هؤلاء صنعوا داعش

qazem

هؤلاء صنعوا داعش … بقلم : كاظم فنجان الحمامي
هل أفلس الفكر الإسلامي ولم يعد لديه ما يقدمه للإنسانية سوى الرعب والقتل والذبح والتشريد والخراب والدمار ؟. وهل صار الإرهاب من منجزاتنا الحضارية التي نتفوق فيها على الشعوب والأمم ؟. وهل أصبح مصير مدننا بيد المجاميع الإرهابية المراهقة ؟، وهل صار مشايخ العنف من أمثال الحويني ورهطه هم الذين يتلاعبون بعقول الشباب من دون أن يردعهم أحد ؟، وهل تخصص خطباء المساجد بتحريض الشباب على التفجير
والتفخيخ والانتحار ؟. وهل بات إعلان الجهاد ضد أقطار الأرض من فرائض الدين وأهدافه ؟. وهل أصبح مستقبلنا بيد العناصر المسلحة التي تنتمي للقاعدة، وداعش، وجماعة أبو سياف، وبوكو حرام، وحزب التحرير، وجيش محمد، وجيش الرب، وأنصار الإسلام، وعسكر طيبة، وكتائب الزرقاوي، وفتح الإسلام، والتكفير والهجرة، وشباب الجهاد، والسلفية الجهادية، وعشرات التنظيمات الغارقة في مستنقعات الدم ؟. وهل صار قطع رؤوس الأبرياء والتمثيل بجثثهم وسبي النساء وانتهاك حرمات الناس وتفخيخ المدارس ونبش قبور الصحابة وتهديم الصوامع وتحريم التعليم من مفردات المناهج الإسلامية في شرق الأرض وغربها، وهل صارت الممارسات العدوانية الشاذة من المشاريع التنموية المستقبلية ؟. ثم ما سر هذا التطابق التعبوي العجيب بين أهداف هذه التنظيمات وبين أهداف خلايا الموساد ؟، ولماذا لم تعلن الجهاد ضد إسرائيل، ولم تُطلق رصاصة واحدة ضد القواعد الأمريكية في قطر ؟. ولماذا لم تقف حتى الآن إلى جانب حماس أو كتائب عز الدين القسام في دفاعها المشروع عن مدينة غزة ؟.

لو بحثنا عن الأجوبة الشافية لهذه التساؤلات المصيرية المُحيرة لوجدناها تختبئ بين صفحات المناهج المدرسية المحرضة على القتل، ولوجدناها تُعرض يومياً على شاشات الفضائيات المسمومة، ولعثرنا عليها في دهاليز الأوكار الظلامية. ولاكتشفنا أنها تتلقى الدعم والإسناد من بيوت الزكاة والجمعيات (الخيرية)، ولاكتشفنا أيضاً أن الحكومات العربية هي التي تغاضت عن نموها الانشطاري، وهي التي صفقت لها، والدليل على ذلك لا توجد حكومة عربية واحدة تستنكر جرائم داعش، ولا توجد دولة عربية منعت شبابها من الالتحاق بها، ولسنا مغالين إذا قلنا أنها هي التي استنفرتها، وهي التي جندتها ودربتها وسلحتها، ثم أرسلتها في كل الاتجاهات لتشوه صورة الإسلام والمسلمين. فانقلب السحر على الساحر، وتكاثرت الأفاعي في الجيوب والثكنات غير المحسوبة لتزحف نحو عروش الذين وفروا لها أسباب النمو والانتشار، فانتشرت بالطول والعرض لتقض مضاجع الذين أرضعوها من أثداء الجاهلية الأولى، وهكذا جنت على نفسها براقش.

وما براقش إلا كلبة غبية من كلاب العرب، كانت لقوم من تميم، وذات ليلة جاء أعداء لهم يبحثون عنهم في الظلام فلم يهتدوا إليهم، فيئسوا وهمّوا بالرجوع، فلما أحست بهم الكلبة نبحت عليهم، فعرفوا من نباحها مكان القوم، فهاجموهم وقضوا عليهم وعلى كلبتهم، فقيل جنت على أهلها براقش. ألا لعنة الله على داعش وبراقش.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

كلمة الدكتورة سينتيا فلوري وهيثم المالح في مؤتمر باريس الدولي

syriamyكلمة الدكتورة «سينتيا فلوري» الفيلسوفة والأستاذة في الجامعات الفرنسية في مؤتمر باريس الدولي
<http://youtu.be/JMfVyQUcPzI>

كلمة هيثم المالح – رئيس اللجنة القانونية للائتلاف الوطني السوري في مؤتمر باريس الدولي

Posted in فكر حر | Leave a comment

القرضاوي يدعم جرائم داعش

qardawamashaalدان يوسف القرضاوي الأب الروحي لجماعة الاخوان المسلمين ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، محاربة اميركا وحلفائها العرب لداعش, وكتب مغرداً: “أنا أختلف مع داعش تماماً في الفكر والوسيلة لكني لا أقبل أبداً أن تكون من تحاربهم أمريكا… لأن أمريكا لا تحركها قيم الإسلام بل مصالحها وإن سفكت الدماء.”

من الواضح بأن القرضاوي يلف ويدور كعادة رجال الدين فهو لم يقل لنا بماذا يختلف مع داعش؟؟ واحسبه لن يقول تقية ؟؟ ولم يقل لنا ايضاً ما هي قيم الاسلام التي تحركه بايقاف داعش عن قتل المسلمين, ولا تحرك اميركا؟؟

يبدو ان القرضاوي يريد ان يقول بان قتل المسلم للمسلم افضل شرعاً من دفاع الغير مسلم عن المسلم؟؟ وهذه قمة العنصرية بان تضر نفسك وتدمر نفسك لعدم طلب مساعدة الاخرين؟

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

أقتل أباك وستنهض

للبحر وجه آخر..

للبحر وجه آخر..

