فشل التخطيط يزيد الأزمات سوءا في أوكرانيا وسوريا

مايكل سينغturturmartyrs
بينما تحاول أميركا تحديد كيفية الرد على تدخل روسيا في شبه جزيرة القرم الأوكرانية – وهو ما قد يكون المعضلة الأكثر إلحاحا على صعيد السياسة الخارجية لإدارة الرئيس باراك أوباما – يبرز سؤال مهم يتعلق بالإجراءات التي تتخذها أميركا في ما يتعلق بتلك الأزمة، ألا وهو: لماذا لم نتوقع حدوث مثل هذه الأزمة؟

خلال فترة عملي في مجلس الأمن القومي كانت الاجتماعات الأقل جذبا لاهتمامي هي تلك المتعلقة بمناقشة خطط الطوارئ المستقبلية. ومع صخب الأحداث وتطورها باستمرار في هذا العالم بشكل يتطلب ردودا فورية في مواجهة المستجدات التي لا تهدأ، يبدو أنه ينبغي علينا أن نكون مستعدين للانخراط في مناقشات افتراضية حول كيفية الاستجابة للأحداث التي لم تحدث حتى الآن، والتي ربما لن تحدث أبدا.

لكن التخطيط لحالات الطوارئ المستقبلية يعتبر واحدة من أهم الخطوات الحاسمة في عملية صنع السياسات، إذ إن هذا النوع من التخطيط يفرض على المرء التفكير، ليس فقط في كيفية الرد على الأحداث اليومية، بل أيضا في كيفية استقراء عدد من الخطوات الواجب اتخاذها في المستقبل، وكذلك النظر في الآثار المترتبة التي من المحتمل أن تؤثر على مصالح الولايات المتحدة، عندما تتكشف تلك الأحداث في المستقبل. ومن خلال اتباع هذا النوع من التخطيط، يطور صانعو السياسات فهما أفضل لما هو مرجح أن يحدث في المستقبل، وما هي الخطوات التي ينبغي أن تُتخذ الآن لتجنب حدوث الأزمات في المستقبل، أو على الأقل كيف يمكن الاستعداد لمواجهة تلك الأزمات عندما تندلع. كما يفرض التخطيط لحالات الطوارئ المستقبلية على صانعي السياسات تحديد أولوياتهم: فلدى كبار المسؤولين الكثير من الوقت والطاقة اللذين لا ينبغي إنفاقهما في مناقشة المسائل الهامشية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة.

وقد شهدت السياسة الخارجية في الآونة الأخيرة بعض الإخفاقات الحادة، والتي نتجت عن الفشل في التخطيط لحالات الطوارئ المستقبلية. غير أنه كان من السهل توقع الكثير من الأزمات، التي نصارعها في الوقت الحالي.

في فنزويلا، لم يكن من المرجح أبدا أن يمضي تسليم راية السياسة الشافيزية من هوغو شافيز لخليفته، الذي اختاره بنفسه، نيكولاس مادورو، بطريقة جيدة. فقد استمرت سياسات شافيز غريبة الأطوار في العمل بفضل من الكاريزما والدهاء السياسي، اللذين كان يتمتع بهما الرئيس الراحل، بالإضافة إلى ولائه للقوات المسلحة. لكن مادورو، على الجانب الآخر، لا يتمتع بأي من هذه المزايا. وعندما بدأت فنزويلا تتعثر اقتصاديا واشتعل الغضب الشعبي بسبب سوء حكم مادورو، لجأ الرجل إلى الأداة الرئيسة المتاحة أمامه: إنها القوة الوحشية المفرطة. وكان لا مفر من حدوث هذا السيناريو، لكنه كان بالتأكيد يمكن التنبؤ به. غير أن واشنطن بدت مرتبكة وهي تتلمس الرد المناسب على ما يحدث في فنزويلا.

وفي سوريا، ظل المحللون المهتمون بشؤون الشرق الأوسط يدقون نواقيس الخطر منذ عام 2011 ويحذرون من عواقب التراخي الأميركي – ارتفاع الفاتورة الإنسانية للحرب وتصاعد التطرف – في القيام بتحرك حاسم. ووضعت أميركا نفسها في مأزق عندما أصرت على رحيل بشار الأسد، في حين رفضت بشكل متعنت تبني سياسة تساعد في تسريع رحيله، وتركت سوريا تحترق. ومما زاد هذا النقص في البصيرة سوءا أن أوباما حذر الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية، لكن أميركا لم تعد الرد المناسب عندما تحدى الأسد هذا التحذير واستخدم الكيماوي.

أما في أوكرانيا فقد خسرنا لحظة إعداد الخطة المستقبلية، عندما لاحت الفرصة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عندما تراجع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقتها عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ذلك الانقلاب السياسي الذي من المحتمل أن يكون مرجعه إلى مزيج الضغوط والحوافز الروسية. ولم يكن لدى أميركا والاتحاد الأوروبي أي رد على هذه المناورة الروسية، فقد رغبا في تجنب الدخول في «حرب مزايدة» مع موسكو أو الانخراط في ألاعيب جيوسياسية مع فلاديمير بوتين. وإذا تأخر الرد لشهرين آخرين فسيكون الثمن الذي سندفعه لتأمين أوكرانيا – وكذلك المصالح الجيوسياسية – غاليا جدا.

في كل حالة من الحالات المذكورة آنفا، كان ينبغي أن يتوافر تخطيط للطوارئ المستقبلية أكثر جرأة، ليس بمعنى التصرف بتهور أو باستخدام القوة – ذلك البديل الواهي الذي يطرحه في كثير من الأحيان المسؤولون الأميركيون للدفاع عن سلبية أو تقاعس الولايات المتحدة – ولكن بمعنى اتخاذ خطوات استباقية مبكرة لتفادي الأزمات. وفي كل حالة، بدت الخطة المستقبلية موضوعة بحرص لتقليل المخاطر والتكاليف على المدى القصير – ولكن على حساب تكاليف أكبر ربما تظهر إذا لم يجر التحرك على المدى الطويل. لقد وقفنا مكتوفي الأيدي، في الوقت الذي كانت فيه الأزمات تزداد عمقا، ويزداد صعوبة حل المشاكل المتفاقمة، وأدى ذلك بالتبعية إلى ضعف هيبتنا شيئا فشيئا.

الآن وبعد أن حذرت أميركا موسكو من أن التدخل سيؤدي إلى زيادة التكاليف، لكن روسيا تجاهلت تلك التحذيرات، فيجب على أميركا وحلفائها التحرك بسرعة للاستفادة من التحذير الذي أطلقه الرئيس أوباما. لكن العملية السياسية لا يمكن أن تتوقف عند هذا الحد. فلم يفت الأوان بعد للتخطيط لحالات الطوارئ المستقبلية، التي يمكن التنبؤ بها. وبالإضافة إلى معاقبة روسيا لانتهاكها السيادة الأوكرانية، سواء من خلال العقوبات أو الخطوات ذات الصلة، فيجب علينا النظر في كيفية وقف تقدم القوات الروسية، والرد على أي تحرك مضاد محتمل من قبل الروس، مثل التهديدات بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا.

ولأن هدفنا الأكبر ليس مجرد معاقبة روسيا على سوء أفعالها، بل مساعدة أوكرانيا على الوقوف على قدميها، فيجب أن تركز سياستنا أيضا على كيفية يد المساعدة للاقتصاد الأوكراني المتعثر وتشجيع تشكيل حكومة شاملة تضم جميع أطياف الشعب الأوكراني. إننا نحتاج لتحقيق تقدم على هذه الجبهات، وليس فقط انسحاب القوات الروسية من شبه جزيرة القرم، حتى تنعم أوكرانيا بالاستقرار والازدهار.

إن توغل روسيا في أوكرانيا يذكر بشيء تعلمناه من واضعي السياسات، لكننا نسيناه عدة مرات: علم الجغرافيا السياسية لم يمت بعد. كما ينبغي أن ننتهز ذلك التوغل الروسي في أوكرانيا لنفيق من غيبوبة السياسة الخارجية التي نعيشها حاليا، وليؤكد ذلك على أهمية التخطيط للطوارئ المستقبلية في صنع السياسات. في عالم مليء بالأزمات والصراعات ينبغي علينا أن تكون مستعدين على الأقل – لكن بشكل أفضل من ذلك – لمنع تطور الأزمات، التي يمكن التنبؤ بحدوثها.

* عمل في منصب المدير الإداري لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في الفترة من 2005 إلى 2008 ومختصا بشؤون الشرق الأوسط في فترة عمله في مجلس الأمن القومي الأميركي

* خدمة «واشنطن بوست»
نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

هل تحتاج أميركا إلى جيش ضخم؟

أندرو باسيفيتشobabr

الجيوش مثل الصحف عرضة لمفارقات القرن الحادي والعشرين، فعليها التكيف لتبقى. بالنسبة للصحف كان لا بد لها أن تتكيف مع متطلبات الإنترنت، أما بالنسبة لجيش الولايات المتحدة فعليه التكيف مع البيئة الأمنية المتغيرة. والانغماس في حنين الماضي المقدس ترف لا الصحف ولا الجيوش بوسعها التمتع به. لذلك فإن لي الذراع الذي بدأ بخطة وزير الدفاع تشاك هيغل لتقليص حجم الجيش الأميركي، ورغم أنه متوقع لكنه ليس في صميم الموضوع. نعم ستترك تلك التخفيضات الولايات المتحدة بأقل عدد من الجنود على رأس العمل منذ عشية الحرب العالمية الثانية. لكن ليس هذا عام 1940، وإضافة إلى ذلك فكوسيلة إكراهية، فإن ذلك الجيش الأصغر حجما سيكون قاتلا أكثر من ذلك الجيش الأكبر بكثير، الذي ساعد في هزيمة ألمانيا النازية واليابان الإمبراطورية. فلو كان أتيح الخيار للجنرال جورج باتن بين بضع مئات من دبابات أبرامز الحالية، أو بضعة آلاف من دبابات شيرمان العتيقة لما تردد في اختيار الأولى.

والسؤال الأكثر تناسبا هو: هل نحتاج حتى لبضع مئات من الدبابات؟ ولماذا؟ جاء في تقريري الكونغرس لعام 2012 أن قيادة الجيش العليا وصفت الخدمة العسكرية بأنها «قوة الأمة للعمل الحاسم». وفي نسخة 2013 فهم «ضمنوا خفة الحركة والمقدرة على التكيف والعمق اللازم للمنع والتشكيل والانتصار»، وذلك يؤهل بالتأكيد كتهديد – ما يقابل وعد صحيفة لمعلنيها بأنها ستضاعف أربع مرات من توزيع طبعتها.

أعطى انهماك واشنطن بالموازنات قادة الجيش والمؤسسة الأمنية القويمة بأكملها، عذرا للمراوغة من الأسئلة الأساسية. والسؤال الأكثر إلحاحا: ما الذي على الأمة أن تتوقعه من قواتها المسلحة؟ بعد الحرب الباردة وخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. توسعت التوقعات بما يمكن للقوات الأميركية أن تفعله توسعا كبيرا. ويمثل الدفاع في حد ذاته فكرة لاحقة تحجبها القناعة بأن القوة البارزة تحمل المفتاح لتحويل العالم من وضعه الحالي إلى ما تريد واشنطن أن يكون عليه: منظم وقابل للتنبؤ ويحترم القيم الأميركية ومراع لامتيازات الولايات المتحدة.

وأخضعت «الحرب العالمية على الإرهاب» ذلك الافتراض للاختبار مع نتائج مخيبة للآمال. إذ أدى نشر القوات على الأرض إلى الكوارث والتعقيدات، ولكن القليل عن طريق السلام والانسجام. لم يفعل ذلك شيئا لتعزيز موقف الولايات المتحدة وسمعتها. وكوسيلة لتفعيل التغير السياسي الإيجابي أثبت الجيش الأميركي أنه ينقصه الكثير للأسف. ليست تلك ضربة ضد جنودنا. لقد أدوا واجبهم بصورة تدعو للإعجاب على الرغم من أنه لا يمكن قول ذلك بالنسبة لمن أساءوا التخطيط لتلك الحروب التي أرسل إليها هؤلاء الجنود ليقاتلوا.

الأميركيون ليسوا ميالين اليوم للانغماس في تلك التجربة أكثر. فأوباما بتفضيله الكبير استخدام طائرات الدرون من دون طيار وعمليات القوات الخاصة، أجاز ضمنيا رؤية الشعب، حتى وإن خلا أسلوبه المرتجل للحرب من أي منطق استراتيجي جاد.

يؤكد الدرس العسكري الرئيس من حرب العالم على الإرهاب، ما كان يجب أن يكون عليه الدرس العسكري الرئيس من الحرب الباردة. الجيوش مناسبة للغاية للدفاع والاحتواء، لكن غزو البلدان واحتلالها محفوف بالمخاطر.

إنه مبدأ بوش، فقط جرى قلبه: بدلا من الانخراط في حرب وقائية، استخدم القوات بعد استنفاد كل البدائل الأخرى. وطالما كانت الطريقة مناسبة، حتى وإن استمرت على مدى عقود، فإن الاحتمالات المستقبلية للجيش الأميركي ستكون في صورة القنابل والصواريخ التي تنهال من القوات الجوية والأسطول.

أي دور إذن سيبقى للجيش الأميركي؟ الدور الشريف والضروري في الدفاع عن هذا البلد. بالنسبة لتلك المهمة باستثناء بروز تهديد مكسيكي أو كندي كبير، فإن جيشا أقل بكثير سيؤدي الغرض بصورة جيدة.

* أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن

* خدمة «واشنطن بوست»
نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

علاج الإيدز: ثلاثية الجهل والبجاحة وقلة القيمة

باسم يوسف : الشروق المصرية

شوفوا! أنا حدخل فى الموضوع على طول. فلا نحن فى حاجة لتلخيص ما حدث فى الأسبوع الماضى ولا نحتاج لأى مقدمات. ده غير ان فيه كلمتين حافظهم من أيام الطب عايز أكتبهم بسرعة!!

الجهل

خطورة أن تخرج على الملأ وتدعى أنك وصلت لاكتشاف ما، أن العامة لا يناقشونك فى التفاصيل. ولا اقصد بالعامة هنا الجهلاء أو انصاف المتعلمين، لكن أقصد ايضا المذيعين والاعلاميين الذين يستمعون اليك بانبهار ولا يدركون مقدار ما يحمله كلامك من جهل.

لذلك فقبل ان اتكلم عن هذه القضية العلمية سأضطر إلى أن أكتب بعض المعلومات الطبية فى اول النقاش كفيلة بأن تنسف مصداقية الكلام الفارغ الذى كنا نسمعه على مدى هذا الاسبوع.

فمعلش، استحملونى الكام سطر اللى جايين.

يخرج علينا اللواء عبدالعاطى ويقول لنا ان فيروس الكبد الوبائى (سى) اقوى من فيروس نقص المناعة المكتسبة (الايدز) لأن فيروس (سي) يحتوى على شريطين (أو سبحتين) من الحامض النووى على عكس فيروس الايدز. هذه معلومة كفيلة بأن يرسب بسببها طالب فى السنة الثالثة فى كلية الطب فى علم الميكروبيولوجى. ففيروس (سى) مثل فيروس الايدز

(single stranded)

يعنى حمضه النووى «سبحة واحدة» ولكن الفارق ان فيروس الإيدز لديه نسختان من الحمض النووى داخل الفيروس.

ربما تتساءل عزيزى القارئ: يا سلام، جت على دى يعنى؟

أقولك: آه والنعمة، لأن ذلك أشبه بجراح يعلن عن ابتكار عملية جراحية جديدة ثم يخطئ فى اول مبادئ التشريح الذى يعرفه طالب السنة الاولى فى الطب.

طبعا ده غير أخطاء أخرى بالجملة لا يتسع المجال ولا «الخلق» لذكرها.

فمن الاول كده هذا اللواء لا يعرف أبسط الاشياء عن تركيبة الفيروسات التى يدعى انه قاهرها.

ثم نأتى للجملة الشهيرة بتاعة الكفتة وهى الجملة التى وجدنا اساتذة كبارا فى مجالهم صغارا فى علمهم يروجون لها تحت ادعاء ان الجهاز الذى يدمر الفيروس سوف ينتج عنه تفتيت الحمض النووى وبعد ذلك سوف يستفيد منها جسم الانسان فى صورة احماض امينية لأنها تتحول إلى بروتين ولذلك يمنع الدكتور عبدالعاطى مرضاه من تناول البروتين الحيوانى طوال فترة العلاج.

هذه معلومة لو قالها طالب طب فى اى امتحان شفوى لتم طرده من الامتحان وربما منع أى أحد من عائلته أو اقاربه أو بلدته من الالتحاق بكلية الطب إلى الابد!!

ومن مهازل هذا الزمن ان يجد المرء نفسه مضطرا لشرح هذه الخزعبلات ولكن لا بأس.

فيروس الايدز يا سادة معروف انه يقوم باحتلال الخلاية البشرية بطريقة اشبه بحصان طروادة. فبعد ان يستقر الفيروس على سطح الخلية يقوم بحقن حمضه النووى إلى داخلها. ثم يقوم بغزو النواة ويقوم (بحشر) حمضه النووى فى الحمض النووى الآدمى. ثم يجبر الخلية الآدمية على تغيير الشفرة الجينية لها فتقوم بتصنيع المزيد من الفيروسات. فتنفجر الخلية وتقوم الفيروسات بغزو خلايا اخرى.

(طبعا هذا وصف غير دقيق ١٠٠٪ ولكن للتبسيط)

فسؤالنا للواء قاهر الفيروسات. هل جهازك يضرب الفيروس وهو فى داخل نواة الخلية فيدمر الخلايا البشرية والفيروس معا؟ ام يدمره وهو مازال على سطح الخلية ام يدمره وهو فى مجرى الدم ام يدمره وهو فى داخل الانسجة؟ وكيف تدمر هذه الاشعاعات المزعومة الفيروس بالكامل بدون الحاق الضرر بالخلايا البشرية التى تحتضن الفيروس؟ وكيف بعد معجزة تدميره يستفيد الجسم بالحمض النووى للفيروس وهو له شفرة جينية مختلفة عن الشفرة الآدمية. ولو صحت هذه النظرية الفاجرة، اذن لماذا لا يستفيد الانسان بعد شفائه من فيروس الانفلونزا من الاحماض الامينية ؟ فيبدو ان اللواء قاهر الفيروسات وجد حلا سحريا لمشكلة الغذاء فى العالم. فبدلا من ان يذهب الفقراء إلى الجزار فيمكننا ان نحقنهم بفيروسات مثل الانفلونزا مثلا وبعد ان ينحسر المرض ويتم تكسير الفيروس داخل الجسم يستفيد المريض بالاحماض الامينية فيتحول لبروتين فيستغنى عن اللحمة.

ايه الهبل ده؟ ايه النصب ده؟

مازلنا اعزائى القراء مع مسلسل الجهل. ولكن هذه المرة مع جهاز التشخيص وليس العلاج (ايوه التانى ابو ايريال)

يخرج علينا د.أحمد مؤنس وهو من افراد الفريق (المخترع) فيقول لنا ان الجهاز ابو ايريال «شاور عليه» بعد ان «حضنه» احد المرضى «فلزقت» بعض الفيروسات فى «الجاكتة». بعيدا عن التريقة، الا يعلم دكتور الكبد الشهير ان الفيروس يعيش فى دم وانسجة العيان؟ كيف وصل الفيروس إلى جلد العيان وملابسه ليعلق بجاكتة الدكتور المحترم. فإن صح ذلك فمعنى ذلك ان الفيروس ينتقل باللمس وهو ما لا اعرفه عن فيروس (سى) وربما لا يعرفه ايضا دكتور الكبد الشهير.

ثم يخرج هذا الطبيب وغيره فيقول ان جهاز العلاج يستطيع ان يعالج جميع الفيروسات (كداهو) والسرطان، والصدفية وقصور الشرايين والضعف الجنسى، والسكر وكمان مضاد للبكتريا. وان صبرت عليهم ربما يعالج ايضا العقم وتساقط الشعر ويفك idesinvenالحجاب ويصرف الجن.

هنا خرجنا من دائرة الجهل إلى دائرة اخرى: البجاحة.

البجاحة

البجاحة هى ان تكرر معلومات تنم عن جهل وتضحك بها على البسطاء. البجاحة هى ان تخرج على الناس وانت فاتح صدرك وتدعى ان جهازك يعالج كل الامراض بدون ان تقدم دليلا علميا واحدا.

البجاحة هى ان تقول ان جهاز التشخيص (ابو ايريال) تم عرضه فى المجلات العلمية ثم تعطى لنا رابطا لموقع علمى تنشر فيه ابحاث الدجل والنصب.

نعم يا سادة فموقع

(WASET)

هو موقع يستطيع اى شخص ان ينشر بحثه فيه حتى لو كان تليفون تتصل به بالكائنات الفضائية. والمجلة الاخرى التى يدعون انهم نشروها فيها وهى مجلة امراض الكبد الاوروبية، تم النشر بها كملصق (بوستر) وليس كورقة بحث مقبولة.

البجاحة ان تدلس على الناس وتقول ان جهاز التشخيص تم قبوله وهناك وثيقة تخرم عين العدو تقول بكل ثقة انه تم رفض براءة الاختراع لأن اللغة العلمية ركيكة ولأنه لا يوجد دليل علمى مقبول لقدرات الجهاز المزعومة، منها مثلا ان الجهاز يستطيع ان يرصد مريض الفيروس من على بعد اكثر من نصف كيلو. (يا اخى احيه).

رجوعا لجهاز العلاج بتاع الكفتة فبعد كورس الجهل اللطيف وجدنا ان الجهل تحول إلى بجاحة إلى فيلم من افلام جيمس بوند. فمرة يقولون ان الجهاز تم اخفاؤه عن دول العالم لمدة عشرين سنة ومرة يقولون ان الجهاز تم عرضه فى مؤتمرات علمية وهذا كذب ولم يحدث. البجاحة تستمر فيقولون انه تم عرض اتنين مليار دولار على اللواء عبدالعاطى (او عشرين مليون دولار بحسب رواية د.أحمد مؤنس) حتى يتنازل عن الجهاز.

وهو ما أراه غريبا لأن اللواء عبدالعاطى كان يقدم برنامجا للعلاج بالقرآن منذ ثمانى سنوات فقط على قناة الناس. فهل كان يعمل كعميل سرى للمخابرات فى قناة الناس بالليل ثم يذهب إلى مقر عمله بالهيئة الهندسية فى الصباح؟

لن اخوض فى موضوع ان اللواء عبدالعاطى كان يعالج بالاعشاب وان عيادته تم غلقها ثم هرب، فربما كان ذلك كله جزءا من خطة التمويه التى وضعتها له المخابرات ولكننى سأتكلم عن نوع آخر من البجاحة هو ان تواجه اى محاولة للنقاش العلمى بأعذار مثل انك عدو للجيش وتريد ان تقتل الأمل بل ويتهمونك انك جزء من مخطط دولى ومخابراتى لهدم الدولة وانك تعمل لحساب مافيا الادوية العالمية.

ده على اساس ان مافيا الادوية سوف تتهدد من كمية الجهل المطبق الذى طفح على الجميع من هذا الفريق.

والآن تجد نغمة بجحة جديدة تقول اننا يجب ألا نعرض الجهاز للتقييم العلمى لأن دول العالم ستسرقه مننا، فيجب الحفاظ عليه كسر عسكرى.

يعنى من الآخر الجهاز ما يتخيرش عن العلاج بالزار الذى يخرج الموهومون منه بأنه شفاهم ولكن محروم على الاجانب ان يعرفوا اسراره. فيمكنك ان تدعى انك شفيت المئات والآلاف وليس هناك دليل على ذلك الا شهادات من تستأجرهم ونتائج المعامل التى تسيطر انت عليها.

البجاحة هى ان تقول بعلو صوتك ان الفاصل بينى وبينك هو مرض ومريض ولتذهب الابحاث العلمية والاعتراف العالمى للجحيم لأنهم طبعا يتآمرون علينا.. البجاحة هى انه بعد هذه الفضيحة تدفع بأشخاص ليدلوا بشهادتهم فى التليفزيونات ويقولون ان الجهاز قد شفاهم فتستمر فى جريمة ايهام المرضى، فأنت هنا لا فرق بينك وبين ضحايا العلاج بالجن والسحر الذين يحلفون بكرامات «سيدنا الشيخ» بعد ان فك السحر عنهم.

هل رجعنا إلى العصور الوسطى دون ان ندرى؟

البجاحة هى ان تتاجر بآمال المرضى والملايين من حاملى المرض مش فيروس (سى) بس، لكن الايدز والسكر والصدفية والسرطان وقصور الشرايين والضعف الجنسى وأى مرض معدٍ سواء فيروسيا أو بكتيريا).

البجاحة هى انك تستمر فى عندك وتتستر بعباءة الجيش التى لطختها انت بجهلك ونظريات الكفتة.

البجاحة ان تدعى ان هذا كشف علمى لا يفهمه الاطباء لأنهم معتادون على معالجة الامراض كيميائيا ولكن هذه العلاجات الاسطورية تعتمد على نظريات فيزيائية لم يتوصل اليها العلم الحديث. وكأن كليات العالم التى تدرس الهندسة الطبية وتبدع فى علوم التكنولوجيا والاجهزة الطبية تقوم بتدريس مادة التدبير المنزلى. وكأن أجهزة التشخيص من سونار إلى رنين مغناطيسى إلى اشعة مقطعية ليست لها علاقة بالفيزياء.

البجاحة هى ان تتمسخر على جملة القرد والقرداتى ايام مرسى ثم لا يهتز لك شعرة فى فضيحة الكفتة.

البجاحة كانت عالية جدا لدرجة اننى لم أشهد انتفاضا للأطباء ولا نقابتهم ولا وزارتهم لمواجهة هذا العبث وهذا الجهل الذى يفوق جريمة العلاج بالحجامة أو بول الابل. كيف يواجه الاطباء والاساتذة طلابهم فى مدرجات الجامعة ولا يجرؤ احد منهم ان يصرخ كل يوم فى برامج التليفزيون ان هذا نصب واحتيال؟

البجاحة ان تجد كتيبة الاعلام الوطنية تطارد كل من تسول له نفسه انتقاد هذا الدجل. واذا لم يطبل الاعلامى للاكتشاف الفضيحة يحاول حفظ ماء وجهه ويقول ان العيب ليس فى الاختراع ولكن فى الاستعجال وطريقة الاعلان. لا يا سيدى فحتى لو أقمت مؤتمرا عالميا وتكلمت بشياكة فى موضوع العلاج بالسحر الاسود سيظل سحرا اسود. فالجهل لا يمكن تجميله. واذا اعطينا الفرصة لهذا النصب فمن باب اولى ان نعطى فرصة لكل من هب ودب لأن يثبت نظريته من اول شاى دكتور مينج لجلسات تحضير الارواح. فما بنى على جهل فهو جهل والاستمرار فيه بجاحة.

البجاحة هى ان تهاجم عصام حجى الذى صمم عملية هبوط مركبة المريخ وتقول ايش فهمه اصله فلكى، وتهاجم زويل وتقول ايش فهمه ده امريكانى، ثم تأخذ جانب معالج قناة الناس وطبيب الاعشاب ودكاترة كبد خانوا مهنتهم لأسباب غير معلومة.

البجاحة ان يتم تكميم الافواه بدعوى الحفاظ على الجيش حتى لو كان الثمن هو الدفاع عن دجل ونصب، فلا فارق اذن بينكم وبين الكنيسة التى عاقبت جاليليو لأنه رفض نظريتها «العلمية» بأن الارض هى مركز الكون وبدلا من مناقشته علميا تم اتهامه بالكفر والهرطقة.

وبعد البجاحة تيجى قلة القيمة.

قلة القيمة التى جعلت شعب ام الدنيا لا يختلف عن سكان الكهوف الذين يؤمنون بالخرافات وفى اى لحظة يمكن اللعب على مشاعرهم الدينية والوطنية ليحملوا المشاعل لحرق العلماء على انهم سحرة أو كفرة أو خونة.

انتم لا تختلفون عن الاخوان الذين اذا انتقدناهم اتهمونا بأننا نهاجم الدين. فالاخوان تسببوا فى تشويه صورته كما تسببتم انتم فى تشويه صورة البلد كله بهذه الفضيحة.

الجيش اكبر من الهيئة الهندسية واكبر من عبدالعاطى ومصر اكبر من الجميع. فتوقفوا عن ابتزاز الناس باتهامات مملة عن العمالة وكره الجيش.

الوعد الذى قطعتموه على انفسكم فى علاج هؤلاء المرضى المساكين تسبب فى ان الآلاف توقفوا عن اخذ العلاج. وليه التعب والمصاريف؟فالعلاج جاى جاى من الجيش.

هذا الوعد ليس مجرد وعد بالعلاج. فمئات المليارات التى ينفقها العالم على الابحاث والتشخيص والعلاج على نصف الامراض المذكورة كفيلة بأن تجعل مصر اغنى بلد فى العالم.

هذا ليس وعدا بسيارة تسير بالطاقة الشمسية أو اختراعا مرفها مثل البيتزا الذى اخترعها الجيش الامريكى لتظل طازجة لمدة ثلاث سنوات. هذا وعد بالجنة، فلا مرض ولا ألم ولا حتى شكة ابرة. ولا شىء اخر غير أنهار العسل والدولارات.

حين لا يتحقق هذا الوعد، وحين تنكشف اكاذيب هؤلاء الدجالين، وحين تفضح مصر على رءوس الأشهاد، فلا تحدثنى عن التشكيك والتقليل من الجيش. فأنتم الذين تسببتم فى الفضيحة والعار وقلة القيمة للبلد كله.

•••

أود أن أرحب بصديق عزيز وفنان موهوب. محمد قنديل أو «أنديل» سيبدأ من هذا الأسبوع بإثراء مقالاتى المتواضعة برسوماته المميزة. شكرا له ولجريدة «الشروق».

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

موقف روسيا في جنيف!

قبل جنيف بأشهر كثيرة، بدأت قوات النظام سلسلة حملات عسكرية حققت نجاحات جزئية أقنع تراكمها روسيا أن النظام شرع

اراد بوتين والوليه الفقيه الحصول على اكبر سعر ممكن من اميركا مقابل الاسد ولكنهم لم يحصلوا على شئ وضاعت كل استثماراتهم هباء لأن الاسد انتهت صلاحياته(إكسبيرد)؟

اراد بوتين والوليه الفقيه الحصول على اكبر سعر ممكن من اميركا مقابل الاسد ولكنهم لم يحصلوا على شئ وضاعت كل استثماراتهم هباء لأن الاسد انتهت صلاحياته(إكسبيرد)؟

يلوي ذراع المقاومة المسلحة. هذه الحملات كان بين مقاصدها تجاوز جنيف وإلغاء ضرورته، عبر تغيير علاقات وموازين القوى على الأرض لصالح النظام، الذي سيحل المعضلة السورية ويجعل أي تفاض حولها باطلا ولا لزوم له!

وكان النظام قد قبل وثيقة جنيف1 بينما كان جيشه يتعرض طيلة أربعة أشهر ونيف لهزائم عسكرية متتالية، عملت روسيا خلالها على تعطيل تنفيذ التفاهم الدولي حول الحل السياسي بافتعال خلافات مع بقية دول مجلس الأمن الدولي حول تفسير نصوصه، دامت عاما وأربعة أشهر أعاد الأسد أثناءها تنظيم وتدريب قواته بإشراف إيراني ومدد روسي، وأدخل أعدادا كبيرة من مرتزقة حزب الله وكتائب أبي الفضل العباس إلى سوريا، حيث أسهمت في إحداث ما وقع من تبدل نسبي على الأرض لصالح النظام. بتحسن أوضاعه العسكرية، بدأ النظام يعلن تحفظات متزايدة على وثيقة جنيف، ويرفض الحل الذي اقترحته، وملخصه انتقال سوريا من وضعها الاستبدادي الراهن إلى نظام ديمقراطي بديل. عندما جاء موعد انعقاد جنيف، كان الوضع الميداني قد اختلف عما كان سائدا حين أقر الخمس الكبار وثيقة الحل في جنيف، فغير النظامان الأسدي والروسي نظرتهما إليها وقراءتهما لها، واتخذا موقفا موحدا منها، وتنكرا لها وللآلية التي اعتمدها قرار مجلس الأمن رقم 2118، وجعلت تطبيقها الشامل والفوري ملزما للطرفين، بدءا بتشكيل «هيئة حاكمة انتقالية» تضم ممثلين عن المعارضة والنظام وقوى أخرى، وتشرف على الانتقال الديمقراطي الذي قررته.

تغير الوضع فتغير الموقف، وظن الروس أن لقاءاتهم مع المعارضة وضغوطهم عليها سترغمها على الاستجابة للتطور الميداني والسياسي الجاري، وقبول قراءتهما للحل، التي تتجاهل الهيئة الحاكمة أو تحولها إلى مسألة ثانوية تعالج في فترة لاحقة، كما قال لافروف في موسكو، تلي انضمام المعارضة إلى النظام في مكافحة الإرهاب كأولوية بديلة للهيئة، رغم أن مكافحة الإرهاب لم ترد في أي نص، سواء في وثيقة جنيف أو في قرار مجلس الأمن 2118، الذي ركز على البدء بالهيئة وبلوغ الانتقال الديمقراطي بوصفه النتاج الحتمي للتفاوض، الذي سيحقق مطالب الشعب السوري، وليس بين مهامه إنقاذ النظام والإبقاء على الأسد، وإجبار المعارضة على قبول ما يتعارض مع نص وثيقة جنيف واحد، كالقراءة الأسدية – الروسية التي تشوه نصها وروحها، وتحول دون منح السوريين ما يطلبونه ويضحون في سبيله من حرية وعدالة وكرامة، بعد وقف عنف السلطة وجيشها.

ذهب النظام إلى جنيف لإسقاط الوثيقة التي تحمل اسمها وقرار مجلس الأمن. وجاء الروس للتنكر لما كانوا قد وافقوا عليه في الوثيقتين، ولجعل الحل ينطلق من الواقع الميداني وليس من النصوص، وإبطال ما أقر من حقوق للسوريين على الورق، وإلغاء دور دول مجلس الأمن الأخرى في بلوغها، وإجبار المعارضة على السفر إلى دمشق بشروط المهزوم، للانصياع للحل الذي يريده النظام. كان هذا على وجه التقريب ما قاله أو لمح إليه لافروف في موسكو، عندما تعامل بعنجهية مع وفد الائتلاف، وخاطبه كجهة هزمت وانتهى أمرها، ولم يبق لها من خيار غير قبول أي شيء يقدمه بشار الأسد لها بالشكر والامتنان، قبل أن تنزل بها هزيمة ساحقة، آتية لا ريب فيها.

قبل انعقاد مؤتمر جنيف، جرى في باريس لقاء ضم الدول التي تعد نفسها «صديقة» للشعب السوري. خلال هذا اللقاء، قال عضو في الائتلاف إن النظام والروس يرفضان حل جنيف، ولا بد لإجبارهما على قبوله من تحريك الوضع العسكري، وأردف أن الثورة السورية ستهزم إذا ما أضيف إلى الجمود العسكري جمود سياسي سينتجه جنيف إن طالت مفاوضاته، أو تحايل الروس على القرارات الدولية حول حقوق السوريين وإقامة نظام بديل لنظامهم الحالي. أقر «الأصدقاء» ما قاله ووعدوا بتلبية ما طلبه من تحريك للوضع العسكري يفتح باب الحل السياسي، لكن روسيا هي التي حركت الوضع العسكري وسعت لكسر توازناته، ودعمت سعيها برؤية تلغي جنيف وتتبنى حلا يثبت النظام ويبقي على الأسد.

واليوم، نقف نحن، ويقف الغرب والعرب، أمام سؤال: ما العمل للرد على إفشال جنيف وترجيح كفة النظام عسكريا؟ هل بوسعنا أن نواجه روسيا والنظام الأسدي من الآن فصاعدا بما درجنا عليه من سطحية وانقسامات؟ وهل ينجح الغرب والعرب في ردعه ومواجهته بما دأبوا عليه من وعود؟

بلغ التطور لحظة مفصلية حاسمة سيقرر موقفنا حيالها ما إذا كنا نريد أن ننتصر أو نهزم. هل نعي هذه الحقيقة، وندرك حقا أننا لن ننتصر بما أدمنا عليه من خفة وارتجال؟

نقلاً عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

حكايات عمو مشتاق: غمضان كريم

amomoshtaq

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

تفجير السفارات وقتل الدبلوماسيين الاميركيين خطوات عظيمة: ثم نقول لماذا لا تساعد اميركا السوريين؟

Sudanese Cleric Al-Jazouli: Bombing of Embassies, Killing of US Diplomats Great Steps Leading to Order, Not Chaosropuna

Posted in English, ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

من هم أثرياء العرب ومن أين؟

FRANCE-SAUDI-ART-MUSEUM-LOUVRE-ISLAMسي ان ان العربية

اضغط على الصورة من اجل تكبيرها


الوليد بن طلال, ناصيف سايروس, عبدالله الغرير, نجيب وطه ميقاتي, الحريري, عثمان بن جلون, اسعد ريرات

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

DNA 04/03/2014 الازمة في اوكرانيا

HALSHRESPOND

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

مراجع وعشائر تتسكع في دروب العمالة

علي الكاش: كاتب ومفكر عراقيlovesick

الرموز الوطنية ظاهرة عالمية تزخر بها كل المجتمعات متفاخرة بالنخبة الطليعية الرائدة في مسيرتها التقدمية، ومسلطة الأضواء على نشاطاتها المختلفة، وداعمة لها ماليا ومعنويا وإعلاميا. وفي الدول الإسلامية تحظى الرموز الدينية والسياسية بأهمية اكثر من الرموز الفكرية والقومية والعلمية بسبب قوة الوازع الديني بجانبه الإيجابي، والتخلف الثقافي والمعرفي الذي يجعل البسطاء والجهلة ينقادون كالغنم وراء المراجع الدينية بجانبه السلبي. علاوة على تفشي الأمية والجهل والفقر والجوع والبطالة من جهة أخرى. أما الرموز السياسية فإن اهميتها تتباين حسب وضع البلد فيما إذا كان محررا بسيادة كاملة، أو مستعمرا أو بسيادة ناقصة، ففي البلدان المتحررة يكون الرمز السياسي هو الرمز الوطني الذي يساهم في تطوير بلده في مختلف المجالات، وله خبرة وباع في قيادة الجماهير نحو الطريق الأفضل والأقصر للتنمية والتقدم والإزدهار. أما في البلدان المستعمرة بشكل مباشر أو غير مباشر، فـإن الرمز السياسي هو الرمز الوطني الذي يجاهد في سبيل تحرير الوطن من براثن الإحتلال، ويجمع تحت خيمته الجهادية جميع أو معظم فصائل المقاومة التي تعمل بنفس الإتجاه التحرري كأسبقية أولى.
الرموز الوطنية صناعة وطنية حرة، تنتجها الشعوب والجماهير، وليست صنيعة القوى الإستعمارية أو السلطة الحاكمة أو الإعلام المؤجر الذي يطبل لمن يدفع أكثر. هذه الجهات يمكن أن تصنع حاكما ما، لكن من المستحيل أن تصنع رمزا وطنيا. في الحقيقة لا هي قادرة على صنعه وفرضه على الشعوب، ولا الشعوب تتقبله كرمز وطني، فطعمه مرٌ كالعلقم وسرعان ما تبصقه وتدوسه بأقدامها. والرموز الوطنية لا تظهر عفوياً وإنما بفعل الحتمية التأريخية المكانية والزمانية التي تتطلب ظهورها. لتمسك بدفة الوطن، وتنوجهه نحو مرفأ الأمان. إنها الظهير القوي للشعب، واللسان الحر المعبر عن تطلعاته وآماله. صحيح الظرف هو الذي يصنع الرمز بادئ ذي بداية بدء، لكن لا يلبث الرمز أن يصنع الظرف الذي يتوافق مع الوضع الجديد.
بعد الإحتلال الامريكي الغاشم للعراق لم يفرز العراق إلا عدد قليل من النماذج الوطنية، وهذه حالة نادرة في التأريخ المعاصر، فعلى صعيد المقاومة الوطنية وبالرغم من قوة وفاعلية عملياتها الجهادية ضد الإحتلالين الامريكي والإيراني، لم يبرز الرمز الوطني الأول الذي له الصدارة في المقاومة الوطنية وتلتف حوله جميع فصائل المقاومة! لكن هذا لاينفِ وجود عدة رموز وطنية ثانوية على الساحة الجهادية لهم وزنهم وفاعليتهم الميدانية. كما أن هناك من يعمل بقوة خلف الستار بسبب بطش قطعان المالكي والميليشيات المدعومة من إيران بعوائل المجاهدين سيما النساء، بجريرة أقاربهم المجاهدين الأبطال. ولو نظرنا إلى معظم حركات التحرر في العالم فهي لا تخلوا من رمز وطني بمواصفات قيادية واضحة الصورة والمعالم. ربما في المستقبل القريب تظهر الصور الحقيقية للزعماء المجاهدين، سيما بعد أن هلت بشائر تأسيس (المجلس العسكري لثوار العراق) و(مجلس شورى المسلمين في العراق).
من المؤسف حقا إن بعض حركات التحرر والمقاومة الوطنية تبالغ أحيانا في حضورها على الساحة الجهادية، وهي بذلك تغبن الحركات الفاعلة في الميدان وتبخسها حقها الجهادي، فقبل المجزرة الإرهابية لحكومة المالكي في الحويجة، عصفت وأرعدت وبرقت بعض فصائل المقاومة ولكنها لم تمطر، بعد أن قامت قطعان المالكي بمجزرة إرهابية ضد المتظاهرين الأبرياء فقتلت وجرحت المئات من العزل الأبرياء. وقبل تهديد المالكي الأخير لأهل الأنبار ببحر من الدماء بين قوات يزيد وقوات الحسين، هددت بعض فصائل المقاومة الوطنية المالكي من مغبة إستخدام العنف في فض التظاهرات السلمية في الأنبار. ولكن المالكي كان “أحمق من دغة” كما يقول المثل، فحقق وعده وغرق هو وقطعانه المسلحة في بحر الدماء، وهو يدفع الآن ثمن مغامرته الطائشة التي دفعه إليها نظام الملالي الحاكم في إيران.
عندما إندلعت ثورة الأنبار إنكشفت عورة بعض فصائل المقاومة التي تركت أهل الأنبار يقاتلون وحدهم دون أن تستثمر هذه الثورة الفتية وتعزز من عملياتها الجهادية في كل أرجاء العراق فتعصف بحكومة الإحتلال أو تقلل من شدة ضغط قطعان المالكي المسلحة على الثوار سيما في الأنبار والموصل وديالى! إنه موقف يُصعب تفسيره، ويدعو الى الكثير من الريبٌ، أو على أقل تقدير، يثير الكثير من التساؤلات المشروعة أمام الرأي العام الوطني.
على العكس من ذلك نجد ان موقف الميليشيات المرتبطة بولاية الفقيه كان واضحا وصريحا بالوقوف مع المالكي ضد الثوار، وهذا أمر طبيعي لأن مصيرها مرتبط بمصيره، ولأنها تستلم الأوامر من نفس الجهة التي يأخذ منها المالكي أوامره. فواثق البطاط زعيم جيش المختار وهو من أقزام الخامنئي أعلن بصراحة تامة أمام وسائل الإعلام بأنه سيقاتل أهل الأنبار وحقق المجرم وعده. وميليشيا عصائب أهل الحق أعلنت مؤخرا بأنها تحارب مع قوات المالكي ضد أهل الأنبار، فقد أدلى أحد زعمائها(أبو سجاد) بتصريح لصحيفة الواشنطن بوست بتأريخ9 شباط الماضي” إن الجيش العراقي ليس ماهرا في قتال الشوارع، لذلك نحن نذهب معه لمساعدته على تطهير الأنبار”. واضاف قائلا ان عناصر الميليشيا ” يرتدون في العادة الزي العسكري في العمليات التي تتم خارج العاصمة بغداد بما في ذلك الأنبار”. وهذا التصريح يكشف كذب المتحدث الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الموسوي الذي إدعى بأنه ” لا وجود لعصائب اهل الحق داخل الأجهزة الأمنية أو قوات الجيش، إن الحديث عن صلات بين الميليشيات الشيعية والقوات الأمنية هي مجرد افتراءات”. بلا شك إن تصرح الإرهابي(أبو سجاد) يستلزم أن يأخذ ثوار الأنبار بنظر الإعتبار طريقة التعامل مع المرتزقة في جيش المالكي والتحري عنهم بدقة، قبل إطلاق سراح الأسرى منهم.
الرموز الدينية الشيعية ذات الطابع الوطني مع الأسف لا وجود لها على أرض الواقع ولن يكون في المستقبل القريب على أقل تقدير، كما قال ابراهيم اليازجي: الشر كل الشر ما … بين العمائم والقلانس
فمرجعية النجف، إنما مرجعيتها العليا هي البيت الأبيض وبريطانيا وإيران، والسيستاني كما عبر مواطنه آية الله جنتي” صناعة بريطانية بحتة” وهو أعرف بأهل داره منا. فأمر المرجعية قد حسم منذ اليوم الأول للغزو بالوقوف مع قوات الإحتلال بقوة، حتى المالكي إبن المرجعية العقوق قد إنتقدها بإسلوب جارح عندما صرح مؤخرا ” ان العراقيين بحاجة لمرجعية حقيقة تعبر عن همهم الوطني. وأن تدخل بعض المرجعيات الدينية من غير العراقيين رغم احترامنا، لها امر غير مقبول”.
والصدر مثل مركب تائه في البحر تتلاعب به الأمواج يمينا ويسارا ولا يعرف الإستقرار. ينطيق عليه قول الرصافي: ما الحمق إلا هو الإتكال على شرف جاء من والد
وبقية المراجع كالخالصي والمؤيد والصخري لا صوت لهم قبل وبعد إندلاع ثورة الأنبار، فهم يعملون وفق القاعدة “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”. لذا قد يكونوا رموزا للطائفة أو لأتباعهم المحدودين حصريا، لكنهم بالتأكيد ليسوا رموزا وطنية، لأنه لا يعبرون عن هموم الشعب والمواطن، بل ولا عن هموم الطائفة أيضا.
والمرجعية السنية الرسمية المتمثلة بالوقف السني لا تقل عمالة عن مرجعية النجف فكلاهما يسبحان في نفس المستنقع الآسن. لكن المرجعية السنية الشعبية أبرزت عدة وجوه وطنية تستحق أن يتفاخر بها أهل السنة، أبرزهم الأستاذ الدكتور عبد الملك السعدي، والشيخ رافع الرفاعي، والشيخ عبد الحكيم السعدي والدكتور طه الدليمي والشيخ حارث الضاري وغيرهم. صحيح حاليا لا تظللهم خيمة واحدة، لكن وهذا برأينا هو المهم، إنهم لا ينظرون لبعضهم البعص، وإنما ينظرون جميعا في إتجاه وطني واحد. وهناك العديد من الشيوخ المجاهدين الأبطال الذين يصارعون قوى الشر سرا أو علنا، علاوة على الشيوخ الشهداء الذين استهدفتهم ميليشيات المالكي وفجرت مساجدهم. ولكن مع الأسف الشديد لم يبرز عالم أو شيخ شيعي واحد يتصف بالوطنية على الساحة لحد الآن ويكون ولائه محسوم للعراق وليس لنظام الملالي في إيران. وهناك من يحتج علينا عندما نقول بأن ولاء معظم الشيعة للمذهب وليس للوطن! بالطبع الولاء للمذهب إنما يعني بالنتيجة الولاء لإيران وليس العراق.
على المستوى القبلي والعشائري، من المعروف ان التعصب العشائري واحد من سمات الدول المتخلفة لأن الإنتماء الوطني يفترض أن يسمو على التعصب المذهبي والإقليمي والعشائري، والحقيقة إن قوة النفوذ العشائري مرجعها ضعف النظام الحاكم الذي فشل في ترويض العشائر وإخضاعها لسلطان الدولة. لذلك تتولى العشائر حاليا مسؤوليات سياسية وقضائية وإقتصادية وأمنية وعسكرية ولها تمثيل في الحكومة بدرجة وزير وهذه حالة نادرة. وفي الوقت الذي برزت فيه العديد من العشائر وهي تقارع قوات الإحتلال الامريكي سابقا، والإيراني لاحقا، فإن بعض العشائر العراقية لها مواقف تدعو الى الخزي والعار وسوف لا نشير إلى أسمائها لأنها معروفة للجميع!
إن ثورة الأنبار بلا شك هي الحد الفاصل بين العشائر الوطنية والعشائر العميلة، العشائر الشريفة والعشائر التي باعت شرفها للمالكي ونظام الملالي، بين العشائر المقاتلة والعشائر المتخاذلة بغض النظر عن إنتماءاتها المذهبية. هناك قبائل وعشائر لم يُسمع لها حيص ولا بيص في ثورة الأنبار، وهي محسوبة مع الأسف الشديد على أهل السنة، وهناك قبائل وعشائر لها تأريخ سابق حافل بالبطولات في ثورات العراق، والآن لها تأريخ حافل في الجبن والسفالة والخسة. إنها محنة حقيقية عندما يتناقض السلف جوهريا مع الخلف.
لو إستعرَضت أبرز القبائل والعشائر العراقية ودورها في ثورة الأنبار ستُدهش من هول المفاجأة! لقد طرحت العديد من العشائر الأصيلة أوراقها على الطاولة وأعلنت تأييدها لثوار الأنبار وحقوقهم المشروعة بلا خوف ولا تردد، مع إن الموقف العسكري لم يحسم بعد! مما يجعلها تحت مطرقة الحكومة لاحقا وقانون الإرهاب المعد سلفا لأهل السنة. لكن اللحظة حاسمة، والموقف لا يقبل التريث والتردد والخوف. الوطن يغلي على صفيح ساخن، أما مع الثوار أو مع المالكي. والسكون يعني الوقوف مع المالكي ولا يفسر بالتضامن مع الثوار بأي حال من الأحوال.
طالما لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار. كذلك لا توجد منطقة وسطى بين الشرف والعار، ولا بين الحق والباطل، ولا بين الخير والشر. تشجعوا يا شيوخ التردد والتخاذل وأعلنوا مواقفكم بصراحة من ثورة الأنبار! لقد حملتم أبناء عشائركم العار بصمتكم المريب! إعلنوها فقط، ولكل حادث حديث، والتأريخ هو الحاكم.
لقد أفرزت الأحوال سوء الحال فيما يتعلق بعشائر الجنوب والفرات والوسط، وبإستثناء هيئة عشائر العراق ومواقف بعض الوطنيين الشرفاء أبرزهم البطل الصنديد المجاهد عدي الزيدي ومحاولاته المستميت للِمٌ الشمل والتحرك على العشائر العربية الأصيلة، ذات الولاء للعراق فقط. فإن موقف بقية العشائر موقفا مخزيا يدعو للتقزز والبصاق. سيما تلك العشائر التي فتحت باب التطوع لأبنائها لمقاتلة أخوانهم من أهل الأنبار، وأخرى خرجت بتظاهرات معيبة تؤيد حرب مختار العصر ضد أهل الأنبار. وتلك التي ساهمت في تهجير أهل السنة عن الديار كعشيرة السعدون التي أسست محافظة الناصرية ولا يزال إسم المحافظة مشتق من الجد الأعلى ناصر السعدون، فقد هجرت عشائر الميليشيات أعدادا كبيرة منها إلى خارج المحافظة بكل خسة ونذالة. من أما عشائر الأنبار من زمرة المالكي، التي حملت السلاح لتقاتل أبناء جلدتها من أهل الأنبار نيابة عن نظام الملالي، فإن علاقتها بالأنبار قد إنتهت، منذ اللحظة التي قررت فيها الإنسلاخ عن جلدتها والإلتحام مع جلدة العشائر ذات الولاء للخامنئي.
لقد دفعت تلك العشائر الذليلة بعضا من ثمن تهورها عبر طوابير القتلى التي تتوالى عليها يوميا، بالإضافة إلى الفطائس الأخرى المجمدة في المطار والتي يرفض المالكي تسليمها لذويها إلا بعد الإنتخابات القادمة. وهذا الثمن ليس نهائيا! هناك فوائد أخرى سيدفعها شيوخ مختار العصر لاحقا حتف أنفهم! والتأريخ شاهد، فأولاد الشهداء لهم ألسنة وأيادي وعقول وإرادات وذكريات لا تُنسى، من الجدير بالإشارة أن حكومة المالكي تحسب القتلى في ثلاجات المطار كمفقودين في واحدة من اكاذيب لا نهاية لها! في حين سمح أهل الأنبار الغيارى لحكومة العار بسحب جثث قطعان المالكي المسلحة بأمان ودون التعرض لهم. لذا لا يوجد ما يسمى ب(600) من المفقودين حسب زعم اللجنة الأمنية في البرلمان، إنهم قتلى وجثثهم موجودة في المطار، لكن حكومة دولة القانون وحزبها الإسلامي لا يحترمون حتى موتاهم؟

علي الكاش

Posted in فكر حر | Leave a comment

إيران : الدين والعدالة في ميزان الولي الفقيه

*(سحر رحيلي)saharrahili
ندرك من نواجه وما نريد منذ أن خطونا اول المسافات في نضالنا الحق العدل ولمشروعية نضالنا لم نتردد يوم في تقديم المزيد من التضحيات لاجل قيمنا ومبادئنا و وطننا الذي اردناه بثورتنا ان يكون بحال افضل فالطغيان هو الطغيان مهما ارتدى وتزين باي لون من الالوان.، لكننا هنا عندما موضوعا ما انما نكتبه لمخاطبة اجيالا لم تكن حاضرة ومئات الملايين آخرين لم يكونوا حاضري المشهد لم يكونوا في ايران ليتعرفوا على شعب منكوب يعيش تحت فنون الظلم والطغيان وسلطة وسلاطين ونظام على غير مسمى لا يتشبهون بابسط شعاراتهم .. شعبهم فئة ودينهم وسيلة والعدل فيهم جسد في غيبوبة كاملة ينتظر حتفه روحه معلقة تنتظر اردادها واردادها هنا يعني السلطان الفقيه وزبانيته ، ولازال المشهد يسوق اليهم الى مئات الملايين الغائبة بزينة ومكر وكذب وتزييف ..، نستحضر في كتاباتنا وقراءاتنا آلام من الذاكرة كل حسب مخزون ذاكرته لنكون بها رأي ورؤية ومقارنة واستدلال للقارىىء ولمن يرغب التبصر في امر لم يكن يدركه ..، فعندما سقط أبي المجاهد في سبيل الحق والعدل شهيدا في مجزرة الإبادة الجماعية المثيرة للرعب والهلع التي حصدت أرواح 30 ألف سجين سياسي في إيران في عام 1988كانوا قد حكموا باحكام جائرة سابقة وقضى اغلبهم مدة المحكومية ويتابع الظالمون باسم الدين جورهم وظلمهم فحكموهم بالاعدام ، وقد دفنوا جثمان أبي مع آلاف من جثامين المجاهدين الشهداء الآخرين في مقابر جماعية سرية وهذا لون آخر من الوان الظلم والبغي تجريه سلطة حاكمة باسم الله والدين!! وبعدما كبرت قليلا كنت أحيي ذكر والدي وذكراه وذكرياته عند كومات من التراب كانت تشكل المعالم الوحيدة المتبقية لمقابر جماعية تخيلته فيها وكل من تحت ذاك الثرى كان ابي واخي واهلي فكان كل أنين حاصل فوق ذاك الثرى أنين مظلومين جمعت بينهم المظلومية وعزاؤهم انهم على حق ماضون اليه ..، وبإدراك أعمق من ذي قبل كنت أتيقن بأننا نواجه عدوا لا يجرؤ حتى على تسليم چثامين معارضين له لعوائلهم!كان عدونا يخشى الموتى والجرحى رغم دمويته إلا أنه الرعب الكامن في داخله الرعب الذي يتملك افئدة وعقول الظالمين.
اليوم تكرر الحادث مرة ثانية ورغم مرور 164 يوما من متابعتنا لعوائل الشهدا الـ52 الذين سقطوا في الإعدامات الجماعية في مخيم أشرف ومتابعة ممثلي سكان مخيم ليبرتي ومحاميهم ومدافعي حقوق الإنسان لإستلامنا لجثث أعزائنا، وقامت الحكومة العراقية وفي خطوة لا إنسانية وإجرامية أخرى بدفن جثامينهم سرا اقتداءا بخليلها في طهران..، والمرء على دين خليله.
واليوم …ونحن في فبراير مضى أكثر من 6 أشهر على استشهاد خالي العزيز علي رضا خوشنويس الذي كان يملىء لي فراغ أبي.. وكان يسندني ويرشدني ويهديني في مشاكلي كلها سندا ..كان يعلمني القيم الإنسانية العليا والجهاد ضد الدكتاتورية وسأظل مدينة له إلى الأبد.، في الاول من أيلول وفي الساحة حيث كان العملاء المهاجمون يمطرون السكان العزل بطلقات النار، أقدم خالي علي رضا على علاج رفيق دربه الجريح وإن هذا لدرس عظيم ومبعث للفخر لكل منا. واتذكر أنه كان يكرر لي دوما قولا للنبي (ص) حيث قال: ”بُعِثتُ لِلحِلمِ مَركَزًا“ وكنت أتعلم منه دائما الحلم ومناصرة الآخرين وحين سمعت خبر دفن جثمانه سرا تحسرت كثيرا لكوني قد حُرمت من الوداع الأخير له..، ويعيد التاريخ نفسه جرما وظلما وألما وحسرة.
مما لا يشك فيه أن دفن جثث الشهداء سرا في مكان وزمن مجهولين ودون حضورنا عوائل الشهداء وحتى دون حضور واطلاع ممثل الأمم المتحدة في العراق والذي تسلم رسميا ومباشرا جثامينهم يوم 2 أيلول، يأتي دفنهم سرا بهدف ازالة كل الأدلة وآثار الجريمة بغية افلات الجناة القتلة من المحاكمة والمعاقبة على الجريمة ضد الانسانية وهذا دليل دامغ على المسؤولية الكاملة التي تتحملها حكومة العراق حول المجزرة في أشرف.
لقد كان هؤلاء الشهداء محميين وفقا لإتفاقية جنيف الرابعة ومعترف بهم كطالبي اللجوء من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبطاقات الحماية الخاصة بهم مازالت بيدنا.، ورغم أن الجثث كانت قد سُلّمت رسميا لبعثة اليونامي ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق، اقترف عملاء النظام جريمة أخرى بأساليبهم الوضيعة وبأيديهم الملطخة بدماء الأبرياء وما من أحد يمانعهم دفن أعزائنا سرا ولم يوقروا دينا ولا عقيدة ولا قانونا وضعيا.
ولا علم لنا اليوم بمكان دفنهم ولا بمن اقترف هذه الجريمة ويا ترى هل هناك من يقول لنا ان بمقدورنا احياء ذكرى أعزائنا هنا او هناك هل هناك من يرشدنا الى كومة تراب يكونوا تحتها لنجدد الميثاق والعهد معهم!..
نعم لقد حرّمونا من فرصة الوداع الأخيرة وهذه هي طريقة الملالي الذين ينحني أمامهم أصحاب رؤية المساومة والتباطؤ ليمدحوهم وهم يدفنون جثث ضحاياهم في أماكن مجهولة!
واختم بسؤال للاحرار من علماء الدين والقانون (هل من الدين دفن الموتى سرا وقمعا.. هل في الاسلام امر بذلك او دعوة) وهل تقبل القوانين والقيم الانسانية..، اما نحن فلا زالت لنا عقيدة صادقة ومتينة وحية فينا القيم والقوانين الجميلة ما حيينا.
* احدى سكان ليبرتي

Posted in فكر حر | Leave a comment