الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (14)

mostafalidawiعقم مسار التسوية وعزة خيار المقاومة

كانت فلسطين كلها على موعدٍ دائماً مع الانتفاضة الشعبية الثالثة، وكان الشعب ينتظرها بفارغ الصبر، وكانت كل الإشارات تدل على أنها قادمةٌ لا محالة، وأنها ستكون الرد الفلسطيني الحاسم على كل الإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية، فالفلسطينيون في الوطن وفي الشتات يشعرون بعقم المفاوضات مع العدو الصهيوني، وأنها لن تفضي إلى شئ، وأن الوعود الإسرائيلية والضمانات الأمريكية والدولية لن تمنح الفلسطينيين شيئاً، ولن تحقق لهم دولة، ولن تعيد لهم وطناً، ولن تسمح للاجئين بالعودة إلى بلداتهم وقراهم في فلسطين المحتلة، ولن تحقق لهم شيئاً من الوعود التي قطعتها، ولن تلتزم بالضمانات التي أعلنتها.

منت الولايات المتحدة الأمريكية طويلاً، ومعها دولٌ أوروبية كثيرة، السلطة الفلسطينية بعسل السلام، وبرفاهية الحياة ورغد العيش، وبالمن والسلوى الذي ينتظرها في نهاية الطريق، شرط أن تتحلى بالصبر وسعة الصدر، وأن تتحمل بعض الأذى والقليل من الحرمان والمعاناة، وأن تتعاون مع الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية، وأن تحسن تفسير تصرفاتها، وألا تشك في سياساتها، وألا تؤلب المجتمع الدولي ضدها، وألا تحرض الشارع الفلسطيني وتؤجج مشاعره، وألا تستعجل الخطى معها، ولا تفرض عليها شروطاً مسبقة، ولا أخرى مزعجة، بل عليها أن تتفهم وجود الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، وشروط المستوطنين القاسية، ومواقف اليمين المتطرف، وغيرهم من أعضاء الائتلاف الحكومي الذي يحترمه نتنياهو ويلتزم بالسياسة معهم.

كذب الفلسطينيون الوعود الأمريكية، وفضحوا تعهداتها وضماناتها، ويأسوا من مشاريع التسوية، ومن خطط السلام، ومن المبادرات الدولية وشعاراتها الزائفة، وملوا زيارات وزراء الخارجية المكوكية السياحية، وشعروا بأن ما يطرحونه عليهم من مشاريع وأفكار، ورؤى ومواعيد وتواريخ نهائية، إنما هي كذبٌ وسراب، وهي لتضييع الوقت وذر الرماد في العيون، وتمكين العدو على الأرض أكثر، ليتمكن من تنفيذ المزيد من مخططاته، مستغلاً تبني السلطة الفلسطينية لخيار التسوية حلاً وحيداً للقضية الفلسطينية، ورفضها ورئيسها لكل مشاريع المقاومة، بل ومقاومته ومحاربته لها، وتحديه لكل القوى والفصائل التي تتبناها، واعتقاله للقائمين عليها، رغم علمه بعقم هذا الخيار، وأنه لن يحقق أياً من الأهداف الوطنية الفلسطينية.

ظن العدو الإسرائيلي في ظل انشغال الدول العربية وحكوماتها بمشاكلها الداخلية، أن الفلسطينيين سيقبلون بهذا الواقع، وسيستسلمون لهذه الخطوات، وسيعترفون أنهم وحدهم ضعفاء، وأن أحداً لن يلتفت إليهم أو يهب لمساعدهم، فكثفت حكومة نتنياهو من إجراءاتها التهويدية للمسجد الأقصى، فسمحت للمستوطنين والمتدينين اليهود بالدخول إلى الحرم، والصلاة في باحاته، كما أذنت لعددٍ من النواب والوزراء بدخوله في مواكب استفزازية، واستعراضاتٍ عدائية، بصحبة المئات من رجال الشرطة، الذين كانوا يقومون بحمايتهم أثناء الاقتحام.

كما سمحت الشرطة الإسرائيلية لطلاب المدارس الدينية في الشطر الشرقي من مدينة القدس، وفي محيط المسجد الأقصى، باستفزاز الفلسطينيين والسخرية منهم والتهكم عليهم، والاعتداء عليهم بالضرب والإساءة، وشتموا الرسول الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم، وحاولوا إخراج المرابطين والمرابطات من الحرم بالقوة، وخلال ذلك أصابوا بعضهم بجراح، واعتقلوا آخرين، ومنع كل من هو دون الأربعين من الصلاة في المسجد، في محاولةٍ منهم لتخفيف الأزمة والسيطرة عليها، ومعتقدين أن الفلسطينيين عاجزين وخائفين، وأنهم يشعرون باليأس والإحباط، وأنهم سيقبلون بالواقع عجزاً، ولن يثوروا عليه رفضاً.

لكن الشباب الفلسطيني من الجنسين، من سكان مدينة القدس والضفة الغربية، لم يعجبهم الحال، ولم يرضوا عن هذا الواقع، فهبوا للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، بما لديهم من إمكانياتٍ بسيطة، فاستخدموا السكاكين في الرد على الإسرائيليين، وعمت ظاهرة السكاكين مناطق مختلفة من مدن الضفة الغربية، وشعر الإسرائيليون بخطورتها، وأنها ككرة الثلج تكبر يوماً بعد آخر، وأنها تلحق الضرر بهم، فهي توقع بينهم ضحايا، كما أنها تسبب لهم الرعب والهلع.

جاء رد الفعل الإسرائيلي قاسياً وموجعاً، واتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات والقرارات الرادعة التي ظن رئيسها أنها حاسمة، وأنها ستقضي على الأحداث، وستخنق الانتفاضة في مهدها، وستعيد الفلسطينيين مرةً أخرى إلى مربع اليأس القاتم، ودوائر العجز الذليل، وستجبرهم على القبول بما يطرحه، والموافقة على ما يعطيه، دونٍ مقاومةٍ واعتراض، أو ثورةٍ ورفض، إذ سمح بقتل الفلسطيني في الشارع، وإعدامه بدمٍ بارد، بشبهةٍ أو بغيرها، وبسببٍ أو بدونه، وأذن للمستوطنين بالقتل، وسمح لهم بقوة قانون الاحتلال بمزيدٍ من البغي والفساد، دون أي مساءلة أو عقاب، ولا اتهام لهم بالجريمة ولا وصف لعملياتهم بأنها إرهاب.

رغم كل هذه الإجراءات، فإن جيلاً فلسطينياً صاعداً، قوياً مؤمناً، شجاعاً لا يتردد، صلباً لا ينكسر، وعنيداً لا يلين، ذكياً لا يخدع، وواعياً لا يغرر به، ويقظاً لا يستغفل، قرر أن يمضي في خيارته، وأن يصل إلى غاياته، أياً كانت التضحيات والتحديات، ومهما بلغ حجم الدم المهراق، وعمق الجرح المكلوم، رافضاً خيارات التسوية المذلة، ومفاوضات السلام المهينة، ووعود الغرب الكاذبة، وضمانات العدو الزائفة، معتقداً بيقين أن هذه مسيرة شعب، وانتفاضة جيلٍ، وحركة أمة، تتطلع إلى الحرية والتحرير، فلا يهمها ما تلاقي، ولا يعنيها شدة ما تواجه.

إنها الانتفاضةُ، خيارُ ذات الشوكة، فيها معاناةٌ وألمٌ ، وحزنٌ ووجعٌ، وفقدٌ وخسارةٌ، وتضحيةٌ وعطاء، وفيها محنةٌ وفتنةٌ، ولكن خاتمتها دوماً خيرٌ، ومآلها فوزٌ، ونتيجتها نجاحٌ، ونهاية الشوط فيها سلامةٌ وأمان، والدم المهراق فيها يعبد الطريق، ويسوي المسار، ويصحح المسيرة، ويبقي على جذوة المقاومة متقدة، ونارها مشتعلة، والشهداء فيها مناراتٌ يضيئون الطريق، وينيرون الدرب، ونجومٌ في السماء يهدون السبيل، ويأخذون بالنواصي والأقدام إلى جادة الحق والصراط المستقيم، وأعلامٌ على الأرض وبين الناس، يذكرونهم ولا ينسونهم، ويحفظون فضلهم ولا يجحدون تضحياتهم، ولا ينكرون عطاءاتهم، إنها درب العظماء، وسبيل الكبار، قد سبق إليها الرسل والأنبياء، وسار على نهجهم المخلصون والشهداء.

بيروت في 24/10/2015

Posted in فكر حر | Leave a comment

DNA- Khamenei said Yes- 23/10/2015

DNA- Khamenei said Yes- 23/10/2015
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | 1 Comment

بالفيديو القوات الاميركية تحرر 70 سجين من داعش كانت تحضر لإعدامهم

بالفيديو القوات الاميركية تحرر 70 سجين من داعش كانت تحضر لإعدامهم
Master Sgt. Joshua Wheeler was killed during a rescue operation in Iraq to retrieve around 70 hostages facing “imminent mass execution.”
A US-made F-22 Raptor

Posted in English, يوتيوب | Leave a comment

ما لا تعرفونــــه عن آل الاســـد 10 نمير الأســــــــــــــــد

الحلــــــــقة العاشـــــــــــــــــرة ” نمير الأســــــــــــــــد”
هو ابن بديع الأسد أحد ابناء عموم الرئيس السوري بشار الأسد. من مواليد القرداحة ويعد من الجيل الثالث من أسر عصابات مافيا الأسد المالكة لسوريا. موبقات هذا الغلام هي توجيه رسالة مفادها أنه أكبر من أي قانون، وأنه قادر على الوصول إلى مايريد دون عوائق … تحت حماية عناصر الأمن وتسهيلات من الحاكم نفسه !! استطاع نمير الأسد منذ ان ورث ابن عمه بشار الأسد رئاسة الجمهورية أن يتزعم عصابة للسطو المسلح كان نشاطها يتركز في الساحل السوري ولبنان وهو الرجل الثاني في عصابة “الشبيحة” بعد قريبه صاحب اللقب “شيخ الجبل” !!! شهد السوريون في آخر سنتين اقتراب نشاطات هذه العصابة من العاصمة دمشق. ويقول البعض أن أحد أسباب الاقتراب من دمشق هو عدم وجود التسهيلات لعصابة نمير الأسد على الأراضي اللبنانية كما كانت في السابق قبل انسحاب الجيش السوري. يُشار إلى أن الرئيس بشار الأسد شنّ منذ ما قبل توليه رئاسة الجمهورية حملة على بعض أبناء العمومة المتهمين بتشكيل عصابات “مافيا” في الساحل السوري بالذات خوفاً من استيلائهم على الحكم (الورثة)، بتكليف من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي رآى في نشاطهم تشويهاً لسمعة الأسرة. ويخشى المواطنون سطوة هؤلاء المتنفذين، الذين يُلقبون ألقاباً مختلفة، وأحدهم معروف بلقب “شيخ الجبل” في جبال سورية الغربية.

منجزات نمير الأسد:

لم يسمع السوريون بهذا الاسم إلا منذ سنوات قليلة نظراً لسنه الذي لايتجاوز الثلاثينات من عمره.
في أيار (مايو) 2005 هاجمت عصابة نمير الأسد سيارة شرطة عسكرية و”حررت” سجيناً هو من أفراد العصابة. وعلى طريقة أفلام “الأكشن” الأمريكية اعترضت ثلاث سيارات مرسيدس (شبح) تعود أرقام السيارت إلى القصر الجمهوري ولكنها في الواقع تحت تصرف عصابات يُعرفون بـ “الشبيحة” القادمين من محافظة اللاذقية سيارة سجن تابعة للشرطة العسكرية عند جسر حرستا على طريق دمشق – حلب، وقامت “بتحرير” مطلوب كانت سيارة الشرطة العسكرية تنقله إلى المحكمة للاستماع على أقواله. والسيارات الثلاثة تعود لعصابة نُمير الأسد التي علمت بموضوع نقل أحد أعضائها المعتقلين إلى المحكمة العسكرية فقامت بمتابعة السيارة العسكرية وأوقفتها عند جسر حرستا وأحاط المسلحون بها من كل جانب ثم أطلقوا سراح زميلهم الذي انضم إليهم. وعمدت السلطات السورية فوراً إلى معاقبة قائد موقع دمشق في الشرطة العسكرية العميد ناظم درويش وحولته إلى المقر العام دون مهمة بانتظار قرار تسريحه الذي سيصدر في شهر تموز/ يوليو، كما هو متوقع. لكن السلطات الأمنية استطاعت لاحقا القبض على السجين الهارب. وكان المدعو نمير الأسد هرب من السجن وعاد لممارسة نشاطه بالسطو المسلح على الأماكن العامة وممتلكات المواطنين. وكان قد استخدم اسم عائلته لإطلاق سراحه مدعمة بمبلغ نصف مليون دولار رشوة لضباط الأمن مقابل تركه “يهرب” من السجن علماً بأن الرئيس بشار على علم بهذا الأمر ولم يمانع هرب نمير كونه من أولاد العم!! يجدر القول أن نمير الاسد هو رئيس العصابة التي سطت على المال في فندق السمير اميس في صيف عام 2004 بدمشق..

وفي شباط (فبراير) 2005 وفي حادثة هي الأولى من نوعها في مدينة دمشق استغل أربعة لصوص حالة الأمن والاستقرار التي تعيشها سورية وقاموا باقتحام شركة الهرم للحوالات قرب مؤسسة البريد بدمشق, وسرقوا نحو 43 مليون ليرة سورية تحت التهديد بالسلاح الذي كان اللصوص يحملونه. وحرصت سوريا الحرة على تقديم عرض كامل للفيديو كليب لعملية السطو والذي تم تسجيله من قبل كاميرة المصرف في وضح النهار. (شاهد الفيديو)

nomirelassad

وأكد السيد وزير الداخلية غازي كنعان آنذاك على الحرص الكامل لدى الوزارة لمعرفة أولئك المجرمين, فكانت الاجتماعات المكثفة في مكتب الأمن القومي لما لهذا الموضوع من تأثير على أمن واستقرار البلد والاستثمار أيضاً وقد تمكنت من التوصل إلى معرفة الأشخاص الذين قاموا بتلك العملية وإلقاء القبض عليهم بعد عملية اشتباك مع العصابة في الجرجانية منطقة الزبداني المكان الذي استقرت فيه العصابة.

وعندما علم ان عملية السطو كانت تابعة لعصابة الأسد, أبلغ وزير الداخلية غازي كنعان الرئيس بشار الأسد بتطورات ونتائج التحقيق والذي كان في زيارة رسمية للأردن في ذلك الوقت. وأخبر الرئيس بشار الوزير بأنه لابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي كان بغض النظر. كلام مشجع وجميل من رئيسنا المفدى لوكان صحيحاً وصادقاً. نقول هذا الكلام لأنه بعد القبض على نمير الأسد تم تهريبه من السجن بمعرفة بشار الأسد شخصياً … وهو اليوم طليق يرزق ومايزال يمارس هواية السطو المسلح مابين الساحل السوري والعاصمة دمشق.

الجريمة التي حصلت أخذت اهتماماً كبيراً من وزارة الداخلية وبدأت متابعتها من كافة الوحدات الشرطية حتى وصلت معلومة مفادها أن هذه المجموعة تتواجد في الجرجانية بمنطقة الزبداني وفي مكان غير معروف تمت متابعة هذه المعلومة إلى أن تم الامكان من التأكد من معلومة موثقة أن هذه المجموعة سترسل أحد الأشخاص إلى مدينة حمص لإحضار بعض الحاجيات, وستلتقي بشخص على مفرق القصير في الساعة السابعة والنصف صباحا.ً اتصلت عناصر وزارة الداخلية برئيس فرع الأمن الجنائي بحمص وطلبت منه التواجد في المكان المذكور وبشكل غير معروف ومعرفة هذا الشخص أو على الأقل معرفة نوع السيارة التي سوف تحضر من حيث اللون والرقم والنوع ومتابعتها من القصير إلى دمشق أثناء العودة دون التعرض لسائقها.

وفي الساعة الثامنة صباحاً علم العميد محمد علي الصالح مدير إدارة الأمن الجنائي رئيس فرع الأمن الجنائي بحمص أن السيارة قد وصلت والتقت بشخص لمدة حوالي نصف ساعة ثم توجهت إلى مدينة دمشق, وتم إعطائه نوع السيارة ورقمها ولونها وهي تكسي لون ذهبي أوعز بعد ذلك بتحريك الدوريات بسيارات مختلفة على طريق حمص – دمشق وعلى كافة المفارق المؤدية إلى الجرجانية بمنطقة الزبداني, وبقيت السيارة تحت أبصار رئيس فرع الأمن الجنائي بحمص وكان برفقته ضابط آخر بسيارة أخرى حتى وصلت السيارة المذكورة إلى منطقة عدرا حينها تولت الدوريات من إدارة الأمن الجنائي متابعة هذه السيارة ومن ثم فرع الأمن الجنائي بدمشق وبشكل منسق جداً, اجتازت السيارة مدينة دمشق متوجهة نحو الزبداني إلى ان وصلت إلى بلدة الجرجانية, وكان العميد على اتصال دائم مع كافة هذه الدوريات.

وطلب العميد منه عدم التعرض إلى هذا الشخص على الإطلاق ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يلاحظ أن أحداً يلاحقه ويراقبه, توقفت السيارة بعد ذلك أمام أحد الأبنية ونزل منها السائق إلى إحدى الشقق ثم خرج بعد عشر دقائق وتوجه إلى مكان آخر وأحضر معه أحد العمال لاصلاح شوفاج في الشقة وقبل أن ينتهي من إصلاح الشوفاج ذهب بمفرده إلى مطعم وأحضر مواد غذائية تقدر لستة أشخاص, ثم دخل نفس الشقة وخرج برفقة العاملين اللذين كانا بالشقة وبقي الطعام بنفس الشقة, طلبت من الدورية مراقبة هذه السيارة دون التعرض لسائقها على الإطلاق لعل هناك مكان آخر يمكن أن يتوجه إليه, توجهت السيارة إلى مدينة دمشق وتوقفت عند عدة محلات ثم استقرت في ركن الدين.

وطلب العميد بعد ذلك إحضار تلك السيارة والسائق إلى إدارة الأمن الجنائي لتدقيق وضع هذا الشخص وعلاقته بهذه العصابة وعلى الفور تبين أن هذه العصابة تقيم في نفس الشقة التي ذهب إليها هذا السائق وأنه كان بمدينة حمص بتكليف منهم. أعلم العميد وزارة الداخلية بهذا الموضوع ونسق مع كافة الوحدات الشرطية المعنية منها وحدة المهام الخاصة, قيادة شرطة دمشق وريفها وفرع الأمن الجنائي بدمشق وريفها ومنطقة الزبداني. وبعد ان تم إجراء دراسة كاملة عن البناء والشقة والشارع توجهت عناصر الأمن الجنائي جميعاً إلى البلدة المذكورة مساءً وانتظرت وبعد أن وضعت خطة محكمة للتعامل مع هذه العصابة الخطرة, بدأت عملية اقتحام الشقة بعد أن تم تطويق المنطقة بشكل دقيق وكامل بحيث لا يمكن أن يفر أي فرد من أفراد العصابة ولا بأي شكل من الأشكال وقد تولى قائد وحدة المهام الخاصة وعناصره عملية الاقتحام وبدأت عملية الاقتحام والاشتباك مع أفراد العصابة بعد أن طلب منهم تسليم أنفسهم وحين رفضوا وباشروا بإطلاق النار ورمي القنابل على أفراد عناصر الأمن الجنائي, قامت بتوجيه النار واستمرت العملية ساعة ونصف متصلة وبعد الانتهاء من العملية تبين مقتل اثنين من أفراد العصابة هما باسل محمد زاهد من دمشق وعمار صبرا أيضاً.

وتم القاء القبض على سائر سليمان وحسان الآغا ونمير بديع لأسد. وجميعهم لهم سوابق, وكان من نتيجة العملية جرح سبعة من عناصر الأمن واستشهاد الشرطي وسيم وردة . بتوجيه من السيد وزير الداخلية تم تكليف وحدة المهام الخاصة لمتابعة هؤلاء المجرمين المطلوبين للعدالة وقاموا بالتنسيق مع إدارة الأمن الجنائي بوضع خطة ودراسة للمكان المتواجدين فيه وقسموا العمل إلى مجموعات اقتحام ومداهمة ومجموعة تغطية وعزل وتطويق.

وفي مساء يوم الثلاثاء وحتى صباح اليوم التالي قاموا بمراقبة مكثفة واستطلاع مستمر لتنفيذ المهمة على احسن وجه وتم تحديد الساعة السادسة صباحا من يوم الأربعاء للمواجهة وبإشرافهم مباشرة, ومن خلال مكبرات الصوت طلبوا من أفراد العصابة تسليم أنفسهم حتى يتم الابتعاد عن عمليات إطلاق النار وإزهاق بعض الأرواح الموجودة هناك, فرفضوا الانصياع لهذا الأمر, فقامت حينها مجموعة الاقتحام باقتحام الشقة حتى وصلت إلى الغرفة الموجودة فيها عناصر العصابة وتم إطلاق النار المتبادل وكانت العصابة قد ألقت بعدد من القنابل اليدوية الموجودة بين أيديهم, وأصبت ببعض الجروح بعدها تم الاشتباك المباشر وقتل اثنين من عناصر العصابة وجرح سبعة من عناصرنا واستشهد الشرطي وسيم وردة الذي أبلى بلاء حسنا مع رفاقه.

وقامت عناصر الداخلية بعدها بإلقاء القبض على الباقين وصادرت الأسلحة الموجودة لديهم, كانت عبارة عن ثلاث بنادق روسية و ورشاشين وأحزمة ناسفة عدد اثنين وجهاز مراقبة لاسلكي وعصا كهربائية وصناديق فيها قنابل يدوية وأجهزة خلوية متعددة, بالإضافة إلى مبلغ يقدر ب¯ 32 مليون و 135 ألف و 425 ليرة سورية ونجري حالياً التحقيقات مع باقي أفراد العصابة.

لم يتم الاكتفاء بتلك المعلومات بل تابعت ذلك من خلال لقاء أفراد العصابة الموقوفين لدى إدارة الأمن الجنائي وبرفقة العميد محمد علي صالح مدير الإدارة واللواء عبد الكريم صالح مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية وبموافقة شخصية من السيد وزير الداخلية تم القيام بإجراء اللقاءات التالية مع كل من:

1 – نمير بديع الأسد: قال لقد خطط لنا من قبل أشخاص في موقع المسؤولية بوزارة الداخلية, وقمنا بالتحضير قبل أيام لتلك العملية.

2 – محمد حسان الآغا: نفى معرفته بتلك العملية وقال انه لم يكن له أي دور في تلك العملية ومهمتي الوحيدة هي جلب أغراض خاصة لهم من طعام وسواه وقد تعرفت عليهم من قبل باسل محمد زاهد.

3 – سائر سليمان قال:خططنا لتلك العملية كأي عمل يخطط له بهدف الحصول على مكاسب مادية.

وقد ساعد تتبع مكالمات هاتفية لنمير في القبض عليه وعلى أفراد عصابته قرب الزبداني. ووالد نمير هو ابن عم الرئيس بشار الأسد، وتقول المصادر إنه توفي قبل عامين.

من جانب آخر ذكرت مصادر في وزارة الداخلية أن وزير الداخلية اللواء غازي كنعان تلقى تهديدات جدية تتعلق بأولاده بعد اعتقال مجموعة نمير؛ وأن وزير الداخلية أخذ هذه التهديدات على محمل من الجد.

ولكن…بعد كل الجهود والتضحيات من عناصر وزارة الداخلية والأمن الجنائي في القبض على أفراد عصابة نمير الأسد تم إطلاق سراح نمير “الأسد” فقط بعد سجنه لمدة أقل من شهر واحد وذلك بعلم وموافقة الرئيس السوري بشار الأسد !!!

ما يصوره الشريط المرفق هو عملية من عمليات المافيا في الاستيلاء على أحد مكاتب تحويل الأموال، في بلد عربي يتمتع بالأمن والأمان، كما يصر مسؤولوه على تأكيد ذلك لشعبهم ولشعوب الأرض صباح مساء، وفيه أكثر من ستة عشر فرعاً أمنياً تحصي على المواطن أنفاسه، وتسمع دبيب النملة. ففي سورية الشقيقة، العام الماضي، جرت حادثة سرقة “مكتب الهرم” لتحويل الأموال الذي يقع في سنتر العاصمة دمشق. والشريط المرفق صّور أوتوماتيكياً بكاميرا المكتب، ويظهر فيه “نمير الأسد” (بـ”الكاسكيت”) الذي يقود عناصر المافيا التي سرقت مكتب الهرم لتحويل الأموال.

بقي أن نذكر مشاهدي الشريط بأن السيد نمير (الأسد) حر طليق اليوم بعد أن قبض عليه وجرى تهريبه من السجن”.

هذه هي سوريا بشار الأسد ، امتداداً لعائلة الأسد، أولاد العم وأولاد الخال…عصابات المافيا تنتهك ممتلكات الشعب السوري وتجني من المال الحرام مليارات الدولارات وأموالاً لاتأكلها النيران من سرقات غير شرعية كما هو حال بطل قصتنا هذا الأسبوع نمير الأسد الذي بلغت فيه الوقاحة للسطو على حرمات أهل الشام في وضح النهار على طريقة “التشليح” ومعه رشاش اوتوماتيك مستعد لتفريغه في جسد من يقف في وجهه..
والحكومة والأمن السوري يحميهم ويساعدهم …

هذا النظام ( نظام المافيا ) … لايصلح له إلا التغيير الجذري، ومن ثم، مصادرة الأموال الغير شرعية التي نهبوها من الشعبين السوري واللبناني …وإعادتها إلى خزينة الدولة، ليستفيد منها الشعب المنهوب والمغلوب على أمره

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

سؤال جريء 427 لماذا نكره اليهود ؟

لقد تعلمنا (كمسلمين) منذ الصغر أن نكره اليهود، تعلمنا أن الله يكره اليهود وغضب عليهم، وأنهم قتلة ومنبع الخبث، تعلمنا أن اليهود سحروا النبي وسمموه وقتلوه، تشربنا كراهية اليهود حتى صارت كلمة يهودي مسبة في ثقافتنا. فهل نكره اليهود بسبب فلسطين أم بسبب العقيدة؟ هل فلسطين مجرد حجة تستخدم في تبرير الكراهية الدينية التي وجدت منذ ألف وأربعمائة سنة؟ هل تعلمنا كره اليهود قبل قيام دولة إسرائيل أم بعدها؟

muf70

Posted in فكر حر, يوتيوب | 1 Comment

النعل …آخر تقليعات الشباب في اللطم

rodenyباشرت اللجنة الوزارية المكلفة بتوزيع النعل المستخدمة في اللطم في بعض مواكب العزاء في ايام عاشوراء الحالية الى جمعها مرة اخرى في نهاية العشرة الاوائل غدا بعد انتهاء واجب الشباب فيها.
وكانت هذه اللجنة قد استوردت اكداسا من النعل الحديثة من عدد من دول الجوار ودول اخرى متخصصة في صناعة النعل الحديثة مع نعالات “ابو زنوبة”.
وتم خلال الاسبوع الماضي توزيع هذه النعل الحديثة مع البطاقة التموينية لمن يرغب ان يشترك في اللطم في مواكب العزاء العاشوري.
ولم تحدد هذه اللجنة اعمار الذين حصلوا على هذه النعل رغم ان المتابعين لعملية التوزيع تأكدوا ان الكثيرين من الشباب لم يستعملوها في اللطم وانما لأغراض اخرى لم يكشف عنها.
وكانت بعض المواكب العزائية قد ارتأى مسؤوليها ادخال النعل في اللطم من اجل مسايرة العصر واحداث التغيير المطلوب.
وكانت ظاهرة اللطم بالنعل قد بدأت منذ اربع سنوات، كما يشير احد المراقبين من اولاد الملحة، ولكن النعل المستعملة لم تكن بالمستوى المطلوب مما حدا بالجهات المعنية الى استيراد النعل الحديثة.
وعلم احد المقربين من هذه اللجنة والذي لم يشأ ذكر اسمه ان خبير صناعة النعل في اللجنة قد زار احدى الدول المجاورة عدة مرات مما يطلق عليها اعلاميا بالزيارات المكوكية ليشرف بنفسه على صناعتها والتأكد من ادخال المواصفات الفنية التي وردت في العقد الذي يقع في 55 صفحة بحجم (آي فور).
ولم يعلن عن هذه الزيارة الا قبل اسبوعين حيث دعت اللجنة ممن يرغب الى قبول هذه الهدية بمناسبة ايام محرم بغية دعم المواكب الحسينية بالمستحدثات الجديدة.
وجاء في الفقرة الخامسة والعشرون من العقد مايلي:
“يشترط ان تكون جلدة النعال من الاسفل مغطاة بنسيج خشبي من الخشب لكي يحدث الأثر المطلوب اثناء الضرب بها على الرؤوس .ورغم ان مقرر اللجنة تحاشى ذكر نوع النسيج المستعمل الا انه يعتقد ان نسيج خشب الصوان الذي يعتبر من انواع الخشب الثمينة قد استعمل في تلك النعل.
وفي ملحق للعقد كتب على صفحته الاولى (سري للغاية) اشترط المقرر ان يعلن سعر التصنيع مع تكاليف الاستيراد بمناقصتين يحدد في الاولى السعر المعلن وفي الثانية السعر المطلوب من اللجنة الوزارية.
ورغم ان عددا من المرجعيات وقفت بشكل محايد امام هذه الظاهرة الا ان الهمس الذي دار بين المرجعيات الاخرى اشار الى ضرورة ان تمر هذه التقليعة بسلام لحين انتهاء مراسيم العزاء.
فاصل قندرجي:احتج العديد من صنّاع الاحذية والباعة على هذه التقليعة وأكدوا انهم على استعداد لتزويد اللجنة باحذية ضمن المواصفات الفنية في السنة المقبلة.
راحت عليكم يازبلوق وباتا.

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

عراقيون منسيّون .. الأقليّة السوداء في العراق

مضى عليهم الاف السنين وهم يعيشون في تلك البقعة الجنوبية لبلاد ما بين النهرين ، عند البصرة وذي قار و ميسان وحتى بغداد .عراقيون منسّيون من ذوي البشرة السوداء ، أو ما يطلق عليهم في بلاد العرب ( العبيد ) ، هؤلاء البشر من جيء بهم عنوة كرقيق واسرى حرب او غنائم لاستعبادهم ، واخرون جاؤا بقصد الابحار والتجارة ونصرة الدين .
جميعهم من اصل واحد وهو.. ارض افريقيا ..ومنها الى ارض جنوب بلاد النهرين ..التي فتحت اذرعها لهم فاحتضنتهم وآوتهم .. فكانوا اوفياءً ومخلصين لها .. لم يبرحوها رغم تسلط وقساوة اسيادهم من سلاطين وملوك وامراء ورؤساء والمتاجرين بهم ..
ولكن التاريخ الاليم يذكرنا بماضيهم .. والحاضر المر يشهد واقعهم .. والمستقبل المجهول ينتظرهم ..

الجذور

تتحدث بعض الاساطير التي جاء بها التاريخ ، بان الملك الكوشي النمرود عبر بجيشه من وراء مياه اثيوبيا في شرق افريقيا الى بلاد مابين النهرين ليؤسس اقدم الحضارات في العالم ، وتروي الاساطير العبرية في سفر التكوين ، بان النمرود كان من الصيّادين الجبابرة ، لايقوى عليه احد ، وبنفس الوقت كان مشهورا في بناء المدن الكبيرة ، وساد حكمه على اقاليم بلاد الرافدين وشمالها لتصل الى اصقاع الدنيا وبلاد فارس .
ويتفق الكثير من المؤرخين بان النمرود كان اسود البشرة ، وان جيشه كان من الافارقة ، وهذه النظرية استندت الى الموجودات والالواح الاثارية والتي عثر من بينها على دلائل بوجود جنس بشري من اصل افريقي استوطن تلك المناطق من بلاد الرافدين ، ولاعتقاد البعض من الاثاريين على ضوء ماعثر لمنحوتات تعود لفترة حكم النمرود (2200 ــ 2154 ق.م ) وكانت تجسد الملك او احد اولاده واحفاده ، وهي مصنوعة من الصلصال الاسود ، وللمتابع يمكن ان يلاحظ ذلك من خلال المعروض في المتاحف العالمية بل وحتى الوطنية، بتجسيد الشخصية الاسطورية النمرود بشعررأس ولحية يشكل لولبي صوفي ، وكذلك ملامح الوجه الافريقي.

قد تتملكنا الدهشة حين نعلم ان اصحاب البشرة السوداء في العراق عبارة عن هجين لثلاث مجموعات بشرية من شعوب القارة الافريقية والتي استوطنت بلاد الرافدين، وان بعض السومريين والعيلاميين هم من اصحاب البشرة سوداء .
وتدل عدد من التحف الاثارية بنقوش ورسومات تظهر شخصيات سومرية وعيلامية بملامح افريقية ، بالرغم من اعتقاد الكثير من المؤرخين بان السومريين هم اقوام سامية ، ومع ذلك يطلق عليهم ( شعب الرأس الاسود ) ، وهي المجموعة الاولى.

اما المجموعة الثانية ، وهم من العساكر العيلاميين الاشداء الذين خاضوا حربا مع الاشوريين( 693 ق.م ) بقيادة الملك سنحاريب ، وقتل الملك العيلامي في هذه الحرب ( كودرو ناهنوت ) ، واسر اعداد كبيرة من العيلاميين وجلبهم الى مملكة اشور كعبيد وخدم في قصور المملكة واقاليمها ، وكان غالبيتهم من اصول افريقية .
كان الاشوريون ، والنوبيون ( حوض النيل ـ مناطق جنوب مصر والسودان ـ) القوتين العظيمتين على سطح الارض ، وكانت الحرب الطويلة والشرسة التي حدثت بينهما وامتدت مابين عام 700 ـــ 600 ق.م لمحاولة السيطرة على مناطق البحر الابيض المتوسط واخضاعها لسيطرة كل منهما . وعندما اجتاح الاشوريون بلاد الشام في ذلك الوقت ، كان النوبيون قد تحالفوا مع يهود اورشليم الذين كانوا لايمتلكون القوة لمجابهة الجيش الاشوري ، لذا ارسل النوبيون بجيشا لحماية اليهود ، واذا بالاشوريين يغزون مصر ودفعوا بجيوش النوبيين المتقهقرة الى المناطق الجنوبية من مصر ، وجلبوا معهم الاسرى الى مملكة اشور وغنائم الحرب .
وبمرور الازمان ، فان اصحاب البشرة السوداء العبيد، فرّوا تباعا من قبضة اسيادهم في الممالك والاقاليم في الشمال والوسط بسبب الظلم والاضطهاد والعبودية ، ومنهم من هرب الى اماكن نائية بعيدة عن حدود الممالك ، وبعضهم كان يبحث عن اناس من جلدته، وبالنتيجة كانت ارض البصرة والخليج هي الوطن الجديد لكل هؤلاء .

والمجموعة الثالثة ،من الذين تم القبض عليهم وجلبهم من شرق وغرب افريقيا وبيعهم كعبيد في العراق والمناطق العربية لفترة العصر الاسلامي.
على مدى قرون ( 600 ــ1500 م ) كان العرب غير قادرين وليسوا راغبين اصلا على غزو بلاد النوبة ,, مملكة كوش ,, ( السودان حاليا ــ واطلق العرب عليها هذه التسمية لبشرة شعبها السوداء ,, تصغيرا واحتقارا ,, ) ومع ذلك ، كانت قوافل التجارة والرعي تتقاطر مصحوبة بالمواشي والابل من بلاد العرب الى داخل اراضي النوبة ، وكان بنوا كعب ، وهم من القبائل العربية القديمة والكبيرة ، أصلها من نجد وتنتسب إلى كعب بن ربيعة من العدنانية وانتشرت في العراق وإيران وقطر وعمان ومناطق كثيرة في الخليج وأفريقيا ، وإن بنى كعب في غالبيتهم رجال حرب فرحلوا واستقروا في المناطق التي اجتاحها المسلمون ، وكان رجالهم يرافقون القوافل التجارية لحمايتها وبنفس الوقت الحصول على غنائم في حال نشوب قتال في المناطق التي تمر بها القافلة .
ومن خلال التواجد الكثيف للعرب في اجزاء من بلاد النوبة ، اخذوا بشن غارات على بعض القبائل الضعيفة في القتال ليسهل الحصول على اكبر عدد من الرجال والنساء من الشباب والشابات لاختطافهم وترحليهم الى ارض الجزيرة العربية لبيعهم كعبيد ، وبذلك ازدهرت تجارة الرقيق لتشمل اراض واسعة من ساحل شرق وكذلك وسط/ غرب افريقيا . ونالت ارض الرافدين اعداد كبيرة منهم للعمل كعبيد وبدون اجر بالزراعة وتربية المواشي على امتداد نهري دجلة والفرات تحت راية دولتي الخلافة الاسلامية الاموية والعباسية .

هناك مجاميع اخرى من اصحاب البشرة السوداء يختلفون بملامحهم عن اهل بلاد النوبة الذين استقروا في جنوب بلاد النهرين والجزيرة العربية ، وهم ضحايا العبودية والاتجار والعمل القسري ، وهؤلاء القوم جيء بأغلبهم قسرا من شرق تنزانيا ، وبالتحديد من منطقة
(زنجنيا Zanjnia )
والعرب يسمونها ( زنجبار) وعلى ضوء ذلك لقب ذوو البشرة السوداء بالزنج او الزنوج . كان استقرار هؤلاء القادمين من ارض افريقيا في جنوب العراق وبالاخص مدينة البصرة وضواحيها. عمل معظمهم في الزراعة وتربية الحيوانات ، والغوص في البحار لصيد اللؤلؤ والمرجان، واخرون القيام بالاعمال الصعبة والشاقة .

وهناك قسم اخر من مغاربي قرطبة وغرناطة ، والذي أبحر العديد منهم في سفن افريقية قديمة يطلق عليها ( الدهوـ وهو مركب شراعي بطراز عربي ) الى العراق في فترة الخلافة الاسلامية ، كبحارة وتجار ومهاجرين او حجاج واستقروا في المناطق الجنوبية من العراق ودول الخليج وايران ، وقرروا البقاء في تلك الدول من باب المساواة واقامة العدل في دولة الخلافة بين صفوف المسلمين يغض النظر عن لونهم وعرقهم ونسبهم ، ولكن الشاعرالعربي صفي الدين الحلي كان له رأي اخرحين قال .. (ما كل ما يتمناه المرء يدركه،،،، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن) .

ثورة الزنج (869−-;-883 م)

كانت ارض وادي الرافدين قد شهدت كما البلاد الأخرى في العالم القديم، تجارة الرقّ على نطاق واسع. فبغداد كانت عاصمة الخلافة العباسيّة على مدى خمسة قرون. وكانت تجارة الرقيق آنذاك، في إحدى أبرز فترات ازدهارها. وكان العبيد والإماء من مختلف الأعراق، يُساقون إلى ارضها ليتمّ بيعهم في أسواق النخاسة. وتشكّل ثورة صاحب الزنج (869−-;-883 م) مثالاً تاريخيّاً لانتشار ظاهرة الرقّ آنذاك وشدّة العنصريّة والظلم بحقهم. فهي انطلقت من البصرة لتضمّ مئات الألاف من العبيد وتكتسح بلاداً شاسعة. وقد امتدّت لتبلغ مكّة حيث سرق العبيد الحجر الأسود من الكعبة، كرمز لقيم أسيادهم التي أباحت تجارة الرقيق. لكن، تمّ القضاء عليهم أخيراً، فقُتِل الآلاف وشرّد العديد منهم ورجعوا عبيداً مجدداً كما كانوا.
فسر بعض الكتّاب لثورة الزنج ، بانها حدثت بالتحريض السياسي وفي واقعها كانت ثورة وانتفاضة على الظلم ، وثورة الزنج اول انتفاضة للزنج في العالم . والمدونات التاريخية العربية اساءت لهم كثيرا عندما اسمتهم ، الزنج ، العبيد ، الحبش ، الحبوش ،الاحباش ،النبط ، والمماليك .
الذين عالجوا موضوع ثورة الزنج في التاريخ العربي كثيرون منهم جرجي زيدان، بطرس البستاني ، فيليب حتي ، فيصل السامر ،عبد العزيز الدوري ..وغيرهم .
كثيرون من المستشرقين كتبوا عن ثورة الزنج بتجرد موضوعي ومنهم على الاخص (نولدكه). اما المؤرخون القدامى المعاصرون للحدث الذين سجلوا وقائع ثورة الزنج فهم الطبري والمسعودي والجاحظ والذي قيل عنه انه كان من اصحاب البشرة السوداء ، وله كتاب الذي يشيد فيه بمنجزات الرجل الاسود ( فضل السودان على البيضان).

في القرن الثالث الهجري كانت الدولة العباسية في اعلى قوتها وكانت تجارة العبيد في اوج عزها، كانت عصابات ممتهنه تغير على اوطان السود في البلدان الافريقية وخاصة السودان (بلاد النوبة )، ويأسرون الرجال والنساء ليبيعونهم في اسواق النخاسة.
وكانت تجارتهم تدر ذهبا ، فانتشر الزنج في الحقول كعمال بلا اجر وكانوا يشدونهم بالسلاسل ، ويسوقونهم مشيا على الاقدام ، حفاة عراة ، يضربونهم بالسياط في قوافل الى البصرة جنوب الرافدين وغيرها من الاقطار والامصار. وكانت هذه التجارة تشكل حجما كبيرا لمداخيل العصابات القائمة في ذاك الزمان.

قامت ثورة الزنج زمن العباسيين على ارض السواد وهي من لواحق البصرة بين غابات النخيل في (جيكور)، قرية الشاعر بدر شاكر السياب وحيث تمتد غابات النخيل حتى (ابي الخصيب) ثم (الفاو) .
كانت (جيكور) تسمى في التاريخ (المختارة) العاصمة التي قامت بها ثورة الزنج بقيادة (علي بن محمد ) ,,صاحب الزنج ,, حتى المؤرخين المعاصرين للانتفاضة كانوا يسمون قائدهم بصاحب الزنج وليس رئيس الزنج، الكلمة كانت دائرة غير مناسبة لان الزنجي لا يمكن ان يكون رئيسا بل مملوكا او عبدا في التاريخ .
بيد ان بعض المؤرخين يذكرون بان ,, علي بن محمد ,, لم يكن زنجيا ، وانه كان شاعراً وعالماً، يمارس تعليم الخط والنحو والفلك ثم سجن لانه كان قريبا من الخليفة المنتصر بالله الذي سممه الجندرمة الأتراك ، ثم حدث تمرد من فرقة (الجند الشاكرية) في بغداد، شارك فيه العامة، فاقتحموا السجون فأطلقوا سراحه ، كما ان المؤرخين من السُنة ، يقولون بانه فارسي الاصل من خراسان ، والطرف الاخر من الشيعة ، يدعون بانه علوي ونسبه يعود الى علي بن ابي طالب ، ولانعرف من نصدق ..؟

ومن رؤسائهم ايضا سليمان بن جامع مولى بني حنظلة ، وآخرون قاموا ضد الدولة العباسية في عهد الخليفة المعتمد واخيه الموفق بسبب الظلم الذي كان قائما نحوهم. قاموا بانتفاضات ومعارك طحنت جنوب السواد لعشرين عاما دوخت الدولة العباسية ، كما فجرت انتفاضات بمناطق اخرى متخذة منطلقات فكرية وسياسية مختلفة وخاصة ثورات الهاشميين، فقد ثارت الكوفة وطبرستان وامتدت الى جرجان ثم ثارت الري وثارت قزوين.
وكان الزنج يتولون اشق الاعمال في البصرة الملئى بالرقيق ، يعملون في الاراضي السباخ ( اراضي غير خصبة للزراعة ) ويجمعون الملح ويقومون بالعمل الشاق في ظروف قاسية غير انسانية، تحت اشراف وكلاء غلاظ قساة، لحساب ملاك الأرض من أشراف العرب ودهاقنة الفرس وكان بعضهم من فقراء العرب الذين يسمونهم (الفراتين).

ثورة قام بها الزنج من اجل ازالة التفرقة العرقية واللونية التي كانت سائدة آنذاك ولا يمكن اعتبارها سياسية وان كان قد اشترك فيها الموالي الفرس ، وانصار آل البيت ، وكان العباسيون في أوج تدهورهم بتحكم العسكر المغول ، فاصبح قائد الجيش هو الخليفة وعندما حاول الخليفة المعتمد الهروب من سامراء الى مصر، ألقوا القبض عليه وأعادوه الى قصر الخلافة سجينا ، حتى قيل فيه شعراً .
خليفة في قفص ،،،، بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له ،،،، كما تقول الببــغا

يدّعي سيد أمير علي ، في كتابه مختصر تاريخ العرب ، ,,أن صاحب الزنج أباح لأتباعه أرذل أنواع الخلاعة والفجور فاسمي صاحب الزنج بالخبيث,, ( النفاق والكذب على التاريخ) ، ويقول متبجحا أن صاحب الزنج انضم تحت لوائه العبيد من مختلف أنحاء البلاد فقوي بهم ساعده وأعلن نفسه سيدا على كلدة والأحواز.
وذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء ، ان صاحب الزنج قتل 300 ألف ، والبعض الاخر يضع 500 الف شخص في يوم واحد بالبصرة !!!، وهذا امر غير معقول ، ففي عصره لم تكن هناك اسلحة دمار شامل حتى يتم ابادة هكذا عدد من البشر في يوم واحد ..!!!، ويضيف قائلا انه دخل البصرة وأحرقها وقتل أهلها كما روى الطبري. فأتاه مواليهم وبذلوا له على كل عبد خمسة دنانير ليسلم إليه عبده فبطح أصحابهم وأمر كل من عنده من العبيد، فضربوا مواليهم أو وكلائهم وكل سيد من الاسياد ، خمسمائة سوط ثم أطلقهم.
ومع ذلك لا يخلو التاريخ من إنصاف، حيث صُنفت في شأن اصحاب البشرة السوداء ودورهم الحضاري بعدة كتب منها (تنوير الغبش في فضل السُّودان والحبش) لابن الجوزي ، و (الطراز المنقوش في محاسن الحُبوش) لمحمد عبد الباقي البُخاري وغيرها.
قيل ان الجاحظ البصري كان اسودا وهو ما رواه ابن اخته (كان جد الجاحظ أسود) كما ورد في (تاريخ بغداد)، وتجده معترفاً عندما صَنف رسالته (فضل السودان على البيضان). ويغلب على الظن أن فيلسوف المعتزلة أبا الهذيل العلاف البصري كان من ذلك الأصل، لِما جاء (لولا هذا الزنجي لخطبنا بالإلحاد على المنابر وكان شديد السُّمرة) كما ورد في (فضل الاعتزال).
وظهر منهم المغنون من أهل البَصرْة بالذات لا خارجها. عمرو بن بحر الجاحظ، الذي أخذوا يشتمونه من على منابر صلاة الجمعة على أنه عميل الدولة البيزنطية، وبأنه أحد مروجي الفلسفة اليونانية ضد الإسلام!.

التاريخ ملئ بل ملطخ بالعار والشنار، مشحون باخبار الرق ، فمن العبيد السود من كان يخصونه ليكون حارسا في اجنحة الحريم ، خاصة قصور الخلفاء ، ويروى انه كان في قصور الرشيد 400 جارية منهن من كن راقصات ومنهن من كن يحسن الغناء ، وكان يخدمهن عبيد سود مخصيين منهم من كان يتجسس عليهن او يحرسهن ، وكان العبيد ممن يتولون سحب المروحة الكبيرة على سقف سجادة الخليفة المتكيء عليها لتهويته.
منهم من كان يقدم صحون الطعام المذهبة ، ومنهم في الواقع المماليك البيض هم من اسرى الحروب التي تشن على بيزنطة ، والعبد الابيض كان يسمى المملوك. وفي مصر ظهرت سلطنة المماليك وهم من سلالات الجنود الذين حكموا مصر أكثر من قرنين ونصف القرن كانوا من المماليك الاتراك المسبيين ومن العبيد الذين بيعوا في اسواق النخاسة المخصيين ككافور الاخشيدي في الدولة الاخشيدبة في مصر كان عبدا مخصيا وصل الحكم بحكمته.
مدحه المتنبي ثم هجاه بقوله :
وكم بمصر من المضحكات ،،،، لكنه ضــــــــحك كالبكا
بها نبطي من اهل السواد ،،،، يدرس انساب اهل الفلا
وايضا:
من علم الاسود المخصي مكرمة ،،،، اجداده الغر ام ابائه الصيد؟؟
ومن الروايات عن المسبيات اللواتي بعن في اسواق النخاسه واقتحمن التاريخ (شجرة الدر) الفائقة الجمال ، من مسبيات بلاد الشركس التي بيعت للسلطان في سوق للنخاسة، فتزوجها وجعلها ذات سلطة فقتلته ، ثم تزوجت اربع ضباط جعلتهم سلاطين ثم قتلتهم الواحد بعد الآخر.
وفي بلوغها سن اليأس وعلاها الشيب تزوجت ضابطا شابا لم تستطع تلبية حاجاته الجنسية فاختارت له عددا من الزوجات الشابات المسبيات.
وفي يوم من الايام مللن من تدخل (شجرة الدر) المستمر، وفي ساعة اجتمعت الضرات فاوسعنها ضربا بالقباقيب حتى ماتت فانتهت قصة حياتها الدرامية المليئة بالدس والقتل والتآمر والحب الكاذب.
كان الجندرمة العثمانين يغيرون على القرى المسيحية في البلقان ليسرقوا اقوى الاطفال منهم ويأخذونه الى الاستانة ليدربوه حتى يصبح جنديا متمرسا في الجيش الانكشاري، لذا كان الآباء في البلقان القريبة من العثمانيين يفقؤون عينا من اطفالهم كي لا يسلبهم العثمانيون ، لذا فالسبي والاختطاف في زمننا هذا ليس بالجديد بل مورس منذ عهود بعيدة .

من رؤساء هذه العصابات دهقن افريقي عندما حج حمل معه كميات كبيرة من الذهب وزعها في طريقه الى مكة. وعندما كان الزنج يصلون البصرة خاصة كمركز لبيع العبيد كان يساء معاملاتهم حيث يوضعون في اسواق نخاسة العبيد للبيع.
لهذا كانوا ناقمين ليس على مالكيهم فقط بل بالدرجة الاولى على اولئك القساة الذين كانوا يمسكون بالسياط ، ويضربون الزنج العاملين في الحقول، يضربونهم دون رحمة، كانوا ناقمين على الولاة المرسلين من الخليفة الذين كانوا من العسكر الذين لم يعرفوا غير الشراسة والقتل.
يرى (حسن الأمين) ,, بأن ترف أهل البصرة آنذاك كان أحد أسباب هذه الثورة ، إذ كان كل غني من البصريين يمتلك العشرات من الزنوج والزنجيات وكان عمل أولئك الزنوج اضفاء الفخفخة لمستعبديهم الذين يحملون السيوف المذهبة راكبين الخيول والعبيد يمشون على جانبي عربات سادتهم,,.
استولى الزنج في تمردهم على البحرين والبصرة والأبلة والأحواز والقادسية وواسط والنعمانية وجرجرايا ورامهرمز والبطيحة وخوزستان وعبادان وأغلب سواد العراق.
كانت ثورة الزنج أطول الثورات ضد العباسيين وأخطرها.
وكانت نهايتهم في حملة قادها لؤلؤ غلام ابن طولون، خان سيده والتحق بالموفق الخليفة العباسي، في حصار عاصمتهم (المختارة) .
استمرت (ثورة الزنج) وانمحت سطوتهم عام (883 م).. ثورة الزنج استمرت 20 عاماً ..وقيل عنهم في عزهم ، اقتسموا الدنيا.

الاقلية السوداء العراقية في القرن العشرين وما بعد

كانت كل عائلة من العوائل الثرية في العهد العثماني تشتري أسرة من العبيد ، لاغراض الخدمات المنزلية من تنظيف وطبخ ، وغيرها ، وكانوا يعيشون في الطابق الارضي من المنزل قرب المطبخ، لان البيك والخوانم واولادهم كانوا يعيشون في الطابق العلوي ، وفيه الشناشيل والمماشي المطلة على الطابق الارضي. كان ذلك انذاك ارثا من العهد العثماني وما قبله منذ ثورة الزنج.
كان الاغنياء من اهل البصرة يتبجحون بثرائهم عندما كانت عرباتهم تمر في الطرق التي كان يحيط بها رهط من العبيد والذين يمشون سيرا على الاقدام، وكان عدد العبيد عند الاغنياء عرضا لمقدار ثرائهم من خلال عدد العربات التي يجرها العبيد.
بعد قيام الدولة العراقية ، والغاء الرّق بمرسوم ملكي من الملك فيصل الاول سنة 1924، كانت النساء من مجتمع السود يشتغلن في خدمات البيوت وبأجور يومية ، اما الرجال فكانوا يعملون بمجالات الزراعة والبناء وبعض الاعمال الشاقة والمرهقة ، ما عدا بقية باقية من الأسر المستعبدة ،ظلت هكذا حتى بعد صدور المرسوم الملكي ، وبالأخص الذين كانوا تحت قيود الاستعباد في بيوت الكبار من مجتمع البصرة كآل النقيب وباش عيان والخضيري والسعدون. .ويقال ان احد احفاد او ابناء السيد طالب التقيب كان قد تزوج من امرأة سوداء او ربما ضاجعها وقضى منها وطرا فانجبت اولادا سود البشرات ، وكان واحدا منهم يعمل محاميا آنذاك. وكانت في منطقة البصرة القديمة محلة تعرف بمحلة العبيد ، لغالبية القاطنين فيها من ذوي وذوات البشرة السوداء.
وكان نظام العبيد سائدا لدى شيوخ الكويت والسعودية الفقيرتان آنذاك قبيل النفط ، وكان الرجال منهم يشتغلون في مضاف الشيوخ ،والنساء السوداوات كن يعملن في بيوتهم .
الواقع ان الكثير منهم اندمجوا مع الآخرين بعد سقوط الملكية في العراق ، وآخرون هاجروا الى الكويت والسعودية والبحرين بعد اكتشاف النفط ، ولا يعلم ان نالوا الجنسية الكويتية او السعودية ام لا ؟ رغم انهم يتحدثون العربية بلهجة اهل الكويت القريبة من لهجة الزبير خاصة بعد هجر الزبيريون الزبير ولم تعد زبير الماضي والذي دفعهم للفرار بعد الذي حدث في العراق اثر تسلم السلطة في العراق الرئيس الراحل عبد السلام عارف عام 1963.

حركة العراقيين الحرة

تأسست حركة العراقيين الحرة في تموز/يوليو2007 لمعالجة قضايا التمييز ضد العراقيين السود. وكان زعيمها الناشط المدني جلال ذياب الذي اغتيل عندما كان يقود سيارته في أحد شوارع البصرة وفي تقاطع مروري تصدى له مسلحون مجهولون ووجه أحدهم سلاحه فأطلق رصاصة منه استقرت في جسد زعيم السود، ففارق الحياة بالحال يوم 26 نيسان/ابريل 2013.
وقبل أن يفارق جلال الحياة بوقت قصير كان يدلي بتصريح صحافي عن حالة السود في العراق، وكان دائم المطالبة بوقف إنكار حقوقهم ويطالب بإتاحة الفرصة لهم في المشاركة في المفاصل السياسية والثقافية في البلاد.
وقد اتهمت أحزاب منافسة وأطراف إقليمية بهذا الاغتيال. فالحركة كانت متأثرة بالحركة المدنية الأميركية المناهضة للعنصرية تجاه السود، وقد احتفلت بفوز الرئيس الأميركي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية. كذلك، كان ذياب قد علّق صوراً لكل من أوباما ومارتن لوثر كينغ في المراكز والمدارس المرتبطة بالحركة. وقد يكون ذلك كله قد أثار حفيظة جهات سياسية ودينية معادية للحكومة الأميركية، في حين أعلن عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية انزعاجه من تحركات هذه الحركة وقد وصف مطالبها بالمبالغات والمزايدات السياسية.

وقال الناشط الراحل حينها “العراقيون السود يعانون من الاحتقار وطالما سمعنا أوصافاً تنعتهم بالعبيد ولذلك ما زال طويلاً أمامنا ليتقلد شبابنا مناصب عليا، لكننا كسرنا حاجز الخوف الذي ابتلع السود وحققنا الكثير”.
ترشح ذياب للانتخابات النيابية عن حركة العراقيين الحرة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 20 نيسان/ ابريل 2013. وكانت حركته متحالفة مع كتلة صالح المطلك، وهو مسلم سني وأحد النواب الثلاثة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

على الرغم من نجاح حملته الانتخابية، قال في مؤتمر صحفي قبل اغتياله بفترة وجيزة، ” بان معركة الحملة الانتخابية صعبة جدا. ولكن مجرد ان نلمس حقيقة أن العراقيين من ذوي البشرة السوداء يساهمون بتلك الانتخابات ويدلون باصواتهم لمرشح عنهم يمكن اعتباره إنجازا كبيرا ومهما وخطوة اولى للتغلب على التمييز”.
ولكن جلال ذياب لم يشهد ذلك العرس الانتخابي الذي كان يحلم به بعد ان غُدر به وبمشروعه الانساني .
بعد فرز نتائج الانتخابات وفوز الحليف صالح المطلك ، أدار ظهره وكتلته لمن تحالف معه ، ونكث بوعوده واتفاقه مع الحركة الحرة وزعيمها الراحل جلال ذياب ، بعد ان نال اصوات اتباع الحركة ومجتمع السود ، ولم يحصلوا السود على شيء سوى الخيبة وخسارة زعيمهم .
لقد حــــاول الناشط والسياسي البصري جلال ذياب (1963 ــ 2013) بعد 2003، إجراء تغيير في الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي بين مجتمع السود، وذلك من خلال الحصـول على الاعتراف بهم كأقليـــة بين الأقليات الأخــــرى وتثبيت حقوقها المـــدنية والسياسية. والتجأ ذياب من أجل ذلك إلى الأوساط الدولية، الأميركية والأوروبية، فاصطدم بجدار محلي سميك يصـــعب اختراقه.
واستطاع تأسيس «حركة العراقيين الأحــرار» عام 2007، وبــناء علاقات دولية واسعة من أجـــل الحصول علـــى الاعتـــراف بالأقلية السوداء في العراق، إنما تـــم اغتياله بتاريخ 26 نيسان/ ابريل 2013 داخل مدينته وأصبح مشروع حلم الحصول على هوية الأقلية حلماً مؤجلاً جداً.

وتطمح الأقليّة السوداء في العراق إلى تلبية مطالب مشروعة، منها: الاعتراف بوجودها وحقوقها قانونياً، والاعتذار الرسمي عن التاريخ الطويل من التمييز والعنصرية ضدّهم، وتشريع قوانين واضحة وصريحة تمنع وتجرّم أي شكل من أشكال الاضطهاد تجاههم، وكذلك معاملتهم بشكل مختلف في الحقل العام، وتضمين المناهج الدراسية ما يثقّف المجتمع ويدعوه إلى احترام كل الأعراق والألوان والطوائف، بالإضافة إلى إفساح المجال أمامهم في التمثيل الرسمي في المجالس المحلية والبرلمان وجميع هيئات الحكومة، وأيضاً تسليط الضوء عليهم إعلامياً وإتاحة الفرصة لهم لتقديم وجهات نظرهم في الإعلام الرسمي .

فوز باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة الامريكية

ذكرت القناة التلفزيونية الامريكية
CNN
في 2008 ، (ان انتخاب اوباما كانت هزة كبرى للسود العراقيين )، لهذا قال الأمين العام لحركة العراقيين الحرة الراحل جلال ذياب، (إنه في تتبع كل تفاصيل الحملة الانتخابية لأوباما، وأنه ألهمهم سياسياً وشخصياً، ذلك أن له أيضاً جذوره الإفريقية. ويأمل العراقيون من أصول إفريقية أن يكون في هذا نقطة تحول ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل وفي العراق أيضاً).
ويستذكر جلال قوله لأبناء جلدته: (قلنا لشعبنا أن أوباما سيفوز إن شاء الله، وقد فاز، وفوزه انتصارا لكل السود في العالم.. سنجعل منه نموذجاً نقتدي به.. حتى النساء الطاعنات في السن كن يتضرعن لله ليفوز.”).
واضاف التلفزيون (مهما كانت وظائفهم وحرفهم، فإن وجوههم ولون بشرتهم يجعلهم مختلفين عمن يحيط بهم، والأدهى من ذلك أنه يطلق عليهم اسم “العبيد” وتاريخياً “الزنج”، غير أن العراقيين ذوي البشرة السمراء يأملون أن يتغير هذا الواقع، وخصوصاً مع انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، الذي سيدخل إلى البيت الأبيض كأول رئيس أمريكي من أصول إفريقية).
عندما أعلن عن فوز أوباما بالانتخابات، في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 احتفل العراقيون في البصرة من ذوي البشرة السوداء عقب الإعلان عن فوزه. وتقدر حركة العراقيين الحرة عدد السود في العراق بنحو المليونين (رقم ربما مبالغ فيه) من إجمالي عدد سكان العراق البالغ عددهم حوالي 28 مليوناً. كما وزع سود العراق قطعا من الكعك والحلوى في شوارع المدينة يوم تنصيب أوباما كرئيس للولايات المتحدة الأميركية… في انتظار ظهور “أوباما آخر” على المشهد السياسي العراقي ينبع من وسط سود العراق.

يقول رقيب مشاة البحرية الامريكية وليام كولنز: قمنا بتسيير دوريات عسكرية حول منطقة الزبير في محافظة البصرة بعد اربعة اشهر من دخول القوات البحرية الامريكية الى البصرة من عام 2003 , واضاف كولنز: لا احد يعرف في كتيبتنا بوجود مجتمع عربي عراقي من اصل افريقي في العراق وبالأخص البصرة ، ولاحتى الامريكيين من اصل افريقي يعلمون بذلك . وأردف قائلا: فيما لو اني ارتديت الزي العربي المحلي ، وتجولت سيرا على الاقدام في شوارع وأزقة مدينة الزبير او في اي من أحياء البصرة، فمن المؤكد لا أحد سيتعرّف علي كأجنبي ابدا ، وباعتباري امريكي من أصل أفريقي ، وسأشعر بأمان اكبر من ارتداء البدلة العسكرية بالخوذة والسترة المضادة للرصاص ..!
يصف مراسل وكالة ( أنتر بريس سيرفس ) للأنباء كارلوس زوروتوزا الوضع في مدينة الزبير بالمزري ، بان هناك اكثر من 300.000 شخص من ذوي و ذوات اليشرة السوداء ، يقطنون في مساحات الصغيرة من المباني المتداعية من الطوب اللبن ، ومفتقرة الى ابسط الخدمات ، وتتكدس اكثر من عائلة لأشغال مساحة صغيرة والتي لايمكن حتى الحيوان ان يعيش فيها ..
والملاحظ ، ان من المستحيل العثور على زيجات مختلطة بين السود والبيض في المجتمع العراقي الا ما ندر ، وان حصل هذا ، فالظهور العلني ، يتطلب من الزوجة ارتداء النقاب لاخفاء هويتها اذا كانت ليست ببشرة سوداء ، وزوجها من ذوي البشرة السوداء ، تفاديا للانتقام من عائلة او اقارب الزوجة في حالة الزواج الذي يرفضه اهل الزوجة عادة، او من الاحراج الذي قد يصيبهما ، لنظرة المجتمع السلبية تجاه هكذا زيجات الغير مألوفة.

المواطنة والحقوق

ذوو البشرة السوداء دائما في الجزء الادنى من السلم الاجتماعي والوطني، بيد ان الدستور العراقي لم يقر التمييز العنصري
باعتباره سببا مباشرا لمعاناتهم الاجتماعية والاقتصادية، لأنهم ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وعلميا وقبليا متميزين عن اقرانهم الذين يختلفون عنهم بلون البشرة . وعلى سبيل المثال لا للحصر ، في قضاء الزبير بمحافظة البصرة ،مجتمع السود يشكل 70 في المئة من اجمالي سكانها، بحيث لايوجد من بينهم في قوات الشرطة أو المجلس البلدي!!! فكيف بباقي قطاعات الدولة الرئيسية والمهمة ؟؟؟.وانهم يعانون دائما من سوء أحوال المعيشة، والبطالة، وانعدام المساواة الاجتماعية والتمييز .
واكثر اسباب المشاكل هو الفساد وضعف القوانين في البلاد، الأمر الذي يتطلب رشاوى في مقابل وظيفة بادنى مستوى ، والاقصاء العلني لدورهم في المجتمع .

حجبت مشاركتهم السياسيّة في البلد بشكل كبير قبل وبعد 2003، بحيث لم يشغل أي منهم منصب وزير، أو يُنتخب نائباً في البرلمان الوطني أو في مجالس المحافظات، أو يعيَّن مديراً عاماً وما شابهه. وذلك على الرغم من أن عددهم يقرب مليون ونصف مليون نسمة، بحسب ما ذكره نائب رئيس “حركة العراقيين الحرّة” صلاح رخيص سلمان أو مليونَين بحسب تصريح لأمين عام الحركة عبد الحسين عبد الرزاق. وقد رشّح هؤلاء أشخاصاً عدّة وفي أكثر من مرّة في انتخابات مجلس محافظة البصرة، لكنهم لم يفوزوا حتى بمقعد واحد.
ان محنتهم كبيرة لعدم انتمائهم إلى أي عشيرة او قبيلة إضافة إلى كثرة الإشارة إليهم بتعبيرات ساخرة (نسبة الى استخدام البعض لحد الان كلمة زنجي او عبد). ويعتبر ذوو البشرة السوداء أقلية. ويوجد حوالي 300 ألف منهم على الأقل في محافظة البصرة بالرغم من عدم وجود أي إحصائيات دقيقة تؤكد هذه الأرقام وبالتالي ان يتم التعامل معهم مثل بقية الأقليات في العراق التي يحمي الدستور العراقي حقوقها.
ارتباط الفرد العراقي الاسود بالعشيرة والقبيلة ارتباط هامشي وليس جذريا ، ويتمثل بعلاقة الخادم بالسيد او الخادم بالمخدوم الى درجة ان هذا الانسان الاسود لايسمح له بالجلوس في مقدمة او وسط الديوان العشائري، وكان يقام عليه حد القيمومة وبذلك تسلب ارادته ويفقد قدرته على اتخاذ القرارات الشخصية، ومن حيث يعمل بما لايقل عن 18 ساعة في اليوم ويمنح أجرا لايسد رمقه ،وفوق كل هذا وبنهاية كل يوم كان عليه الحضور الى الديوان العشائري لخدمة شيخ العشيرة ،ومن يتخلف عن الحضور يعاقب بقسوة من قبل شيخ العشيرة او من ينوب عنه,
وهذه الصورة التي يشهد عليها التاريخ أثقلت عقلية وافكار هؤلاء الناس في الوقت الحاضر وجعلت منهم ضعفاء لايقوون على شيء.
وعلى مستوى التعليم كان لايسمح للسود بتعلم القراءة والكتابة ، ولغاية عام 1924م كان المواطن الاسود يؤشر في سجله للاحوال المدنية في حقل لون البشرة كلمة ,, عبد ,, وليس سوداء او سمراء ! ولم يتم قبول سود العراق في المدارس الحكومية إلا في سنة 1960.
هذا ماحصل بالسابق ماذا عن الآن؟ لحد الآن كلمة العبيد تقترن بالانسان الأسود ومهما بلغ مستواه الثقافي والتعليمي ، ومازال المواطن الاسود يواجه صعوبة في الحياة حتى لدى محاولته الزواج بمن يختار، وبذلك بقي مهمشا ، وهناك أسر وعوائل ذات نفس الاصول تقطن في مناطق الارياف ، الى الان لايسمح لها بزراعة النخيل ، لان المعتقدات العشائرية تعطي الحق للمزارعين باستملاك جزء من الارض عند زراعتها للنخيل ، والعبد او الاسود لا يحق له بالاستملاك عند الاعراف والقوانين العشائرية . وحتى عهد قريب كان لايسمح للسود بالسكن بالقرب من بيوت شيوخ العشائر حيث هناك نزل خاص يسمى بـ”نزل العبيد” وحتى عند حدوث فيضانات لايسمح لهم بمغادرته ابدا الا بأوامر من الشيخ نفسه .

هذا الكلام عندما كانت البصرة تشهدُ فيضانات ، لكنها الان تعاني من الجفاف منذ عدة سنوات بمعنى الآخر هناك فارق كبير بين الماضي والحاضر! ليس هناك فرق كبير بين الماضي والحاضر بالنسبة الى السود بدليل ان احدى الاسر التي تنتمي الى شريحة السود قامت في سنة 2012 بالسكن في قطعة ارض خالية من اية مزروعات ، وحاولت هذه الاسرة استصلاح الارض وزراعة أشجار النخيل فيها لكن صاحب الارض رفض ذلك بشدة وهذا مايبرر استيطان بعض الاسر,, للمقابر,, بعد ان منعت من السكن في البساتين والاراضي الزراعية ..

السود عادة يقطنون في الأحياء الفقيرة، وبيوتهم آيلة للسقوط، ويعملون في الخدمات الشاقة التي ترهقهم وليس لهم مراكز مرموقة وسط المجتمع العراقي. وتعيش عدة عائلات منهم تحت سقف واحد. ظروفهم مأساوية والفقر المدقع يحيط بهم من كل جوانبهم. والأجور التي يتقاضونها لا تكاد تسد رمق المعيشة، قصصهم وحياتهم غريبة ويسودهم التخلف دون رعاية أو يد عون تمتد إليهم لتنتشلهم من واقعهم المرير الذي يعيشون فيه.

ألوان المعاناة

يقول (شاب عراقي اسود البشرة) إن: “العراقيين السود يعيشون حياة العبودية على الرغم من انخراطهم في كل قطاعات المجتمع، بينما لا يوجد قانون يمنحنا حقوق المواطنة، وبينما تقول الحكومة إنها لا تميز ضدنا وإننا كلنا عراقيون فإن هؤلاء الذين يتعرضون للتمييز بشكل يومي يعرفون غير ذلك”.

هذا الشاب يشتكي من التمييز ضده في بيئة العمل ، توجه إلى المدرسة التي يدرس بها طفله بعدما أمر المدرس أن يجلس الولد الصغير في مؤخرة قاعة الدرس، واصفا إياه بـ”العبد الصغير”.
ويسترسل بالحديث والغضب يكسو ملامحه: “عندما أبلغني ولدي بما حدث له اشتعلت غضبا وذهبت إلى المدرسة للمطالبة بحقوقه”.
لكن شيئا لم يحدث، فتوجه الأب إلى محام فرفض بحجة أنه “لا يوجد قانون يجرم مثل هذه الممارسات”، عندها أدرك الأب أن حقوق المواطنة في العراق الجديد ليست بالسرعة التي جاءت بها احزاب السلطة.

وبينما يعاني الأطفال السود من التمييز في المدارس العراقية في مستهل الألفية الثالثة، فإن الزواج المختلط لازال ينظر له بعين الاحتقار لدى الكثيرين في ذلك المجتمع المحلي.

ولدى احد المزارعين في قضاء الزبير تجربة شخصية في هذه الحلقة من مسلسل المعاناة الذي تشهده البصرة كل يوم، يرويها قائلا: “وقعت في حب فتاة بيضاء، فأرسلها أهلها للعيش عند أقارب لها في بغداد وهددوني بالقتل”.
ويمضي ليقول إنه يعلم أن هناك أناسا طيبين من حوله، لكن الأغلبية تنظر إليه كما لو أنه “حامل لمرض معد والاقتراب منه سيكون خطرا كبيرا”.
وحتى يتحقق العدل والمساواة وعدم التمييز سيظل ذلك المزارع الاسود ينزف نفسيا جراء الإصابة بالتمييز في البلد المبتلى بالحروب: “أنا بشر مثل أي عراقي آخر ولون جلدي لا يجعلني مختلفا عنهم عندما أفكر أو أتصرف.. أحب وأصلي وأعمل.. هذا اللون يبالغ فيه بعض البيض من ذوي القلوب السوداء” !!.

رجل وامرأة من ذوي البشرة السوداء في العقد الخامس من العمر، تزوجا عند رجل دين في قضاء الزبير التي يسكنها عدد كبير من السود في البصرة قبل أكثر من ثلاثين عاماً وبقيا على ذلك العقد الشفهي على رغم إنجابهما خمسة أولاد.
كبر الأولاد وتزوج الابن البكر وله ولدان، إنما لا أحد في العائلة لديه الأوراق الثبوتية مثل هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية حتى عام 2012.
لم يذهب خلال الفترة التي سبقت هذا التاريخ أحد من العائلة إلى المدرسة وبقي أفرادها ضمن مساحات اجتماعية لا تتجاوز الأزقة وفضاءات البيوت الضيقة وورشات أعمال يدوية.
ليست هذه القصة استثنائية وغريبة عن السكان السود فــــي البصـــرة وضواحيها، فهناك الكثير مثل هذه الـحـــالات التي بدأت منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية أخيراً تبحث عن إيجاد حلول لها، وتهتـــم بالنتائج السلبية المترتبة مثل الفقر والعنف والتهــميش وفق رئيس (جمعية أنصار الحرية) صلاح رُخَيض، وهي منظمة مدنية من أجل بناء القدرات الذاتـــية فــي مــجتمع العراقيين السود بمحافظة البصرة في مجـــالات الخــــياطة والحاسوب ومحو الأُمية، وذلك من أجل الحصول على فرص العمل ونشر الوعي الاجتـــماعي والمدني والتنمية البشرية بين الشباب.

يحاول ماجد عبد الله، غض الطرف عن ما يعانيه من سخرية من زملائه في العمل، كلمات ظهر مرحا ساخرا في العلن وازدراء مبطنا لبشرته السوداء، ويقول ماجد، وهو شاب ثلاثيني، من أهالي محافظة البصرة جنوبي العراق، ان “أصحاب البشرة السوداء على الرغم من عدم تعرضهم لمضايقات أو تهديدات، الا انهم يعانون من نظرة الآخرين التي تنم عن احتقار وسخرية، نظرة المجتمع وتقييم الشخص على أساس لون بشرته هو ما يزعجنا حقا، فزواج أسود ببيضاء أو العكس يعتبر مستحيلا، في حين تربطنا مع البيض علاقات اجتماعية قد تمتد لقرون من الزمن”.
وأضاف ، ان “المجتمع يرفضنا بشكل او بأخر فصاحب البشرة السوداء لا يمكن ان يتسنم منصب حكومي رفيع، والأصدقاء يرفضوننا بشكل مبطن ودائماً ما نسمع كلمات كـ(العبد، الزنجي، الإفريقي) لا يعدوننا أبناء وطن ولدنا وعاش أجدادنا فيه”.
وتابع القول “نشعر بالإهانة والظلم، وعلى مدى عقود، يعين “الأسمر” وزيراً أو في منصب رفيع في المؤسسات الحكومية، وصار عرفاً نقوم بأعمال مضنية”.
وهو ليس الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر، فالشابة “تحرير” ، وهي فتاة (26 عاماً)، ارتبطت بعلاقة مع زميل لها في الدراسة، الا أنها فوجئت برفض أهل حبيبها ارتباطهما بسبب اللون الذي دمر قصة حب امتدت لأربعة أعوام بعد ان رفض أهل الشاب زواجهما بحجة انها ذات بشرة سوداء .

سيدة مسنّة ومقعدة سوداء ، تقول ؛ قدمت اوراق معاملتي الى المجلس البلدي في المدينة التي تقطنها للحصول على راتب الضمان الاجتماعي ، الى الان وقد مضى اكثر من عام بدون اية استجابة من المجلس البلدي لترويج المعاملة .
سيدة سوداء اخرى، قالت : زوج ابنتي عاطل عن العمل ، وعندما اراد ان يتطوع في سلك الشرطة ، طلبوا منه مبلغ 300 دولار كرشوة مقابل قبوله ، وعندما اقترض المبلغ وسلمه الى الشخص الذي طلب منه المبلغ ، رد عليه بعد مدة طويلة من المماطلة والمراوغة والتسويف ، وبمحاولة التملص من زوج ابنتي ، بقوله له : “لم تحصل الموافقة على تعيينك لانك أسود ، وسلك الشرطة لايقبل السود في تشكيلاته ، وان المبلغ الذي اخذته منك اعطيته الى احد ضباط الشرطة وهو صاحب القرار ولم يردّه لي ” . وأردفت هذه السيدة بقولها: (امريكا تلك الدولة الكبيرة والقوية والغنية ، نصّبوا أسودا رئيسا عليهم ليحكمهم !!، ونحن في العراق الدولة الصغيرة وشعبها فقير وجوعان وحروب دامية ترفض ان يكون لديها شرطي أسود؟!!! .. يا للمفارقة العجيبة والغريبة .. ) .
سيدة اخرى لها معاناتها من ظروف المعيشة القاسية ، تعمل طوال اليوم ببيع الخبز في الاسواق ، وفي بعض الاحيان تعمل في خدمة المنازل مقابل اجور شحيحة لاتسد رمقها، ورمق صغارها. اطفالها لم يحصلوا على بطاقة الأحوال المدنية الى الان ، وترغب ان تدخل اولادها المدارس لكن عقبة الاوراق الرسمية هي السبب في ممانعة المدارس بتسجيلهم ، وكلما تقدم طلبا للحصول على تلك البطاقات تجابه بالرفض دون معرفة السبب .

وتتميز المناطق التي يسكنها السود في الجنوب العراقي بالتهميش الاقتصادي والتعليمي، والسياسي بطبيعة الحال. على رغم التعليم الإلزامي في العراق.
ولم يبالِ نظام صدام حسين بالسكان السود في البصرة والمحافظات الاخرى ، إنما صنع من واقع الأمية بينهم حضوراً دائماً لهم على مسارح الغناء والرقص الشعبي والفضاءات العامة، ذاك أن القادة البعثيين لم يحتاجوا خلال حكمهم إلى الكلام بقدر احتياجهم إلى حضور جسد يخدره صوت الطبل. لقد مارسوا السياسة وفق مثل شعبي طالما سمع بين أهل البصرة، ((على حسّ الطبل هزّن يا رجليَّ)).

ليست هناك إحصاءات دقيقة لسكان البصرة من ذوي البشرة السوداء الذين يتوزعون بين البصرة والزبير وأبي الخصيب ومناطق أخرى، هناك من يقول إنهم يشكلون (5 إلى 6 في المئة) من سكان العراق، في حين يقول آخرون إن النسبة لا تتجاوز (2 إلى 3 في المئة)، أي بين 350 ألف إلى 400 ألف شخص حسب الناشطين والأكاديميين .
ولكن في ظل الافتقار إلى إحصاءات دقيقة بسبب الأمية واعتماد العقود الشفهية للزواج بعيداً من المحاكم المدنية وعدم تسجيل الأطفال في المدارس، تبقى هذه النسبة السكانية محل شك الكثير من الهيئات والمنظمات المهتمة بشؤونهم وحقوقهم المدنية في العراق.

تتعرض الاقلية السوداء في العراق إلى أنواع كثيرة من التمييز العنصري، والنوع الأكثر شيوعاً كما يشير الناشطون، هو تهميشهم في المؤسسات الحكومية، في المحاكم، ومؤسسات الأمن الداخلي والمؤسسات التعليمية والصحية. وقد لا يستغرب المرء ذلك كثيراً، فنسبة الأمية عالية بينهم وتتجاوز 25 في المئة وفق الناشط صلاح رخَيص.
هناك ممارسات أخرى من التمييز العنصري بسبب لون البشرة، حيث يلاحظ كثيراً أن يقال للإنسان الأسود بـ ,,العبد,, على رغم منع العبودية في الدستور العراقي منذ عام 1924 ، او ,, الخال ,, و ,, أبو سمره ,, وقد شاع حتى بين الافراد السود أنفسهم أن يقال ,,أبو العبد,,.

النشاطات الاجتماعية

لسكان البصرة والمحافظات الاخرى من العراقيين السود ، طقوس واحتفالات فنية خاصة بهم ورثوها تاريخياً منذ وجودهم في العراق ، مثل طقس (الزيران) إذ يتميز بالرقص والغناء ، يمارسونه في هذه الأيام في أماكن خاصة بعيدة عن عيون العامة، ذلك بسبب منعه من قبل السلطات العراقية. ولم يتردد بعض الأصوليين بالاعتداء على الفرق الفنية الخاصة بهم، ويتذكر البصريون حادث الاعتداء الأبرز عام 2006، إذ رميت قنبلة يدوية على سيارة كانت تقل فرقة فنية للفتيات وقتلن جميعاً وكان عددهن ثمانية من الشابات في ذلك الحادث.

هناك طقوس وعادات لدى ذوي البشرة السوداء لا يستطيعون التخلي عنها، سيما جلسات الطرب والغناء التي أخذت شهرتها، منها الهيوة والخشابة والسامري، وبالرغم من مقارعة الآلات الحديثة للآلات القديمة إلا أن هذه القديمة ما زال حضورها قائما ولا يستطيعون التخلي عنها في أفراحهم ومناسباتهم رغم اندثارها في أغلب مناطق العراق، وأصبحت طي الكتمان، وليس بمقدور هؤلاء الفنانين تأدية أغانيهم بسبب الخوف والتهديد من قبل الجماعات المسلحة، والتي تمنع مثل هذه التجمعات الفنية .
وتتنوع الفنون لديهم منها ، فنون السمدا ، والوقندو، والشرياصة، والفنون البحرية التي هي الحداد ، وفن البحر ، وفن البحر العميق . وخصوصا فن الايقاع والذي يجيده اصحاب البشرة السوداء دون سواهم .
ومحافظة البصرة جنوب العراق هي غنية بالارث الفني والثروة النفطية ، وكلاهما خسارة لم ينعم بهما لا اليصرة و لا اهلها .

هناك مفارقة غريبة في ما خص ذوي البشرة السوداء ، تتمثل بحضور ملحوظ لهم في مجال الرياضة، وقد حصل لاعبون ولاعبات منهم على جوائز محلية ودولية في جميع المجالات الرياضية، كما يلحظ حضورهم في مجالات فنية مثل الرقص والموسيقى الشعبية حيث تتوزع ورشات لصناعة الآلات الموسيقية وأماكن إقامة الاحتفالات .

يشكو رئيس جمعية التراث للثقافة والفنون ,, إبراهيم الرشيد,, من ضيق المجال الفني في البصرة والعراق في شكل عام، ولم يعد هناك فضاء حرّ لعمل الفرق الموسيقية والفنون الشعبية وتنمية القدرات الفنية والثقافية، ليس بين شباب المجتمع الأسود فحسب، بل بين جميع الشباب في المجتمع البصري.
كما يشكو صاحب محل للآلات الموسيقية وإقامة الحفلات، من قلة الحفلات في المدينة بسبب ازدياد ظاهرة التدين وإغلاق الكثير من صالات العروض والاحتفالات والنوادي الاجتماعية، وحتى شراء الآلات الموسيقية الشعبية التي كانت تميز الحياة البصرية سابقاً، تراجع ولم يعد هناك من يهتم بما نصنعه، كما يقول صاحب المحل.
على رغم أن الاقلية السوداء في البصرة لهم حضور واضح سكانياً وتاريخياً، إلا أنهم يفتقرون إلى حضور ملحوظ في المؤسسات التعليمية، وفي شكل خاص في الجامعات والمعاهد حيث القلة الشديدة لعدد الطلاب في معهد الفنون الجميلة في المدينة، وهو من المعاهد العشرة القديمة في العراق.
وفي مقهى الأدباء في مركز المدينة يلاحظ الشاعر,, أكرم الأمير,, غياب أعضاء المجتمع الأسود حتى في الأدب والصحافة باستثناء أسماء معدودة. ويقول احد الناشطين، ,, إن الحكم الجديد في العراق ينتقم من السود بحجة أنهم كانوا مع نظام صدام حسين,, ولكن كما يشير الناشط ذاته كان السود لهم نشاطات واسعة على المسارح وفي الحفلات وواجهات الدعاية السياسية في عهد السابق، فيما هم كانوا الضحايا اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.

ما يثير انتباه المتابعين وناشطي المجتمع المدني بين المناطق التي يسكنها السود في هذه المحافظات الجنوبية هو انتشار العنف الأسري وازدياد نسبة الطلاق في الأسر السوداء. ويرجع الناشط صلاح رُخَيص سبب ذلك في مقابلة معه نشرتها صحيفة الحياة ؛ إلى الأمية من جانب والفقر والبطالة من جانب آخر. ويشير رُخَيص في السياق ذاته إلى مشكلة كبيرة تواجه السود في المناطق التي يسكنونها وهي مشكلة السكن والبناء (العشوائي) قائلاً: ,,هناك عدد كبير من العائلات مهددة بالطرد من بيوت البناء العشوائي ، وتفتقر إلى الموافقات وإجازة البناء والأوراق الرسمية,, . ولا يرجع رُخَيص جميع الأسباب المتعلقة بتهميش ذوي البشرة السوداء في الجنوب العراقي إلى شكل واحد من التمييز العنصري ، ويشير إلى ضعف تاريخي في شخصية الفرد الاسود قائلاً: ((يخاف الانسان الأسود الوجود في المحاكم ودوائر الحكومة، بل إنه خائف من مواجهة العالم حوله)) !.

نصت المادة (14) ــ الباب الثاني من الدستور العراقي :
“العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي”.
المادة (15):
” لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة “.
المادة (16):
” تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك “.

وأخيرا لايتفق الجميع بان هؤلاء الناس يواجهون التمييز منذ اليوم الذي تم جلب أسلافهم من افريقيا الى هذه البلاد البعيدة عن ديارهم لبناء القنوات وتحويل المستنقعات والاراضي البور الى حقول ومزارع … وليس بسبب ايمانهم… بل بسبب لون بشرتهم … على عكس المسيحيين والازيديين والصابئة واليهود في العراق.
وإنهم لا يتمتعون بالاعتراف كأقلية عراقية التي لا تزال تقوم على أسس دينية … لكنهم يطمحون الاعتراف بهم كأقلية وطنية … وهو الأمر الذي من شأنه أن يمنحهم حصة المشاركة في مجلس بلدي وليس في البرلمان على أقل تقدير … ولكن الطريق يبدو غير معبد وأن لا نهاية له ..
برقية سربها موقع ويكيليكس في سبتمبر2011 ، رامون نغرون ، المدير الاقليمي للسفارة الامريكية في البصرة ، موجهة الى الخارجية الامريكية وذكرت أن ” مجتمع السود في العراق يعاني على نحو غير متناسب تحت وطأة التمييز القائم للنظام السياسي للحكومة، وانه حتما سيكون لديهم وبسهولة ما يكفي من الأصوات للفوز بمقعد واحد في البرلمان ، واخر بمثله في مجلس محافظة البصرة على الاقل ، لكن مباديء الحكومة والنظام السياسي يقفان بقوة ضد هذا التوجه “!!…

(( النهاية ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البروفسور جي . اف . سكوت اليوت ــ الأنسان القديم وصاحب الحضارات الاولى ــ دمفرايزــ اسكتلندا ــ1925.
بروز وليامز ــ فقدان الفراعنة لبلاد النوبة ـ مجلة الحضارة الافريقية ــ 1990.
اندريه باروت ــ سومر فجر الفنون ــ جامعة اوكلاهوما ــ 1961 .
وليم جيلاني كوب ـــ العراقيون السود المخفيّون ــ أستاذ التاريخ في كلية سبيلمان ـ اتلانتا ــ جورجيا ــ 2003 .
جيرمي ات . ال ــ الالهة والشياطين والرموز في بلاد ما بين النهرين ــ جامعة تكساس ــ 1992 .
جرجي زيدان ـ تاريخ التمدن الاسلامي ـ القاهرة ـ 1906 .
الطبري ـ تاريخ الامم والملوك ـ مطبعة الاستقامة ـ القاهرة ـ 1939 .
ابن كثير ـ البداية والنهاية في التاريخ ـ مطبعة السعادة ـ مصر ـ 1932.
صحيفة لوس انجلوس تايمز ــ آن . م . سايمونز ــ العودة الى افريقيا من العراق ــ 17 كانون الثاني/ يناير2004 .
كويكودي ــ رحلة الى اسفل الذاكرة ــ أكرا ـ غانا ـ 2007 .
راس جو ــ ماهو مستقبل الشعب الاسود في العراق ؟ وماذا سيكون ؟ ــ 2014
جيدي يوكيا ــ العراقيون السود ــ سلسلة مقالات منشورة في صحيفة روستا لايفواير في 21 اذار/مارس2009 ــ كيب تاون ــ جنوب افريقيا .
توما شماني ــ عضو اتحاد المؤرخين العرب ــ شخبطة على الحائط ــ تورونتو ـ كندا ـ 2009 .
كارلوس زورتوزو ــ عندما تكن أسودا في العراق ــ مقالة نشرت عن وكالة انتر بريس سيرفس للانباء ــ 12 تشرين/ اكتوبر2011 .
صحيفة لوس انجلوس تايمز ـ تقرير تينا سوسمان ـ باراك أوباما أمل الفوز للعراقيين السود ـ 14 اب/ اغسطس 2008.
أيما ايستوود ــ حقوق المواطن الاسود ــ مجموعة حقوق الاقليات الدولية ــ نشرة دولية ــ مايس/ 2013 .
علي المعموري ــ عنصريّة وتمييز ضدّ الأفارقة السود في العراق ــ المونيتور ــ العراق 2013 .
زنوج العراق .. مرارة العبودية والاحتلال ــ مقالة منشورة في صحيفة الشرق الاوسط في 30 سبتمبر/ايلول 2009 .
لا احصل على حقوقي بسبب لون بشرتي ـ من برنامج حقوق الانسان في العراق ــ اذاعة صوت العراق الحر في 6 ابريل/ نبسان 2009 .
الموقع الالكتروني لرابطة المرأة العراقية ـ أسوة بالمحاصصات القائمة في العراق ـ نيسان/ ابريل 2013 .
أصحاب البشرة السمراء في البصرة يعانون تمييزاً عنصرياً في كل العهود ــ مقالة منشورة في صحيفة الحياة اللندنية ــ في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 .
تقرير المركز العراقي للصحافة الأستقصائية ــ ديسمبر/ 2014 .

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

طريق القدس تمر في مكة!

nadimqouteishالشرق الاوسط اللندنية

لم يهدأ استثمار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في حادثة منى. يكاد الرجل، وفريقه، لا يتركون مناسبة للإضاءة عليها والتحريض من خلالها عبر تضخيم أرقام الضحايا، أو تسريب ما يوقد الإشاعات المنتشرة شعبيًا حولها. من جملة ذلك ادعاء رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أن السفير الإيراني السابق لدى لبنان غضنفر ركن آبادي نقل حيًا بسيارة إسعاف سعودية إلى المستشفى خلال كارثة منى. من اقتنع مسبقًا أن الرياض سلمت آبادي لإسرائيل، بحسب إشاعة رائجة، سيجد في «معلومات» بروجردي ما يسند قناعته، ويعزز أحقاده على السعودية.

وففي تصريح أخير له قال خامنئي: «بعد هذه الحادثة، كان من المفروض أن يرتفع صوت واحد، واحتجاج العالم الإسلامي، ولكن للأسف ما عدا صوت الجمهورية الإسلامية، لم يُسمع أي صوت، وحتى الحكومات التي كان من حجاجها بين الضحايا لم تبد احتجاجًا يُذكر». ما أراده المرشد شاهدًا على الآخرين صار شاهدًا عليه من حيث لم يرد.

«ارتفاع صوت واحد» في العالم الإسلامي بدعاية التحريض على السعودية، وعدم سماع «أي صوت، حتى (من) الحكومات التي كان من حجاجها بين الضحايا» لا يدل على استهانة الحكومات والمسؤولين بشعوبها ما عدا إيران. بل يفضح حقيقة أن إيران انفردت دون غيرها من العالمين بالاستثمار في حادثة مأساوية، تصر على تسييسها وتوظيفها في العدوان على السعودية، التي تمثل اليوم العصب الرئيسي ورأس الحربة الحادة في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني.

كما أن من يفتي اليوم بإحراق الشيعة من أتباعه في أفران حرب الدفاع عن بشار الأسد، مدركًا استحالة هذه المهمة، ليس ممن يقيم وزنًا للناس والضحايا والمصائر، وهذا ما يعرفه الإيرانيون الذين نزلوا إلى الشوارع عام 2009، قبل غيرهم، صارخين «الموت للديكتاتور»!!

اللافت أن التصريحات هذه تزامنت مع بدء تنفيذ الاتفاق النووي من دون أي تعديل في الاتفاق، الذي فضحت تصريحات المعارضين الإيرانيين له حجم القيود والتنازلات الإيرانية في الثوابت الرئيسية. تكفي، للتأكد من ذلك، العودة للحملة التي شنتها صحيفة «كيهان» المقربة من المرشد على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، واصفة البند الذي يسمح بتفتيش المنشآت العسكرية «بالفضيحة». أما رئيس التحرير نفسه حسين شريعتمداري، الذي يعد ناطقًا غير رسمي بلسان خامنئي، فكتب قبل أسابيع مقالة بعنوان: «الحل الوحيد» اعترف فيها أن «الاتفاق النووي يهدّد أسس ومبادئ الثورة الإسلامية» مقرًا بكلمات واضحة أن «المرشد بالطبع ليس سعيدًا على الإطلاق بالمسودة الحالية للاتفاق». مع ذلك مرت المسودة وصارت واقعًا في الوقت الذي تزدهر فيه الثرثرة حول حادثة منى.

من يعرف إيران، يعرف أنها بلاد تدار بمنطق التعبئة الدائمة. وهي أحوج ما تكون الآن لمستويات عالية منها بغية تسهيل هضم الاتفاق النووي الذي أنهى عمليًا واحدًا من أبرز العناوين التي راهن عليها النظام، وخصص لأجلها موازنات، وحمّل نفسه عقوبات ذبحت المواطن الإيراني.

كما أن الاتفاق نفسه حرم إيران من عنوان «الشيطان الأكبر» وصرخات «الموت لأميركا» كأدوات تعبئة. بل إن الاتفاق وضع إسرائيل نفسها على الرف.

ولعل ما يجري اليوم في سوريا هو واحد من هذه التفاهمات القيسرية، حيث إيران وموسكو وحزب الله وتل أبيب في حلقة «تنسيق» واحدة في معركة إنقاذ النظام ولو لحسابات ورهانات مختلفة.

أما محاولة إيران استبدال «محاربة الصهيونية» بـ«محاربة الإرهاب» كمشروع لتصريف الطاقة «الجهادية» والعقائدية الإيرانية، فمن الواضح أنها باءت بالفشل، مما اضطر موسكو للتدخل مباشرة بعد أن كادت الفصائل المقاتلة، تُسقط الأسد وتبدد الأثمان الإيرانية الفادحة. دعك عن أن الراديكالية السنية لا تُحارب براديكالية شيعية، بل تتغذى منها وتزدهر، والعكس صحيح.

ولئن فقدت إيران بسرعة قياسية مدارات التعبئة هذه، الملف النووي ومحاربة الصهيونية ومكافحة الإرهاب، يمم المرشد شطر السعودية، ورفع شخصيًا، وعبر وكلائه، درجة التحريض عليها والاشتباك معها، منذ أن لاحت ملامح هزيمة إيران في اليمن، وقبل أن تأتيه حادثة منى ساخنة على طبق من حقد.

فالسعودية هي العدو الآن، وهي الهدف الثوري الجديد العلني لنظام الملالي، بعد أن كانت هدفًا كامنًا. بل باتت طريق القدس تمر من مكة، هذه المرة، بحسب ما يُستشف، من حدة الموقف الإيراني. أما الأداة المفضلة الآن فحادثة منى.

ليس غريبًا الاستثمار الثوري الإيراني في المآسي. في بدايات الثورة الإيرانية، وكانت لا تزال حراكًا، احترقت «سينما ريكس» في ضاحية عبدان الفقيرة في طهران. كُتب الكثير عن هذه الحادثة. وتراوحت الاتهامات بين تحميل مخابرات الشاه نفسه المسؤولية عن إضرام النار في الصالة، وتحميلها لفصائل متطرفة بين القوى الثورية ترى في السينما حرامًا ينبغي تغييره باليد. الثابت أن الخميني استخدم الحريق الذي قضى فيه بضع مئات، كعنوان تعبئة شكل نقطة تحول في الرأي العام وتجييش الجماهير وتغذية مناخ الثورة التي انتهت بإسقاط الشاه. ثم كُنِسَت القضية تحت سجادة عجمية بعد الثورة!

حادثة منى ليست حادثة «سينما ريكس»، والسعودية ليست نظام الشاه، وكل التفاصيل مختلفة، لكن العقل الإيراني واحد. الاستثمار في المآسي والإدمان على لعبة التعبئة وزراعة الحقد.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

رز باللوبياء من غانا Waakye

ricelobyaghanaالمقادير

كوبان من الرز
كوب من اللوبياء الحمراء الناشفه
ملعقه صغيره من بيكاربونات الصوديوم
ملح

العمل
يستعاض بهذا الطبق على الموائد الافريقيه عن تقديم الخبز مع الأكل , إنتشر الطبق بداية في غانا ومنها عمّ الى أغلب الدول الإفريقيه ويقدم الى جانب اللحوم والسلطات . تغسل اللوبياء الحمراء وتنقع عدة ساعات . تسلق في ماء مغلي حوالي ثلاثة أرباع الساعه حتى تنضج . تضاف بيكربونات الصوديوم للحصول على ماء سلق أحمر قاني . يوضع الرز المغسول والمنقوع في قدر وتصفى اللوبياء من الماء وتضاف الى الرز . نأخذ من ماء سلق اللوبياء كمية من الماء كافيه لطبخ الرز ثم نضيفها الى قدر الرز . نضيف الملح . نغلي على نار قويه مدة 5 دقائق . نخفض النار ونترك الرز ينضج بهدوء الى أن ينشف تماماً . نتركه لتهدأ حرارته ثم نقلب ونغرف الى طبق التقديم مع بقية مكونات المائده .. شهيه طيبه

Posted in طبق اليوم \د. ميسون البياتي | Leave a comment

الأديب السويدي ستيغ داجرمان

stiggerman

د. ميسون البياتي

ولد ستيغ داجرمان عام 1923 وتوفي عام 1954 وهو صحفي وكاتب سويدي وجودي ممن وثّقت أعمالهم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانيه كان لها قراؤها داخل وخارج السويد
في الفتره التي أعقبت الحرب العالميه الثانيه في اوربا 1945 _1949 نشر داجرمان 4 روايات ومجموعة قصص قصيره , ودراسه عن المانيا ما بعد الحرب العالميه الثانيه , و 5 مسرحيات , ومئات القصائد , والمواضيع الناقده والملاحظات الصحفيه , وكان في أوج نجاحه وشهرته حين دخل في مرحلة الصمت المطبق , وذات يوم من أيام عام 1954 وكما فعل الكثير من كتّاب مرحلته .. إنتحر ستيغ داجرمان , أقفل على نفسه باب مرآب سيارته وشغّل المحرك فضرب السيارة بالحائط ومات

تفاعلت أعمال داجرمان مع مشاكل عالميه في الأخلاق والضمير والجنس والفلسفه الإجتماعيه والحب والرحمه والعداله , وكانت مغرقه بالوقائع المؤلمه للوجود الإنساني , وتشريح مشاعر الخوف والشعور بالذنب والشعور بالوحده , وبرغم أجواء كتاباته الحزينه إلا أنها كانت مفعمه بالسخريه والفكاهه التي تتحول احياناً الى هجاء أو هزل , قال عنه الكاتب البريطاني غراهام غرين إنه يكتب بإنفعالات موضوعيه جميله ويستخدم الحقائق الواحده تلو الأخرى لبناء العاطفه كما يستخدم الحجر لتشييد البناء

ترجمت أعمال داجرمان الى لغات كثيره وواصلت كتاباته تشويق وإلهام القراء والكتّاب والموسيقيين وصانعي الأفلام . جمعت أعماله كاملة في 11 مجلد وتضمنت : الفلسفه والسياسه وعلم النفس والصحافه , وجدها الفرنسيون والإيطاليون على وجه الخصوص مادة دسمه لإستلهام الأفلام والموسيقى

جمعية ستيغ داجرمان السويديه تمنح ( جائزة ستيغ داجرمان ) دورياً الى كتّاب مثل داجرمان نفسه , تتضمن أعمالهم التعاطف والفهم الإنساني العميق والشامل للنفس البشريه وكانت الجائزه قد منحت في العام 2008 الى الكاتب الفرنسي المورشيوسي جان ماري غوستاف لو كليزيو والذي نال بعدها بفترة قليله وفي نفس العام 2008 جائزة نوبل في الأدب

ولد ستيغ داجرمان عام 1923 لأم غير متزوجه وعاش في القريه مع جده وجدته لأمه , وسرعان ما غادرت الأم الى غير رجعه حيث ذكر بعد ذلك أنه لم يرها مرة ثانيه حتى أصبح في العشرينات من عمره , أما والده فقد كان ( عامل تراحيل ) يسافر كثيراً للبحث عن عمله , وحين استقر الوالد أخيرا ً في استوكهولم عاش معه ابنه ستيغ داجرمان وكان في 11 من العمر

تعرف ستيغ داجرمان على الشيوعيه الأناركيه من خلال والده وإنضم الى تنظيمها النقابي لإتحاد الشباب وبعمر 19 سنه أصبح محرر صحيفتها ( العاصفه ) ثم وبعمر 22 تم تعيينه المحرر الثقافي لصحيفتها ( العمّال ) ثم محرر للصحيفه اليوميه للتنظيم النقابي الأناركي وفي هذا الجو الصحفي المثقف إلتقى داجرمان بالصحفيين والكتّاب وطوّر قابلياته الكتابيه فنشر حوالي ألف قصيده , ومواضيع نقديه تستمد موضوعاتها من أحداث يوميه

توسعت آفاق داجرمان الفكريه الى حد كبير بعد زواجه من ( ماري غوتزه ) عام 1943 وهي لاجئه ألمانيه تبلغ 18 من العمر والدها قيادي بارز في الحزب الأناركي , تم هرب العائله من ألمانيا النازيه الى برشلونه مركز الحركه الأناركيه فتلقاهم هناك الفاشيون الإسبان وسحقوا حركتهم الناركيه بكل وحشيه مما إضطرهم الى الهرب عن طريق فرنسا ثم النرويج الى السويد المحايده . بعد زواج داجرمان من ماري غوتزه عاش معها في بيت والدها الناشط حزبيا ً والذي كانت تعبر بيته قوافل من اللاجئين الهاربين من بطش أوربا الى الدول الآمنه فكانت هذه التجربه مجالاً فريداً لصقل معارف داجرمان ومشاعره الإنسانيه

عام 1945 وكان داجرمان بعمر 22 سنه نشر أول أعماله وهي رواية ( الأفعى ) وكانت روايه تتحدث عن الخوف من عسكرة اوربا في زمن الحرب , وهذه الروايه أعطته سمعة جيدة ككاتب شاب واعد . في العام التالي نشر رواية ( جزيرة المحكوم ) أكمل كتابتها خلال أسبوعين استخدم في كتابتها مواضيع كابوسيه وهي تتحدث عن سبعة أشخاص محكوم على كل واحد منهم بالموت ويبحث عن اي شكل من أشكال الخلاص

النقّاد قارنوا كتابة داجرمان بأعمال فرانز كافكا ووليم فولكنر وألبير كامو , والكثير منهم رأوه يمثل جيل أربعينات القرن الماضي من الكتّاب السويديين الذين تجسد كتاباتهم الوجوديه مشاعر الخوف والغربه واللامعنى التي صاحبت فترة نهاية الحرب العالمية الثانيه وبداية الحرب البارده

عام 1946 أصبح ستينغ داجرمان إسماً لامعاً في السويد من خلال صحيفته التي أطلق عليها اسم ( خريف ألمانيا ) والتي لم يسع فيها الى إلقاء اللوم على المواطنين الألمان بسبب فظائع الحرب لكنه وصفهم فيها بأنهم مجانين يملؤهم الشر ولم يبق لهم غير العيش بين كومة أنقاض خلفتها الحرب , وشخّص أصل المشكله الألمانيه في عدم الكشف عن المنظمات الجماهيريه التي عرقلت من أجل مصالحها تعاطف أوربا مع الألمان بإعتبارهم أفراداً يجتازون محنه وهذا ما سيؤدي الى كوارث بشريه

مجموعة قصص قصيره عنوانها ( ألعاب الليل ) نشرها داجرمان عام 1947 وقعت أغلب أحداث قصصها في الحقل الذي عاشه في طفولته في بيت جده , كما نشر أول مسرحياته ( الرجل المحكوم بالإعدام ) التي افتتح بها موسم ستوكهولم المسرحي في نفس العام

أكثر أعمال داجرمان شهرة من قصصه القصيره هي مجموعته ( قتل طفل ) تأثرت قصصه فيها بكتابة سيناريوهات الأفلام , حيث تتغير الصورة في القصه من مقطع الى آخر كما في السيناريو , وهي صور عاديه لا غرابة فيها ولكن تلاحقها بنسق معينمع صور اخرى يمكن أن يكون مقدمة لفعل مرعب سيأتي لاحقاً

عام 1948 نشر 3 مسرحيات ثم نشر روايته الثالثه ( الحقل المحترق ) وقصتها تعتمد على حبكه سايكولوجيه لشاب يقع في غرام عشيقة والده

عام 1949 نشر رواية ( مخاوف الزفاف ) ويعدها أكثر النقّاد من أفضل أعماله زاوج فيها كل خبراته الكتابيه لوصف الوضع الإنساني في الفتره التي أعقبت الحرب العالميه الثانيه وكيف أن البشر يبحثون عن المسامحة والخلاص , مستعملاً في ذلكك أقصى غايات وعيه في رسم شخصيات الروايه

واصل داجرمان النجاح في عمله لكنه أصيب بالإحباط والكآبه وأصبح قاسياً مع أسرته , تفرغ لعالم المسرح ككاتب ومخرج في بعض الأحيان وإلتقى على المسرح مع أصدقاء ومحبين للتغلب على كآبته , ثم تخلى عن أسرته لفترة من الوقت وابتعد عنهم ليتزوج الممثله المعروفه ( انيتا بيوريك ) التي أنجب منها إبنته ثم انفصل عنها في ظروف عصيبة ماديا ً وعاطفيا ً كان يشعر فيها بالذنب بسبب تخليه عن أولاده من زواجه الأول , ثم استدان بعض المال من أجل الإنفاق عليهم على أمل أن يسدد دينه بعد نشر كتابه المقبل .

بينما كان شعوره بالكآبه يتعمق كتب مقالاً يشبه السيرة الذاتيه أسماه ( لنا حاجه الى المواساة لا تشبع ) تحدث فيه عن نضاله من أجل أن يبقى حياً . ثم كتب جزءاً من رواية جديده عنوانها ( ألف سنة مع الرب ) بدا فيها واضحا ً توجهه الى الكتابة الصوفيه , كما واصل كتابة أشعاره الساخره التي تنشر يوميا ً .. نشرت آخر مقطوعة شعريه له يوم 5 نوفمبر 1954 .. وكان ذلك هو اليوم الذي تلا يوم إنتحاره

Posted in الأدب والفن | Leave a comment