على الأمن في العراق». ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية الى حسيني قوله «نأمل في ان يساعد هذا الاتفاق مختلف فئات الشعب العراقي على التعايش بسلام، بهدف التصدي لمؤامرات من يريدون تدمير العراق». ورحب الاردن ايضا بالوثيقة، ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) عن الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية ناصر جودة قوله، ان «الاردن يرحب بوثيقة مكة، التي وقع عليها علماء من السنة والشيعة يوم الجمعة، لما ورد فيها من تأكيد على حرمة اراقة الدم العراقي وتحريم تكفير المسلمين ودعوة لتعزيز المصالحة الوطنية في العراق». الى ذلك، ثمن حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، توقيع الوثيقة, داعيا أن تكون خطوة في وقف نزيف الدم العراقي. وأعرب في تصريح له امس، عن تقديره لنبأ توقيع وثيقة مكة المكرمة بين المرجعيات الاسلامية العراقية التي تؤكد على الأسس الشرعية التي جاء بها الإسلام من حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم.) انتهى
فما هي النتيجة بعد خمس سنوات من توقيع هذه الوثيقة أمام الحرم المكي؟ هل ازدادت حرمة الدم العراقي؟ هل أصبح دم المسلم على المسلم حرام؟ هل توقف دخول المفجرين الأردنيين إلى العراق ليفجروا أنفسهم وسط التجمعات الشيعية؟ للأسف فإن الإسلام دين متحجر تشرف عليه عقولٌ أكثر تحجراً منه وأكثر مواتاً من نصوصة العتيقة. إذا حاولنا إصلاح الإسلام من الداخل نكون كمن يحرث في البحر لأن رجال الدين السني بالأزهر، ورجال الدين الشيعي بقم والنجف، تنقصهم الشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات صادمة كالتي اتخذها عمر بن الخطاب عندما ألغى سهم المؤلفة قلوبهم. كما أن مصالحعم الشخصية من أموال الخمس، ومن المتاجرة بالفتاوى تمنعهم من القيام بأي محاولة لإصلاح الإسلام. وهاهم رجالات الإسلام يعيدون الإسلام إلى السياسة التركية بعد كل هذه السنوات من الإصلاح الأتاتوركي.
سأل المحاور الأستاذ عفيف عن أصل عقوبة الرجم في التوراة، ومن أين أتت إلى اليهودية. وفي الحقيقة فإن عقوبة الرجم هي أحد أربعة عقوبات كانت معروفة في الميثولوجيا اليونانية في زمان هومر. هذه العقوبات هي: الرجم بالحجارة، خلع العينين، رمي المذنب من بناء عالٍ ليقع على رأسه، والنفي من أثينا. وكانت عقوبة الرجم محصورة في الرجال الذين يشبعون رغباتهم الجنسية العارمة، أو غير الطبيعية. ويعطينا هومر مثالاً عن مواطني مدينة تاميسا الذين رجموا هيروس
Heros
حتى الموت لأنه فض بنتاً عذراء. وكذلك رجموا أريستوكراتيس
Aristocrates
لأنه اغتصب أميرة أرتميس عندما كانت راكعة في المعبد. وحتى الإله أوديبوس
Odipus
عندما عرف تاريخه وعلاقته الجنسية مع أمه، تمنى أن يحكموا عليه بالرجم. والمؤرخ هيرودوتس
Herodotus
ذكر عدة حالات تمت فيها عقوبة الرجم
وبما أن العهد القديم لم يكتب إلا في القرن الخامس قبل الميلاد، بعد أن تشبع يهود المنفي في بابل بهذه القصص من اختلاطهم بالثقافة الإغريقية في الشام وفي بيزنطة، فنقلوها إلى التوراة، أصبحت عقوبة الرجم جزءاً من اليهودية وتوسع تطبيقها ليشمل الابن العاق، ومن يعمل يوم السبت، والزاني والزانية. وبعد اختلاط محمد بيهود يثرب، نقل الصحابة عقوبة الرجم إلى الإسلام. كامل النجار (مفكر حر)؟