بالرغم من أنني عشت طفلا يتيما بلا أب منذ نعومة إظفاري, وبالرغم من أنني عانيت منذ طفولتي من نقص العطف والحنان وفقري إلى قوة تحميني من الأطفال الشرسين في الحارة, غير أنني أحيانا أجلس بيني وبين نفسي وأحمد الله على أنني عشت يتيما, ذلك أنني بنيت لنفسي شخصية مستقلة عن شخصية أبي, فلو كان أبي حتى اليوم على قيد الحياة لمنعني من الكتابة ومن المعتقدات التي أومن فيها, وصحيح أن أبي كان رجلا مثقفا جدا جدا ولم يكن يكترث للصوم وللصلاة كثيرا وعلمانيا بعض الشيء لكنه كان على حسب ذاكرتي علماني مؤمن بالدين الإسلامي بقوة وليس بكثرة, وكان يؤمن بالقرآن الكريم وينام وهو فوق رأسه وكثير التلاوة له, ولو كان على قيد الحياة لقتل واحدٌ منا الآخر, كما فعل كثيرٌ من الآباء الذين عرفت أبناءهم حق المعرفة, فقد رافقت منذ صباي بعض الشباب المتحمسين للتجديد وللتغيير وللتطوير ولكن معظمهم على حسب ما اعترفوا لي بأن آباءهم منعوهم وألزموهم بالدين وبالأعراف وبالتقاليد من خلال استعمال القوة المفرطة, ولو كان أبي حيا لفعل بي ما فعله آباء أصدقائي في أبناءهم العلمانيين وحتى الملحدين جدا, ومعظم المفكرين الأحرار وجد أن أغلبيتهم تربوا أيتاما أو أنهم قتلوا آبائهم معنويا فاستقل كل واحد بشخصيته, أو أنهم تحدوا الآباء وفرضوا شخصيتهم كما تفرض الأشبال نفسها في زمرة الأسود الملكية حين تكبر الأشبال وتطرد الآباء.

طبعا أنا لم أقتل أبي, ولكن الله أراد لأبي أن يموت لكي أعيش أنا طفلا يتيما, وبكلمة أخرى مات أبي لكي أعيش أنا , وطار أبي لكي أهبط أنا مكانه وأحط براحلتي وأنزل على الأرض متاعي ..وتشاء الأقدار بعد ذلك أن أبني لنفسي شخصية مستقلة, وثاني شيء مهم جدا هو أنني لم أكن أرغب في المدارس فغادرت المدرسة وأنا بعمر ال16 الستة عشر عاما , فلم أتعلم ما تعلمه الأطفال والشبان في المدارس, بل درستُ على نفسي وثقفتُ نفسي بنفسي واخترت الكُتب التي أحبها والروايات والمسرحيات التي أحبها واخترت لي معلمين فلاسفة يونان وإغريق وفرنسيين محدثين وإنكليز, ودرستُ على يد أمهر علماء الاجتماع من الزمن الحاضر والغابر وحفظت أفضل قصائد الشعر وقرأت أجمل ما كتبه الناثرون من نثر, بمعنى آخر تربيت على يد ربات الفنون السبعة, لذلك قتل الرب المدرسة وقتل لي الأب الذي كان من المتوقع أن يفرضا عليّ نمطا قهريا من التعليم لا يتناسب مع أهوائي واحتياجاتي.

تعلمنا من (سيغيموند فرويد) المحلل النفسي الشهير, بأن الابنَ لن يفلح في تحقيق شخصيته على أرض الواقع إلا إذا قتل الابنُ أبيه , طبعا يجوز أخذ المعنى على الوجهين , أي المعنى المجازي اللغوي والمعنى غير المجازي, فأغلب الآباء يريدون من أبنائهم أن يكونوا مثلهم فكريا وأنا ألاحظ هذا الشيء في نظامنا البيئي الذي يحيط بنا من كل الجوانب, فأغلبية المتدينين إسلاميا منذ الصغر يعلمون أبناءهم على الذهاب معهم إلى المسجد والالتزام بجميع أوقات الصلاة, وأغلبية المتدينين والمتشددين تربوا أبناءهم على أيديهم فخرجوا إلى المجتمع وهم متسربلون بألبسة آبائهم, وهذا يشبه عملية الوراثة بالتربية, فهنالك جينات وراثية بيولوجية ينقلها الآباء إلى أبنائهم وهنالك موروثات ثقافية ينقلها الآباء إلى أبنائهم عن طريق التربية والتلقين المحض دون تعليم أو تدريب الأبناء على التفكير والاستنباط والاستقراء والاستنتاج, فتخرج شخصية الابن مطابقة لشخصية الأب في السلوك وفي التعامل, وحتى يتحرر الابن وتصبح له شخصية مستقلة يجب عليه أن يخرج من ملابس أبيه تماما كرواية نجيب محفوظ (لن أعيش في جلباب أبي) فقد كان الأبناء في الرواية يطمحون إلى تحقيق شخصيتهم ولكن وجود الأب على قيد الحياة كان يمنعهم من تحقيق ما يصبون إليه.

لذلك معظم شخصيات الوطن العربي الآن مشوهة, الأبناء صورة طبق الأصل عن الآباء, والآباء صورة طبق الأصل عن الأجداد, والأجداد صورة طبق الأصل عن أسلافنا, ولم ينجح أي واحدٍ منهم بمحاولة قتل أباه أو تنحيته عن السلطة والتربية والتعليم جهاز مشوه لأن الأب حاضر وما زال على قيد الحياة, ولا يستطيع أحد في الوطن العربي أن يقتل أباه ويمشي في جنازته, معظم الآباء أحياء يعيقون عملية التطوير والتحديث, يعارضون تمازج الألوان, يعارضون تغيير الأفكار وتطويرها, يعارضون التجديد والحداثة, يوافقون على التحديث فقط في حالة واحدة وهي إذا أرادوا تحديث الاستبداد والدعوة لنظام حكم الفرد المستبد العادل.

حتى نحقق مفهوم النهضة يجب علينا أن نحرض الأبناء على قتل الآباء معنويا وإلا فإننا سنبقى حتما نعيش مع الماضي وفي الماضي ومن أجل الماضي وسنبقى نضع الأرواح الجديدة في الأجساد الميتة أو كما قال (آرنولد توينبي): التقليد هدمٌ للشخصية وليس فنا وهو عبارة عن سكب دماء حية في أجساد ميتة.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

إتصال الحرة وسام مع رئيس الأمن العسكري بالسويداء العميد وفيق ناصر

obezyanإتصال الحرة وسام مع رئيس الأمن العسكري بالسويداء العميد وفيق ناصر

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

” قال كيسنجر اليوم “

iraqmeal” قال كيسنجر اليوم “
9.9.2014

إن إيران اخطر على العالم من تنظيم الدولة الإسلامية ….

لأنها تريد السيطرة على المنطقة وإقامة إمبراطوريتها تحت المسمى الشيعي …

في نفس الوقت العراق يعلن عن فراغ خزائنه من المال والأتجاه إلى الأفلاس إذا لم يستمر بتصدير النفط وزيادة الانتاج

سياسة شفط الثمن وتفريغ العراق من ثروته النفطية …

الوضع في سوريا القتال في حي جوبر القريب من العباسيين ،بقي القتال في العاصمة وأسبابها هو التطورات في العراق

اخفقت الحكومة العراقية بتقديم الدعم للأسد بسبب انسحاب ميليشيات موالية للأسد إلى العراق ومن حزب الله اللبناني ..

ثلاث مشاهد مهمة تدور رحاها بسبب التغيير في العراق ، مغادرة المنطقة ورفع الثقل الاقتصادي وحصار مالي على العراق

لأن وجود الآلة العسكرية مكلف وخطر وضحايا ….

الغريب ان كيسنجر باع إيران ، والمعروف ان هنالك تحالف إسرائيلي يهودي مع الفرس منذو زمن البابليين ..

فهل هذه تقية أم نهاية خدمة !!

الخوف من ظهور تيار ديني إسلامي معادي حقاً لإسرائيل والغرب ، والخوف من أن يفلت الزمام من يد الحلف ..

حلف روما ناقص ( ص) فيبقى صادين فقط …

قال خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره ان حرائق المنطقة سوف تصل إليكم وهو يعني بذلك الغرب

وقبلها اجتمعت قبائل روما وقرروا اثناء الاجتماع بضيفتهم الدولة الإسلامية ” العلمانيين يصنعون الدينيين ” تباً للتقية ..

تغير سريع وخطير في المنطقة السودانية يطرد الإيرانيين ، وحرب غزة المفتعلة بين حماس وإسرائيل …

إذا نحن أمام مشهد تقليم الأظافر في صالون الكبار …؟.

السؤال هو لماذا الآن هل هو بسبب التغيير الذي يشهده العراق وقلب الطاولة على أصحابها ( اكلب ) ..

إذا قسم العراق فستقسم إيران وتركيا والمملكة واليمن ومصر ولبنان وسوريا .

وتحقيق حلم الاحلام …

هيثم هاشم

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

بهيك جيش بيريد اتباع بيت الاسد إسقاط الطائرات الأميركية

tkalabatيومها التلج كان مغطّي حمص و ريفها، و البرد اللي جاية من جبال لبنان الشرقية بيخلّي الدم يتجمّد بعروقك..
مهجع المجندين في سرية المقر قيادة الفرقة ١٨ كان بهالليلة بمثابة مأوى لأكتر من خمسين عسكري رح توقف دقّات قلوبهون من البرد و هنن قاعدين تحت بطانيات تخوتهون..
طلعت من غرفتي اللي كاد مازوت صوبيتها يخلص ، و توجّهت بعد نص الليل الى مهجع المجندين للاطمئنان عليهون و السؤال عن ورديات الحرس ، فتفاجأت بمنظر الجنود المتجمدين من البرد تحت لفح موجات الهوا اللي عم تدخل من النوافذ المكسرة..
– زياد رح نموت من البرد، لازملنا مازوت و ما ضالل ولا نقطة من أكتر من اسبوع و ما حدا عم يرد علينا..

نظرت بعيون علي من الرقة و قلتلو: رح شوف النقيب المناوب و فيقوا فوراً لشوف كيف ممكن نحل هالموضوع..
دقّيت الباب عالنقيب ياسر قشعور المناوب في تلك الليلة، فشفتوا بصحبة اربع نقباء آخرين بالبروتيلات البيضاء عم يتعشوا و يشربوا عرق و الغرفة متل الحمام من دفى صوبية المازوت اللي رح تنفجر من الجمر اللي عم يحترق فيها..

شكيتلّو الموضوع و كيف انو المجندين رح يموتوا من البرد ، فكانت ردة فعلو مع صحبتو من الضباط بالضحك و ببهدلتي على مقاطعة ليلتهون الحمراء بهيك تفاهات..

أثناء خروجي من غرفة الضابط المناوب ، شفت مداخن صوبيات المهجع عم تعج بالدخان الأسود ، و ريحة المازوت المحروق مالية سما قيادة الفرقة ١٨ ، دخلت لعند المجندين و شفت فرحتهون ما سايعتهون، فسألت علي:
مشي الحال علوش؟؟؟؟

فجاوبني: أخدنا البيدونات و فتحنا دبابة اللواء و سرقنا المازوت منها..

بهيك جيش بيريد اتباع بيت الاسد إسقاط الطائرات الأميركية اذا ما سوّلت أنفسهم الطيران بالسما السورية..

ايه و الحشا بتطلع الطيارة و بتدخل سوريا و بتضرب هدفها و بترجع على مواقعها، و اللواء قائد الفرقة عم يصرخ للمجندين يدفشولو الدبابة الخالية من المازوت..

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

بالسَّلب والنَّهب باٌسْم الله شُطّارُ

albghdaywatch

أُمَّ الرَّبيعَينِ ضاعَ القمحُ والدارُ – حَلّ الظلامُ ولا ضَيفٌ ولا نارُ
ضاعتْ جُهودُكِ في التاريخ بلْ سُرِقتْ – لمّا تعاوَنَ سُرّاقٌ وتُجّارُ
وأَغفَلَتْ عَينُ سِنحاريبَ زَوبعةً – هَبَّتْ وإنْ سَبَق الإعصارَ
إنذارُ فراحَ يَبحَثُ عن أهلٍ وعن وطنٍ – وزادُهُ الحُلْمُ ما أعياهُ إبحارُ

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

أهل القرآن وإخوة يوسف

ababilbirdsالشيخ أحمد صبحي منصور – زعيم جماعة أهل القرآن – نشر أخيراً سلسلة من المقالات يهاجم بها شيوخ الأزهر ويقول عنهم دواعش (الحلقة الخامسة). وأنا لا أختلف معه في هجومه على شيوخ الأزهر الذين يزعمون أنهم “علماء الأمة” وهم في حقيقتهم لا يمتون للعلم بصلة، وينظرون دائماً إلى الخلف وتعيش عقولهم في القرن السابع الميلادي مع أن أجسادهم في القرن الحادي والعشرين. ولكن الشيخ أحمد صبحي منصور يهاجم السنة المحمدية ويحاول خداع القاريء بإيهامه أن الإسلام هو القرآن فقط مع أن كل المصائب التي حاقت بالمسلمين سببها القرآن الذي استقى منه الفقهاء فصول السنة. وبما أنه زعيم جماعة أهل القرآن، فهو يحاول أن يبيعنا القرآن بعد تلميعه لتغطية عيوبه. ففي كل سطر كتبه عن شيوخ الأزهر أضاف آية قرآنية دون أن يهتم للأخطاء العلمية والإملائية في آيات القرآن. فهو- حسب زعمه – يحاول أن ينقذنا من شيوخ الأزهر، ولكنه في الحقيقة هو واحد من إخوان يوسف، وكلهم كان ينوي قتل يوسف الذي هو نحن. وكما قال ناقد الأديان التنويري العراقي عبد الرزاق الجبران “مات الكاهن وجاء المثقف، وكلهم إخوة يوسف”.
يقول أحمد صبحي منصور في هجومه “يقول الدواعش وأمثالهم عن دينهم الأرضى إنه ( الثوابت ) وإنه ( المعلوم من الدين بالضرورة ) . تجنبوا أن يقولوا ( ما وجدنا عليه آباءنا ) لأنها مذكورة فى القرآن الكريم وصفا لمعتقدات المشركين فى كل زمان ومكان.” انتهى
ونحن نسأل الشيخ أحمد صبحي منصور كيف اعتنق هو الإسلام؟ ألم يجد آباءه على الإسلام فأسلموه وهو طفل رضيع، وربما أذّن أحدهم في أذنه ساعة ولادته، ثم في المدرسة ومن ثم في الأزهر؟ كل فرد في هذا الكون ينشأ على الدين الذي وجد آباءه عليه. فنحن لم نسمع بطفل ولد في المكسيك، مثلاً، من أبوين كاثوليكيين ثم قرر أن يعتنق الإسلام وهو طفل في المدرسة الابتدائية. ولكن القرآن ذكر شبه الجملة (ما وجدنا عليه آباءنا) كوصف للمشركين، ووافقه الشيخ أحمد صبحي منصور دون أي تفكير. محمد نفسه طاف بالكعبة الوثنية وساعد في بنائها عندما هدها السيل وعبد ما كان يعبد آباؤه حتى بلغ سن الأربعين. فالناس دائماً على دين آبائهم
يستمر الشيخ أحمد صبحي فيقول عن شيوخ الأزهر ” وإذا كانت لهؤلاء الجاهلين سطوة إستخدموها فى الإكراه فى الدين ، وهكذا كانت أساطين قريش تفعل مع الرسول عليه السلام فامره ربه جل وعلا ان يقول لهم : ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) الزمر ) . هؤلاء الجاهلون يستخدمون سلطتهم ونفوذهم فى منع مناقشة دينهم القائم على الكذب والافتراء . فإذا وُوجهوا فى مناقشة حرة مفتوحة تنتقد دينهم دون أن تحميهم السلطة أصابتهم البلبلة . وهذا هو حال دواعش الأزهر ، حين ووجهوا بأحاديث ألاههم البخارى التى يضحك منها الحزين . سارعوا بإعلان البلبلة ، وظهر أن ( ثوابتهم ) والمعلوم عندهم من دينهم ( بالضروطة ) ليس سوى أوهام فى أوهام وخرافات فى خرافات وأفلام هابطة تتفوق على الأفلام الهندية والمسلسلات التركية .” انتهى
إذا كان قرآن الشيخ الذي يحاول أن يبيعنا إياه هو كلام الله، فالله لا يجوز له أن يناقض نفسه ويشتم الناس الذين خلقهم في صورته. ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)، كيف يكون الإنسان جاهلاً وربه يقول (الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم) (العلق). فإذا كان الله علّم الإنسان ما لم يعلم، وعلّمه بالقلم، فشيوخ الأزهر إذاً، حسب زعم القرآن، ليسوا جهلاء. أو نكون جميعنا جاهلين لأن رب القرآن يقول (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (الإسراء 85). وبالطبع كلمة “الإنسان” اسم جنس وتعني جميع الناس. وكان حرياً بالشيخ أن يكتب الآيات كما هي في المصحف. الآية المذكورة من سورة الزمر تقول (أفغير الله تأمروني) وليس (تأمرونني) كما جاء في المقال. والشيخ أحمد صبحي محق في هجومه على شيوخ الأزهر وتقديسهم للبخاري، ولكن الشيخ المثقف لا يجوز له أن يستعمل اللغة النابية في وصف زملائه، فكلمة “بالضروطة” كلمة غير لائقة من شيخ يدعو للقرآن الذي يقول (إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). و (إذا مروا باللغو مروا كراما) (الفرقان 72)
يقول الشيخ أحمد صبحي منصور: “(وكل رسول خاطب قومه بلسانهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) ابراهيم 4 ) أى عبّر عن دين الاسلام بلسان قومه ليوضّح الحق لهم . ثم نزلت الرسالة الخاتمة بالاسلام تنطق بلسان العرب : ( مريم 97 ، الشعراء 195 ، الدخان 58 ). إن الدين الحق عند الله جل وعلا هو هذا الاسلام ، وهذه هى عالمية الاسلام الذى نزلت به كل الرسالات السماوية بشتى الألسنة.” انتهى
فإذا كانت الرسالة الأخيرة هي الإسلام الذي جاء به محمد، والقرآن يقول (وما أرسلنا من رسولً إلا بلسان قومه) فهل للشيخ أحمد منصور أن يخبرنا برسول واحد أرسله رب القرآن في أفريقيا أو الهند أو المكسيك، وخاطبهم بلغاتهم حتى يعرفوا رب القرآن قبل أن يقول رب القرآن لمحمد (وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (سبأ 28). فكيف يكون نذيراً لهؤلاء الأقوام وهو يأت بلغاتهم؟ فرب القرآن يجب ألا يرمي الكلام على عواهنه
يستمر الشيخ أحمد منصور فيقول ” بعد الموت تعود النفس للبرزخ الذى أتت منه تاركة جسدها الأرضى يتحلل ويعود للأرض . والبرزخ مستوى من الوجود لا زمان فيه ، هو نفس البرزخ الذى تدخله النفس فى النوم ثم تستيقظ منه” انتهى
غريب أن يخاطب الشيخ أحمد منصور القراء وكأنهم تلاميذ في الإعدادي. من قال له إن البرزخ مستوًى من الوجود لا زمان فيه؟ القرآن يقول عندما تحدث عن أن الله مرج البحرين (بينهما برزخ لا يبغيان) (الرحمن 20). وكذلك (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) (الفرقان 53). فالبرزخ هو الحاجز بين شيئين. ولا أعلم كيف أصبح مستوًى من الوجود لا زمان فيه. البرزخ في الإسلام هو الممر الذي يفصل بين الجنة والنار، واسمه الآخر الأعراف. الآية تقول (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلامٌ عليكم) (الأعراف 46). ثم يشطح الشيخ منصور فيقول عن البرزخ “هو نفس البرزخ الذي تدخله النفس [الروح] في النوم ثم تستيقظ منه”. وهو هنا طبعاً يعتمد على الآية التي تقول (الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) (الزمر 42). وهذا الكلام يثبت أن القرآن صناعة محمدية. النائم لا تفارقه روحه لتذهب إلى البرزخ. عندما ينوم الشخص يظل قلبه يعمل ويتنفس ويحلم ويتحرك ويتقلب في نومه. فإذا كان هذا الجسم بلا روح لأنها في البرزخ في انتظار أن يصحو من نومه فالروح إذاً لا فائدة منها للجسم لأنه يعمل بدونها.
ويقول الشيخ أحمد منصور ” هنا يرتبط ( العلم ) بالايمان لأن القرآن الكريم ( علم ) وأهل القرآن هم أولو العلم والايمان. وفى هذا يقول جل وعلا عمّن يجمع العلم والايمان : ( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة )” انتهى.
فإذا كان هذا هو علم القرآن وأهل القرآن فالأفضل لنا أن نكون بلا عِلم. وفي ادعاء أغرب من الخيال يقول الشيخ منصور، أخو يوسف “( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر ) فالعلماء هم الذين يخشون ربهم جل وعلا . وفى الآية إشارة علمية لأنواع الصخور وألوانها وأن الأطول عمرا فيها هى الأشد سوادا” انتهى.
من أين أتى أخو يوسف بأن في الآية إشارة علمية لأنواع الصخور وألوانها وأن الأطول عمراً فيها هي الأشد سواداً. أنا لم أجد في الآية أي شيء علمي. مجرد وصف لألوان الصخور، ويستطيع أي طفل أن يصف لنا ألوان الصخور. ربما يحتاج الشيخ أخو يوسف أن يستشير زغلول النجار في أمور الصخور هذه لأنه متخصص في الجيولوجيا. لا بد لأهل القرآن أن يُقحموا القرآن في كل شيء حتى الجيولوجيا. ألوان الصخور تعتمد على المعادن التي بالصخر. الصخور التي بها كمية كبيرة من الحديد تظهر سوداء للناظرين، وليس هناك أي علاقة بين عمر الصخور ولونها
ثم يُتحفنا الشيخ منصور بدليل علمي آخر من القرآن، فيقول ” ويقول جل وعلا : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43) ) العنكبوت ). المؤسسات الكهنوتية للمشركين وقبورهم المقدسة يشبهها رب العزة ببيت أنثى العنكبوت … فى داخل هذه المؤسسات الكهنوتية صراعات وشقاقات وتنازع ، وهو نفس ما يحدث فى بيت العنكبوت ، فالبيت تبنيه الأنثى (اتَّخَذَتْ بَيْتاً ) والأنثى هى التى تقضم رأس الذكر بعد أن يؤدى مهمته ، ثم يلتهمها أولادها ويلتهم الأولاد بعضهم بعض” انتهى
مشكلة الشيخ أحمد منصور هي التعميم في كل شيء، حتى العلوم التي لم يدرسها. أولاً وكما بينت له سابقاً أن الشبكة التي تنسجها العنكبوت ليست بيتها وإنما شبكة صيد فقط (انظر رابط المقال في آخر الصفحة). ثم أن ذكور العنكبوت، خاصة في بداية حياتها، تنسج شباكاً للصيد. وليس كل الإناث تأكل ذكورها بعد الجماع. هناك أنواع من العنكبوت لا تفعل ذلك. وبعض أنواع العنكبوت لا تنسج شبكة إطلاقاً، بعضها يحفر حفرة في الأرض وينزل بها ويغطيها بورق الشجر وعندما تمشي حشرة على تلك الورقة تقطع في الحفرة ويأكلها العنكبوت، وبعض أنواع العنكبوت يعيش على سطح الماء وعندما تقع حشرة على الماء يحس العنكبوت بذبذبات سطح الماء ويهجم على الفريسة. فالتعميم في العلم لا يفيد إذ أن أنواع العنكبوت التي تسنج شباكاً لا تزيد عن حوالي 30% من جميع أنواع العنكبوت. وقد قلت سابقاً للشيخ أحمد منصور إن كلمة “العنكبوت” اسم جنس تعني الذكر والأنثى. ولأن الآية قالت (اتخذت بيتاً) هذا لا يعني أنه يقصد الأنثى فقط. الشيخ أحمد صبحي منصور يحاول هنا أن يبيعنا بضاعة صينية على أنها بضاعة إنكليزية.
وفي استعراض لضيق صدر رب القرآن ببعض الناس الذين خلقهم – كما يقول – يتحفنا الشيخ بهذه القول “وبينما يوصف المؤمنون الموقنون بأنهم أولو الألباب الذين يتفكرون فى خلق السماوات والأرض ( آل عمران 191 ) فإن الله جل وعلا يصف الدواعش وأمثالهم بأنهم شر الدواب الذين لا يعقلون : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) الانفال” انتهى
كان لزاماً على رب القرآن أن يعرف أنه لا علاقة بين الصمم والعمى والعقل. فالأعمى يمكنه أن يقرأ بواسطة حروف بارزة ويمكن أن يكون أكثر عقلاً من غالبية المبصرين، مثلاً، الدكتور طه حسين. وكذلك الأصم يمكنه أن يخاطب الناس بلغة الإشارة ويكون أكثر عبقرية من غالبية المبصرين، بيتهوفن مثالاً. والأبكم كذلك يستطيع مخاطبة الناس بالكتابة بدل النطق. فهؤلاء المعاقين ليسوا شر الدواب كما يزعم رب القرآن. وهناك دواب أكثر فائدة من الغالبية من الناس، فمثلاً الكلاب البوليسية التي تكشف عن المخدرات، والكلاب التي تبحث بين الركام عن الناس المدفونين بعد الزلازل، والكلاب التي تقود العميان.
لو كان الشيخ أحمد صبحي منصور جاداً في تحديث الإسلام فليقترح تفسيراً عصرياً لآيات القتال القرآنية ويجعل القرآن متوائماً مع العصر. وخلاصة القول أن أهل القرآن واحدٌ من إخوة يوسف ولا فرق بينهم وبين رجالات الأزهر – إخوة يوسف الآخرين – وكلهم يبيعوننا سراباً. وهم ليسوا الذين أوتوا العلم كما يقول الشيخ أحمد صبحي منصور. الذين أوتوا العلم هم آنشتاين وجاليليو وديكارت وأمثالهم. لا خلاص لنا إلا بحصر الدين في المساجد والفصل بينه وبين السياسة.

مواضيع ذات صلة:  تأويل القرآن من أجل احتكار العلم 2-2

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

تأويل القرآن من أجل احتكار العلم 2-2

الجزء الأول: تأويل القرآن من أجل احتكار العلم 1-2

يقول الشيخ أحمد صبحي منصور إن الهداية الإيمانية متاحة لكل شخص يقرأ القرآن مهما كان مستوى ذكائه، لأن الذين ينتمون إلى الهداية الإيمانية لا يفهمون القرآن على كل حال. أما أهل الهداية العلمية، فهم أولو العلم وأهل الذكر، وهو واحد منهم. يقول الشيخ عن القرآن ((وقال تعالى عن تيسير القرآن الكريم باللسان العربى ، أى باللغة العربية التى كان ينطق بها النبى وقتها (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا : مريم 97 )) انتهى. فواضح من هذه الآية أن مهمة القرآن العربي هي إنذار العرب بالعذاب يوم القيامة إذا لم يؤمنوا بالله، ومكافأتهم بالجنة إذا آمنوا وعبدوا الله. فإذاً مهمة القرآن لم تكن تعليم الناس العلوم الطبيعية أو علم الذرة، بقدر ماهي تعريفهم بالله. فيجب على الشيوخ جعل القرآن كتاباً للعبادة في المساجد فقط بدل japanislamالمحاولات اليائسة لجعله دائرة معارف

Encyclopaedia

، فيخسرون القرآن ويخسرون العلم كذلك.                                                                                                           ويستمر الشيخ في رفع مكانة “الذين أوتوا العلم” وجعلهم خبراء في علم دراسة الحشرات

Entomology،

فيقول (أى أن هناك مستويات لفهم القرآن الكريم : مستوى الهداية الإيمانية للجميع ، ثم مستوى التعمق الذى لا يتاح إلا للباحثين العلماء الراسخين فى العلم . ونتوقف هنا مع مستويات فهم القرآن الكريم باعطاء مثالين للتوضيح ، الأول عن الحشرات والآخر عن الزمن ) انتهى.
وكمثال أول في علم دراسة الحشرات يأتي الشيخ بالآية (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ : البقرة 26 ) .
يقول الشيخ في شرح هذه الآية (فالآية السابقة تتحدث عن البعوضة الأنثى وليس الذكر، والضمير يرجع إلى البعوضة الأنثى ” بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ” . والراسخون فى العلم القرآنى ممن لهم خلفية فى علم الحشرات يستطيعون أن يفهموا الإعجاز القرآنى فى التركيز على البعوضة الأنثى وليس الذكر ، فالبعوضة الأنثى هى التى تتعامل مع الأنسان ، تلسعه وتنقل إليه الملاريا.) انتهى.
أولاً: إذا أخذنا الجانب اللغوي في الآية، نجد أن القرآن خالف البلاغة في أن المتحدث أراد أن يقول إن الله لا يستحي أن يضرب الأمثال بأصغر المخلوقات، مثل البعوضة، وكان الأجدر به أن يستمر في نفس السياق ويقول ” أو ما تحتها أو أصغر منها” للمبالغة. غير أن الآية تقول “بعوضةً فما فوقها”. فما فوق البعوضة يمكن أن يكون فيلاً أو حتى ديناصوراً. ولكن سياق الآية يدل على أن الله الكبير العظيم لا يستحي أن يضرب الأمثال بأصغر مخلوقاته وهي البعوضة وما هو أصغر منها.
ثانياً: الشيخ أحمد صبحي منصور يغتصب اللغة العربية ويتلاعب بها في محاولة بائسة لجعل القرآن كتاباً علمياً. فكلمة “بعوضة” لا يُقصد بها أنثى البعوض وإنما المفرد من البعوض، الذي هو جمع ومفرده “بعوضة” وتعني الذكر والأنثى. فليس هناك كلمة في اللغة العربية تعني المفرد الذكر من البعوض. يقول لسان العرب عن كلمة “البعوض” (البعوض ضرب من الذباب معروف، الواحدة منه بعوضة.) ونحن مثلاً نقول “يراعة” وهي الواحدة من اليراع ولا نعني بها اليراعة الأنثى. ونفس الشيء ينطبق على كلمة “فراشة” وتعني الواحدة من الفراش، ولا تعني الأنثى فقط. ولأن القرآن قال (بعوضة فما فوقها) لا تعني هاء التأنيث هنا أنثى البعوض بقدر ما هي ضمير عائد على الكلمة المؤنثة ذاتها. والقرآن مثلاً يقول (الشمس تجري لمستقر لها) والشمس حتماً ليست أنثى، ومع ذلك استعمل لها هاء التأنيث لأن كلمة الشمس مؤنث مثل كلمة بعوضة.
ثانياً: هناك أكثر من 3500 نوع من البعوض تنقسم إلى ثلاث أقسام رئيسية، منها الأنوفيليس التي تنقل الملاريا والفلاريا وأمراضاً أخرى للإنسان. وصحيح أن أنثى الأنوفيليس هي التي تعض الإنسان والحيوان، ولكن حوالي 80 بالمائة من جميع أنواع البعوض لا تعض الإنسان وتتغذى من رحيق الزهور. وحقيقة أن انثى الأنوفيليس هي التي تنقل الملاريا ولكن هذه الحقيقة لم يعرفها العلم الحديث إلا في حوالي العام 1898 عندما اكتشفها العالم الإنكليزي “روس”

Ross

بمساعدة “مانسون”

Manson

وبعض الأطباء الإيطاليين. فكيف يُعقل أن يذكر القرآن لعرب أميين في القرن السادس الميلادي حقيقة مثل هذه لم يكتشفها العلم إلا في نهاية القرن التاسع عشر؟ وإذا كان القرآن فعلاً قد ذكر هذه الحقيقة المهمة، لماذا لم يكشف الله لرسوله علاج الملاريا التي كانت وما زالت تقتل الملايين من الأطفال والشيوخ؟ لماذا انتظرت الإنسانية حتى القرن العشرين عندما تعلّم الناس من السكان الأصليين في أستراليا

Aborigines

أن لحاء شجر الكينين يعالج الملاريا؟ لماذا تركهم الله يعالجون الملاريا ببول البعير حتى القرن العشرين؟ ولماذا لم يسخر الله للفقهاء والعلماء المسلمين من أهل القرآن اكتشاف علاقة انثى الأنوفيليس بالملاريا بدل أن يترك هذا الاكتشاف العظيم للكفرة الإنكليز؟
ثم ينتقل الشيخ أحمد صبحي منصور الراسخ في علم القرآن وعلم دراسة الحشرات إلى العنكبوت، ويذكر الآية (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) ( العنكبوت 41 : 43). ويقول الشيخ في شرح هذه الآية ((ولقد ضرب لها مثلا بالعنكبوت حين تتخذ لها بيتا واهنا ،وهذه الأمثال التى يضربها الله تعالى للناس لا يعقلها ولا يفهمها إلا العالمون الراسخون فى العلم. هذا هو المفهوم مباشرة من الآيات الكريمة، ولكن فى الآيات إشارات واضحة بأن ما تحتويه يحتاج الى تعمق فى الفهم و العلم ، فالله تعالى يقول (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون ) أى إشارة للعلم.)) انتهى.
ولعلم الشيخ فإن الشبكة التي ينسجها العنكبوت ليست بيته، فهي شبكة للصيد. بعد أن ينصب العنكبوت الشبكة، يختبيء في شق بالحائط أو جحر بالقرب من الشبكة حتى تحط حشرة صغيرة على الشبكة وتعلق بها، فيأكلها العنكبوت. والناس الذين يعيشون في بلاد باردة يعرفون أن العناكب تدخل بيوتهم في الشتاء إذا تركوا باباً أو شباكاً مفتوحاً، حتى تعيش في دفء البيت. وهناك أحد عشر نوعاً من العناكب، خاصة في جزيرة هوايي

Hawaii

لا تنسج شبكة إطلاقاً وتعتمد في اصطياد الفريسة على طرق أخرى منها القفز على الفريسة، كما تقفز القطة، ومنها ما يحفر جحراً وينزل فيه ويغطيه بصفقة نبات جافة وعندما تطأ حشرة على الصفقة يسحب العنكبوت الصفقة بسرعة فائقة إليه ويمسك بالحشرة. ومنها ما يبصق سماً يشل حركة الفريسة فيلتقطها العنكبوت. وهذه العناكب ليس لها شبكة وتسكن في الكهوف أو الأجحار أو تبني منزلاً من أوراق الأشجار. وهناك عنكبوت كبير مثل الترانشيلا

Tarantula

تعيش في الغابات وتنتقل مع الأخشاب إلى البيوت وتعيش فيها. فبيت العنكبوت ليس أوهن البيوت كما تقول الآية، لأن الشبكة الواهنة التي نراها ليست هي بيت العنكبوت.
ومرة أخرى يتلاعب الشيخ منصور باللغة العربية ويقول لنا (هنا تجد فى القرآن الكريم إعجازا علميا سبق به العلم الحديث ، فحين يقول تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ) ( العنكبوت 41) فكلمة (اتَّخَذَتْ ) لا تدل سوى على العنكبوت الأنثى ، وهى التى تهيىء عش الزوجية للذكر ليلقحها، فاذا اتم التلقيح قتلته والتهمت رأسه ، وهذا عرفه العلم حديثا ، والمعجز هنا فى حرف التاء ؛ (تاء التانيث ) فى كلمة (اتَّخَذَتْ ) انتهى.
لماذا كل هذا التدليس والاغتصاب اللغوي؟ ومن المفروض أن يستفيد منه؟ هل يحاول الشيخ إقناع المسلمين بصحة القرآن وهم أصلاً مؤمنون به، أم يحاول إقناع نفسه أنه مازال يتبع دينياً إلهياً كثر حوله الشك؟ كون القرآن قال “أتخذت” فإن هذا لا يعني أنثى العنكبوت، كما يقول الشيخ. فكلمة العنكبوت كلمة مؤنثة ولكنها تدل على الذكر والأنثى. يقول الفراء (العنكبوت أنثى، وقد يُذكرّها العرب, وقال الشاعر:
على هطالهم منهم بيوتٌ *** كأن العنكبوت هو ابتناها
والتأنيث في العنكبوت أكثر) (لسان العرب).
وقال المبرد (العنكبوت أنثى ويُذكّر)
وسمى سيبويه ما تنسجه العنكبوت غزلاً، وقال الغزل مذكر والعنكبوت أنثى) (لسان العرب).
فإذاً كلمة العنكبوت كلمة مؤنثة تعني الذكر والأنثى، ولذلك قال القرآن “اتخذت” والضمير راجع إلى الكلمة المؤنثة وليس لأنثى العنكبوت، كما ادعى الشيخ. فليس هناك أي أعجاز، لا علمياً ولا لغوياً.
وصحيح أن بعض إناث العنكبوت تأكل ذكورها بعد التلقيح، ولكن هذه نسبة ضيئلة من جميع أنواع العنكبوت. وأكثر نوع معروف بأكل الذكر هو ما يُعرف بالعنكبوت الأرملة

Widow Spider

وهناك فصيلة خاصة منها تعيش في أستراليا وتُعرف ب “ذات الظهر الأحمر”

Redback

تأكل الذكر. ولكن حتى في هذا النوع المشهور بأكل الذكور فإن حوالي 60 بالمائة فقط من الإناث هي التي تأكل الذكور. أما البقية الأخرى من العناكب فنادراً ما تأكل الذكر إلا إذا كانت جائعة، ولذلك أصبح بعض الذكور يقدمون رشوى للأنثى قبل التلقيح عبارة عن حشرة ميتة حتى تشبع الأنثى ولا تأكل الذكر.
ثم ينتقل بنا الشيخ إلى الذباب ويذكر الآية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ : الحج73 ).
ويتحفنا الشيخ هنا بتفسير غريب للآية، فيقول (الراسخون فى علم الحشرات وعلم القرآن لابد أن يتوقفوا عند قوله تعالى (وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ) ، فالذباب ربما يكون الكائن الوحيد الذى يهضم الطعام قبل أن يبتلعه. أى إنه حين يأخذه قطعة من السكر مثلا فإنها يريق عليها لعابه فيتحول السكر إلى مكوناته الطبيعية فلا يصبح سكرا كما كان ، ثم بعد هذا يبتلع الذباب تلك المكونات التى تم تحليلها من السكر الذى كان !! .وتتم هذه العملية بسرعة بحيث يصبح من المستحيل إستنقاذ قطعة السكر التى تتحلل سريعا إلى مكوناتها الطبيعية من كربون وخلافه ) انتهى.
فقد أخطأ الشيخ الراسخ في علم دراسة الحشرات والقرآن لأن الذباب لا يهضم الطعام قبل أن يبتلعه وإنما طبيعة فم الذباب تجعله لا يقدر على بلع غير السوائل لأنه يستعمل خرطوماً يمتص به السوائل ولا يسمح له بشطف غيرها. ولذلك عندما يحط الذباب على قطعة سكر أو قطعة لحم فإنه يفرز لعابه ليذيب السكر أو اللحم حتى يستطيع امتصاصه. وهذا يختلف عن الهضم لأن الهضم يحتاج إنزايمات وهي لا تعمل إلا في درحة حرارة معينة داخل الجسم وتستغرق وقتاً طويلاً نسبياً. فالتذويب غير الهضم. وصحيح أننا لا نستطيع استرجاع ما امتصه الذباب من سكر أو غيره، ولكن هل نستطيع استرجاع ما ابتلعه الكلب أو الهر من قطعة لحم؟
وفي تلاعب أخير باللغة يقول الشيخ (ومن هنا يأتى الإختيار القرآنى للفظ (يَسْتَنقِذُوهُ ) : (وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ )، فمعنى الإستنقاذ هنا بالغة الدلالة ، ليس فقط فى معنى الانقاذ لما أوشك على التحلل والضياع ، وليس فقط فى السرعة و العجلة ، ولكن فى (السين و التاء ) وهما معا إذا جاءتا فى أول الفعل فانه يفيد الطلب ، مثل استقتل واستمات واستجلب وواستعمل واستنقذ) انتهى.
فالسين والتاء في أول الفعل لا تعني بالضرورة الاستعجال أو الطلب. فكلمة “استقتل” التي ذكرها الشيخ لا تعني الطلب والاستعجال في القتل. يقول المنجد في اللغة والإعلام (استقتل يعني استسلم للقتل). فأين الطلب هنا وأين الاستعجال؟ وفي لسان العرب نجد (استلبث الوحي على النبي” أي تأخر وأبطأ) وهو عكس ما زعمه الشيخ من الاستعجال والطلب. وكذلك عندما نقول (تستنكر الدول العربية الهجوم الإسرائيلي) فليس هناك أي طلب أو استعجال. وعندما نقول: يستفحل الداء في الدول الفقيرة، فلا نعني أي استعجال أو طلب. وكذلك عندما نقول: يستريب الزوج من تصرف زوجنه، فإننا نعلن حقيقة دون طلب أو استعجال. والمثل العربي يقول: لا يستقيم الظل والعود أعوج. فليس هناك أي طلب في هذا القول. وهناك آية قرآنية تقول (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك دون المؤمنين) (الأحزاب 50). فهناك نساء وهبن أنفسهن للنبي ولم يكن يرغب بهن، وحتى إن رغب لم يكن في العملية طلب واستعجال، إنما فكر في الأمر أياماً ثم قرر أن ينكحها أو يهبها لرجل آخر، وفي كلا الحالتين هو لم يطلبها. فأين الطلب والاستعجال هنا؟
ورغم وجود سورة كاملة في القرآن اسمها “النمل” فقد نسي أو سها الشيخ الدكتور الراسخ في علم الحشرات أن يذكر النملة الشهيرة التي تحدثت مع أصحابها وسمعها سليمان (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده) فلم يخبرنا الشيخ عما إذا كانت هذه النملة ذكراً أم أنثى والقرآن حكى عنها بتاء التأنيث. ونرجو أن يخبرنا الشيخ عن النملة الذكر، ما هي الكلمة التي ترمز إليه حتى لا نخلط بين الذكر والإنثى عندما نتحدث عن النمل.
أتمنى على الشيخ أحمد صبحي منصور أن ينزل من قطار “الإعجاز العلمي” الذي يقوده الدكتور زغلول النجار في أول محطة يصل إليها، ويركز على رسالة القرآن الإيمانية فقط. فالقرآن ليس كتاباً علمياً، ومحاولة الشيخ جعله ذلك سوف تقود إلى تعريض القرآن للنقد والتمحيص. اتركوا القرآن للمساجد ولن يتعرض له إنسان بالنقد.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment