تذكارات العرب

سمير عطا الله  :الشرق الاوسط

لم تكف جدتي يوما عن العودة إلى عالمها، كلما تأملت عالمنا، وكلما أذهلها غلاء سلعة ما، كانت تردد «أيامنا كان كيس الطحين بنصف ليرة». وفي أيامها، كانت العائلة هي التي تشتري الطحين، وهي التي تعجنه، وتتركه إلى اليوم التالي، وهي التي تأخذه إلى الفرن حيث يُخبز. وكان المثل يصف الرجل النكد بأن «وجهه لا يضحك للرغيف الساخن».

 أتحدث اليوم عن الأشياء مثل جدتي مع أن الطحين لم يعد موجودا إلا في المطاحن والأفران. والمذهل في عالمنا لم يعد غلاء السلع. فسعر الذهب لم يعد يفاجئ أحدا. ولم يعد هناك أي مفاجأة في الأجور التي يتقاضاها ذوو الأقدام الساحرة. ولم يعد الموسيقي يعزف على البزق ويعيش العمر جائعا، بل صار يعزف بالكهرباء ويبيع آلاف الأسطوانات. وكان الحفناوي كمنجاتي أم كلثوم، وثاني السحر المنفرد بعد حنجرتها، وقضى العمر بكرافتة واحدة «مزينة»، كما قال محمد عبد الوهاب. صارت الثروات الكبرى تصنع من الأشياء الأثيرية التي لا تمتلكها كالعقار والأرض. فأنت شريك في قمر صناعي لا تراه. والممثل الذي كان يسمى «مشخصا» صار يسمى نجما، وهو أحيانا أغنى من جميع الأسماء التي مرت في ذاكرة العالم: ديفيد روكفلر. أوناسيس. غولبنكيان، أي «مستر 5%».

 الصناعة الكبرى لم تعد في الحديد والفولاذ. وليس في خلطات الفارابي السحرية، أو في محاولات أبو موسى جعفر في عالم الكيمياء، مع أنه انتهى إلى تأسيس علم الجبر، الذي غير القواعد الحسابية في العالم. لقد أصبحت في السفر والسياحة والسلوى. شركة «والت ديزني» أكبر من مليون مزرعة قمح. والنبأ الذي اعتبر «الأكثر قراءة في مواقع الصحف العربية» كان اعتزال – ونفي اعتزال – سيد المواويل، محمد عبده، وفي صحيفة عريقة مثل «النهار» كان الخبر الأكثر قراءة عن البدل الذي تقاضاه عاصي الحلاني عن ليلة طرب.

 تصرف الناس أموالها الهائلة على «الزائل» وليس على المقتنيات أو التملك. أغنى شركات العالم في التاريخ هي شركات التكنولوجيا التي تبيعك الدنيا مثلما تبيعك الوهم. تحمل الـ«آي باد» فتشعر أنك تملكت العالم، ثم تضعه جانبا فتكتشف أنك لا تملك منه شيئا. ومثل الساحرات يحمل إليك أخبار النكد وأخبار السعد. الأولى من العالم العربي، والثانية من أي مكان آخر.

 حاول أن تتخيل عدد العرب الحالمين بالهجرة هذا الصباح. حاول. تأمل الخريطة بلدا بلدا ثم اكتب أمامك رقما. لكي أسهل عليك الأمر، دعك من رقم محدد، ولنكتف بالنسبة. نحن نحو 350 مليونا، أي عدد أوروبا أو أميركا. كم هي نسبة الحالمين والراغبين والمستقتلين على السفر بعد ساعة؟ 10%؟… 20؟… 70؟… أعد الحساب. أعد الحساب.

 ما الأمر يا جماعة؟ إذا أردنا تذكر أي فخر يجب أن نعود قرونا إلى الوراء. وإلا فيوم وعد بلفور، ويوم النكبة، ويوم النكسة، ويوم صبرا وشاتيلا، ويوم اليرموك وأقبية بنغازي، والمجازر، وجثث الأطفال في أكياس النايلون، وعصر الشبيحة والبلطجية، وماذا بعد؟

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

اتفاق متكامل بشأن إيران وسوريا

جيم هوغلاند : الشرق الاوسط 

يتداعى النظام السوري المنتمي للطائفة العلوية من الداخل والخارج. وتتزامن الانشقاقات على المستوى القيادي مع ما يحققه الثوار السنة من مكاسب على الأرض. وتأتي الاستراتيجية الإقليمية التي تحمل توقيع إدارة أوباما، والتي وصفها دبلوماسي فرنسي من دون قصد كزلة لسان بأنها «الانتظار من الخلف»، متأخرة عن الأحداث على نحو سيئ.

 لم يكن ليمثل هذا الأمر كارثة لواشنطن لو كان مصير نظام الأسد، الذي تسيطر عليه طائفة العلويين، أمرا لا يؤثر عليها، لكن هناك لحظات يكون فيها التوقيت هو أهم شيء في إدارة شؤون الدولة. وتقترب سوريا من حالة الانفجار الداخلي، مثلما يوشك الوقت المتاح لأوباما لتنفيذ وعده بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي على النفاد. ربما يكون أفضل أمل أخير له هو الجمع بين الأزمتين في اتفاق واحد مع إيران وروسيا، اللتين تعدان أكبر دولتين داعمتين للأسد. وبمراهنة الدولتين على إمكانية نجاة الأسد من هذه الحرب، تخاطران بخسارة كل شيء استثمرتاه في ذلك البلد. ويمنح هذا أوباما ذريعة يمكنه استخدامها في مواجهة برنامج إيران النووي الذي يتقدم بخطى حثيثة.

 ويقول جان ديفيد ليفيت، السفير الفرنسي السابق في واشنطن والمستشار الدبلوماسي لنيكولا ساركوزي حتى شهر مايو (أيار): «كان الرد الإيراني على فرض المزيد من العقوبات هو إسراع الخطى نحو تصنيع قنبلة نووية لا إبطاء الخطى. ليس لدينا الآن سوى بضعة أشهر قبل فوات أوان منع إيران من تصنيع قنبلة نووية». ويعتقد ليفيت أنه من الضروري على القوى الكبرى الست، التي تدير المفاوضات النووية مع إيران، التوصل إلى عرض شامل نهائي. ويرى أن الفشل في إقناع إيران بالموافقة على مثل هذا المقترح سريعا ينذر بواحد من احتمالين: إما الاضطرار إلى تقبل امتلاك إيران القدرة النووية وإما القيام بعمل عسكري لمنع ذلك.

 وهنا تظهر سوريا في المشهد. ما يثير قلقي هو اقتراح أن يعمل الأميركيون من أجل إنقاذ أي جزء من نظام الأسد، الذي قتل عشرات الآلاف من السوريين بوحشية. مع ذلك يظل أقل الخيارات المتاحة سوءا هو سعي جميع القوى الكبرى نحو تحقيق هدفين أساسيين متداخلين هما: الحيلولة دون غرق سوريا بالكامل في حمام من الدماء وحث إيران على الالتزام بما جاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية بالتخلي عن السلاح النووي. ولا يعني هذا حماية الأسد والمقربين منه، فعليهم أن يرحلوا. وهناك قادة ومسؤولون آخرون من العلويين، الذين يمثلون أقلية، مؤهلون للبقاء خلال المرحلة الانتقالية. وحدد مسؤولو الأمم المتحدة عددا من هؤلاء خلال اتصالات شخصية مع كل من الحكومة الأميركية والفرنسية والروسية بحسب مصادر دبلوماسية.

 ويمكن أن يقنع تشكيل ائتلاف سوري يوفر الحماية المادية والسياسية للعلويين والأقليات الأخرى في سوريا، في الوقت الذي يمثل فيه القوة الجديدة المتجسدة في الأغلبية السنية، كلا من روسيا وإيران بأنهما ستتمتعان ببعض النفوذ وإن كان ضئيلا. من المفارقة أن هذا الائتلاف ربما يهدئ مخاوف إسرائيل من وجود الإسلاميين الجهاديين بقوة ضمن الحركة الثورية، ويكون له تأثير إيجابي على ما يحدث في مصر من انتقاص حقوق الأقلية.

 تعد كل هذه الأمور من المحفزات الأساسية وإن صعب تقديمها، لكن البديل قاتم بشكل غير عادي كما أوضح ليفيت في معرض تصريحه بمقترحه خلال الشهر الحالي في المؤتمر السنوي للسياسة العالمية، الذي يعد مناسبة يجتمع فيها عدد كبير من مسؤولي السياسة الخارجية والباحثين والخبراء. وينظم المؤتمر المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وهو من المراكز البارزة في فرنسا. ويرى ليفيت أن على المجتمع الدولي عرض خيارين أمام المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الله علي خامنئي: إما أن تقبل إيران خفض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 5 في المائة أو أقل وتصدير مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وإما أنها ستواجه خطر حصول الولايات المتحدة على موافقة أوسع نطاقا من المجتمع الدولي لشن هجوم عسكري بقيادة أميركية لتقويض قدرة إيران النووية في وقت ما خلال عام 2013، وإن كان هذا يظل المحاولة الأخيرة التي تلجأ إليها أميركا.

 منذ حديث ليفيت، زادت إيران سرعة عملية التخصيب، وأقنعني التدهور الحاد الذي تشهده سوريا أن الوقت يتسرب من بين أيدينا ويجب التوصل سريعا إلى اتفاق تسوية بناء بشأن أي من الدولتين. ويجب التعامل معهما معا هذا إذا تعاملنا مع واحدة بالأساس. حتى وقت قريب، كنت أشعر بارتياح نسبي تجاه تصريحات أوباما التي أكد فيها أنه ما زال هناك وقت للتوصل إلى حل سلمي في قضية إيران، لكن تهديدات الرئيس خلال تصريحات أخرى له بشأن إيران تطغى الآن على تصريحاته السابقة، حيث أعلن أن تصنيع إيران لقنبلة نووية أمر «غير مقبول»، موضحا أنه على استعداد للجوء إلى القوة العسكرية كخيار أخير من أجل منع هذا. من المرجح أن يتم انتخاب نتنياهو لولاية ثانية كرئيس وزراء لإسرائيل في 22 يناير (كانون الثاني). ويجعل هذا من الضروري اللجوء إلى المحاولة الأخيرة بشكل أسرع مما أراده ليفيت من أجل تفادي توجيه ضربات عسكرية تنذر بعواقب سياسية واقتصادية وخيمة على العالم أجمع.

 أوضح ليفيت، المتقاعد حاليا، أنه لا يتحدث باسم الحكومة الفرنسية في ظل حكم الرئيس فرنسوا هولاند. مع ذلك أعربت فرنسا، سواء خلال فترة حكم ساركوزي أو حكم فرنسوا، عن قلقها البالغ بشأن إيران وسوريا. ويمكن لأوباما أن يعتمد على تقديم فرنسا دعما فعالا في المحاولات الرامية لعقد مفاوضات رفيعة المستوى، لكن لا غنى عن القيادة الأميركية إذا أردنا لهذه المفاوضات أن تنجح.

 * خدمة «واشنطن بوست»

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

جُثمانكِ أطهر من نفوسهم الشريرة

جُثمانكِ الطاهر !

 جُثمانكِ ( الضحيّة ) أطهرُ من الماء الطهور !

*******

وردٌ لفاقدةِ الأوجاع تُلبسني ترابها , ويراني قلبها زُحَلا

وردٌ لمن سقطتْ

وردٌ لمن وقفتْ

وردٌ لمن عَدَلَتْ

وردٌ لمن عَدَلا

الشاعر العراقي / حازم التميمي

********

أحياناً لفرط غضبي من الحدث , لا تسعفني الكلمات لأختار ما يُلائم الذوق والآداب العامة , فلا تستغربوا ( إقتراحي ) في نهاية المقال

مع أنّي أتمنى لكم إستقبال العام الجديد 2013 بالأماني الجميلة والسلام والمحبّة , لا بالذكريات القاسية والمرارة والحُزن .

لكن إصغوا معي لملخص هذهِ القصّة / الجريمة , التي إرتكبها بعض أصحاب النفس الشريرة مع شابة في مقتبل العمر .

إنّها ترقى عندي الى مستوى جريمة مدرسة (ساندي هوك )الأمريكيّة في مدينة نيو تاون والتي راح ضحيتها 26 من الأطفال والكبار .

طالبة هنديّة ( 23 عام ) في كليّة الطب , لا يعرف الناس حتى هذهِ اللحظة إسمها ( لا أفهم لماذا ؟ )

جالسة في الباص في أمان الله , عندما فجأةً ينقّض عليها قطيع هائج ممّن يُسمون بشراً .

تتعرّض ( وصديقها ) لهجوم وحشي من ستة رجال وهي في الباص . فينتهكون كلّ شيء فيها ويغتصبوها ( كما تفعل أحياناً الكلاب السائبة ) .

تقول الشرطة إنّ الطالبة تعرضت للاغتصاب مدة ساعة كاملة !

تلّقت هي وصديقها ضربات بقضيب حديدي ,ثم ألقي بهما من الحافلة وهي تسير / هل تُصدّقون كلّ هذهِ القسوة والهمجيّة والوحشية ؟

النتيجة / أثار الاعتداء على الطالبة وإغتصابها , في الإسبوعين الأخيرة موجة من الاحتجاجات تدين ما تتعرض له المرأة في الهند وتطالب السلطات بحمايتها ومعاقبة المعتدين .

{ وقد أعلن مستشفى / مونت إليزابث في سنغافورة , أنّ الضحية فارقت الحياة يوم أمس السبت 29 / 12 / 2012 , حيث كانت تعاني من عجز حاد في الأعضاء والدماغ .

وعّبر وزير الداخلية الهندي (نارين سينغ ) عن “إنفطار قلبهِ” لوفاة الطالبة مؤكداً لعائلتها أنّ الحكومة ستتخذ كل التدابير من أجل أن ينال المعتدون أقسى عقوبة في أسرع وقت ممكن } .

اليوم تجمع آلاف المواطنين في العاصمة الهندية ( دلهي ) تعبيراً عن حزنهم لوفاة الضحيّة , وأضاء المتجمعون الشموع ترحّماً على روحها وطالبوا بالقصاص من المجرمين .

***********

الخلاصة

وماذا عن نسائنا في بلادنا العربية البائسة ؟

وماذا عن ضحايا التحرّش والعُنف والإغتصاب وزواج الأطفال ؟

بعضهنّ لا يجرؤن حتى على البوح خوفاً من الفضيحة .

وبالطبع عموم المجتمع سيقف ضدّ الضحيّة وينسون الجلاّد .

فإنظروا معي الى حجم هذهِ المفارقة البائسة في مجتمعاتنا !

الآن / الحكومة الهندية إتخذت بعض الإجراءات لعدم تكرار هذه المأساة مستقبلاً

إجراءات تهدف الى توفير الأمن للنساء في العاصمة دلهي .( ماذا عن غيرها ؟ )

منها تكثيف دوريات الشرطة , ومراقبة سائقي الحافلات ومساعديهم ومنع سير الحافلات ذات النوافذ المحجوبة .

كما أعلنت الشرطة أنها ستنشر صور وأسماء وعناوين المُدانين بجرائم الاغتصاب على موقعها الإلكتروني , حتى يلحق بهم العار !

وشكلت لجنتين: الأولى تعمل على تسريع إجراءات المحاكمة في قضايا الاغتصاب .

والثانية تقوم بمعالجة الثغرات التي سمحت بوقوع حادث دلهي .

لكن المحتجين يعتبرون سعي الحكومة إلى تسليط عقوبة السجن المؤبد على المعتدين غير كاف , يطالبون بعقوبة الإعدام .

وأنا معهم , ليس فقط الإعدام بالطريقة الرحيمة بإيقاف القلب .

لكن بطريقة تتناسب مع الفعل , كقطع العضو مثلاً !

مع إعتذاري لكم , من تخيّل المشهد الشرّير .

 الرابط

وصول جثمان الفتاة المغتصبة الى الهند من سنغافورة

 تحياتي لكم

وعام قادم 2013 ملؤهُ السلام والمحبّة

 رعد الحافظ   رعد الحافظ(مفكر حر)؟

 30 ديسمبر 2012

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

نصر الله وعون.. شاول ويوناثان في مواجهة الثورة السورية

وسام سعادة

حليفان رئيسيان لبشّار الأسد على الأرض اللبنانية: حسن نصر الله، وميشال عون. كان وقت لمْ يرَ فيه الرجلان أمراً يحدث في سوريا. ثم كان وقت رأيا فيه حسماً سريعاً للوضع لصالح النظام. الأوّل اتصل “بأصدقائه” في أيّام “الحسم النهائي” في بابا عمرو فأخبروه بأنّ لا شيء في حمص، فلم يكذّب خبراً، الى ان “وجد نفسه” بعد ذلك ببضعة أشهر، يعترف بأنّه يقاتل في حمص، دفاعاً عن “القرى اللبنانية” على الأراضي السورية. والثاني، وعدنا بـ”ذات ثلاثاء” تنتهي فيه العملية التأديبية البعثية للشعب السوريّ، لكنه وجد نفسه بعد ذلك، مثلاً في أيلول الماضي، يحذّر بجدّية من سقوط النظام الأسديّ ويقول بالحرف “ان تغيير النظام في سوريا قد يقضي علينا وعلى لبنان لأن الأنظمة التي ستأتي تفكيرها يرجع الى القرن الرابع عشر”.

اللافت في هذا القول، ومن بعد الذعر الذي يطبعه من حتمية انتصار الثورة السورية، ان صاحبه يعتبر الموقف من تغيير النظام في سوريا مسألة تعني الداخل اللبناني. وكان عون نفسه، برّر نقلته من “سيادي” الى “اسدي” بعد عودته من المنفى، بحجة ان تغيير النظام في الشام ليس بمسألة تعني الداخل اللبناني، بل حاول ان يروّج وجماعته العكس. اللافت هو ربطه “فكر” الثورة السورية بـ”القرن الرابع عشر” الميلادي. وهذا يعيدنا بشكل أو بآخر الى بعض من اطروحة “الصراع على تاريخ لبنان” لأحمد بيضون. فالقرن الذي اختاره عون لنبذ الثورة السورية بحجة انتسابها اليه هو قرن اصطنعت له كل جماعة لبنانية تاريخاً خاصاً لنفسها، ولتاريخ منطقة كسروان بالأخص فيه. فالشيعة يرون ان المماليك اخرجوهم وقتها من كسروان وجبيل، وبعض الموارنة يرون ذلك ايضاً، وثمة من يرى العكس، اي ان الموارنة كانوا المستفيدين في بعد زمني معيّن من هذا التهجير المملوكي للشيعة. أما ميشال عون فهو من حيث يدري او لا يدري يضغط كل هذا فوق بعضه بعضاً ويسقط على القرن المذكور ثنائية الكراهية التي يروّج لها اليوم. فمن جهة، المماليك وابن تيمية والثورة السورية وتيار المستقبل، وكل هؤلاء من القرن التاسع عشر، أما محمود احمدي نجاد وبشار وماهر الأسد وحسن نصر الله فمن عصر ما بعد الحداثة. وعندما يقيم عون الدنيا ويقعدها ضد “شريعة الاخوان” كما يسمّيها، فكما لو انه لم يوقع اتفاقاً تبعياً مع “حزب الله” قبل ست سنوات، او ان “حزب الله” حزب ديموقراطي ليبرالي علماني، لا شريعة غيبية له، ولا ولاية فقيه، ولا حرساً ثورياً هو امتداد له. اكثر من ذلك: ان لم تكن عقلية “أحكام أهل الذمّة” هي تلك التي تجعل الجماعة المسيحية في قيد الجماعة الشيعية المسلّحة التي يحصر بها السلاح، وتناط بها الحماية، فما الذي تكونه “الذميّة”؟!

أم انه “تحالف الاقليات”؟

لكن حينها هو تحالف بين اقليات مسلّحة ومقاتلة وبين اخرى لا تملك السلاح ولا تملك غير كيل المدائح للسلاح الاقلوي، البعثي او الخميني، وكيل الأهاجي لمن يقف بالمرصاد.

وتيار العماد عون كان عمد بالفعل الى محاكاة هذا التصور لتحالف الاقليات قبل سنوات عديدة. منذ عودته وتفاهم مار مخايل، وصولا الى سفره لسوريا ولقائه بشار الاسد وحجّه الى براد. فاذا كان حسن نصر الله وجد ضالته في ما اسماه “قرى لبنانية في سوريا”، فان ميشال عون قبل ذلك بكثير كان لجأ الى التلاعب بالهويات الوطنية على هواه: فالأقلوي السوري شريك اللبناني (المحض) في “المشرقية”. أما الأكثرية السنية فعنصر دخيل، قدم الينا بالفتوحات. هذا أيضاً معنى آخر لحديث ميشال عون عن “العودة الى القرن التاسع عشر”. عنده ان الاكثرية السنية ليست من هذه البلاد، وانها اما دخيلة واما مؤقتة. أمّا نظام بشار الاسد فأصيل سواء تحت عنوان “ما في شي صير بسوريا” وما تحت عنوان “ستطول الى ابد الآبدين”.

حسن نصر الله لا يمكنه في المقابل ان يستعير تماماً العبارات نفسها. هو في النهاية قائد لجماعة دينية مهدوية مسلّحة، ولا يمكنه ان يتظاهر بحمل مشعل التنوير والعقلانية في مواجهة الاسلاميين السوريين. لكن الغريب ان هذا تحديداً ما يفعله. يحدّثك عن ظلامية المسلحين الاسلاميين في سوريا، ثم يتحدّث الى مقاتلي القاعدة او من هم مشتبه بهم بعلاقتهم معها، فيقول لهم انهم قد غرّر بهم.

العام الماضي كان عام البدع في طريقة تناول “السيد حسن” للثورة السورية. بدأه باستعجال الحسم لصالح النظام وانهاه بالاطمئنان الى انها “طويلة، طويلة”، ملقياً مسؤولية ذلك على المعارضة التي ترفض الحوار.

المدهش هنا، ان نصر الله القى المسؤولية على هذه المعارضة بهذا الشكل، لكنه اختزال الثورة في جبهة النصرة والنصرة في تنظيم القاعدة دون اي تخصيص او تمييز، فهل انه يدعو مثلاً لحوار وطني بين النظام البعثي وتنظيم القاعدة، ام انه يعوّل على “تفاهم مار مخايل” بين النظام والتنظيم في وجه متن الثورة السورية؟

هو اكتفى بمخاطبة التنظيم. وكان فعلها سابقاً ذات يوم، ايام التفجيرات المروعة في العراق. النصيحة التي يسديها للمسلحين العابرين للحدود انهم مغرّر بهم، وانه نصب لهم شرك من طرف الامبريالية الغربية لكي يجري اصطيادهم واستئصالهم.

من حيث “لا يدري” تطوّع زعيم “حزب الله” بذلك لاعتبار تنظيم القاعدة وليس تنظيمه هو الد اعداء الاستكبار العالمي. والا، لماذا تنصب لهم الامبريالية مثل هذا الشرك الدموي المتواصل؟ طبعاً، كان يمكن لنصر الله ان يكون اكثر انسجاماً مع منطقه لو قال: يا اخوتي في تنظيم القاعدة، ان الاستكبار العالمي ينصب شركاً دموياً لنا ولكم كي نتقاتل نحن ويفوزوا هم. لكنه لم يقل شيئاً من هذا القبيل. هو خارج المصيدة. هذه قناعته. هو شريك في الصيد. هذه ايضاً قناعته. هو عدو الاستكبار. نعم، لكن كيف؟

في المقابل، سجّل حسن نصر الله سابقة هذا العام: اعترافه بأن حزبه ضحى بخيرة شبابه على مذبح اهواء الضباط الاسديين في لبنان، كما حدث في مجزرة ثكنة “فتح الله”، وانه بذل كل ذلك فداء للمقاومة، والوجهة الاساسية للصراع، أو قبلته، فلسطين. قالها نصر الله في معرض محاججة الاستقلاليين اللبنانيين الذين عبثاً “يؤلبون” الماضي نابشين في ذكرى ثكنة فتح الله. لكنه لم ينتبه الى انه ما كان ليجرؤ على هذا الكلام لولا بطولات “الجيش السوري الحرّ”.

ولأن الوجهة “فلسطين”، فقد تعرّض “حزب الله” لمأزق جديد مع اتضاح موقف “حركة حماس” من الموضوع السوريّ، علماً ان مشكلته الكبرى تبقى ازدواجية موقفه، وموقف ايران من الصعود “الاخواني” في طول العالم العربي وعرضه. من جهة، هذا الصعود يوحي في مكان ما، بمحاكاة ولو نسبية للثورة الايرانية، رغم ان هناك الف فارق وفارق، وكان المرشد علي خامنئي قد استبشر منذ ثورتي تونس ومصر قرب قيام “شرق اوسط اسلامي”. ومن جهة ثانية، يركّز “حزب الله” اكثر فاكثر اتهامه للثورة السورية بأنها “اسلامية” بعد ان كان يتهمها بأنها “اطلسية” في المقام الاول. الآن، صار يكتفي بتوسيع وتمغيط حجة واحدة ضد الثورة: وهي ان “جبهة النصرة” صارت على لائحة الارهاب الأميركية. هل فاته انها على هذه اللائحة، الى جانبه؟

“شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ”، هذا ما جاء في المرثية العتيقة.

نصر الله وعون لم يفترقا في موقفهما المعادي لثورة الشعب السوري لكن هذه الثورة جعلتهما يقولان على التوالي الشيء ونقيضه: خارطة كاملة من الأمثلة على تهافت المنطق. اكتفينا بايراد نتف منها قليلة.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Comments Off on نصر الله وعون.. شاول ويوناثان في مواجهة الثورة السورية

رجل المهام الصعبة الجديد في الصين

ديفيد إغناتيوس  : الشرق الاوسظ 

ترى من سينهض بأشق وظيفة في العالم في عام 2013؟ هناك مرشحون عدة للاضطلاع بذلك الدور، لكن مرشحي سيكون هو نائب رئيس مجلس الدولة، وانغ تشي شان، الذي أوكلت إليه للتو مهمة محاربة الفساد التي تعتبر شبه مستحيلة.

ينظر مراقبو الصين إلى وانغ بوصفه لاعبا مؤثرا في الحكومة الجديدة التي يترأسها شي جينبينغ. وسوف توكل إلى وانغ، بوصفه الرئيس الجديد للجنة المركزية للنظام التابعة للحزب الشيوعي، مهمة النهوض بدور مهيمن يتطلب جهودا مضنية ووضع حد للسلب والنهب قبل أن يجتاح الصين.

إن اسم الشهرة لوانغ هو «رئيس فريق الإطفاء»، الذي اكتسبه في بدء اضطلاعه بمهامه الأولى إبان الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997 وفترة تفشي وباء سارس في عام 2003.

التقى وانغ الرئيس أوباما في البيت الأبيض يوم 20 ديسمبر (كانون الأول). كان في زيارة رسمية لأميركا لإجراء محادثات تجارية، بوصفه رئيسا للجنة الأميركية – الصينية المشتركة للتجارة. كان المبعوث الأول للمكتب السياسي الجديد لشي جينبينغ لمقابلة أوباما.

تتمثل مهمة وانغ في مخاطبة كبرى مشكلات الصين. هناك 80 مليون عضو حزبي في الصين، يتنافسون على قرابة 40 ألف منصب محلي مهم. ويقول خبراء صينيون إن تلك الوظائف تشترى وتباع بشكل روتيني، غالبا نظير مبالغ ضخمة، ويستجدي الرابحون مكاسب غير مشروعة من المرؤوسين والشركات المحلية.

إن الفساد ليس قاصرا على السياسة. فأصحاب الرتب العسكرية الرفيعة يحصلون على مكاسب عن طريق الرشاوى، مع حصد الأطراف الرابحة الملايين. يقول خبراء أميركيون إن جنرالا ذا نجمة واحدة يمكن أن يتوقع الحصول على مبلغ تصل قيمته إلى 10 ملايين دولار في صورة هدايا وصفقات خاصة، ويمكن أن يحصل قائد إقليمي ذو 4 نجوم على 50 مليون دولار أو أكثر.

إن خروج الفساد عن السيطرة يخيف قادة الصين الجدد، الذين يعلمون أن العامة قد ازداد تبرمهم من الصفقات القذرة التي يبرمها مسؤولون حكوميون. لكن شي وكثيرا من نظرائه من القادة يعرفون اسم «المحاسيب» لأن أسرهم قد أصبحت ثرية نتيجة تقربها من السلطة.

وجه شي تحذيرا شديد اللهجة في نوفمبر (تشرين الثاني)، في أول خطاباته كرئيس للحزب. قال: «إذا أصبح الفساد خطيرا بشكل متزايد، فسوف يقضي على الحزب والدولة على نحو يتعذر تجنبه». وتحدث عن «الانتهاكات الخطيرة للقوانين المنظمة لعمل الحزب» والقضايا التي كانت «مؤذية جدا في طبيعتها ومدمرة تماما من الناحية السياسية، بحيث تأتي كصدمة للشعب في الصميم».

استخدم الزعيم الجديد مثلا صينيا لتوضيح وجهة نظره وهي أن النظام يتآكل من الداخل. يقول شي: «الديدان تأتي فقط بعد أن تتحلل المادة».

كانت أشهر قضية فساد هي عزل بو شيلاي، رئيس الحزب في تشونغتشينغ في مارس (آذار). إلا أن خبراء صينيين يقولون إن هناك حالات كسب غير مشروع وانتهاكات مماثلة في كل مقاطعة ومنطقة صينية. اتهمت زوجة بو بالتورط في مقتل رجل أعمال بريطاني، غير أنه لم يتم بعد البت في قضيتها – في إشارة إلى مدى حساسية سيطرة النخبة الحاكمة على نظام طالما تربحوا منه.

كان من بين أول القرارات التي أعلنت عنها القيادة الجديدة تحميل وانغ مسؤولية الحفاظ على نظام الحزب. في مطلع ديسمبر، أعلن المكتب السياسي للحزب عن قواعد جديدة تفرض قيودا على الإنفاق على السفر والترفيه من قبل مسؤولين حزبيين، وأوضح شي الفكرة بالسفر إلى غوانغدونغ يوم 7 ديسمبر متعمدا ألا تصاحبه مواكب وجلبة. غير أن تلك كانت بمثابة خطوات لا تذكر بالنظر إلى حجم المشكلة.

كانت ثمة إشارة دالة على عمليات التطهير، التي ربما تتم عما قريب، ممثلة في قرار وانغ الذي أصدره في بداية ديسمبر بالتحقيق مع نائب رئيس الحزب في مقاطعة سيتشوان بتهم شراء وبيع مناصب في الحزب. ينظر لوانغ نفسه بوصفه شخصية نظيفة اليد، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه ليس لديه أي أطفال، ممن عادة ما يلعبون دورا متقاضين للرشاوى لحساب أسرهم. «إذا كان لدى شي العزم والسلطة لإطلاق العنان لوانغ، فربما يحدث هذا تحولا»، هذا ما يقوله كريستوفر جونسون، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأكبر الباحثين في شؤون الصين بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

لقد تعرفت على دور وانغ كمسؤول عن حفظ نظام الحزب على يد راندال فيليب، وهو مسؤول سابق بوكالة الاستخبارات المركزية الذي يرأس مكتب شركة «مينتز غروب» للاستشارات الكائنة بنيويورك في الصين والذي يساعد الشركات الغربية والصينية في المهام المتعلقة بالتحقيقات. ويقول فيليبس إنه ينصح الشركات الأميركية في الصين بأن توضح من البداية أنها لن تدفع رشاوى وأن تؤمن مراهناتها في انتقاء الشركاء والأنصار، بالنظر إلى المنافسة السياسية الجارية.

ما المخاطرة التي يرتئيها وانغ، كرجل مهام صعبة بالحزب، في حالة فشل النظام في ردع الفساد في صفوفه؟ ربما يخشى حدوث ثورة. أشارت صحيفة صينية صدرت يوم 24 ديسمبر إلى أنه أخذ يحث المسؤولين على قراءة كتاب المؤلف الشهير أليكس دي توكفيل «النظام القديم والثورة»، كتحذير مفاده أن أي نظام يمكن أن يدمر نفسه من الداخل.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

إيران ومصير الأسد

بهروز بهبودي: موقع العربية

مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي قال مؤخراً: “يجب أن نعرف العدو جيداً ونعرف أساليبه ومراوغاته إننا على هذا الأساس نتخذ مواقفنا من القضية السورية. إننا لا نرغب في إراقة دم أي مسلم ويؤلمنا ذلك. إننا نقول إن من يعمل لجر سوريا إلى الحرب الأهلية يتحمل مسؤولية ما عليه البلد حيث يجب تسوية مطالب الشعوب عبر الأساليب المعروفة والطبيعية بعيدا عن العنف”.

 ويطلق خامنئي هذه التصريحات في وقت قتل فيه الناشط والمدون الإيراني ستار بهشتي تحت التعذيب ولم يتألم ولم يحرك ساكنا حيث إنه وسلفه الخميني يعتبران من يعمل ضد نظام الجمهورية الإيرانية كافرا!

 وقال الخميني مرة في معرض رده على الاضطرابات التي شهدتها أذربيجان الإيرانية “إنهم يقفون في وجه الإسلام ويعملون ضد حكم الإسلام لكننا لا نريد إراقة الدماء أما الخروج على الحكومة الإسلامية لها عقوبة كبيرة إنها في حكم الكفر وهي من أكبر المعاصي”.

 وعلى هذا الأساس سار خلفه خامنئي الذي هدد المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة بالقتل إذا ما استمروا بالاحتجاجات.

 وفي الموضوع السوري رغم أنه عبر عن عدم ارتياحه لإراقة الدماء لكنه لا يعترف بالثورة السورية ويعتبرها “فتنة أمريكية” مثلما وصف الاحتجاجات السابقة في إيران بهذا الوصف.

 وخامنئي الذي لا يغيب مصطلح “العدو الخارجي” من غالبية تصريحاته يجني هذه المرة للشعب السوري أيضا مشاكل وأزمات ثمنها دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمناضلين لنيل الحرية.

 والدعم الذي تقدمه إيران وروسيا والصين الى النظام السوري حصد الى الآن أرواح الآلاف من أبناء هذا الشعب لكن خامنئي يدعي أنه يعرف العدو ويدعو البلدان الإسلامية الى توخي الحذر منه.

 وهذه ليست المرة الأولى التي يبني فيها مرشد الجمهورية الإسلامية مواقفه على أساس الحذر من سياسات “الأعداء” لكن من لم يعرف أن أحمدي نجاد قد وصل الى سدة الحكم بدعم من خامنئي وجلب بذلك الويلات للبلاد؟ كما أنه منع نواب البرلمان من استجواب نجاد كما منعهم من متابعة ملف الفساد الحكومي الذي بلغ 3 مليارات دولار بسبب تورط بعض منتسبي النظام بهذا الفساد الذي وصف بالأكبر على مدى تاريخ إيران.

 ورغم ذلك يرسل خامنئي قواته الى سوريا لمواجهة “العدو” ولم يستطع أحد محاسبته على دماء أبناء الشعب الإيراني الذين يقتلون في سوريا ويدفنون خلسة هنا وهناك ويمنع ذويهم بأن يبوحوا بأسباب مقتلهم.

 كما أن الشعب الإيراني لا يعرف حجم الأموال التي ينفقها خامنئي في بلدان أخرى مثل سوريا والعراق ولبنان لأن سوريا تقع في الخط الأمامي للمقاومة! وأن العراق يعد مكانا مناسبا للتدخل وإثارة النعرات الطائفية.

 وفي هذه الأثناء نسمع مثلا عن مقتل عدد من طلبة المدارس في القرى النائية في إيران بسبب قلة الإمكانيات وتشير الإحصاءات الرسمية نفسها أن إيران تضم 1200 مدرسة تعتمد الخيم مكانا لتدريس طلبة المدارس لكنه في نفس الوقت توقع إيران اتفاقية لبناء 3 آلاف مدرسة في العراق وكذلك مجمعات سكنية في أنحاء مختلفة من هذا البلد.

 في الحقيقة أن المسؤولين الإيرانيين تعودوا على التدخل في شؤون البلدان الأخرى ولا يهمهم مصير الشعب الإيراني ويشكل تصدير ثورتهم التي أصبحت فاسدة الشغل الشاغل ليأتي بعدها خامنئي ويروج بصلافة أن الثورات العربية كانت نتيجة للثورة الإسلامية الإيرانية.

 لكن رغم هذه الادعاءات أن الشعب السوري يسير على الطريق الصحيح وأنه سيصل الى الحرية والديمقراطية مثل ما شهدته مصر وتونس رغم المساعدات السخية التي تقدمها بلدان مستبدة مثل إيران لنظام الأسد وخلافا لما يتصوره قادة إيران نضال الشعب السوري لم يكن أساسه “الصحوة الإسلامية” التي تروج لها إيران بل للقضاء على الحكم المستبد لآل الأسد.

 لم يبق إلا القليل لإنهاء حكم الأسد والإشاعات التي ترد هنا وهناك وتشير إلى استعداد الرئيس السوري إلى طلب اللجوء هي علامة لقرب نهاية النظام لكن الشعب الايراني أمامه الكثير للوصول الى ما يقترب منه السوريون.

 لاشك أنه مع سقوط نظام الأسد ستكون إيران من أكبر الخاسرين بسبب مواقفها التي لا تستند الى الواقع وتبنى على أساس الخيال والتشدد.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الطين ليس كالرمال

 فاتن واصل 

 فى مقال للكاتب الاستاذ محمد حسين يونس بعنوان (( وضاع كفاح قرنين يا مصر ))

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=337886

 علق الاستاذ نواف الشمرى من حائل بالسعودية (تعليق رقم 7) تعليقا كنت أريد ان أعقب عليه بتعليق مثله ولكنى وجدت القلم يسترسل دون إرادة منى ليرد على تعليقه القاسى والذى يتمنى للمصريين فيه نفس مصير السعودية وقد عبر سيادته عن هذه الأمنية كالتالى:

((بجد انا سعيد انكم ستصبحون مثلنا -وعقبال الشريعة الاسلامية وهيئة المنكر يارب – لانكم يا أستاذ ما انفككتم يوما عن معايرتنا بتخلفنا ونظامنا الديني البدائي الهمجي والكبت وقلة الترفيه وانعدام الفنون والشماغ والنقاب وهيئة المطاوعه التي تجلدنا للصلاه وتغلق كل شيئ حتى تنتهي – كنتم دائما تسخرون منا وتتندرون علينا بمقالاتكم وافلامكم – الان اتمني لكم كل هذا باذن واحد احد – اريدكم ان تصبحون مثلنا لانه مفيش حد احسن من حد – وان كنا سنظل افضل منكم علي الاقل لدينا المال الذي يجعلنا نتحمل حياة الكبت والتزمت ونسافر بين فينه واخرى للترويح ونسيان -الوضع الذي نعيشه – لكن انتم يا حسره لن يكون لديكم المال – لا مال ولا حريه – ذوقوا قليلا مما ذقناه طوال قرون – اهنيكم علي الانضمام لنادينا ومبروك مقدما.))

 يؤسفنى سيدى أن أمنيتك لن تتحقق وأننا لن نكون مثل السعودية أبدا وذلك لأسباب عديدة أولها الفقر الذى عايرتنا به .. هذا الفقر الذى تراه عار هو مدرسة فى حد ذاته، هو الذى يعلـِّم الانسان المصرى ما لا نهاية له من المهارات، بدءً من مهارات الخبث والالتفاف حول كل المشكلات التى تواجهه والكثير من المهارات الذهنية، الى المهارات اليديوية والبدنية لكى يستطيع أن يتغلب على فقره ويعيش حياته.. أدخل الدش لبيته ـ والذى قد يكون عبارة عن عشة من الطين وبعض بقايا الأخشاب والقش ـ بعمل إختراع مكون من وصلات سلكية عجيبة ولديه من القنوات الفضائية أكثر مما لديَّ فى بيتى والذى ندفع فيه الشئ الفلانى شهريا.. تجيد إمرأته طبخ كل الأصناف مستخدمة أرجل الدجاج والأجنحة أو عظام البقر لإطعام أورطة عيال يأكلون ويشبعون وينامون فوق بعضهم البعض فى مساحة محدودة يفرشها بسجاد مصنوع من بقايا وقصاقيص الأقمشة .. الفقر يعلم يا سيدى ويصقل الشخصية، الفقر مشكلة تواجه المصرى الشقيان وعليه أن يحلها، وفى أثناء حلها يتعلم الكثير، والمطلوب نظرة أكثر تعمقا منك على الفارق بين خبرات ومهارات الانسان المصرى التى يكتسبها يا ولداه ـ فقط ـ بسبب فقره ومثيلتها لدى الانسان السعودى، إن الاحتكاك بالحياة ومواجهة مشاكلها بشكل يومى بل أحيانا على مدار ساعات اليوم الواحد ينمى عقول المصريين ويساعدهم على الفهم والتطور رغم الجهل ( عدم الالمام بالقراءة والكتابة )، وهذا هو ما يجعلهم أكثر المغتربين تميزا لأنهم إعتادوا العمل فى بلادهم فى أحلك الظروف، لذا فحين يعملون فى ظروف مواتية وفى ظل منظومة ما تجد أمامك أفضل العقول.. أما حياة الجمود والملل والرتابة التى تنتج بسبب كثرة المال بدون وعى وبدون تعب وبدون مجالات بناءة لإنفاقه، تدفع الانسان للاسراف والسفه والخمول والاتكالية.

نظرة أخرى على الفارق بين مجتمعنا ومجتمعكم ، نحن أمة تحب السمر، تجمعنا أغنية ويلم شملنا موقف عاطفى، ولو أتيحت لك فرصة زيارة مصر للترويح والنسيان ـ كما كان مشايخكم يفعلون زمان ـ أنصحك بالذهاب فى جولة حول قصر الاتحادية فى عز أيام المظاهرات والاعتصامات وبالطبع ميدان التحرير وهو الأصل، تجد بين المتظاهرين بائعى البطاطا والذرة المشوي والحلابسّة .. وفى لحظة يندمج الجميع ، كل الشرائح والطبقات والطوائف عندما يمر العلم المصرى العظيم أمام أعينهم جميعا محمولا مشدودا بين أكف الشباب يستظلون به ويتقدمون تحت لواءه ، فيصيح الجميع بما فى ذلك الباعة الجائلين ” تحيا مصر ” .. ” مصر يا أم، ولادك أهم ” .. ” ويسقط يسقط حكم المرشد “.

يا أستاذ المصرى يولد متحضراً والحضارة هى المعرفة والخبرة الحياتية .. إكتسبها المصريون وورَّثوها لأبناءهم على مر العصور الطويلة، بين محتل غازى وحاكم مستبد، وفقر قاسى والعيش فى ظل الاستبداد والقهر والحركة المجتمعية الدائمة والأحداث المتلاحقة التى لا تهدأ كل هذه العوامل تشحذ المقاومة فى نفوسنا ضد أى نوع من أنواع الضغوط والتسلط والظلم .. مصر عصيَّة وأبناءها عنيدين، هل تصدق ان وعي الانسان المصرى على مدى السنتين الماضيتين وحدهما قد تغير وقفز الى مستويات لا يمكن ان يمنحها مجتمع ساكن ميت كمجتمعكم الصحراوى.

لدينا ـ من قبل أى بلد عربى ـ مصانع نسيج وحديد وصلب وأعنى هنا أن لدينا عمّال ومنظومة عمل متكاملة .. حقيقى أنها تعرضت كغيرها للفساد الذى تجذر إضافة الى فقدان الشعور بقيمة العمل التى حلت فى النفوس مع العائدين من السعودية وبلدان الخليج منذ أواخر السبعينيات، لكنها فى النهاية لم تزل موجودة صروح عظيمة، ببعض الاهتمام تعود لأفضل مما كانت عليه وقت أن بدأت.

حين يتصور السعودى أنه مسيطر على المصرى وأنه أفضل منا بماله ، يضحك المصرى فى كمِّه محدثا حاله ” خليه على عماه “.

كل هذا يحفر فى الانسان المصرى روحا وفكرا رغم الجهل والأمية والفقرالتى تنخر عظامه، لكنه يختلف كل الاختلاف عن مثيله السعودى .. الرمال يا سيدى ليست كالطين، الرمال تبتلع المياه وتمنحك التصحر .. لكن الطين يرتوى ويعطيك الخير فتستقر بجواره تتراكم فى عقلك الذكريات .. تلتصق بالمكان وتخلص له لا تبرحه.. أما الرمال فلأى سبب ستبقى بجوارها.. هذا هو الفرق.

المصرى الذى إعتاد على الطقوس الرمضانية والسهر حتى الفجر فى الموالد والأفراح وحفلات السمر وحلقات الذكر، لا يمكن أن يسمح لأحد ان يجبره على هذا النكد الذى تطبقه تلك الهيئة اللعينة لديكم فى السعودية.. فالفقر يحرمك من كل شئ ولكن هيئة النكد العالمى تحرمك حتى من القليل المتاح وتسلب أحد أهم الأشياء بالنسبة للانسان المصرى وهو حريته الشخصية فى أداء طقوس دينه بالطريقة التى إعتادها منذ آلاف السنين، المصرى متدين ولا يحتاج وصاية من هيئة نصابين تعتاش على تعذيبه وفرض أشياء يفعل هو مثلها وأكثر.

وبعيدا عن كل هذا هناك عنصر فى المجتمع المصرى ليس من السهل سحقه والسيطرة عليه ألا وهو النساء المصريات.. فعلى سبيل المثال السيدة المصرية الصعيدية ( ويطلقون عليها اسم الكبيرة ) تقود عائلات بأكملها بها رجال ذوى شوارب يقف عليها الصقر، الست المصرية وقفت بجوار الرجل كتفا بكتف فى كل ما مر بالبلاد من نكبات ومصائب ، وهذا ليس فقط أثناء أو بعد 25 يناير، وإنما فى أيام المخلوع أيضا ، وأنا لا انسى ما حييت الصحفيات اللاتى تعرضن للانتهاك والتحرش وهتك العرض من رجال أمن مبارك فى الشارع وعلى مرأى ومسمع من الرجال الذين جبنوا فى هذا اليوم، يوم الاستفتاء على المادة 76 من الدستور وهى المادة التى تكرس للتوريث، الشئ الذى ثار من أجله المصريون فيما بعد، وكانت حادثة قد قامت بتسجيلها كاميرات وكالات الأنباء العالمية ، التى فعلت الشئ نفسه حيال وقوفها بصبر شديد فى طوابير الانتظار لا نهائية الطول تنتظر ان تدلي بصوتها فى الاستفتاء الذى زوره الاخوان.. فهل فى تصورك أن من تحملت هذا الغبن وهذه القسوة يمكنها أن تسمح لثلة من الرجال العاطلين كل موهبتهم تتركز فى قهرها والتحكم فى مظهرها ومسلكها وعودتها للبيت كقطعة أثاث جامدة، وهى التى تحملت ما لا يطيقه بشر فى سبيل الدفاع عما تؤمن به..!!

حقيقى لديكم سيدات قويات مثل منال الشريف التى قادت سيارتها متحدية قوانينكم التى تحط من شأن المرأة لدرجة منعها من قيادة سيارة، والمناضلة وجيهة الحويدر الناشطة فى مجال حقوق المرأة، والرائعة ندين البادير المطرودة ـ يا ولداه ـ لقوة منطقها وجرأتها وشجاعتها، لكن هذا لا يمنع أن تاريخ نضال النساء فى السعودية تاريخ حديث للغاية..إنما بالنسبة للمرأة المصرية فهو تاريخ طويل فى الكفاح سواء مع الرجل فى كافة المجالات أو من أجل حريتها وهذا على الأقل لما يقرب من 100 سنة. لا أظن اليوم انها سوف تضحى بكل هذا وترضى أن يكون مصيرها مثل مصير نساء السعودية.. أقصى أمنياتهن خلع العباءة داخل طائرة تقلع متجهة لإحدى البلدان الأوروبية.. فى رحلة ترويح ونسيان بأموال الجاز. لذا سيد نواف الشمرى لا تفرح كثيرا لأن هذا لن يحدث . ‎فاتن واصل – مفكر حر

Posted in فكر حر | Leave a comment

عشرة فنانين يهود في مصر اثروا المسرح والسينما وابدعوا بالغناء

 القاهرة ـ شهد تاريخ السينما المصرية بزوغ نجم العديد من الفنانين المصريين ذات الأصول اليهودية، ولم تمنعهم من إظهار مواهبهم الفنية بل وتحقيق نجاحاً يفوق في بعض الأحيان الفنانين المصريين الأصليين، ولم تُفرق في منح الفرص الذهبية بين جميع أبنائها، ونذكر أبرزهم:-

1) توجو مزراحي: مخرج مصري يهودي، ارتبط بأعمال علي الكسار مثل: «الساعة 7» و«سلفني 3جنيه»، وقد تم اتهامه بالتعاون مع الصهيونية عام 1948 فنُفي إلى إيطاليا حيث أقام هناك وتوقف عن النشاط السينمائي حتى وفاته في 5يونيو عام 1986.

2) نجمة إبراهيم: اسمها الحقيقي «بوليني أوديون» اشتهرت بالأدوار الشريرة مثل: «ريا وسكينة» و«اليتيمتان»، يقال إنها اعتنقت الإسلام قبل وفاتها في 4 يونيو عام 1976 ولكن هناك من يؤكد أنها بقيت على ديانتها اليهودية، وقد شاركت في تسليح الجيش المصري بعروضها المسرحية.

 3) ليلى مراد: قيثارة الزمن الجميل التي اشتهرت بعدة بطولات سينمائية مثل: «غزل البنات» و«سيدة القطار» أعلنت إسلامها عام 1946 وفي عام 1952م طالتها شائعة تبرعها لإسرائيل، فساهمت في قطار الرحمة الثالث لجمع تبرعات لتسليح الجيش المصري، ورفضت أيضاً ضغوطات لتهجيرها إلى فلسطين، وفضلت البقاء في مصر حتى وفاتها في 21 نوفمبر عام 1995.

 4) نجوى سالم: فنانة مسرحية بدأت مع فرقة نجيب الريحاني ثم بديع خيري، ومن أشهر أعمالها مسرحية «حسن ومرقص وكوهين» و«لوكاندة الفرندوس»، اسمها الحقيقي «نينات شالوم»، وقد أصابتها اليهودية بوسواس قهري، حيث أحست أن هناك من يتعقبها ويخطط لقتلها، ولكنها أعلنت إسلامها عام 1960.

 5) كاميليا: أو «ليليان فيكتور كوهين»، اشتهرت بفيلم «قمر 14» و«شارع البهلوان»، يقال أنها ابنة غير شرعية لتاجر أقطان إيطالي فنُسبت إلي يهودي يقطن في بنسيون والدتها، وإن كانت قد عُمدت كمسيحية، ظلت ثلاث سنوات كمحظية للملك فاروق ثم توفيت إثر حادث طائرة عام 1950، يُقال إنه مدبر بعد تأكد اتصالها بالموساد الإسرائيلي.

 6) راقية إبراهيم: اسمها الحقيقي «راشيل إبراهام ليفي»، حصلت على البطولة في عدة أعمال مثل: «رصاصة في القلب» و«ملاك الرحمة»، عُرفت بإيمانها العميق بالكيان الصهيوني واشتراكها في اغتيال العالمة المصرية سميرة موسى عام 1952، هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتمتلك بوتيكاً لبيع المنتجات والتحف الإسرائيلية بولاية نيويورك.

 7) فيكتوريا كوهين: كومبارس مصرية يهودية، اشتهرت من خلال تقديمها ما يقرب من الثمانية عشر عملاً بدور المرأة اليهودية شديدة البخل، قدمتها للمسرح فرق يوسف وهبي ونجيب الريحاني وفؤاد المهندس، وقبل وفاتها في القاهرة عام 1964 اشتركت في مسرحية «أنا فين و إنت فين» مع شويكار وفؤاد المهندس.

 8) إلياس مؤدب: فنان الكوميدي اشتهر بإلقاء المونولوجات بعدة لغات منها العربية والفرنسية، واشتهر بعدة أفلام مع إسماعيل يس مثل: «حلال عليك» و«بيت النتاش»، وبرغم أصوله اليهودية إلا أنه رفض الهجرة لإسرائيل، ويقال إنه تم اتهامه في شبكة للتجسس، ولكن أثبتت التحقيقات براءته، ولم يترك مصر بعدها، حتى وفاته في 28 مايو عام 1952.

 9) كيتي: راقصة يهودية اسمها الحقيقي «كيتي فوتساتي»، أجادت البطولة في بعض أفلام إسماعيل يس مثل: «عفريتة إسماعيل يس» و«متحف الشمع»، اختفت في الستينات فترددت شائعات حول تورطها في شبكة جاسوسية وأخرى حول ارتباطها برأفت الهجان، الذي كتب بمذكراته عن علاقة بفتاة تُدعى«بيتي»، وصفها بأنها راقصة مراهقة، طائشة وتكبره بعام واحد، فمالت الآراء إلى كيتي.

 10) منير مراد: هو الملحن «موريس زكي موردخاي»، شقيق الفنانة ليلى مراد، اشتهر بتقليد الفنانين ثم عمل كمساعد مخرج وقام بالتمثيل في خمسة أعمال أشهرهم نهارك سعيد عام 1955، وقد اعتنق الإسلام ليتزوج من الفنانة سهير البابلي، واستمرا معاً لمدة عشر سنوات، لم ينجبا خلالها، حتى تم الطلاق بسبب غيرة مراد من معجبي زوجته.

 محمد البدري (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 2 Comments

جامعة لتعليم الإقصاء والكراهية

 علي سعد الموسى:   الوطن السعودية

 مخجل جداً، بل من العار الأكاديمي على جامعة سعودية أن تسمح لأستاذ جامعة أن يوزع ورقة الامتحان إلى مئة طالب بعشرة أسئلة تتهم قطاعاً كاملاً من الخريطة الوطنية بالضلال والبدع والشرك قبل أن يأتي إليها الداعية الشهير ليأخذهم من الظلمات إلى النور. مخجل جداً أن تسمح جامعة سعودية لمثل هذا الثلاثي (الأستاذ والكتاب والمادة) كي يتعلم آلاف الطلاب عن وطنهم هذا التزوير الممنهج للتاريخ وهذا التكفير العلني لشريحة واسعة من أبناء هذه الأرض، ثم تمر القصة برمتها دون سؤال أو محاسبة. مخجل جداً أن يتداول أبناء هذا الوطن هذه الورقة العنصرية من أسئلة امتحان في مواقع التواصل الاجتماعي بينما الجامعة والتعليم العالي نائمون في (الزبدة) ومخجل أن يكون المجتمع الذي رفض بأكمله هذه الورقة أكثر وعياً من الجامعة التي سمحت بهذا العبث من أستاذ جامعة ومن كتاب مطبوع مقرر بين يدي هؤلاء الطلبة.

دعونا الآن نودع اللغة العاطفية إلى لغة جادة: ما المصلحة العامة أو العلمية التي تشحن بها جامعة سعودية آلافاً من طلابها يمرون على هذا الأستاذ وهذا الكتاب وذلك المقرر؟ ما الآليات الأكاديمية التي وافقت بموجبها أقسام الكلية ومجلسها وكذا مجلس الجامعة على إقرار هذا المنهج واعتماد هذا الكتاب بكل ما فيه من التجاوزات ومن التزوير للوقائع التاريخية؟ هل عرض هذا الكتاب المقرر، كما تقتضي أعراف الجامعة، على اللجان والمتخصصين قبل اعتماده كمقرر أكاديمي؟ هل يعلم عميد الكلية ورئيس القسم المتخصص عن تدريس هذا الكتاب كمقرر، ناهيك عن السؤال الأساس: هل قرأ هؤلاء ورقة الأسئلة بكل ما فيها من التكفير ونعوت الإقصاء والتصنيف المبنية على خيالات باطلة؟ هل يعلم كل هؤلاء الرسميون بخطورة هذا التدريس العلني في أروقة الجامعة للقذف والتكفير والاتهام بالشركيات والضلال والبدع؟ هل تدرك هذه المؤسسة الرسمية من الجامعة مسؤوليتها عن نظرة الشك في العقائد وهل ستدرك أنها أساس الشجرة التي لم يكن هذا الثلاثي في (الأستاذ والكتاب والمقرر) إلا الثمرة؟ هذا هو المنهج المعلن فماذا عن كوارث المنهج الخفي؟

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

الحرف الملطخ بالدم

وليد الرجيب

شاهدت صورة بشعة ومؤثرة وذات دلالة من واقع الثورة السورية، كانت صورة رغيف خبز ملطخ بالدماء، أشعرتني بهزة كيان واستدراك بأن كل شيء في وطننا العربي ملطخ بالدماء، أجساد الأطفال وكرامة الإنسان والحرية والعدالة والإنسانية كلها ملطخة بالدماء.

 يكفي أن تطالب بحريتك حتى يصبح لون الدنيا أحمر قاني، ويكفي أن تحتج حتى يمتلئ الفضاء بالدخان المسيَل للدموع وتنهال على رأسك الهراوات ثم الرصاص المطاطي ثم الرصاص الحي يليها قصف المدافع والطيارات لكن السادية تتمادى ومنظر الدم يثير شهية استخدام أسلحة الإبادة الجماعية.

 يتساءل المستبد: لم الشعوب بأرواح سبع؟ قتلتها مرات ومرات فلم لمْ تمت؟ وضربتها مرات ومرات فلم لم تكف عن احتجاجها ومطالبتها بالحرية؟ لم لمْ تقتنع الشعوب بأنها لا يجب أن تحلم بالحرية لأنها مُضرَة لي؟

 ويبدو أن ثورات الشعوب لم تباغت الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية فقط، ولكن على ما يبدو أنها أربكت بعض أصحاب القلم من المثقفين والمبدعين، المتكئين على إرث الثورات الذهنية، هؤلاء الذين تغنوا بإرادة شعوبهم وبالحرية «إذا الشعب يوماً أراد الحياة…» و«للحرية الحمراء باب…» -ليس كل المثقفين بالطبع-، هؤلاء الذين عرفناهم بـ «اللاءات» والذين فاضت أحرفهم بالرفض والمعارضة وعاشوا في العقود الماضية بالمختلف والمغاير، حتى أصبحوا رموزاً لانحيازهم لشعوبهم وردد الناس أشعارهم بافتخار، هؤلاء الكتاب والمبدعون المرتدون عباءات «الثورجية» مثل القومية واليسارية والديموقراطية والوطنية الذين تذوق بعضهم مرارة السجون والمنافي، ونعوا حريات شعوبهم على مقاهي أرصفة بيروت.

 هذه القامات الشعرية التي لا نريد ذكر أسمائها التي يعرفها الجميع خشية سقوطها المدوي في أذهان الشعوب، وبعض نظرائهم في الدول العربية الأخرى كشفوا تخلفهم الفكري عن تفكير شعوبهم الغارقة في وحل الجهل والفقر والاستبداد، ولم يفرقوا بين التنظير الثقافي والأيديولوجي وبين الاستيعاب الحسي للألم والإدراك الواقعي للكرامة والحرية والعدالة، فهل نأتي بمزيد من الأمثلة الثقافية والإبداعية التي فرشت لها شعوبها سجاداً أحمر بلون دمائها التي سُفكت في العامين المنصرمين؟

 هؤلاء الذين يكررون أنهم ليسوا مثقفي سلطة، رأوا في غضبة الشعوب تنفيذاً لمؤامرات خارجية إمبريالية وصهيونية وإقليمية، بل من كان منهم ينكر التعالي «المزعوم» على شعوبهم وآلامها وآمالها، تخلوا عن مفرداتهم اللفظية الشعرية وتبنوا المفردات اللفظية للسلطات «فوضويون غوغائيون انقلابيون مندسون»، مبررين ذلك بالخطر الآتي من القوى الظلامية التي ستُطبق على عنق الشعوب العربية لزمن طويل، فالظلم السلطوي بالنسبة لهم أرحم من سلطة قوى الظلام، وبرهنوا عن سادية مواربة وتواطؤ اتخذ شكل الصمت والتبرير لاستخدام الهراوة والغاز المسيَل للدموع والقمع الدموي والاعتقالات التعسفية وحجز الحريات والتعذيب الوحشي، وحتى تدمير المدن ودور العبادة والآثار العربية الإسلامية العظيمة، وقالوا انها من صنع العصابات التي تحركها الإمبريالية وقوى الظلام.

 ربكة واختلال هؤلاء وتعصبهم الفئوي والطائفي جعلت بعضهم يفرق بين دم مُبرَر ودم مُستنكر، لأن الثورة عاشت لعقود في رؤوسهم فقط، أما أن تحدث على أرض الواقع فهو أمر لا تفسير له، كما أنها مقبولة عند شعب ولكنها غير مقبولة عند شعوبهم.

تلطخت حروفهم بدماء شعوبهم العربية، وبينما التاريخ يتغيَر أمام أعينهم ظلوا هم العارفون بكل شيء والقابعون في معرفتهم الكلية، وفي أقل الأحوال يتحدثون عن فضيلة الاختلاف في الرأي بينما نحن نتحدث عن الموقف من الدم، فلا طريق ثالثا إما مع الشعوب وإما ضدها.

 * نقلا عن “الراي” الكويتية

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment