التعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا في وجه التحديات

raghedaإنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا حدث يتعدى الحلف الثنائي وهدف توازن القوى السنية في العراق وسورية ويتطلب قراءة معمقة للعلاقة السعودية– المصرية كما العلاقة التركية– الروسية والعلاقة التركية– المصرية المتوترة. إيران وقطر حاضرتان أيضاً في الحدث السعودي– التركي، وكذلك الولايات المتحدة و «داعش» والمعارضة السورية. هناك قواسم مشتركة عديدة، بطبيعة الحال، في العلاقة التي ارتقت هذا الأسبوع رسمياً إلى مرتبة التعاون الاستراتيجي، إنما هناك أيضاً اختلاف في أكثر من مكان. التحدي الأهم يكمن في آليات مجلس التعاون الاستراتيجي وآليات فاعلية التحالف إذا استدعت التطورات على الساحة السورية التصدي ميدانياً للحماية الروسية للرئيس السوري بشار الأسد. التحديات الأخرى تشمل التوفيق بين الأولوية التركية في العداء للتنظيمات الكردية ولطموحات الأكراد الإقليمية وبين نأي السعودية بنفسها عن تلك الأولوية التركية. ثم هناك بقع رمادية عدة في محاربة التنظيمات السنية المتطرفة التي تصنفها واشنطن وموسكو إرهابية بالرغم من توافق أنقرة والرياض على محاربة تنظيم «داعش» وأمثاله، لأن «داعش» يشكل خطراً وجودياً على السعودية لعله أكبر من الخطر الذي يشكله على تركيا، أقله من وجهة نظر البعض في تركيا.

أولى المحطات هي مصر، التي لها علاقات متوترة مع تركيا وتحالفية مع السعودية. مصر عبدالفتاح السيسي تنظر إلى تركيا رجب طيب أردوغان على أنها الموّلد لجماعة «الإخوان المسلمين» وترى في أي خطوة سعودية- تركية تقارباً سعودياً– تركياً في شأن جماعة «الإخوان» الذين سبق وصنّفتهم السعودية في خانة الإرهاب. فالقاهرة تريد للجماعة أن تبقى في تلك الخانة وتخشى أن يكون في طيات ترقية العلاقات بين الرياض وأنقرة نية للتراجع عن ذلك التصنيف.

علاقة السعودية بمصر استراتيجية وتحالفية والرياض متمسكة بدعم مصر، لا غبار على ذلك، بالرغم من عدم الارتياح إلى مواقف القاهرة تجاه سورية، أو ترددها في المغامرة في اليمن، أو ما يراه البعض ضعفاً في دورها في الحلف الإسلامي ضد الإرهاب. مصر من جهتها، تقدّر الدعم السعودي والإماراتي والكويتي الذي لا غنى عنه بالرغم من استيائها من التوقعات الخليجية منها، ومن اضطرارها إلى التخلي مرحلياً عن موقع القيادة العربية، ففي نهاية المطاف تدرك القاهرة والرياض معاً أن مصر حيوية ومركزية ولا بديل منها في موازين القوى الإقليمية. إنما مع إنشاء الحلف الاستراتيجي السعودي– التركي، تتساءل مصر أين هي في ذلك الحلف؟ وكيف سيتم التوفيق بينه وبين موقعها في الوزن العربي الاستراتيجي في موازين القوى الإقليمية؟ وترد السعودية بأن لا تناقض بين الاثنين، والدليل هو الالتزام باستمرار العلاقة السعودية التحالفية بفعالية. والواضح أن هناك حاجة لحديث معمّق بين الدولتين العربيتين الكبيرتين لإيضاحات ضرورية علناً.

روسيا لها موقع مميز مع مصر ولها أيضاً علاقات مع السعودية مثيرة للاهتمام. أحد جوانب التعاون الاستراتيجي الروسي– المصري ينبثق من كراهية الطرفين الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها «الإخوان المسلمون». وهذا بدوره يقرّب المواقف الروسية والمصرية في سورية في الوقت الذي تتباعد المواقف السعودية– الروسية في الشأن السوري وتتصادم المواقف الروسية– التركية.

البراغماتية التي تتبناها حالياً الديبلوماسية السعودية أدّت بالرياض إلى فتح صفحة عملية مع موسكو -بالرغم من الاختلافات العميقة في الشأن السوري- تمثلت في التوافق على «عملية فيينا» التي أتت بإيران إلى طاولة البحث في مستقبل سورية. والبراغماتية هي التي جعلت الرياض تتوجه إلى إنشاء مجلس تعاون استراتيجي مع أنقرة في خضم التوتر الروسي– التركي مع الحرص الكامل على عدم اختلاق عداء مع موسكو. والبراغماتية تمثلت أكثر ما تمثلت في العلاقة مع روسيا في اليمن، فهناك مفصل مقابل في العلاقة السعودية– الروسية.

موسكو تعهّدت بعدم التدخل في اليمن ضد التحالف العربي، وهي رفضت هذا الأسبوع طلباً من الرئيس السابق علي عبدالله صالح للتدخل ضد التحالف تنفيذاً لتعهداتها للرياض. اليمن أولوية سعودية، ميدانياً كما في الساحة الدولية في الأمم المتحدة حيث موسكو بالغة الأهمية. ولذلك، مهما اختلفت السعودية مع روسيا في سورية أو في شأن إيران، فهي ملتزمة بالحفاظ على العلاقة البراغماتية الجديدة بسبب اليمن أولاً، إنما أيضاً لاعتبارات أوسع وأشمل، استراتيجية وثنائية. موسكو من جهتها تود الحفاظ على علاقات طيبة مع السعودية طالما لا تشترط عليها الرياض فك تحالفها مع إيران أو التخلي مسبقاً عن مواقف تتمسك بها، مثل تمسكها بالنظام في دمشق كأولوية. فهنا أيضاً شقت البراغماتية طريقها إلى الواقعية وسار أقطاب «عملية فيينا» المتمثلة بحوالى عشرين دولة، من ضمنها الولايات المتحدة وتركيا والسعودية، في الخطى التي رسمتها الديبلوماسية الروسية وصولاً إلى الجولة الثالثة في نيويورك التي توّجت بقرار سابق لمجلس المن الدولي.

ذلك القرار رقم 2259 رحّل المسائل الخلافية، مثل بقاء بشار الأسد في السلطة ومصيره في المرحلة الانتقالية ولم يأتِ على ذكره. رحّل أيضاً الاختلافات على مَن هم أقطاب المعارضة السورية المقبولة ومن هي التنظيمات الإرهابية في سورية. وقفّز القرار «عملية فيينا»، التي هي وليدة روسية، على «بيان جنيف» الذي فصّل عملية انتقالية يسلّم فيها الأسد كامل الصلاحيات التنفيذية إلى حكم انتقالي، وحقق القرار انقلاباً على «بيان جنيف» عبر تثبيت مرجعية «عملية فيينا» بدلاً من جنيف فقفز على «عقدة الأسد» رسمياً.

لائحة الاقتراحات بالتنظيمات التي يجب أن تُصنّف إرهابية التي تلقاها الأردن وتم تكليفه بإعدادها، تم ترحيلها أيضاً. والسبب هو الغضب الهادئ الذي تمثّل بمحو الابتسامة العريضة على وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أثناء اجتماع أقطاب «عملية فيينا» في فندق «بالاس» في نيويورك لدى اطلاعه على إدراج «فيلق القدس» و «حزب الله» على القائمة، فأدى غضبه إلى تعليق الاجتماع، وانتهى الأمر بنوع من دفن لتلك القائمة وبدء العمل من جديد.

تركيا بدورها أدرجت «حزب العمال الكردستاني» ضمن من تعتبره إرهابياً في سورية، فأثارت البلبلة. روسيا من جهتها ركّزت أنظارها على قائمة المعارضة السورية التي أعدتها الرياض في أعقاب اجتماع سابق جمع أقطاب المعارضة السورية، لكن موسكو أصرت على الاكتفاء بالإشارة إلى ذلك الجهد في الفقرات التمهيدية من القرار 2259، فحذفته من الفقرات العاملة التي سعت إلى تبني القائمة.

المعركة السياسية على كيفية تنفيذ القرار 2259 الذي أقر العملية السياسية في سورية لأول مرة منذ بدايتها قبل خمس سنوات، آتية. السعودية وتركيا تريدان إدخال شخصيات وتنظيمات على القوائم الخاصة بالإرهاب ترفض روسيا إدخالها. إنما الرياض تريد الاستفادة من أنقرة للضغط على إيران بأبعد من القائمة وليس حصراً فيها، هدفها وقف التدخلات الإيرانية في المنطقة، والاتفاق على آليات تضمن فاعلية التحالف ضد الإرهاب والتصدي للتحركات الروسية في حماية الأسد.

وزير الخارجية السعودية عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود شاويش أوغلو في أعقاب لقاء القمة بين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورجب طيب أردوغان في الرياض الثلثاء، كشف عن تشكيل مجلس للتعاون الاستراتيجي. هو قال إن الهدف من المجلس يشمل «التنسيق بشكل أكبر وأكثر» في ظل الظروف والتحديات التي نواجهها سوياً في سورية أو العراق أو اليمن أو ليبيا، سواء في ما يتعلق بالإرهاب والتطرف، أو في ما يتعلق بتدخلات إيران السلبية في شؤون المنطقة. وأضاف أن «جميع هذه الملفات تحتاج إلى المواجهة والتعامل معها».

مواجهة التحديات ليست سهلة في ضوء الوقائع الواضحة وتلك الرمادية. فتركيا ليست مشاركاً فاعلاً في الحرب على «داعش» وأمثاله في سورية، خوفاً منها على مصير الأكراد مع ضعف النظام وإصراراً على رفض «العلمانية»، وهذا يكشف استمرار إصرارها على تمكين الجماعات الإسلامية، وتركيا تسير في اتجاه معاكس نوعاً ما مع السعودية في العراق، حيث أعادت السعودية سفيرها بعد انقطاع ربع قرن وحيث تزداد العلاقة التركية– العراقية توتراً. صحيح أن لكليهما تحفظاً على حكومة حيدر العبادي في بغداد، إنما كلٌ لأسبابه، فأسباب تركيا دوماً لها بعد كردي، وأسباب السعودية إيرانية. كلاهما اليوم ينطلق من معادلة توازن القوى السنية في أعقاب هروب «داعش» من الرمادي إما تقهقراً أو في استراتيجية هروب مدروسة لغايات أسوأ.

كل من السعودية وتركيا ضروري جداً لتنفيذ غاية القضاء على «داعش» في العراق وفي سورية. مجلس التعاون الاستراتيجي السعودي– التركي حدث مهم لكنه ليس البديل من مجلس التعاون الخليجي. ولا هو البديل من النظام الأمني الإقليمي الذي يتصدى لما تسعى وراءه إيران عندما تتحدث عن نظام أمني جديد في المنطقة ليضمها مع العراق ودول مجلس التعاون الخليجي بعد تفكيكه. إنه حدث مهم يتطلب القراءة العميقة والمتابعة.

* نقلا عن “الحياة”

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

رفع وتيرة الحرب قبل فيينا

rashedالروس، منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول)، صاروا رأس حربة في معارك سوريا ومحيطها، بعد أن كانوا يلعبون دورًا خلفيًا، بالتمويل والمعلومات والعمليات المحدودة. النتيجة أن قوات النظام السوري مع القوات الإيرانية، التي تقود ميليشيات متعددة الجنسيات، تشعر لأول مرة بانفراج في عدد من مناطق القتال. وبات من الواضح نوايا التصعيد هذه، إلا لوزير الخارجية الأميركي المصر على قناعته بنوايا الروس الحسنة التي شكلها بناء على حواراته المتعددة معهم في أوروبا وموسكو. والمشكلة لم تعد في فك شفرة النوايا الروسية لأن فعلهم أوضح من أقوالهم، بل المشكلة في فهم نوايا الوزير جون كيري؛ هل هو أيضًا يريد التخلص من المعارضة المسلحة السورية المعتدلة، أي التي ليست «داعش» ولا «النصرة»؟ وهل يبيت النية للقبول أخيرًا باستمرار نظام بشار الأسد؟

حاليًا، في سوريا تشن حربان؛ واحدة من جانب التحالف الأميركي تستهدف التنظيمات الإرهابية: «داعش» و«النصرة»، والأخرى من الجانب الروسي تقوم بقصف التنظيمات المعارضة الوطنية. النتيجة، أن الأسد والإيرانيين يقومون برفع الأعلام على المناطق «المحررة» أميركيًا وروسيًا!

وفي نفس الوقت يشجع الروس والإيرانيون التنظيمات التركية الكردية المسلحة لضرب تركيا، وبالتالي تجويع المعارضة السورية وعزلها.
وصار الجانبان، الأميركي والروسي، يقاتلان في صف نظام الأسد وحليفه الإيراني، إضافة إلى تعزيز وضع القوى الموالية لإيران في العراق بشن الحرب نيابة عنهم، وتحرير المناطق التي استولى عليها تنظيم داعش.

تكون السياسة الأميركية منطقية ومقبولة، لو أن هناك حلاً سياسيا مؤكدًا يوازي العملية العسكرية، لكنها الآن تقوم بعكس ذلك، بإضعاف الحل السياسي بتنظيفها المناطق لصالح الإيرانيين والروس، فهل يستطيع أحد أن يشرح لنا، أين المنطق هنا؟

منطق واشنطن في البداية كان مفهومًا ومقبولاً. إرسال القوات الأميركية بهدف محاربة تنظيمين إرهابيين: «داعش» و«النصرة»، إثر تنامي خطرهما في سوريا والعراق، بعد عمليات التهجير الواسعة للإيزيديين في العراق، والاستيلاء على مدينة الموصل، واستهداف إقليم كردستان، ومشاهد الذبح والحرق المروعة. ووجد تجاوبًا واسعًا من معظم القوى السياسية الدولية، بما فيها الإقليمية التي شاركت في دعمه.

إنما هذا الهدف يستحق، الآن، أن يعاد النظر فيه نتيجة استغلال الروس والإيرانيين للوضع، وتغييرهم قواعد اللعبة، ومحاولتهم فرض نتائج مختلفة. فالسياسات الطائفية أصلاً هي سبب الفوضى، فممارسات حكومة نوري المالكي السابقة في العراق ضد المعتدلين السنة جلبت «داعش» الذي استولى على ثلث العراق. وفي سوريا تسببت عمليات القتل المستمرة من قبل قوات النظام وحليفها الإيراني، التي فاضت بثلث مليون قتيل، في جلب «الجهاديين» من أنحاء العالم.

نحن نفهم لماذا تفعلها إيران، فهي تسعى لفرض أنظمة حليفة للسيطرة على البلدين، لكن من غير المفهوم أن تختصر السياسة الأميركية الأزمة المتعددة في موضوع واحد؛ الجماعات الإرهابية. وحتى لو نجحت القوات الأميركية في هزيمة آلاف الإرهابيين، كيف ستستطيع بعد ذلك حراسة الأرض المحروقة حتى لا يعودوا؟ وكيف ستمنع الإرهابيين من عمليات التجنيد اللاحقة بين ملايين السنة الذين يتم تشريدهم على أيدي قوات النظام السورية، والقوات الإيرانية، والروسية؟

التطور الجديد أنه لم يعد للحل السياسي مكان في مفاوضات فيينا المقبلة، فالروس والإيرانيون يريدونها جلسة استسلام، بقتل ومحاصرة المعارضة السورية المعتدلة، وتهديد الدول المؤيدة لها.

وطالما أن المشروع الروسي يقوم على فرض حل سياسي بالقوة، بتنصيب الأسد وتسليم إيران المنطقة، فإن واجب دول المنطقة على الجانب الآخر تغيير مفهوم دعمها للمعارضة، برفع مستوى تسليحها، الذي ظل دائمًا محدودًا نتيجة الاشتراطات الدولية، وعلى أمل التوصل إلى حل سياسي يجمع كل الفئات السورية في مشروع حكم واحد. رفع دعم المعارضة قد يكون الطريق الوحيد لتحقيق التوازن على طاولة التفاوض. دون ذلك من الأفضل توفير الوقت، بتسليم الإيرانيين المهمة، ونقل المفاوضات إلى طهران، وتكليف جماعتها بحكم سوريا. وفي نفس الوقت على دول المنطقة، وأوروبا، نتيجة لذلك استقبال المزيد من ملايين الهاربين من سوريا والعراق، لأن المنطقة لن تستقر.

* نقلا عن “الشرق الأوسط”

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

العبودية في المغرب

العبودية في المغرب………. L’esclavage au Maroc….. Slavery in Morocco
morocoking

Posted in فكر حر | Leave a comment

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (74) للخليل ألف تحيةٍ وتحية

mostafalidawiالخليل المدينة الفلسطينية المقاومة، الشامخة العتيدة، القديمة العتيقة، العوان في الحرب، والثفال في القتال، والسارية في الخطوب، والكنانة في الرجال، تعاند وتجابه، وتتصدى وتواجه، وتقاتل وتجالد، وتصبر وتحتمل، وتعض على الجرح وتحتسب، لا تبال بالخطوب، ولا تخشى النوائب، تنسج من الألم خيوط النصر، ومن الوجع تجدل حبال الحرية، ومن الجبال تقد الصخر ثباتاً، وتشق في الأرض لها جذوراً، وتنغرس في جوفها أصولاً، ولهذا فإنها لم تعد كأي مدينة وإن كانوا لها أخوات، ولم تعد تشبه غيرها وإن كانوا مثلها في الصفات، إنها نسيج وحدها، سقفها السماء، وكيزانها النجوم، إذ لا يدانيها أحد، ولا تقوى مدينةٌ على اللحاق بها، أو السباق في مضمارها، فميدانها فسيح، ومسارها طويل، ومنحنياته كثيرة، والعقبات فيه صعبةٌ وكبيرة، ولكنها تعرف كيف تخوض الصعب، وتتحدى العقبات، وتنتصر على التحديات، لأنها مدينة تريد أن تنتصر.

لا تستطيع عقولنا أن تتفتق عن شكرٍ يليق بها، ولا أن تبدع أقلامنا في مدح عملياتها، ولا تعرف ألسنتنا كيف تلهج حمداً على دورها، ولا نستطيع بحالٍ أن نقدر تضحياتها، ولا أن تجود مخيلاتنا بما يوازي ما تقدم، أو يساوي ما تعطي، إذ ما كان لمحدود أن يدرك مطلقاً، وعقولنا عن تضحياتها قاصرة، ونحن أمام سيل عطائها وجود سخائها حيرى، ولكن عزاءنا أن من يتغنى بالقمر ليس مثله، ولكنه به يتغنى، ومن يشيد بالكرم يتمنى أن يكون من أهله، ومن يذكر الشيم يسعى أن يتصف بها، أو أن يتحلى ببعضها، وكذا نحن بالخليل نتغنى، وبأمجادها نشيد، نغبطها ونشكرها، ونفخر بها ونزهو، ونتمنى أن تكون كل فلسطين مثلها، نكيد بها العدو ونؤلمه، ونبكيه ونحزنه، ونضيق عليه عيشه ونطرده.

والخلايلة غير مضطرين لمغادرة مدينتهم للبحث عن أهدافٍ إسرائيلية لمهاجمتها، إذ أن مدينتهم تغص بالمستوطنين الذين ملأوا جوانبها، وسكنوا في أطرافها، واحتلوا القلب منها، وبنوا المستوطنات فيها وفي محيطها، ما يجعل أهداف المقاومين منهم كثيرة، إذ هي منتشرة وموزعة، ومع ذلك فإن أبناءها يخرجون منها إلى القدس ومدنٍ أخرى للبحث عن أهداف جديدة، ومهاجمة العدو في مناطق أخرى، وقد نجحوا فعلاً في حمل شعلة الانتفاضة إلى أكثر من مكانٍ، وإن كانت الانتفاضة في كل الوطن مشتعلة ومتقدة، فإنهم يزيدونها لهيباً، ويسعرون نارها أكثر.

لا يجدي مع مدينة الخليل ومحافظتها التي أدمتها الاجتياحات، وأوجعتها التوغلات، السياسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، فهي اعتداءاتٌ وإن قست فإنها لا تضعفهم ولا تفت في عضدهم، ولا تدفعهم للتراجع أو الانكفاء، بل إنها تزيد من إرادتهم الصلبة، وقدرتهم على الصمود الرائع، ولعل خير من يعبر عن فشل سياسة الاحتلال أمام صمود الخلايلة هم الإسرائيليون أنفسهم، فهذا يهودا شاؤول وهو أحد الضباط العسكريين العاملين في مدينة الخليل يقول “الخليل تظهر فشل سياسة إسرائيل في الضفة الغربية، فاستمرار سيطرتها العسكرية على المدينة سيجلب موجات دامية ومتلاحقة من العنف”.

وتسائل متحسراً “كيف تحولت الخليل رغم الوجود العسكري المكثف، إلى المنطقة الأكثر توتراً في الضفة، هذا يؤكد أن سياسة تعزيز سيطرة الجيش على الفلسطينيين قد نجحت في تدمير حياتهم وتخريبها، لكنها لم تنجح في جلب الأمن للإسرائيليين”.

ولهذا السبب فإن بعض الإسرائيليين يوجهون انتقاداً إلى حكوماتهم المتعاقبة، ويحملونها مسؤولية إيجاد مبررات للمقاومة، وتسهيل عملياتها التي تستهدف المستوطنين والجنود وغيرهم، إذ أنهم قد سمحوا لليهود بالانتشار في المدينة، والتوسع فيها على حساب المواطنين الفلسطينيين، والتضييق عليهم ومصادرة أرضهم وانتهاك حقوقهم، وبذا فإن الحكومات الإسرائيلية هي التي تعطي الفلسطينيين المبرر الشرعي للمقاومة والقتال، والطعن والدهس والقنص وغير ذلك مما يجب أن يتوقعه المحتل ممن اغتصب حقوقه واحتل أرضه.

وفي هذا السياق يذكر المحرر الإسرائيلي آفي يسخاروف، وهو مهتم بالشؤون الفلسطينية، ويعرف الكثير عن تفاصيلها، في معرض انتقاده للحكومة الإسرائيلية التي يحملها المسؤولية عن كثرة العمليات التي تقع في الخليل، والتي لا تجدي الإجراءات الأمنية في محاربتها، ولا الوسائل العنفية في وقفها “مدينة الخليل مدينةٌ مختلطة من العرب واليهود، ومسلحوها ليسوا مضطرين للخروج منها واجتياز الحواجز العسكرية للوصول إلى المدن الإسرائيلية، والبحث عن أهداف مرشحة لضربها”، وكأنه بانتقاده المباشر للحكومة يدعوها إذا أرادت أن تنعم بالأمن والسلامة، والطمأنينة والهدوء، إلى الانسحاب من مدينة الخليل، وتفكيك مستوطناتها منها، ورحيل مستوطنيها عنها، والكف عن توغلات جيشها فيها وحملاته عليها، وإلا فإن على الحكومة أن تتوقع من الخليل صيفاً قائضاً أبداً، وشتاءً زمهريراً دوماً.

لو كتبنا كل يومٍ عن مدينة الخليل فلن نفيها حقها، ولن نكافئها على عطائها، ولن نكرر شكرنا على ما أعطت وقدمت، بل سنشكرها على الجديد، ونرفع لها التحية على المزيد، وسنحاول أن نجد عباراتٍ جديدةً، وتهاني أخرى تليق بها، فلا نكرر ما سبق، ولا نعيد ما سُمع، بل نجتهد بالبديع، ونسعى للجميل، فهي تستحق وتستأهل، إذ أنها لا تتغني بالقديم، ولا تكتفي بما أنجزت وحققت، بل تأتي بجديدٍ آخر، وتقوم بعملياتٍ أخرى أروع، تشدهنا وتفاجئنا، وتجبرنا على أن نقف أمامها مستغربين ولكن فرحين، لهذا فهي توجب علينا أن نجدد لها الشكر والتحية، وأن نعظم عطاءها وتضحياتها، وألا نكتفي لها بشكرٍ يتيمٍ وتقديرٍ سابقٍ، وثناءٍ ممجوجٍ ومديحٍ مكرورٍ، إنما يجب أن يلهج لساننا بشكرها دائماً، وأن يذكر فضلها أبداً، فإنها الخليل، رائدة الانتفاضة، وقائدة المسيرة وحادية الركب، وصانعة النصر، وأكثر من يشحذ الهمم ويضحي، وأعظم من يقاوم ويشفي الغليل ويرضي النفس ويكيد العدو.

بيروت في 1/1/2016

Posted in فكر حر | Leave a comment

الي كل سلفي مصاب بفيروس سي لا تتناول السوفالدي به سم قاتل

rimonshinawi

البروفيسور ريمون شينازي مكتشف السوفالدي أول علاج حقيقي لالتهاب الكبد سي

Dr.Sherif Arafa

معلومة مكنتش اعرفها.. البروفيسور ريمون شينازي مكتشف السوفالدي (أول علاج حقيقي لالتهاب الكبد سي) طلع مصري.. و أمه من السنطة وأبوه من الزقازيق.. لكن اتطردوا من مصر في الستينات عشان يهود.

Khaled Montaser

الي كل سلفي مصاب بفيروس سي لا تتناول السوفالدي فالسوفالدي به سم قاتل !! مخترعه طلع يهودي ومصري والعياذ بالله يعني من أحفاد القرده والخنازير اللهم رمل نساءهم ويتم أطفالهم واحرق سوفالديهم ..آمين !!!!

Posted in ربيع سوريا, فكر حر, كاريكاتور | Leave a comment

فيديو قلوب الاطفال النقية

قام بعض أولياء الأطفال بتجربة إعطاء دولار للطفل لشراء “ايس كريم” ومقابل عربة الـ”آيس كريم” يوجد متسول يحتاج إلى نقود على الرصيف..شاهد قرار أطفالهم.

Nativity Church

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

المفتي أحمد حسون يصلي إماما َ .. في طهران! على أي مذهب ..؟

hassontehranالمفتي أحمد حسون يصلي إماما َ .. في طهران! على أي مذهب ..؟

Posted in فكر حر | Leave a comment

الأمة التي تأكل مما لاتزرع مصيرها الفناء.

التقيت البارحة برجل عراقي في حفل عام… قص عليّ أنه احتفل بالذكرى الخمسين لوجوده في أمريكا منذ حوالي شهرين…
وفي سياق الدردشة أعلمني أنه كان يعيش في مدينة دييربورن في ولاية مشيغن التي معظم سكانها عرب مسلمون… في سنواته الأولى كان يعيش بشقة مجاورة لشقة جنرال عسكري أمريكي متقاعد… وكان الجنرال يدق عليه الباب كل مساء ليتناول معه كأسا من البيرة ويدردشان حوال أحداث الساعة… في سياق دردشتهم سأله الرجل العراقي: هل تتوقع أن السلام سيعمّ الشرق الأوسط يوما؟
فردّ الجنرال: مستحيل إلا في حالة واحدة، عندما يعود العرب إلى الرمال والجمال! ابتسمتٌ وسألت الرجل العراقي: في تلك الحالة هل ستتوقع بأنهم سيجدون جمالا يركبون عليها؟
قهقه بألم وقال: آمل لا!
…..
لم تكن الحضارة يوما مجرد موبايل وخدامة وبارفيوم وربطة عنق وشقة فاخرة وسيارة كروفيت… الحضارة منظومة أخلاقية واجتماعية تضمن حق الإنسان في حياة كريمة لا مكان فيها للعبودية! لا تولد الحضارة بين ليلة وضحاها، بل هي مرحلة متقدمة جدا من رحلة طويلة وشاقة يقطعها الإنسان خطوة بخطوة، دون أن يتجاوز خطوات! أما أن يقفز ذلك الإنسان من على ظهر بعيره ليجد نفسه منقولا على متن طائرة من خيمته إلى فندق بسبع نجوم في شوارع أمريكا واوروبا ليس برهانا على أنه تحضر! الحضارة أخلاق ورقي إنساني ومبادئ….
…..
الأمة التي تأكل مما لاتزرع مصيرها الفناء.. والتي تلبس مما لا تنسج مصيرها العراء.. والتي تقام بلا اساس أخلاقي وإنساني مصيرها “الاستخراء” على حد تعبير ملك السعودية!

sauditrouble

Here’s one huge sign that Saudi Arabia is in for a difficult new year

الغنى المفاجئ والفاحش لم يجعل من السعودية يوما دولة، بل جعل منها مدجنة لتفقيس الإرهاب والإهابيين! لذلك، وعلى حد قول جدتي: ثوب العياري ـ الذي تستعيره من غيرك ـ ما يدوم ولو دام ما يدفي!
….
كل الدلائل تشير على أن السلام سيأتي يوما… ويبقى السؤال: الرمال مازالت موجودة ولكن هل سيجدون جمالا؟؟؟
******************
بالصدفة المطلقة قبل نشر ماسبق بدقائق قرأت هذا المقال الذي يدعم البوست، والصورة التي ترافقه تظهر أن توب “العياري” أكبر بكثير من حجم المستعير!
عنوان المقال: هنا اشارة كبيرة على أن السعودية قادمة على سنة صعبة!

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

وضع السنة أمام سؤال وجودي كبير لا بدّ من الإجابة عنه: أين الخطأ؟

buskinyaماهر شرف الدين

بقراءة النتائج يكون أبرز ما فعلته “داعش”:
أولاً، المساهمة في تدمير مدن وحواضر السنّة.
ثانياً، المساهمة في تهجير السنة وإنجاز التغيير الديموغرافي لمصلحة خصومهم.
ثالثاً، المساهمة في إظهار السنة كأناس ذباحين في مقابل تصوير الخصوم كأناس أكثر تمدّناً.
رابعاً، المساهمة في القضاء على الجماعات السنية المسلحة التي تتخذ الوسطية منهجاً.
خامسأً، وضع السنة أمام سؤال وجودي كبير لا بدّ من الإجابة عنه: أين الخطأ؟

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

شمعات الصويرة

rodenyهل تلومونني حين اقول ان العراق سيخرج من هذا الكهف المظلم بيد الشرفاء واولهم شباب الصويرة.
حسنا اني ابالغ وسامحوني لو قلت اني اجد العزاء في ذلك.
مايفعله الحراك المدني في الصويرة يحمل مجموعة شمعات تريد اجتياز هذا النفق المظلم،انهم شباب لايكلون ولايريدوا ان يتهاونوا كما تهاون بعضهم وقدّم مؤخرته لمن هب ودب.
عيبي اني لااجيد المديح ولو عرفت السبيل اليه لكنت الان في المنطقة الخضراء وعندي اربع سيارات ذات الدفع الرباعي وفي حسابي رقما للدولارات لااستطيع حسابه فقد تراكم ويتراكم كل يوم.
لقد وجدت ،وهذا الصدق بعينه، ان الصويرة تبث على تواضعها رائحة الياسمين بين الناس وعرق شبابها يفوح منه حب الوطن.
اصبحت مدمنا على متابعة اخبارهم خصوصا وان الطيبين من ناس الصويرة يقفون الى جانبهم ولعل تجربة”انهم يستحقون” الاخيرة دليل ذلك.
بعد ايام سيزورون الاطفال الراقدين في مستشفى الصويرة ويقدمون لهم هدايا ترسم الابتسامة على وجوههم والبهجة في قلوبهم.
واجد نفسي مضطرا للقول ان القوى الاخرى التي تدعي الوطنية والشرف قد تركت الساحة ولم تعد تتحرك حتى في اضيق الساحات رغم ان هناك الكثير مما يفعلوه.
ياخسارة على هؤلاء الذين يسبحون مع تيار “الزبيبة”هذه الايام واذا صعدت عندهم الغيرة اكتفوا بتحبير بيانات التنظير التي يدركون تماما انها ثرثرة لاطائل منها.
كنت اتمنى ان اكون بين هؤلاء الذين ينامون ويصحون على حب العراق ويخرجوا دائما بافكار تعيد هذا الحب الى القلوب التي تحجر بعضها واصبح بعضها ينادي على الدولار هل من مزيد.
ادرك تماما ومعي كل اولاد الملحة ان الطريق بات شاقا وفيه الكثير من المزالق والتعرض الى السقوط محتملا ولكن بجهود شباب الصويرة لا اعتقد ان الطريق ستكون غير سالكة.فالمطر ينزل قطرة ثم ينهمر.
سأقول مافي قلبي وامري الى الله:
احذروا من هؤلاء الذين يبتسمون لكم ولكنهم يريدون تحجيمكم.
لتبدأوا خطوات مقاطعة كافة البضائع الاجنبية والاقبال على المنتجات العراقية مهما كانت جودتها.
اصنعوا بايديكم ماتروه مناسبا لبعض احتياجاتكم.
احذروا ثم احذروا من سرقة جهودكم وتجييرها لهم فانهم بارعون في السرقة.
نشر الثقافة والوعي خطوة اولى نحو عقول متفتحة
لاتيأسوا فهناك من يمد لكم يده ويفتح قلبه لكم فانتم الشرفاء الباقين لنا.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment