منع الإختلاط – ثقافة العنف

أحلام اكرم

 كثيرا ما كنت أسمع جدتي تتحدث عن تميّزنا عن الأديان الأخرى، حيث لا وسيط عندنا بين الإنسان والخالق. كما في المسيحية أو الديانات الأخرى.. ولم أشعر خلال تلك السنوات بنفوذ لرجال الدين آنذاك.. بل ما كنت أراه آنذاك هو إقتصار عمل رجال الدين على تلاوة القرآن الكريم.. وتلاوة خطبة الجمعة التي كان يستلمها يوم الجمعة من الجهات الحكومية.. بينما ما أراه على معظم الشاشات الفضية الآن وفي القرن الحادي والعشرون. تسابق فقهاء الدين على النجومية على الشاشات الفضية.. مستغلين ظروف الإنسان العربي للضخ المستمر بالترعيب والترهيب من الله.. ومن لافتاوي التي لا تنتمي لمنطق ولا عقل. بإسم الدين ومع إزدياد نجوميتهم يزداد نفوذهم على تغييب العقل الواعي للإنسان العربي.. ويؤكد وجودهم كوسطاء بل سماسرة.. لله على الأرض…. من خلال خطاباتهم. فتاويهم.. شبكاتهم التلفزيونية الخاصة والعامة. بحيث أصبحت الجتمعات العربية، وإلى حد كبير، مجتمعات مغيّبة.. مريضة ليس لديها القدرة على تشخيص مرضها والتعافي منه بالحرية وإعمال العقل…

خطبة الشيخ المفتي العام للملكة السعودية عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.. والتي قرأتها في إحدى الصحف العربية يوم 4-1-2013.. “” وجوب أن ’تعزل المرأة عن الرجال “” إستهلال مظلم لما ستواجهه المرأة السعودية.. تليها المرأة العربية من خلال ما يدفعه شيوخ الوهابية للحركات الإسلامية.. فبينما تحتفل نساء العالم بمدى إنجازاتهم في مجالي الحقوق والمساواة.. تؤكد خطبة الشيخ على أسوأ ما قدّمته الأديان للمرأة.. وهو الإنتهاك لحقوقها تحت غطاء التشريع الديني.. ومقولة إرادة الإله..

 خطبة الشيخ.. تؤكد أحاديث النبي المشكوك بصحتها، ليس فقط لأنها عن.. وعن.. وعن.. وكتبت بما يقارب 300 سنة بعد وفاة النبي.. بل لأنها تتناقض مع شخصية النبي نفسة الذي حض ودعا إلى الرحمة والرفق بالمرأة.. والمعروف في السيرة النبوية بأنه لم يضرب إمرأة أو يعتدي عليها طيلة حياته.. و تدعّم الفتوى المريضه الأخرى للشيخ يوسف الأحمد قبل سنوات بهدم الكعبة وإعادة بنائها ولكن بعد عزل الجنسين عزلا تاما عن بعضهما البعض لأنه لا إختلاط بين الجنسين في الإسلام ؟؟؟

 كلاهما.. غير عابىء بأن هذا العزل يؤدي إلى الأمراض المجتمعية والتي تبرر العنف الجسدي والعنف اللفظي.. نتيجة عدم نشوء الشكل الطبيعي للعلاقة بين الرجل والمرأة بدءا من المشاركة في مقاعد الدراسة الإبتدائية.. عزلها هو ما يؤدي إلى أمراض مجتمعية أعقد وأكبر من إستطاعة حلها تبتدىء بالكبت الجنسي وحب الإستطلاع الأكبر الذي يجعل من التحرش شيئا طبيعيا في هذه المجتمعات.. وقد يؤدي كنتيجة حب الإستطلاع و عدم القدرة على التحكم بالأحاسيس الجنسية إلى إغتصاب الأقارب..وهي الظاهرة الموجودة في مجتمعاتنا العربية.. ولكنها تدخل ضمن المسكوت عنه !!

وفي كل هذه الحالات فإن مثل هذا الخطاب ’ينمي ظاهرة تغافل المجتمع عن المجرم الحقيقي في هذه الجريمة.. و’تذبح المرأة كقربان للمجتمع على قدر لم تكن مسؤولة عنه ؟؟؟

 إن السماح بمثل هذه الخطب في منابر الجوامع.. والتي من المفروض أن تكون منابر للدعوة إلى تساوي البشر.. الرجل والمرأة.. منابر للدعوة إلى إحترام المواطن الآخر بغض النظر عن جنسه او لونه أو عقيدته.. هي منابر لهدم التناسق المجتمعي ودعوة إلى خلق مجتمع مريض بالخوف من الإله.. بدل محبة الإله.. فمحبة البشر من محبة الإله..

لماذا ’ينظر للمرأة المسلمة على أنها عورة.. لماذا ’تربط القيم المجتمعية كلها بجسد المرأة.. بينما لا ترتبط باخلاقيات الرجل ومعاملته لشريكة حياته بالإحترام المتبادل.. وبتكملة بعضهما الآخر..

ماحدث مع المرأة السعودية التي تدرس مع زوجها في أوهايو، والتي نجت بأعجوبة من الموت بعد أن ضربها الزوج ضربا مبرحا.. وحاول خنقها ؟؟

 هي ضحية هذه الثقافة التي يغذيها فقهاء الدين.. ولكنها أيضا محظوظة لأن الحادثة حصلت في أميركا التي لن تتفهم أن ضرب المرأة جزء من ثقافتنا التي ندافع عنها في المحافل الدولية بانها إحدى أهم خصائص مجتمعاتنا الإسلامية والتي نتميز بها بالخصوصية ؟؟؟؟ وعليه نرفض الأخذ بأي من القوانين والمواثيق المرتبطة بحقوق المرأة لأن ثقافتنا وعاداتنا أعلى وأسمى من أن نتخلى عنها ؟؟؟

هذه المرأة الناجية.. ستحصل على حقوقها كاملة في المجتمع الغربي الذي سيدافع عنها كإنسانة.. وستحصل على اللجوء.. وكل المساعدات الطبية والقضائية والمالية لتمكينها من الحياة بدلا من أن تبقى عاله على زوجها.. أو على الملحقية السعودية التي لفظتها وحاولت الضغط عليها للتنازل عن القضية.. وأصرت على أنه خلاف شخصي وقطعت مصاريف بعثتها لإجبارها على العودة..

ترى كم من نساء العالم العربي سترحل هربا من جحيم إنعدام الحقوق والتحايل عليها بإسم الدين ؟؟؟؟

 إن دعوة الشيخ هذه وفي ظل تغيّر المجتمعات.. ووسائل التواصل الإجتماعي الحديثة والمتطورة التي كسرت كل الحواجز والحدود ليس إلا تعرية لثقافة مجتمع بكاملة تؤكد تقبل المجتمع لعبودية المرأة.. وتبرر لضربها وحرمانها من كل الحقوق.. وأنها ليست إلا ديكورا يزين حياة الرجل.. ولكنه إضافة إلى كل ذلك يصّر على عزلها وإنعزالها ؟؟؟؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

عميل ولا عبيط؟

 جيلان جبر

أُرهق الجميع من القراءة والتحليل، وأصاب البعض الملل من السياسة والسياسيين، وبمناسبة العيد المجيد لإخواننا الأقباط، وحلول العام الجديد عادت الاتصالات عبر الهاتف والبريد الإلكترونى ومواقع التواصل لتنقل التهانى وأصدق الأمنيات وفتح المجال للتعبير عن القلق والخوف مما تحمله لنا الأيام والشهور المقبلة.. فالنوايا غير صافية والرؤية غير واضحة والأسعار على صفيح من نار والعملة المصرية فى انخفاض والتعليم والأخلاق فى انحدار، ومازالت القرارات السياسية مفلسة من المضمون وبعيدة عن المنطق والقانون.. ونعيش بين حفنة من الدعاة والسياسيين أكبر همومهم هو التركيز على التحريم والتكفير والتسلق باسم الدين، ومنهم من يحكم باسم «صندوق» الدنيا.. وأصبح أمام كل منا أسئلة متعددة تبحث عن إجابة واحدة.

 ومنها على سبيل المثال لا الحصر..

 س١: من يرفض تهنئة الأقباط فى احتفالهم بأعيادهم وهم من النسيج الوطنى والشريك الأساسى فى التاريخ والحاضر والمستقبل المصرى، فماذا تصفون صاحب هذا التفكير أهو عاقل.. أم عميل؟ ولا عبيط؟

 س٢: من يدعو اليهود لحق العودة ويفتح التداعيات للتعويضات للإسرائيليين والأطماع والتصريحات من الجهاديين فى سيناء بالتهديد والوعيد إذا عاد هؤلاء، فما السر لهذا الكلام والتوقيت الغريب له.. أهو تصريح عاقل.. أم عميل؟ ولا عبيط؟

 س٣: بعد أن تم الرفض من مجمع البحوث الإسلامية لمشروع الصكوك لمخالفته الشرع، فهو يتيح للأجانب السيطرة على أصول الدولة المحورية والاستراتيجية، فلماذا إذن الإصرار على طرحه مرة أخرى من خلال اختيار الوزير الجديد المتخصص فى هذا المجال. فهل المطلوب السمع والطاعة أم ماذا.. هل هذا التفكير عاقل.. أم عميل؟ أم عبيط؟

 س٤: من يترك كنزاً اسمه السياحة يعود علينا بأكثر من ١٢ مليار دولار ونحارب به البطالة ويساهم فى رفع مستوى مصر فى السياسة والاقتصاد ويهرول للبحث عن قرض من صندوق النقد الدولى بأربعة مليارات فقط.. ويضع شروطاً وعقبات ترهقنا فى الاقتصاد والسياسة والاجتماع ونحن على شفا الانتخابات فهل هذا قرار عاقل.. أم عميل؟ أم عبيط؟

 س٥: من يترك الزيارات الإيرانية لجهات أمنية تتعاون مع الإخوان.. وتثير المخاوف الأمنية بين مصر والإمارات، ونجدها تفتح أبوابها لعملاء من حزب الله وإيران من إعلاميين وسياسيين نشاهدهم فى أكبر الفنادق والميادين، واجتماعات مع جماعة حماس واستخدام أرض سيناء مع ما يسمى المجاهدين والممولين من جهات تدعمها إيران بالصمت والتجاهل عن هؤلاء. أهو عاقل.. أم عميل؟ أم عبيط؟

 أتمنى اختيار الإجابة لنحدد البوصلة والاتجاه الصحيح وإلا فعلينا القيادة بأنفسنا لأنه فى النهاية لن نلوم الآخرين قدر ما نلوم كل عاقل فينا، ونستبعد كل عميل ونغيب كل من لا يستطيع لأنه عبيط.

 نقلاً عن “المصري اليوم”

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

عسكرة الطوائف السورية

غسان الإمام : الشرق الاوسط

1963 – 2013: خمسون سنة هي عمر الظاهرة العلوية. هل كانت هي التحول الانقلابي الوحيد في المجتمع السوري؟ لا. إنما كانت أول ظاهرة لعسكرة طائفة أقلوية، في مجتمع يضم 18 طائفة. ومذهبا. ودينا. بل كانت أول مبادرة طائفية للاستيلاء على السلطة، وإقامة نظام طائفي بالقوة المستترة بدساتير شكلية. وقوانين مبتسرة. وسياسة خارجية تتبنى ظاهريا رعاية قضية العرب المركزية (الفلسطينية). والغرض شراء سكوتهم عن اغتصاب أقلية، لحق سائر المجتمع، في المشاركة في القرار والسلطة.

لكن لماذا صمد النظام العلوي، ولم تصمد أنظمة تونس. وليبيا. ومصر، أمام الصحوة الشعبية؟ لأن هذه الأنظمة ليست طائفية. ولا تستطيع أن تستخدم جيوشها الوطنية ضد مجتمعاتها. حدثت مقاومة نظامية في ليبيا. لأن القذافي جسد نظام العشيرة والقبيلة. هذا النظام الاستبدادي لم يصمد. لأن القبيلة أقل عصبية وتماسكا من الطائفة.

 هل يمكن تحقيق مصالحة في سوريا، بين أطياف الثورة والنظام الطائفي. يليها تشكيل حكومة وفاقية تسترد السلام المدني. وتتولى التغيير على أساس الديمقراطية؟ أخفق مسعى الوسيط الدولي كوفي أنان. فورث شعاراته ومهمته الوسيط العربي/ الدولي الأخضر الإبراهيمي.

 الأخضر لا يريد أن يفهم أن دبلوماسية المصالحة تجاوزتها الأحداث الميدانية. وفقد النظام شرعيته، منذ أن واجه الانتفاضة بالدبابات. والمدفعية. والطيران. لكن الوسيط ما زال يظن أن تبويس الشوارب ممكن بين الجزار والضحية. بين طاغية قتل 60 ألف إنسان وأهل الضحايا.

 ما زال الأخضر يتحدى أمته في الرهان على دبلوماسية العناد الروسية والخداع الإيرانية. يتوعد الأخضر الضحايا بجهنم، إذا لم يقبلوا بجحيم التعايش مع نظام، حَكَمَ عليه الغباء بالانتحار.

 لو قرأ الأخضر تاريخ هذا النظام الطائفي، لعرف أن الأب مارس الخداع الراهن، للاحتفاظ بالسلطة المطلقة. كانت تهمي الخيانة والمؤامرة جاهزتين دائما وأبدا، لإدانة وسحق كل من يطالب بالديمقراطية.

 جرى اغتيال زعماء السنة في سوريا ولبنان (صلاح البيطار. رفيق الحريري. المفتي حسن خالد…) كلما بدا للنظام العلوي أنهم يشكلون خطرا على استمراره. أُممت النقابات المستقلة عندما اعتصمت مطالبة بالحرية. وعدها الأب بالديمقراطية. عندما أوقفت الإضراب جرى اعتقال المحتجين. بقي بعضهم في السجون أكثر من عشر سنين. وأُوكل إلى ضباط المخابرات اختيار القادة النقابيين، وانتقاء المرشحين الحزبيين والمستقلين في الانتخابات النيابية.

 عندما أيقن الإبراهيمي أن شعارات الحوار. والمصالحة. وعفا الله عما سلف، باتت سوريالية مستحيلة، بعدما سجلت الثورة المسلحة انتصاراتها الرائعة، عاد ليطرح شعار «التغيير الحقيقي»، من خلال حكومة توافقية توقف القتال، وتجري انتخابات في عام 2014. وتجلب قوات «الاحتلال» الدولية.

 التغيير ليس شعارا. التغيير يعني أولا إنهاء حكم الدولة البوليسية/ القمعية. وفصل النظام عن الدولة. التغيير يعني فك قبضة السلطة الحزبية على الإدارة الحكومية والمحلية. التغيير يعني تحييد الجيش الطائفي. وإعادة بناء جيش وطني، ولاؤه للمجتمع. وللدولة. وللانتماء القومي. جيش محيد سياسيا، كما في أية دولة ديمقراطية. لا علاقة له بالأحزاب. والطوائف. والزعامات.

 التغيير يعني شفافية التسيير الحكومي والإداري، تحت رقابة البرلمان. والصحافة الحرة. والالتزام بالدستور. والقانون. التغيير يعني دولة سورية مسالمة لأشقائها وجيرانها ضمنا وعلنا. لا للمغامرات الخارجية لا للتحالفات الإقليمية. لا للاتفاقات والمعاهدات من دون عرضها للنقاش والتصديق في البرلمان.

 لا لممارسة الإرهاب تحت شعار المقاومة والممانعة. لا لفرق الاغتيال. لا لمراكز التدريب على الإرهاب. والإجرام. لا للإعلام الكاذب. لا للمغالطة. والتغطية. والكذب. والافتراء، تصدر على لسان وزراء. ومسؤولين. وناطقين رسميين.

 هل يضمن الوسيط الدولي الإبراهيمي هذا التفسير الصريح للتغيير؟ من الضحك على الذات والغير، منح نظام القتل والقهر سنتين إضافيتين لإجراء انتخابات رئاسية، بموجب دستور الابن الذي خاطَهُ له المحامي مظهر العنبري «ترزي» الدساتير الشكلية منذ عهد الأب.

 وهكذا، فالحوار. والمصالحة. والتغيير، يجب أن لا تكون شعارات تمر تحتها اتفاقات وقف القتال. ونشر قوات «حفظ السلام» دولية، تجمد الحل. وتطيل عمر النظام. وتمنع الثورة من استكمال نصرها النهائي. وتحط من قدر الاستقلال والسيادة.

 أترك الإبراهيمي لضميره. وأمته، لأعود إلى موضوع العسكرة الطائفية. فأقول إن الطائفة العلوية وحدها التي تمت عسكرتها. واستفادت من عوامل عدة في بناء نظامها ودولتها. وأولها وجودها الواسع، أصلا، مع أقليات أخرى في «جيش المشرق» الذي تسلمته سوريا ولبنان من فرنسا، كنواة للجيش الوطني.

 ثم استفاد العلويون من الصراع السياسي بين اليمين واليسار، في الأربعينات والخمسينات. فأقبلوا على الانخراط في الجيش، فيما اكتفى أبناء الغالبية السنية بأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، مفضلين الانخراط في العمل الحر.

 ولعب أكرم الحوراني المحرك السياسي لتلك المرحلة، دورا كبيرا في تسهيل تطويع العلويين في الجيش، ربما نكاية بالأسر الإقطاعية في مدينته (حماه). وعندما اكتشف خطأه التاريخي، وحاول التوازن الطائفي في الجيش، كان الوقت قد فات.

 سبق العلويون الحوراني. فقلبوا نظام اليمين الديمقراطي الهش الذي أقامته كتلة ضباط دمشق، بعد إسقاطها دولة الوحدة المصرية/ السورية. ثم كان انقلاب 1963، إيذانا بانطلاق الحكم العلوي في سوريا.

 أدار الأب، بحنكة الحيلة والذكاء، الحلف بين نظامه والنظام الديني الشيعي في إيران، من دون إزعاج كبير لدول الخليج العربي المتخوفة من انفلاش النفوذ الإيراني، باتجاه الخليج. والعراق. وسوريا. ولبنان. في الوقت ذاته، احتل الأسد لبنان (1976)، فوق غطاء أخضر أميركي/ إسرائيلي. بل غدا شرطي لبنان في الثمانينات والتسعينات برضا أميركي.

 مات الأب في عام 2000. ورثه الابن. فلم يكن على صبر الأب وحنكته في حبك وفك التحالفات. أغلق بشار منتديات الحرية. وساق روادها إلى المعتقلات. ووثق حلفه مع إيران، ودعمه لحزبها الطائفي في لبنان، من دون أن يتذكر حرص أبيه على علاقته العربية مع مصر والسعودية.

 عندما اتهم حزب الله ونظام دمشق باغتيال رفيق الحريري (2005)، قال الأسد الابن إن أخلاقه لا تسمح له بارتكاب جريمة قتل. انفجار الثورة السورية أثبت أن نظام بشار تسمح له «أخلاقه» بارتكاب ستين ألف جريمة قتل. ولما تنتهِ المجزرة بعد.

 تحدثت بالمنطق الطائفي. ليعرف القارئ العربي بدقة، من هو المسؤول عما جرى ويجري في سوريا. وأخلص إلى القول إن عسكرة الطائفة العلوية حالت دون دمجها في الحياة المدنية السورية. وظلت مستعصية على بوتقة الصهر الاجتماعية في المدن السورية.

 لست طائفيا. ما زلت مؤمنا بأن تمسك السوريين بالانتماء القومي العربي، على أساس الالتزام بالحرية والديمقراطية، هو الخلاص للعلويين. وخلاص أيضا لفصائل المقاومة المسلحة التي تتناوشها التيارات الدينية المتزمتة. مع تذكير التنظيمات السياسية في الداخل والخارج بأن التصريح بالالتزام بالهوية القومية الثقافية. والديمقراطية. والحرية، هو السبيل الوحيد لاستعادة الدور السوري المفقود.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

مصريون يريدون تحرير الأندلس الإسلامية من المغتصبين الأسبان؟


Egyptians Protest the Fall of Islamic Andalusia and Vow to Liberate It

Posted in English, كاريكاتور, يوتيوب | 3 Comments

ابوي مايكدر الا على امي

 محمد الرديني 

مجلس محافظة البصرة يفهم الديمقراطية من “مؤخرتها” فبعد فضيحة سيول الامطار الاخيرة رد هذا المجلس بقرارين عرمرميين، الاول غلق محال المشروبات الكحولية ، والثاني الزام جميع العاملين في المحافظة وتوابعها باطلاق لحاهم.

لايدري المرء هل يضحك ام يبكي على هذا النمط من التفكير والتعامل مع خارج الاشياء.

ترى هل ذهب احدهم الى قضاء القرنة ليرى اين يسكن الناس، وهل لديهم مياه صالحة للشرب؟.

هل تجرأ احدهم وذهب الى قضاء”المدينة” ليرى العجب العجاب هناك؟.

هل يعرفون ماهو واقع الخدمات في ناحية السيبة والزبير وابو الخصيب؟.

البصرة ومنذ نصف قرن وهي تعاني من ازمة صرف صحي ومياه الشرب التي يسموها اهلها”بالمج” لارتفاع نسبة الملوحة فيها؟.

وبدلا من ان يخففوا قليلا من معاناة الناس اشتغلوا بحماس لامثيل له في بناء ملعب رياضي لأستضافة دورة الخليج ثم جاءهم “الخازوق” حين رفضت دول الخليج المشاركة وبلعوا الموس ومعه كذا مليون دولار كانت جاهزة للصرف فتم توزيعها فيما بينهم والله اعلم.

عن أي عاصمة اقتصادية يتحدثون والبنى التحتية مخرّبة؟.

تعشم اولاد الملحة خيرا بمجىء المحافظ الدكتور خلف عبد الصمد ولكن يبدو ان اليد الواحدة لاتصفق، سيرمي البعض كل العجز على الارهاب والارهابيين.. الا لعنة الله على خيال المآتة.

يسأل اولاد الملحة أنه اذا كان الارهاب هو السبب فهناك مناطق مستتبة امنيا ومنها الفاو ،الكزيزة ،التنومة،ابو الخصيب، والسيبة فلماذا لاتبدأ فيها تقديم الخدمات الاساسية؟

يقولون ان العمل “بالتداريج” ، اليس هذا ماقلتوه ايها الاعضاء قبل فترة؟.

يبدو ان للحديث بقية بعد ان نقرأ رد الاعضاء ونرى ماذا سيفعلون.

ولكل حادث حديث.    تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

نجاح صفقة المصالحة بين الاخوان والحزب الوطنى المنحل برعاية أبو العينين

الكاتب: asad56 : عن موقع العربي نيوز

 نجحت جهود رجل الأعمال محمد أبو العينين عضو مجلس الشعب السابق و أحد المتهمين فى الحزب الوطنى المنحل فى رعاية أكبر عملية مصالحة بين جماعة الإخوان والحزب الوطنى المنحل حيث بدأت ثمار هذه المصالحة فى الظهور للعيان كبالونات اختبار للرأى العام.

 جهود المصالحة التى حاولت الجماعة من خلالها التودد لرجال الأعمال الذين نهبوا الاقتصاد المصرى حتى لا يتعرض الإقتصاد المصرى للسقوط على أيدى الإخوان، وظهر هذا جلياً من خلال رحلة الرئيس مرسى للصين التى ضمت إلى جانب عدد كبير من رجال الأعمال الإخوانيين برئاسة حسن مالك ، عدداً أخر من رجال الأعمال أعضاء الحزب الوطنى برئاسة محمد ابو العينين، وعلى طائرة الرئاسة نجح حسن مالك فى عقد إجتماع بين الرئيس مرسى ومحمد أبو العينين تم التفاهم خلاله على عدد من النقاط لإنجاح هذه الصفقة التى تمثلت فى إخراج رموز النظام المخلوع من القضايا بسهولة ، وكذلك عدم التعرض للميزات التى حصلوا عليها من نظام مبارك، وهنا طمأنه مرسى بأن فكر الإخوان الإقتصادى لا يتضمن أى قيود على رأس المال ، وهنا طلب محمد أبو العينين وعداً من مرسى بعرض لطمأنة قواعد الوطنى فى مختلف المحافظات حتى يبدأوا فى الدخول تحت عباءة النظام الجديد ويقاتلون بسيفه ، فوعده مرسى بذلك شرط أن يتم ذلك بعد استقرار الأوضاع.

 بعد العودة من الصين حصل المتهمون فى قضية الجمل على البراءة وفى مقدمتهم أبو العينين ، بعدها طلبه المستشار الإقتصادى للجماعة أبو العينين لإجتماع مهم ضمهما تم الاتفاق خلاله على عدد من التفاصيل أولها ان تبدأ الوسائل الإعلامية التابعة لأبو العينين فى التبشير للإخوان وفتح مساحات أوسع لكوادر اخوانية للظهور فى قناة ابو العينين ، والتشديد على الموقع الإلكترونى التابع لأبو العينين على عدم التعرض للإخوان بسوء، كما تم خلاله طمأنة أبو العينين على استثماراته ومساندته فى مواجهة الغضب العمالى المتزايد ضده فى شركاته.

 وقد وصلت السرعة والإيجابية فى تنفيذ الصفقة خلال الأيام الأخيرة غلى مراحل متقدمة ششهدت تعيين عدد من فلول الوطنى فى مجلس الشورى بالمخالفة لنص دستورى فى الدستور الذى تم تمريره وإنفاذه بالفعل.

 وقالت مصادر مطلعة للعربى أن إخلاء سبيل صفوت الشريف امس واليوم انس الفقى ومن قبل فتحى سرور واعوانه المتهمين فى موقعة فى موقعة الجمل. وتتواصل بنجاح صفقة دمج كوادر الحزب الوطنى فى جماعة الإخوان استعداداً للانتخابات البرلمانية وفى سبيل التغلب على النص الدستورى الخاص بعزل القيادات سيتم الدفع بعدد من أشقاء وزوجات وأبناء الفلول المعزولين على قوائم الإخوان فى الانتخابات القادمة، وربما تتسبب هذه الأزمة فى شرخ كبير بين جماعة الإخوان وحلفاءها من التيارات الإسلامية الأخرى.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الحرية والسكس

– الحرية مثل السكس، في ناس بتمارسها، وناس بتتفرج عليها عالتلفزيون

.. – الحرية مثل السكس، لأنك ما بتسترجي تطالب فيها

– الحرية مثل السكس، لانو كل الناس بتحبها، بس بتخاف منها

– الحرية مثل السكس، لأنو الزعيم والكنيسة والجامع بيخوفوك منها

– الحرية مثل السكس، لأنو إذا ما بتكمل للآخر لأجلها، ما بتجيبها

– الحرية مثل السكس، ما بتسترجي تحكي فيها بالعلن

– الحرية مثل السكس، إذا بدك تستحي منها ما بتحصل على ثمارها

– الحرية مثل السكس، لحد ما تصير فوق الـ 18 ما بتفهما

– الحرية مثل السكس، اذا ما فيك تحصل عليها، بتعمل ثورة لتجيبها بأيدك

– الحرية مثل السكس، مصرين يقنعوك إنها منتجات اميركية لازم تقاطعها

– الحرية مثل السكس، أهلك والحكومة شوهوا سمعتها

– الحرية مثل السكس، لأنو بلاها بتصيبك عقد نفسية

– الحرية مثل السكس، عنجد، فكر فيها …

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

ثلاثة أمنيات على بوابة السنة الجديدة

مظفر النواب

مرة أخرى على شباكنا تبكي

ولا شيء سوى الريح

وحبات من الثلج.. على القلب

وحزن مثل أسواق العراق

مرة أخرى أمد القلب

بالقرب من النهر زقاق

مرة أخرى أحنى نصف أقدام الكوابيس.. بقلبي

وأضيء الشمع وحدي

وأوافيهم على بعد

وما عدنا رفاق

لم يعد يذكرني منذ اختلفنا احد غير الطريق

صار يكفي

فرح الأجراس يأتي من بعيد.. وصهيل الفتيات الشقر

يستنهض عزم الزمن المتعب

والريح من القمة تغتاب شموع

رقعة الشباك كم تشبه جوعي

و (أثينا) كلها في الشارع الشتوي

ترسي شعرها للنعش الفضي.. والأشرطة الزرقاء..

واللذة

هل أخرج للشارع؟

من يعرفني؟

من تشتريني بقليل من زوايا عينيها؟

تعرف تنويني.. وشداتي.. وضمي.. وجموعي..

أي إلهي ان لي أمنية

ان يسقط القمع بداء القلب

والمنفى يعودون الى أوطانهم ثم رجوعي

لم يعد يذكرني منذ اختلفنا غير قلبي.. والطريق

صار يكفي

كل شيء طعمه.. طعم الفراق

حينما لم يبق وجه الحزب وجه الناس

قد تم الطلاق

حينما ترتفع القامات لحناً أممياً

ثم لا يأتي العراق

كان قلبي يضطرب.. كنت أبكي

كنت أستفهم عن لون عريف الحفل

عمن وجه الدعوة

عمن وضع اللحن

ومن قاد

ومن أنشد

أستفهم حتى عن مذاق الحاضرين

يا إلهي ان لي أمنية ثالثة

ان يرجع اللحن عراقياً

وان كان حزين

ولقد شط المذاق

لم يعد يذكرني منذ اختلفنا أحد في الحفل

غير الإحتراق

كان حفلاً أممياً إنما قد دعي النفط

ولم يدع العراق

يا إلهي رغبة أخرى إذا وافقت

ان تغفر لي بعدي أمي

والشجيرات التي لم أسقها منذ سنين

وثيابي فلقد غيرتها أمس.. بثوب دون أزرار حزين

صارت الأزرار تخفى.. ولذا حذرت منها العاشقين

لا يقاس الحزن بالأزرار.. بل بالكشف

في حساب الخائفين

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

“ورطة” فقهية!

بدرية البشر

لا أظن أن السعودي سيواجه مشكلة في مقابل فتوى تحريم تهنئة المسلم غير المسلمين، التي تحرص صحفنا السعودية ومواقع الشبكات العنكبوتية على تنشيطها وتعميمها نهاية العام الميلادي، السعوديون لن يجدوا فيها أي غضاضة وضرر لأنهم غالبية كبيرة تعيش مع أقلية غير مسلمة، بل ومعظمهم يمثلون طبقة من العمال وأصحاب المهن البسيطة التي لا حول لها ولا قوة، وعليها أن تمارس أفراحها وعباداتها بعيداً عن أعين المحيط. لكن الذين سيجدون أنفسهم في ورطة فقهية بالفعل، هم الأقليات المسلمة التي تعيش وسط غالبية مسيحية، وأولهم الطلاب والطالبات المبتعثون والمبتعثات، الذين هدف مشروع الابتعاث إلى تعليمهم القدرة على التعايش واحترام ثقافات الآخرين. سيكون مربكاً أن يجد المبتعثون السعوديون أنفسهم وقد صارت بينهم وبين هؤلاء الناس فتوى تقول «لا يجوز أن تهنئهم ولا تأكل من حلواهم»، بعض المبتعثين يروي أن بعض الأمهات إذا رأينهم في «السوبرماركت» حائرين في شراء بعض منتجات التنظيف وقفن بجانبهم يساعدنهم ويرشدنهم، فهن يدركن أنهم طلاب جدد، للتو خرجوا من بيت عائلة إلى فضاء هذه الاستقلالية، كما أخبرني مبتعث أن صاحب العائلة الأميركية التي عاش بينهم أول فترة دراسته، أخذه في جولة بالسيارة ليدله على مرافق الحي، وأولها المركز الإسلامي، قائلاً: «لا بد أنك مسلم وحريص على صلاتك».

هذا الطالب كيف سيفهم فتوى تقول إنه يجب «ألا تهنئ هؤلاء ولا تأكل حلواهم»؟ ماذا لو أنهم سألوه عن السبب الذي منعه من أكل حلواهم؟ هل يقول لهم إن ديني يمنعني، أم يكذب؟ لكن هذه ليست ذروة الحبكة التي سيتصاعد فيها الحدث، بل ستكون في ما رواه سعودي تزوج والده من أميركية في مطلع حياته فأنجبته، ثم انفصلا، ويقول إنها كلما زارته بعد أن صار أباً ولديه أبناء، فإن مشهداً درامياً يحدث حين تعود طفلته من المدرسة، فهي تبكي وتقبّل يدَي جدتها قائلة: «يا جدتي ستذهبين إلى النار ولن نراك معنا في الجنة».

 في نهاية العام الميلادي يحتفل العالم بمناسبتين يحرص الطابع التجاري الذي يستغلهما على تأجيج أفراحهما ومظاهرهما، مما لا يجد معه الإنسان بداً من أن يجد نفسه وسطهما حتى ولو من دون معتقدات المحتفلين، كما تحرص العولمة على جعلهما فرحاً عالمياً، فتنشر أشجار الزينة والهدايا والبطاقات، والألعاب النارية تدوي في سماء كل عام جديد. واحدة من هاتين المناسبتين لها طابع ديني وهي عيد الميلاد، لكن الثانية رأس السنة ليست لها علاقة إلا بطابع العودة، أي أنها سنة تعود كل عام، ويصنع الناس فرحاً في استقبال الجديدة ووداع القديمة، لكن الفتاوى لا تفرق بينهما، فكلهما في سلة واحدة.

 صحيح ليس كل الشيوخ يتشددون حيال منع التهاني واحترام أفراح الثقافات الأخرى، لكن الأسماء المتشددة هي التي تشتهر وتبرز حتى أصبح التشدد مطلباً للناس، فلم يعد يطمئنهم إلا من يفتي بفتاوى متشددة، أما من يعتدل ويتوسط فالناس يشكّون في صحة علمه وتقواه. أصبح التشدد حيال ظواهر الحياة المدنية التي لا تشمل العبادات سمة للصالحين، حتى أصبحت معاداة «عيد الشجرة» فعلاً جهادياً، وعيد الشجرة ليس عيداً دينياً، بل يوم حددته المنظمة العالمية للاحتفاء بالشجرة وبالبيئة، وسمّي عيداً لأنه يوم يعود كل عام. ومن طرائف انتقال التشدد من الشيوخ إلى الناس أن روى أحدهم أنه كان طالباً متشدداً وهو صغير، لدرجة أنه وقف في وجه إمام المسجد الذي خطب فيهم عن يوم الشجرة العالمي كي يحث على الاهتمام بالشجرة، وأخذ يعنفه بغضب لأنه تحدث عن عيد الشجرة، بل ظنّ أن تعنيفه لإمام المسجد يعادل كلمة حق في وجه حاكم جائر.

 لماذا يميل الناس إلى التشدد؟ هل هي رغبة حقيقية في البحث عن الكمال والتقوى، أم أنها طبائع نفسية وجدت في الثقافة ما يسندها ويزيد وقودها حطباً؟

 نقلاً عن صحيفة “الحياة”

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

يا نفسُ مالك والانين

 يا نفسُ مالك والانين …  تتألَّمين وتُؤلمين

عذَّبتِ قلبي بالحَنين …   وكَتَمتِهِ ما تقصُدين

قد نامَ أربابُ الغرام  …  وتَدَثَّروا لُحفَ السَّلام

وأبيتِ يا نفسُ المَنام …   أفأنتِ وحدَكِ تشعُرين

الليلُ مرَّ على سواك  …  أفما دهاهم ما دَهاك

فلم التمرُّدُ والعِراك  …  ما سُورُ جسمي بالمَتين

أطلقتِ نَوحَك للظلام  …  إيَّاكِ يَسمَعكِ الأنام

فيَظُنَّ زَفرَتك النِّيام  …  بوقَ النُشورِ ليوم دِين

يا نفس ما لك في اضطِراب …   كفريسةٍ بين الذئاب

هلا رجَعتِ إلىالصواب  …  وبدلتِ رَيبَكِ باليقين

أحمامةٌ بين الرياح  …  قد ساقها القدرُ المُتاح

فابتلَّ بالمطر الجَناح …   يا نفسُ ما لكِ ترجُفين

أوَما لحُزنِكِ من بَراح  …  حتى ولو أزِفَ الصَّباح

يا ليت سرِّك لي مُباح  …  فأعي صَدى ما قد تَعِين

أسَبَتكِ أرواحُ القَتام  …  فأرَتكِ ما خلفَ اللِّثام

فطمِعتِ في ما لا يرام …   يا نفسُ كم ذا تَطمَحين

أصعِدتِ في رَكبِ النُّزوع …   حتى وصلتِ إلى الرُّبوع

فأتاكِ أمرٌ بالرُّجوع  …  أعلى هُبوطكِ تأسَفين

أم شاقَك الذِّكرُ القديم  …  ذكرُ الحِمى قبلَ السَديم

فوقَفتِ في سِجن الأدِيم …   نحو الحِمى تتلفَّتين

أَأَضعتِ فِكراً في الفَضاء …   فتبعته فوقَ الهَواء

فنأى وغلغلَ في العَلاء …   فرَجَعتِ ثَكلى تَندُبين

أسلكتِ في قُطر الخَيال …   دَرباً يقودُ إلى المُحال

فحطَطتِ رَحلكِ عند  …  آل يَمتصُّ رِيَّ الصادرين

فنسيتِ قصدك والطِّلاب …   ووقَفتِ يذهِلُك السَّراب

وهرَقتِ فضلاتِ الوِطاب …   طمعاً بماءٍ تأمُلِين

حتى إذا اشتدَّ الأوام  …  والآلُ أسفر عن رُكام

غيَّبتِ رأسك كالنَّعام …   في رمل قلبي تَحفرين

أعشِقتِ مثلَكِ في السماء …   اختاً تَحِنُّ الى اللقاء

فجلَستِ في سجنِ الرَّجاء …   نحوَ الأعالي تَنظُرِين

لوحتِ باليد والرِّداء …   لتَراكِ لكن لا رَجاء

لم تدرِ أنك في كِساء …   قد حِيك من ماءٍ وطِين

أَتحولُ دونكما حَياه  …  لو كان يبلوها الإله

لبكى على بشَرٍ بَراه …   رَحماً يُصارعُها الجنِين

يا نفسُ أنت لك الخُلود …   ومَصِيرُ جسمي للحود

سَيَعيثُ عينَك فيه دود …   فدعى له ما تَنخرِين

يا نفس هل لك في الفِصال …   فالجسمُ أعياه الوِصال

حمَّلتِه ثقلَ الجِبال  …  ورَذَلتِه لا تَحفِلِين

عطشٌ وجوعٌ واشتياق …   اسفٌ وحزنٌ واحتراق

يا ويحَ عيشي هل تُطاق …   نَزَعاتُ نَفسٍ لا تِلِين

والقلبُ وا أسفي عليه …   كالطِفلِ يَبسط لي يَدَيه

هلا مدَدتِ يداً اليه  …  كالأمَّهاتِ إلى البنين

غذَّيته مُرَّ الفِطام  …  وحرمته ذَوقَ الغَرام

وصنعتِ شيخاً من غُلام …   يَحبو على بابِ السِّنِين

فَغَدا كَحَفَّار القُبور يَئِدُ  …  العَواطفَ في الصُّدور

ويَبيتُ يَهتِفُ بالثُّبور  …  يَشكو اليك وَتشمتِين

أعمى تُطاعِنه الشُّجون  …  وجراحهُ صارت عُيون

وبها يرى سُبلَ المَنُون  …  فيسير سَيرَ الظافرين

حتى اذا اقتربَ المُراد …   تُطلى رُؤاه بالسَّواد

ويعود مكفوفاً يُقاد  …  برَنين عُكَّازِ الحَنين

يتلمَّسُ النورَ البعيد  …  بأناملِ الفِكر الشريد

ويسيلُ من فَمِه النَشيد …   سَيلَ الدِماء من الطَعِين

أرأيتَ بيتَ العَنكَبوت …   وذُبابةً فيه تَموت

رقَصت على نغَمِ السُكوت …   ألَماً فلم يُغنِ الطَنِين

فكذاك في شرَكِ الرَجاء …   قلبي يلذُّ له الغِناء

ما ذاكَ شَدواً بل رثاء يبكي …   به الأمَلُ الدَفين

يا نفسُ إن حُمَّ القَضا  …  ورَجَعتِ أنت إلى السما

وعلى قميصك من دِما قلبي …   فماذا تصنعين

ضحَّيتِ قلبي للوُصول  …  وهرَعت تبغين المثُول

فاذا دُعيتِ الى الدُخول …   فبأيِّ عينٍ تَدخُلين

‎نسيب عريضة (مفكر حر)؟‎

Posted in الأدب والفن | Leave a comment