حكومة خبراء لا حكومة محاصصة فاشلة*

iraqdevidedبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد احتلال الدول الحليفة لكل من المانيا وايطاليا واليابان، لم يكن أمام الدول التي انهزمت في هذه الحرب، وبعد الدمار الرهيب الذي لحق بها جراء مغامرات حكامها، إلا أن تضع مصلحة البلاد العليا فوق المصالح الفئوية والحزبية، وأن تستجمع قواها وتعيد بناء البلاد بعيداً عن هوس الحروب التي كانت تدور في عقول الجبابرة من حكامها السابقين. ولم تعمد الأحزاب السياسية في هذه البلدان إلى جمع السلاح وتشكيل جيوش وميليشيات مسلحة بذرائع مواجهة المحتلين من دول الحلفاء، بل إنها طرقت سبيل العقل والحكمة والقراءة السياسية المتفحصة للواقع حفاظاً على شعوبها وبلدانها التي انهكت أشد الانهاك جراء أفضع حرب شهدتها البشرية في كل تاريخها. فقد حوّلت هذه الحرب الضروس تلك البلدان الى قاع صفصف وبضحايا قدرت بخمسين مليون نسمة. نعم اختارت الحركات السياسية وشعوب تلك البلدان التي خسرت الحرب نهجاً وطريقاً في البحث عن أنجع السبل السليمة والسلمية لإخراج بلدانها من جحيم الحرب والدمار وعواقبها على الفرد في كل بلد من هذه البلدان. فراح الناس يجمعون ركام المصانع والمؤسسات الاقتصادية والتعليمية كي يعيدوا بناءها، ولم ينهبوها كما جرى عندنا بعد سقوط النظام السابق في 2003. واتجه الحكماء في هذه البلدان الى جمع خيرة العقول العلمية والاقتصادية والادارية النزيهة كي يعيدوا بناء الدولة، لا أن يتجهوا نحو تصفية خيرة هؤلاء الناس أو تجاهلهم في اعادة بناء المجتمع وإحياء البلاد. وكان أهم ما تم القيام به هو تشكيل حكومات وبناء أجهزة إدارية محلية تضم ألمع الخبراء، بل ومن نخبة الخبراء في كل مجالات إحياء هذه البلدان لكي تقف على قدميها. وقد ضمت هذه النخب اقتصاديين ومهنيين واخصائيين وإداريين، بغض النظر عن هوياتهم السياسية والاجتماعية، وبمن فيهم ممن خدم في أجهزة الأنظمة الفاشية والنازية والعسكرية السابقة من ذوي الأيادي البيضاء. كما لم يجر التردد في الاستفادة من أحدث خبرات ومساعدات جيوش الحلفاء المحتلة وبلدانها. هذا النهج نقل هذه البلدان من الركام المريع الذي طغى على ألمانيا واليابان وإيطاليا إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً وسياسياً في خلال فترة قياسية لا تتجاوز عقد من الزمن.
ورغم التباين في المكان والزمان بين مثال تلك البلدان وبين حال العراق في الوقت الراهن، إلاّ أن هناك الكثير من أوجه التشابه، إضافة الى وجود عناصر دولية راهنة تصب لصالح العراق. وينبغي على العراقيين الاستفادة من خبرة تلك البلدان في تحررها من إرثها الاستبدادي والانهيار الذي لحق بها والخراب الذي أحاط بها خلال الحرب العالمية الثانية.
لقد زج العراق وشعبه من قبل حكامه السابقين في حروب مهلكة خارجية وداخلية، وعاش العراقيون في ظل واحد من أبشع الأنظمة الإستبدادية في العالم- دولة صدام حسين، وقدم العراقيون الآلاف المؤلفة من الضحايا البريئة، وحلّ التشويه الفكري والاجتماعي والاقتصادي في كل مرافق المجتمع، بحيث تحول المجتمع العراقي إلى مجتمع مريض في كل مفاصله جراء سياسة النظام السابق. ويضاف إلى ذلك ما لحق بالبلاد من هدم وتشويه على يد التيارات الدينية والتكفيرية المتطرفة بعد سقوط دولة البعث البائسة.
وفي مواجهة هذه الأهوال، لم يكن أمام أية سلطة جديدة إلاّ أن تلجأ إلى علاج واحد ووحيد يكمن في الاستفادة من تجارب شعوب سبقتنا في معالجة هذا الدمار المادي والروحي، إضافة إلى الاستفادة في هذا المجال من العامل الدولي الذي أصبح واقع حال بعد غزو الائتلاف الدولي بزعامة الولايات المتحدة العراق في عام 2003. وكان لابد أن يندرج في قمة المهام المطروحة أمام العراقيين وأية سلطة جديدة بعد سقوط دولة الجبابرة مهمة تشكيل إدارة مركزية وادارات محلية تضم نخبة العلماء والمفكرين والإداريين والاقتصاديين لمعالجة الخراب الذي لحق ببلادنا المنكوبة، وعدم تكرار تجربة الحكم السابقة الفاشلة عندما كان يقوم بتعيين مسؤولي الدولة لا على أساس الكفاءة والخبرة والعلم والفهم، بل على أساس الولاء للديكتاتور بغض النظر عن أميّة هذا المسؤول أو ذاك. ففي ذلك العهد الغريب على سبيل المثال تم استيزار طه ياسين رمضان، ضابط صف، لوزارات متنوعة مثل الصناعة وغيرها من الوزارات إضافة إلى توليه مناصب عسكرية وإدارته لمحاكم عشوائية دون أن يتمتع بأية أرضية وخبرة أو فهم في كل هذه المجالات. فجلّ ما كان يتمتع به هذا الشخص هو ولائه لقطب السلطة واستعداده لارتكاب كل أنواع البطش من أجله. وتكرر هذا المثل حيث تم توزيع المسؤوليات على أميين آخرين مثل عزة الدوري وعلي حسن المجيد وحسين كامل والقائمة تطول لتولي أهم مناصب الدولة التي كانت تحتاج إلى خبراء وليس إلى أميين أو إلى من يحصل على شهادته بقوة فوهة المسدس كما جرى لصدام حسين نفسه.
ويبدو أن هذا الإسلوب في توزيع المسؤوليات قد أصبح الأسلوب المفضل وتقليد راسخ حتى عند بعض من عارض الديكتاتورية وأساليبها في الحكم. فقد طبق هذا النهج بعد الإطاحة بالحكم البائد تحت لافتة ما أطلق عليها بالمحاصصة طائفية كانت أم عرقية، وبذريعة اشراك جميع الأطراف والمكونات في إدارة العهد الجديد. إن الدعوة لمشاركة الجميع لا تعني بأي حال من الأحوال سوى إيكال المهمة التنفيذية لعلاج الخراب الكبير في البلاد إلى من هم غير قادرين على المساهمة في إصلاح البلد. لقد غاب عن أنظار المعنيين مبدأ “الشخص المناسب في المكان المناسب” كبديل ضروري لطريقة التعيينات الاعتباطية لمن هبّ ودبّ في مراكز المسؤولية في العهد السابق. وهكذا أوكلت في حالات كثيرة بعد انهيار النظام السابق مهمات حساسة تنفيذية إلى من هم لا يستحقونها أو من لايتمتعون لا بالفهم ولا بالنزاهة ولا بالتعليم سواء على نطاق الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية أو الإقليم. وأصبحت النتيجة السلبية لهذا الخيار بادياً للجميع بعد قرابة خمس سنوات من المخاض السياسي في العراق. وخسر العراقيون خمس سنوات من فرص إعادة بلدهم، وهدرت أموال طائلة نحن بأمس الحاجة إليها. ولم يجر الاستفادة بشكل فعال من الدعم والمنح الدولية التي التزمت بها العديد من الدول للمشاركة في اعمار العراق. ففي المحافظات، أختير الكثير ممن ليس لديهم المعرفة والقدرة على حل المشاكل وتلبية حاجات المواطنين. فقد انغمر هؤلاء في صراعات دموية عبثية وبالسلاح فيما بينهم مما أدى إلى شل كل الأجهزة التنفيذية وعدم قدرتها على إحياء ما دمر أو بناء الجديد من المشاريع في المحافظات جميعها تقريباً. وتسابق البعض من المسؤولين في المحافظات والمركز الى اللجوء الى تزوير الوثائق الدراسية كي يحملها هذا وذاك ممن مكنهم التغيير من تسلم المنصب دون أي وجه حق.
إن التعثر في تنفيذ المشاريع وعدم توفير فرص العمل للعاطلين شكل فرصة ذهبية لقوى التطرف والارهاب وفلول النظام السابق كي تتمادى في غيّها وتستغل القوى الهامشية في الاعمال الهادفة إلى زعزعة الاستقرار والامان ومنع العراقيين من بناء حياتهم الجديدة.
وفي الحقيقة إن نهج الاعتماد على مبدأ المحاصصة الضارة واختيار من هو غير كفوء في إنجاز المهمات التنفيذية وغير التنفيذية قد طالت أكثر المؤسسات حساسية وأهمية في بناء قواعد الدولة العراقية الجديدة، أي مجلس النواب. فلم يكن اختيار النواب على الاغلب من قبل القوائم المشاركة في التنافس أثناء الانتخابات على اساس المعرفة والدراية والقدرة على مناقشة القوانين الهامة التي تكرس الجديد والمفيد والديمقراطي في بناء الدولة العراقية الجديدة. فمن يتابع جلسات مجلس النواب وخطابات بعض اعضاء المجلس يرى في أحيان غير قليلة الفقر المعرفي ومحدودية الالمام بالجوانب التشريعية والقانونية والمشاكل التي تعترض البلاد، مما دفعت نقاشات المجلس الى متاهات عرقلت عمله في سن أهم القوانين. ولعل أكبر وأخطر خلل في أهم مؤسسة من مؤسسات الدولة الجديدة هو وجود كتل ونواب مازالوا يحتفظون صراحة أو بالخفاء بميليشيات وتنظيمات مسلحة خلافاً للقوانين والدستور، أو بعلافات مع أطراف ارهابية مشبوهة، خلافاً للقسم الذي أقسم به هؤلاء أمام الجميع باحترام قوانين الدولة. ومازالت بعض الكتل تستخدم السلاح وتشكل الجيوش في اطار السعي لفرض ديكتاتورية دينية في البلاد. ولم يتردد رئيس المجلس من التيار السلفي بالتهديد في استخدام كل الوسائل المحرمة ضد نواب آخرين لفرض رؤيته وارادته. وتم ويتم السكوت على كل ذلك ضمن القاعدة التي اعتمدت في الحفاظ على المحاصصات بكل الوانها داخل البناء الجديد للدولة. هذا الوضع هز هيبة أعلى مؤسسة تشريعية ومكانتها في عيون من انتخبها من العراقيين، وأضعف الدور الموكول لها والضروري في بناء دولة ديمقراطية عصرية.
إن تشكيل حكومة مهنية من الخبراء وأصحاب الكفاءات أصبح أمراً ملحاً وخطوة لابد منها لإخراج العراق من دائرة الركود والنزاع العبثي الطائفي والمذهبي. كما أن التخلي عن المحاصصة الطائفية والعرقية والمذهبية في الحكومة وفي جميع مؤسسات الدولة يشكل مقدمة أساسية لتفادي بناء دولة طائفية مذهبية في العراق ،لا تحلُ المشاكل ولا تُوحد العراقيين. ولنا في بناء الدولة الطائفية في لبنان الشقيق ومأزقها وبعد قرابة 70 عاماً خير مثال على فشل هذا الخيار البائس، الذي يُكرس الأسس لنزاعات مسلحة لا نهاية لها، ولا يستفيد منها أهل البلد بقدر ما تستفيد منها قوى خارجية متربصة. وعلى هذا الأساس فإن دعوة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تشكيل حكومة كفاءات وتوزيع المهام الوزارية على العناصر المهنية والكفاءة العالية دون الرجوع الى لعبة المحاصصة الفاشلة، قد يُشكل بداية لمرحلة مستقرة من تاريخ العراق. فلم يعد الإرهاب ونشاط الزمر المعادية وسعيها لعرقلة بناء البلاد يُشكل ذريعة بيد هذا الوزير أو ذاك كي يبرر فشله في توفير الكهرباء والماء والوقود والخدمات والعمل وتنفيذ مشاريع الإعمار. فعلى الوزير الذي يتقبل المسؤولية ان يحسب الحساب لكل العراقيل التي تقف أمام تنفيذ برنامجه ومنها النشاط الإرهابي. وأن لا يقبل بهذه المسؤولية عندما يحس أنه غير قادر على حل المشاكل. يجب أن يكون لدى الوزير القدرة والمعرفة والذكاء والخبرة وصاحب رؤية كي يتخطى وهو على رأس وزارته وبمساعدة الفنيين فيها كل المصاعب. فالوزير ليس موظف عادي بل هو مبدع وخبير. وهو ليس ممثل لطائفة ولا حزب ولا يكفي نضاله ضد الديكتاتورية كي يتسلم هذا المنصب. فوزير المالية والنفط والكهرباء وغيرها من الوزارات العراقية الحساسة يجب أن يكون عالماً وخبيراً في اختصاص وزارته، فلا يكفي أن يكون قد عمل تاجراً في سوق الشورجة مثلاً كي يتولى وزارة كوزارة المالية ذات المهمات الحساسة في إحياء الاقتصاد العراقي المنهار. كفى تشبثاً بممارسات ضارة كتلك التي مارسها النظام السابق، بل علينا التمسك بما تمارسه الدول المتحضرة في اختيار الكفاءات في إدارة الدولة. ويبقى للحزب السياسي دوره أو للكتلة السياسية رأيها من خلال صياغتها للبرنامج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للتشكيلة الوزارية وعبر ما تتمتع به من أصوات في مجلس النواب.
إن التجربة الحالية لبناء وزارة الدفاع العراقية والجيش العراقي، وبدرجة أقل وزارة الداخلية والشرطة العراقية إضافة للمخابرات العراقية هي تجربة إيجابية تميل بشكل عام إلى حماية الهوية العراقية العامة لهذه المؤسسات الحساسة بعيداً عن الهويات المذهبية والطائفية التي حوّلت بعض الوزارات إلى ضيعات لمتطرفي هذه الطائفة أو تلك، وحوّلت بعض الوزراء إلى وكلاء للإرهابيين والميليشيات وغطاء لهم بدلاً من أن تعمل كمؤسسات عراقية تخدم كل العراقيين.
إن السيد نوري كامل المالكي مُطالب وهو على عتبة تشكيل وزارته الجديدة في ظروف العراق الطارئة أن يعمل بالأسس السليمة عند تشكيل وزارته، وأن لا يُعيد الكرة بإستيزار وزراء لا هم لهم سوى عرقلة تنفيذ البرنامج الوزاري أو التغطية على المسلحين أو حتى القيام بإغتيال الأبرياء كما حصل لأنجال السيد مثال الآلوسي على يد وزير الثقافة الهارب. وليس هناك من طريق أمام رئيس الوزراء إلا الاعتماد على الخبرة والكفاءة وهذا ما يوفر له الدعم الكامل من كل العراقيين ويُعزز من فرص نجاحه في مكافحة الإرهاب والتطرف.
29/1/2008
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقالة نشرت على المواقع الألكترونية في مطلع عام 2008، نعيد نشرها بمناسبة دعوة رئيس الوزراء لتشكيل حكومة تكنوقراط، وعسى أن ينفع التكرار.(ع.ح.)

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

ما طار اوجلاني و ارتفع الا و كما طار وقع انتظروا الرعد القادم من الشمال

assaderdoghanالجعفري سفير الاسد يقول ان الجيش السوري بالتعاون مع الأوجلانيين و من خلفهم الروس و الاميركان يحاربون الارهاب في شمال حلب ، و ان الانتصارات التي تتحقق هناك هي انتصارات للجيش السوري و للأكراد ..

و ما يزال هناك شبيحة أكراد يقولون انهم الثورة .. فهل هناك أقذر من الأوجلانيين الا الأسديين أنفسهم ؟؟؟
و ما زال هناك علويين على المقلب الاخر من سوريا يقول انها مؤامرة أميركية لاسقاط حلف الممانعة ..
و لكن، و اسمعوني جيداً ..
ما طار اوجلاني و ارتفع ، الا و كما طار وقع .. انتظروا الرعد القادم من الشمال ..

و تفوووووووو ….

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

DNA- خطاب نصرالله – 16/02/2016

DNA- خطاب نصرالله – 16/02/2016
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

وحدة صلاة الجناز

sultaninfuneralليس هذا مقالاً بل بحثاً و دراسة أكاديمية.فإذا كنت مهتم بالبحث فهذا المقال يهمك.
نعم نؤمن بما تعلمناه أن الصلاة من أجل الراقدين مرتبطة بعقيدتنا في موت و قيامة المسيح الديان له كل المجد و في ملكوته الأبدى .
قانونية الصلاة لأجل الراقدين
الصلاة لأجل الراقدين مارسها القديس بولس الرسول لأجل أنيسيفورس طالباً له رحمة و عزاءاً لأهل بيته 2 تي 4 : 19 ( يوجد من يعارض أن أنيسفوروس لم يكن قد إنتقل في ذاك الوقت) . و للقديس ديوناسيوس تلميذه أقوال عن نفع الصلاة لأجل الراقدين.
المبدأ نفسه موجود في الديسقولية إذ ترد إشارة إلى ذلك في قوانين الآباء الرسل (69:1): ” يمكنكم أن تصلوا عن الذين انتقلوا من هذا العالم) هذا القانون الرسولى الموثق أخذ منه الصفي بن العسال ( جامع القوانين) في باب القوانين الجزء الرابع – و الذي كتبه و درسه المتنيح القمص صليب سوريال (أهمية إبن العسال تأتي لكونه المرجع العربي الأهم لتعاليم الآباء في زمن كانت اللغة القبطية فيه في مأزق تاريخي لسبب الغزو العربي). كتب القديس “يوحنا ذهبي الفم” يقول:(لنمد لهم العون ونذكرهم؛ إن كان أبناء أيوب قد تطهروا بذبيحة أبيهم، لم نشك بأن تقدماتنا لأجل الراقدين تجلب لهم بعض التعزية؟.. فلا نتردد إذن في مساعدة الذين رحلوا وتقدمة صلوات لأجلهم)
و تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية أن الصلاة من أجل الراقدين هي صلاة للتعزية و يمكن أن تشفع قدام الله لكي يغفر خطايا المنتقل اللا إرادية و هفواته. الكنيسة لا تصلي من اجل الراقدين بهدف أن يعدل الله عن قراره بشان الإنسان المنتقل ، فالله هو القادر اولاً وأخيراً على الحكم بعدل وحق على كل شخص .. هو الديان الوحيد ولكن كنيستنا تؤمن أن الله إله احياء وليس إله اموات ” فلا يوجد فصل في المسيحية بين راقد و حي، الكل في كنيسة الله أحياء مصلين من أجل بعضهم لأجل بعض.يع5: 16 لا يوجد في المسيح أمواتاً.فالكل حي في المسيح الحي. . في المسيح لا فرق بين الأحياء والأموات لأن الجميع هم أحياء فيه . نؤمن أن الذين سبقونا إلي السماء لم ينفصلوا عن شركتنا و إياهم في المسيح. ذلك أن وحدة الشركة في جسد المسيح لا يغلبها الموت (يوحنا 10: 28 – 30؛ رومية 8: 38 – 39
نحن نؤمن في المسيح أن الصبية نائمة و أنها لم تمت لو 8 : 24.و كل نفس في المسيح لا تموت و لأنها حية نستطيع أن نشفع لها و تشفع لنا.لذلك يقول يوحنا ذهبي الفم ( حقاً حين جاء المسيح صار الموت نوماً)
صلاة الجناز من أجل الأحياء
بعد قداس أحد الشعانين تصلي الكنيسة صلاة الجناز.حيث لا يوجد موتي.صلاة جناز للأحياء فقط.تصليها الكنيسة ليكون تركيزها في ألام المسيح و موته لا يقطع هذا التركيز موت إنسان .فبصلاة الجناز العام تكون الكنيسة قد تفرغت بكاملها للتأمل في المسيح المتألم .و هذه الصلاة هي طلبة من أجل الراقدين و من أجل فئات أخري في الشعب.ثم ثلاثة تحاليل يصليها الأب الكاهن.إثنان منهما صلوات خضوع لله من أجل أن يرحمنا والأخير هو حل للإنسان الخاطئ من خطيته و هو ما يسمى (تحليل الإبن).
تصلي الكنيسة صلاة التجنيز و لا تشترط أي حالة للإنسان الذي يصليها.كل من يحضر هذه الصلاة يستفيد من وجوده فيها.صحيح أن الشعب وقتها يكون خارجاً من قداس أحد الشعانين لكن لا يشترط أن جميعهم تناول القدسات و لا أن جميعهم في حالة توبة تستحق أن ينال بسببها بركة التحليل الثالث الذي بسلطان الكهنوت ينال التائب حلاً من خطاياه. الصلاة للجميع دون شروط.و ليس مذكوراً في مقدمة الصلاة أية شروط لحضور هذه الصلاة.
و بمناقشة هذا النص لا نجد في صلاة الجناز أي أمر يمنع غير الأرثوذكسي من الإشتراك في الصلاة و الإستمتاع بما فيها من بركات (سوي التحليل الختامي حيث لا يؤمن البروتستانتي بالكهنوت و لا بسلطانه و بالتالي هو يحرم نفسه من الإستفادة منه و ليست الكنيسة التي تحرمه ).لكن الأهم من مناقشة الشروط هو البحث في أصالة النص.متي بدأت الصلاة به؟ من وضعه؟ و متي؟ و أي مجمع أقره؟ و هكذا فهذا هو الأهم من التشبث بالنص.

أصالة نصوص صلاة الجناز
تكلمنا عن أصالة عقيدة الصلاة من أجل الراقدين.و الأن يلزم أن نناقش أصالة (النصوص )المستخدمة في صلاة الجناز في جميع الكنائس.
في الإنشقاقات التي حدثت بين الكنائس لم يحدث أن كنيسة أبطلت الصلاة من أجل الراقدين.رغم أن مفهوم و هدف الصلاة يختلف عند كل طائفة.فالكاثوليك يصلون من أجل الراقدين لكي يجدوا أكثر راحة في ( المطهر) بينما أن الطوائف البروتستانتية بمختلف تشعباتها تصلي الجناز ليس من أجل الراقدين لكن من أجل أهل الراقدين فقط و لا تؤمن أن للصلاة تنفع الراقدين.و في بعض الكنائس الغربية تتحول هذه المناسبة إلي إحتفالية بشخصية المنتقل و الحديث عن ذكريات البعض عنه.
أخوتنا البروتستانت لهم وجهات نظر عديدة في أمر الصلاة علي الراقدين و في كتبهم آراء تكاد لا تحسم عقيدة من جهة الصلاة لأجل الراقدين.فمن رأي يري أنه حسب عقيدتهم في سابق تقرير المصير و أن الله يعرف من سيخلص و من سيهلك (هم يتكلمون عن المعرفة الإلهية و لا يذكرون دور حرية الإنسان في إختيار مصيره) فحسب هذا المعتقد يجدون أن الصلاة من أجل الراقدين لا تغير شيئاً ….ثم يتابعون بقولهم بأنه رغم ذلك توجد فلإنسان فرصة في الإختيار بين أن يذهب مع الملائكة أو مع الشياطين حين تخرج الروح و الصلاة من أجل الإنسان في تلك اللحظة تعينه أن يختار الذهاب مع الملائكة .(كتاب الموت في العالم الجديد عبر الثقافات المتعددة 1492-1800 لمؤلفه إيريك سييمان.حتى أن رئيس اساقفة كانتربري 1937 أعلن أن تذكار الموتى لم يكن في وقت من الأوقات مخالفاً لعقيدة الكنيسة الإنجليزية – كتاب علم اللاهوت القسم الخاص للعلامة القمص ميخائيل مينا(1883-1956)

و يقول أحد أساقفة روسيا في القرن التاسع عشر (فيلاريت) أن الصلاة لأجل الراقدين تمارس في الكنيسة منذ القدم.و قد ذكر ذلك القديس ذهبي الفم في عظاته و القديس كيرلس الأورشليمي في رسائله و القديس أغريغوريوس اللاهوتي في تأملاته.
يعرف الدارسون أن الصلوات الطقسية هي التي وردت في كتاب تسميه الكنيسة (كتاب الليتورجيا)أي نصوص الصلوات المتعلقة بالأسرار الكنسية و هي التي حازت علي إهتمام القديسين في القرون الأولي بداية من الآباء الرسل و خصوصاً القديس يعقوب و مارمرقس مروراً بتلاميذ الرسل مثل ليتورجية القديس إكليمندس ثم بعد ذلك ليتورجيات القديسين ( باسيليوس-أغريغوريوس النيزينزي-سيرابيون و الراعى هرماس وغيرهم من القديسين) يضاف إلي ذلك التقليد الشفاهي أو المتاح في برديات أو كتب متناثرة.
تركزت كل كتب الليتورجيا في نصوصها علي صلوات الأسرار و خصوصاً سري التناول و المعمودية. و لم يتضمن أي كتاب ليتورجيا قديم علي نص لصلوات الجناز.
و من الوارد أنه لم تكن صلاة محددة للجنازات و لا حتي فرصة للصلاة في عصور الإستشهاد.لكن من المحتمل أنه كانت هناك صلوات و طقس لتكريم الشهداء .
إن الغزو الإسلامي و هجومات البرابرة قمع الكنيسة فكانت كثير من الممارسات الكنسية تتم علي عجل و في مخابئ تحت الأرض مما لا يسمح بتداول نصوص محددة للصلاة من أجل الراقدين.لكن أوشية الراقدين ( صلاة مختصرة من أجل الراقدين) كانت جزء من ليتورجيا القداس منذ القرن الرابع. و علي مدار أربعة عشر قرناً لم توجد أية نصوص محددة لصلوات الجناز.
أما أول كتاب وضع نصوصاً لصلوات التجنيز للرتب المختلفة في الكنيسة فهو كتاب الترتيب الطقسى للبابا غبريال الخامس البابا 88 في حبريته 1409-1427) و لم يعرض هذا الكتاب علي مجمع و لا تمت مناقشة نصوصه و لو في مجمع أساقفة الكنيسة ذاتها.و هو يحتوى علي صلوات أخري يلزمها تأصيل و تدقيق.لكن ينسب للبابا غبريال الفضل في وضع الاساس الذي تشتمل عليه صلوات التجنيز حتي يومنا هذا. كما وضع صلوات طقسية لأمور أخري .
و نحن نعرف أن أقدم خولاجي باللغة العربية يضم صلوات القداس كما نعرفها هو الخولاجي الذي طبعه روفائيل الطوخي في روما سنة 1736م و في سنة 1902 طبع القمص عبد المسيح المسعودي الخولاجي و اضاف إليه نصوصاً من كتاب ( الترتيب الطقسي للأنبا غبريال الخامس البابا 88 لسنة 1409- 1427) ثم أضاف من عنده إضافات عدة. و كلامنا هنا عن كتب الليتورجيا الهدف منه التأكيد علي عدم وجود نص محدد لصلاة الجناز,و أن كل ما يتلي من صلوات هو إضافات حديثة لأباء معاصرين عدا ما ذكره البابا غبريال في كتابه.
و برغم النص الوارد في كتاب الترتيب الطقسي عن صلوات التجنيز فإنه كان يترك مساحة لإضافة صلوات و مرثيات خاصة بحسب ما هو متاح من وقت كما يمكن أن تجده في الكتاب ص 145 و 146)
رغم الخلاف بين الطوائف في ما يمارسه الأحياء من صلوات و طقوس إلا أنه لا خلاف بينهم علي أهمية و منفعة الصلاة للراقدين عندنا نحن الأرثوذكس و أخوتنا الكاثوليك و منفعة لأخل المنتقل كما عند أخوتنا البروتستانت و تشعباتها ….بل حتي غير المسيحيين أصبحوا يقلدوننا و يصلون علي أمواتهم.فإن لم تجمعنا صلوات الأحياء فلتجمعنا صلاة الأموات.
صلاة جناز موحدة
من الواضح أن مبدأ الصلاة علي الأموات مقبول لدي غالبية المسيحيين بمختلف طوائفهم.
و من هنا ننطلق.ماذا يمنع أن تتفق الكنائس علي نص صلاة موحدة من أجل الراقدين.لست هنا أنا الذي يضع هذا النص الموحد لكنني أضع فقط الفكرة في يد الله و أيضاً أمام قادة الكنائس الروحيين.
قد يخرج من يقول: و هل سنستخدم البخور في صلواتنا و بعض الكنائس لا تقبل ذلك؟ هل نصلي التحليلات الكهنوتية و بعض الكنائس لا تتفق مع سلطان الكهنوت؟ هل نقول للنفس أن تستريح في المطهر و نحن لا نتفق مع فكرة المطهر؟ هذا يا أخوتى ما يستدعي الحوار.بمحبة و رغبة في الوحدة نستطيع أن نصل إلي إتفاق .لا سيما و أن التعبيرات المستخدمة في صلاة التجنيز يمكن التفاهم بشأنها حيث ثبت أنها ليست موثقة بدرجة يصعب معها تعديل ما يلزم للوصول إلي إتفاق.
قد يقترح أحدهم أن نلغي البخور و التحليل و فكرة المطهر؟ هذا رأى من يريد أن لا نبحث و نصل إلي الأنفع لحياتنا الروحية.هذا رأي يستسهل و يتنازل دون مبرر. لكنني أري الأفضل أن تتجه الكنائس صوب الإنجيل و تعاليم الآباء الرسل لكي تكون الشاهد علي كل كلمة نصلي بها نضع منه أسانيدنا في وقت فيه القلوب منفتحة و الرب متدخل بقوة ليحل وسط جميع مؤمنيه كرأس وحيد لكنيسته.الرغبة المقدسة في حوار متواصل حتي نتفق بإرشاد الروح القدس على مبدأ إنجيلى عميق يجب أن يسود جميع المؤمنين من جميع كنائس العالم.
قد يقول قائل و ما الداعى لصلاة مشتركة بينما يستطيع كل إنسان أن يصلي في كنيسته كيفما يشاء.لهؤلاء أقول نعم يمكننا ذلك لكن ما المانع من وجود هذه الصلاة كنقطة من نقاط تلاقي بيننا نحن مسيحيو العالم. نريد أن نصنع حلقات مشتركة تقلل الإختلافات و الخلافات. إن صلاة مشتركة كهذه يمكن أن نصلي بها في حوادث الموت الجماعية .نصلي بها لأسر متعددة الطوائف.نصلي بها في التذكارات المشتركة للشخصيات القبطية العامة.نصلي بها لقادة الكنائس في نياحتهم حيث يكون الحضور من مختلف أنحاء العالم. فلتكن فكرة نحسن دراستها و تحليلها و بلورتها .و هنا أدعو كل صاحب فكر و رأي للمشاركة في نقد علمى أو إضافة علمية لصالح الإيمان المسيحي و الوحدة بين أعضاء جسد المسيح الواحد.

Posted in فكر حر | Leave a comment

النرجسية الدينية ودماء الابرياء

kaladaزيورخ فى 16/2/2016

سيجموند فرويد المحلل النفسي أول من استخدم تعبير النرجسية « والنرجسية لها أشكال متعددة، فهناك شخص نرجسي بسبب مظهره الخارجي وآخر لثقافته، أو بسبب حسبه ونسبه، فالصفة الأساسية للشخص النرجسي هي أن عشقه لنفسه يتضاءل أمامه الآخرون، فيرى أنه الأذكى والأجمل والأفضل، ومن هذا المنطلق تجده يسخّر الآخرين لأغراضه وأهدافه بلا قيد أو رادع، وهو لا يحتمل النقد ولا يريد سوى سماع كلمات المدح والإعجاب من الآخرين.

الشخص النرجسي تجده دائماً مضطرباً لا يتوافق مع نفسه ولا يعرف تعبير السلام الداخلي، بل هو في صراع نفسي لإثبات نرجسيته وتفضله على الآخرين فحياته يتباين فيها الصراع مابين الواقع وإيمانه بذاته، فيعيش مفتقداَ السلام الداخلي والتصالح مع النفس .

النرجسية لها أنواع متعددة اجتماعية واقتصادية وثقافية، مريض النرجسية يعاني من اضطراب نفسي بسبب الهوة العميقة بين اعتقادة فى ذاته وتقدير الاخرين له مما يسبب له امراض نفسية .. والشخص النرجسي يقع هو فريسة للمرض ولكن اخطر انواع النرجسية هي النرجسية الدينية لأنها تُعطي النرجسي ليس حق الإدانة فقط بل الذبح والنحر واستحلال أموال الغير بدوافع دينية.

أصحاب النرجسية الدينية يعتقدون أنهم أفضل أنواع البشر فجنة الله محجوزة لأمثالهم فقط بعد ان نحوا الله جانبا اصبحوا المهيمنين على عمل الله ذاته، يوزعون الجنة والشهادة لمن يسير على دربهم فلا تتعجب إن شاهدت جماعات إرهابية تذبح وتنحر باسم الدين ولا تتعجب بالأحرى حينما تجدهم يحللون الكبائر لأجل ذواتهم إنطلاقاً من فكرة تنحية الله ذاته جانباً ليصبحوا هم دليل أنفسهم .

فالإغتصاب ونكاح الصغيرات يصبح جهاداً.. والسرقة لأموال الآخر حلالاً .. والذبح والنحر للبشر تطهيراً للعالم.. وتهجير الملايين من أوطانهم والاستيلاء على أراضي الغير لإقامة دولتهم الدينية عملاً مشروعاً .

النرجسية الدينية سبب رئيس للحروب والكروب في منطقتنا التعيسة، فالجماعات الدينية فى الشرق التعيس تتخذ شعارات دينية تغزي النرجسية التي لديها وتقصر الجنة ولقب الشهادة على أتباعها فقط ولسان حالهم “شهدائنا في الجنة وقتلاهم في النار”.

النرجسية الدينية ليست مقتصرة على دين معين إنما داخل الدين الواحد تجد تناحر وقتال وأعمال ذبح ونحر بين أتباع المذاهب المختلفة إنطلاقاً من النرجسية الدينية، فكل الجماعات الإرهابية تقدم لأصحابها دلائل أنهم الجماعة الناجية والآخرين على طريق مظلم.

النرجسية الدينية سبب رئيس لإدانة البشر والأطياف والأديان والحكم على الآخر، وتسمع الخطب النارية التي تحقر وتقلل وتستبيح الآخر إنطلاقا من هذه النرجسية.

النرجسية الدينية تنتهك تعاليم الأديان، فجميع الأديان تؤكد أن الله هو الديان، وأن الإختلاف سنة من سنن الله في الوجود، وأن لو شاء الله لجعل العالم كله دينا واحداً… ولكن النرجسية الدينية لم تنتهك تلك التعاليم فقط إنما حق الله ذاته في الإدانة يوم القيامة.

الجماعات النرجسية الدينية يصرخون نهاراً وليلاً أنهم الأفضل والأحسن ممن يعيش على الأرض ويسوقون أدلة وبراهين لكسب جهلاء وبسطاء لأجندتهم الغير صادقة ويسَّخرون الآيات والأحاديث لذلك بنعرات وصرخات عالية… والواقع يفضحهم وأعمالهم تشينهم .

أخيراً إن الشخص النرجسي يعيش في حرب دائمة مع النفس والغير، هكذا أصحاب النرجسيات الدينية يعيشون في حروب وكروب لأنهم ينقسمون على ذواتهم إلى مجموعا، إن أصحاب النرجسيات الدينية لصوص ليس لأنهم يسرقون ما ليس لهم وليس لأنهم يستبيحون دم وشرف وحياة الآخر، بل لانهم نهبوا حق الله الديان وتقمصوا شخصيته وقدموه في صورة سادية تبعد عن جوهره المحب.

مدحت قلادة

Medhat00_klada@hormail.com

Posted in فكر حر | Leave a comment

نيرون طاغية لكن الأسد حاكم ‘شرعي’

mona-fayadhألم يظهر الشعب السوري، بما فيه الكفاية بعد، أنه نزع الشرعية عن هذا النظام وممثله؟ ألا يؤكد يوميا على عدم إيمانه بشرعية سلطة الأسد؟
العرب: منى فياض، العدد: 10188، ص8
هناك شيء غريب وغير قابل للتصديق يحدث في العالم وللعالم. فعندما نريد أن نصف طاغية بمنتهى الوحشية والعنف والتعطش للدماء ننعته بأنه نيرون. لكن عند مقارنة ما حدث في روما منذ حوالي ألفي عام وما يحدث في سوريا اليوم ماذا نجد؟
أن سوريا تحترق وتتمزق وتدمّر منذ خمس سنوات قابلة للتجديد إلى أمد غير منظور تحت أنظار العالم “المتمدن” المعني بالحقوق والديمقراطية.

وبينما جعل التاريخ من نيرون مثالا للطغيان، لا تزال القوى العالمية المهيمنة تعتبر أفعال بشار الأسد وسلوكه شرعية؟ فهو الرئيس “الشرعي المنتخب”؛ تلك الشرعية المستندة إلى الآلاف من الجنود المرتزقة الملمومين من شتات الكرة. شرعيته التي تحمي نظام إيران وبلسان مرشده الأعلى ولذا يفرضها بدوره. شرعيته التي تدعي محاربة الإرهاب والتطرف، والإرهاب المقصود هو نفسه الشعب السوري الذي انتخب رئيسه “الشرعي” بنسبة 99,9 بالمئة من الأصوات!!

فما الذي فعله نيرون في روما أكثر مما يفعله بشار الأسد وحلفاؤه في سوريا أو حلب مثلاً ليتحول إلى مثال الوحشية، بينما يظل الأسد رئيسا منتخبا ومقبولا؟

تخيل نيرون سنة 64 ميلادي أن يعيد بناء روما. نشب فيها الحريق من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير فانتشرت النيران بشدة لمدة أسبوع في أنحياء روما، والتهمت عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر.

وهلك في هذا الحريق الآلاف من سكان روما واتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسيين تشير إلى نيرون في أنه هو المتسبب في الحريق المتعمد، وتهامس أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كراهية الشعب له. ما جعله يحتاج إلى كبش فداء يحمّله مسؤولية ما حصل أمام الشعب. كان أمامه أن يختار إما اليهود وإما أتباع المسيحية حديثة العهد في روما، فألصق التهمة بالمسيحيين، وبدأ يلهي الشعب في القبض على المسيحيين واضطهادهم وسفك دمائهم.

واستمر الاضطهاد الدموي أربع سنوات ذاق فيها المسيحيون كل ما يتبادر إلى الذهن من أصناف التعذيب الوحشي، وكان من ضحاياه بولس وبطرس اللذان قتلا عام 68. ولما سادت الإمبراطورية الرومانية الفوضى والجريمة أعلن مجلس الشيوخ “السناتو” أنه أصبح “عدو الشعب”. فمات منتحرا في عام 68.

ما الحكمة التي نستنتجها من حكاية نيرون؟ أن روما ومجلسها لم تحتمله أكثر من 4 سنوات بعد حريق روما، وأنه عندما أعلن عدوا للشعب انتحر. ونستنتج أيضا أن نيرون لم يحرق روما جهارا وعلانية، ولم يرمها بالبراميل الروسية المتفجرة تحت أنظار العالم المتفرج والأخرس وبغطاء دولي من مجلس الأمن. وأن ضحاياه بالآلاف ولا بالملايين.

والمفارقة أن ما حصل في روما منذ ألفي عام لم يكن معروضا ومتابعا لحظة بلحظة بشكل فاضح وأمام أنظار البشرية كما هو حاصل اليوم.

تحولت حلب إلى جحيم حيث تقوم الطائرات الحربية الروسية بتدميرها بالقصف الجوي المكثف لتغطية تقدم رجال إيران وميليشياتها برا، أما قوات الأسد فربما تقوم بدور المرشد السياحي للمعتدين على الشعب السوري. يُقصفُ السكان بالقذائف المحظورة دوليا، تهدم المنازل على رؤوسهم. إضافة إلى ذلك يحاصرون المدينة ويطوقون المناطق والأحياء ويجوّعون السكان دافعين بهم إلى ترك منازلهم واللجوء بالآلاف إلى الحدود التركية الملزمة بقبولهم.

يوصف الوضع في حلب بالجحيم حيث مئات الآلاف يعانون الجوع ويرتعدون من البرد مختبئين في المدن المدمرة على رؤوسهم. مشهد الآلاف من السوريين المهجرين المنتشرين في أنحاء المنطقة تحت أنظار العالم المتفرج يثير الاستغراب. الآلاف من اللاجئين السوريين يحاولون الهرب من جحيم نظام الأسد والجماعات الإرهابية المؤيدة له لا يمكن لعقل أو منطق أن يجد له تبريرا.

في مطلع سبتمبر الماضي كان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يصرح “الأسد رئيس شرعي والجيش السوري هو القوة الفاعلة لمحاربة “داعش”. نافيا نية موسكو التدخل.

بعد أشهر قليلة وفي أعقاب فشل جولة المباحثات في جنيف مع ممثلي المعارضة السورية، هدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أنه إذا لم ينجح خيار الاتفاق السياسي فسيستمر النظام السوري، بمساعدة جوية روسية، في الحسم العسكري حتى الانتصار. لم يعد الحسم العسكري المقصود ضد تنظيم داعش، بل ضد فصائل المعارضة السورية المعتدلة.

أما الأسد فقد أعلن، بعد أن اطمأن إلى صواريخ الروس ومشاة الإيرانيين، أن هدفه استعادة كل الأراضي السورية، مقدرا أن ذلك قد يتطلب وقتا “طويلا” في ظل الوضع الحالي في سوريا. فتخيلوا استمرار هذا الوضع لسنوات قادمة؟ هل يعقل كل هذا؟

تعتقد كل من إيران وروسيا أن بقاء بشار الأسد هو أمر حيوي لأنه يعطي التدخل الأجنبي الشرعية المطلوبة لإجهاض أي طعن قانوني على أساس الأعراف والقوانين الدولية.

الشرعية التي يعتمدون عليها هي شرعية الانتخابات التي أجريت بعد الثورة وأثارت سخرية العالم أجمع نظرا لظروف البلاد التي دمرت معظم بناها التحتية، وتعطلت معظم مؤسسات الدولة في دمشق، وتم تشريد أكثر من نصف السكان وقتل أكثر من نصف مليون سوري بعد أن أوقف العدّ.

ثمة مفهوم بدائي وخبيث للديمقراطية يروّجه الأقوياء ومفاده أن الانتخابات تضفي شرعية على السياسي المنتخب، وأن هذا هو مؤشر وجود الديمقراطية.

لكن الانتخابات ليست مرادفا للديمقراطية، إنها جزء من النظام الديمقراطي المبني على فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية، ودستور يكفل الحريات الأساسية من سياسية ومدنية، ونظام قضائي مستقل.

طالما كانت أنظمة الاستبداد تجدد هيمنتها المتسلطة أو تلبسها الشرعية من خلال الانتخابات – المهزلة، التي تحسم قبل عملية الاقتراع.

درج الأمر في بعض أوساط العلوم السياسية على الحديث عن شرعية نظام سياسي ما كأنها خاصية ملتصقة به حصرا يفضي غيابها بالضرورة إلى أزمة شرعية أو إلى اللاشرعية.

فكيف تتشرعن سلطة معينة؟ وهل اعتماد العنف العاري وسيلة مقبولة ديمقراطيا؟

الشرعية بحسب ماكس فيبر ترتبط بالهيمنة ويحتل مفهوم الهيمنة الشرعية مكانة مركزية في السوسيولوجيا السياسية لفيبر الذي أورد تصنيفا لها. لكن ما يهمنا هنا هو أن هذه الأنماط التي عددها للهيمنة لا يمكن أن تؤسس شرعيتها على دعائم خارجية ومادية فقط، بل لا بد لها من (اعتقاد) الخاضعين لها في شرعيتها.

تظهر التجربة أنه لا توجد هيمنة يقتصر بناء استمراريتها وبقائها على مجرد دوافع مادية أو عاطفية أو عقلانية ناهيك عن العنفية. خلافا لذلك كل أنماط الهيمنة تبحث عن بث الاعتقاد عند الخاضعين لها. إذن اعتقاد المهَيْمَن عليهم وقبولهم لها هو مصدر الشرعية الأول.

ألم يظهر الشعب السوري، بما فيه الكفاية بعد، أنه نزع الشرعية عن هذا النظام وممثله؟ ألا يؤكد يوميا على عدم إيمانه بشرعية سلطة الأسد؟ ألا يكفي الدمار والموت والتهجير لمئات الآلاف وللملايين كي تفقد “الحكومة الشرعية” شرعيتها.

ألم يحن أوان إعلان سلطة الأسد القائمة بفعل التدخل العسكري الخارجي والمباشر فقط كسلطة محتلة من قبل منظمة الأمم المتحدة؟

تخيلوا أن يعمد الرئيس الأميركي إلى قصف مدينة أميركية أعلنت العصيان عليه وأن يقبل العالم بذلك لمجرد أنه منتخب شرعيا؟ وتخيلوا أن تعني الشرعية وأن يعني السلام في أيامنا هذه، بحسب حامل جائزة نوبل للسلام، أن يترك الملايين عرضة للعنف والقتل والتشريد.

كاتبة لبنانية

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

Iran again resorting to its pond in Iraq

iraqprisdentmlakiBy Keyvan Salami
While the entire globe is focused on the ominous phenomenon known as Daesh (the Arabic acronym for the Islamic State) and specifically developments in Syria, after failing to materialize its ambitions in the region and especially Syria, Iraq and Yemen, Tehran is now seeking to return Nouri al-Maliki to the throne in Iraq. Iran’s isolated status quo in the region, in the face Saudi Arabia’s Islamic coalition initiative against terrorism of any origin, be it Sunni or Shiite, adds more urgency to this matter. Despite the Iraqi people’s weekly demonstrations seeking reforms and evicting those pledging loyalty to Tehran, the government of Iraqi Prime Minister Haider al-Abadi[u1] has not enjoyed the power to realize the demonstrators’ rightful demands. This has caused major disappointment amongst the people and especially Sunnis, and encouraged the Iran-backed Shiite militias – marginalized from anti-Daesh operations – to now resort to vicious measures against the Sunni community in Diyala Province (north of Baghdad) and parts of the Iraqi capital. The truth is we are now witnessing an Iran-Maliki coup d’état in the midst of all the miseries in Iraq.

These turn of events are taking place at a time when the Iraqi people were hoping, and continue to hope for criminals such as Maliki and judiciary chief Mid’hat Mahmout, strongly associated to Tehran, to finally face justice. Thus, Iraqis are seeking to trace a new road map and bring an end to more than one decade of killings, torture, abductions and sectarian & religious wars in their homeland. However, due to the policy of dawdling and inaction adopted by the West and most specifically the U.S., in parallel to the incompetency and weakness seen in the al-Abadi administration[u2] , Iran considers now as the best window of opportunity to have Maliki return to the political scene in Iraq. Despite the fact that Maliki had backed down from the prime ministry with reluctance and handed over hegemony to his rival Haider al-Abadi only after the religious leadership intervened in early September 2014, Maliki is continuing his activities in the political stage and is seeking to revive his own sectarian legacy.

Maliki visited Tehran back in late November 2015 and returned to Iraq after a two week stay. Officials from Iran’s political, intelligence and military spectrum held meetings with Maliki and laid out their political road map for Iraq. since then Maliki has very actively entered into a new phase in the Iraqi political stage.

To monopolize political power in Iraq, based on instructions provided by Iranian security officials, Maliki is in desperate need to have the Popular Mobilization Forces (PMF) and armed Shiite militias linked to the Quds Force as his unofficial military leverage always at his service. This led to an increasing number of meetings for Maliki and taking part in numerous sessions held by the Shiite PMF. Many analysts following developments in Iraq found this very significant and interesting.

What is Maliki’s true objective? Can he actually continue to play a role in the political spectrum of Iraq without the support of the Quds Force and Iranian supreme leader Ali Khamenei himself?

What is clear is that Iranian officials have guaranteed he will enjoy their support in future Iraqi elections. The conditions they have set for their supports is, of course, much more significant than mere propaganda and media support provided by Maliki of Iran’s meddling and their role inside Iraq. The entire issues is based on purchasing weapons from Iran for the armed militias.

The Quds Force, in portraying Maliki’s political road map for the future, has specified a number of phases that Maliki must successfully surpass before the next parliamentary elections milestone. The facts on the ground show that Maliki at first needs to win the support a number of Sunni and Kurdish political figures for his new bid for the prime ministry. In this regard, after his return from Tehran, Maliki held numerous meetings with a number of Sunni political figures whom he enjoyed good relations with during his premiership.

The next phase consists of gaining the West’s support, and especially that of the U.S. administration. Up to a few months ago Maliki was known for his strong position against Washington and its policies in Iraq. From late December 2015 the Iranian embassy in Baghdad ordered Maliki to extend a hand of friendship towards the United States and Western countries, and distance from anti-American remarks. Although Maliki has no official government post he began meeting with foreign envoys in Baghdad and the United Nations Special Representative of the Secretary-General in Iraq. The objective in these meetings were to portray al-Abadi as a man with a failed administration, and Maliki as an alternative.

Maliki has also been meeting with leaders of religious minorities; tribal sheikhs in southern, central and Anbar provinces; and families of Shiite militias and PMF casualties. This is all under the framework of presenting an all-out and comprehensive image of himself as a popular figure trusted by the people. In one instance in January during a meeting with Shiite militias and PMF members injured and maimed in recent battles Maliki was seen handing out large amounts of money amongst these individuals.

Despite all this, it remains premature to conclude that Maliki is gaining complete control over the prime ministry seat. The fact of the matter is the balance of power game in Iraq is very challenging, and the future of the fight against Daesh is very much intertwined with the next elections in Iraq. One very important necessity is to understand that in the struggle against one “axis of evil”, incentives must not be provided to another. Daesh is the offspring of Maliki’s two terms in power. To eliminate this phenomenon in Iraq it is vital to first and foremost in need of uprooting all elements associated to Tehran. To guarantee Iraq’s future, the United Nations and the al-Abadi administration must not allow the very fragile advances made by the Iraqi people in this trend, coming at the price of hundreds of thousands of people being killed, tortured and disappeared, be destroyed. In fact, by supporting the Iraqi people who have risen to have their demands realized, there must be an end to an era of brothers killings brothers, sectarian wars and massive plundering and thefts.

Keyvan Salami, human right activist writing for peace and progress in the Middle East and regime change in Iran. He Tweets at @SalamiKeyvan

Posted in English, مواضيع عامة | Leave a comment

شاهد لإول مره الحجره النبويه من الداخل

فيديو لاستعراض أحد موظفي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي للحجرة النبوية، بدءاً من باب السيدة فاطمة، ولا حجرة تحوي قبر النبي محمد، ولا يوجد أي خادم أو حارس لها كما يتداول البعض على حد تعبيره. وتضم الحجرة محراب السيدة فاطمة، وخلفه سريرها، إلى جانب الروضة الشريفة، وجدار بناه عمر بن عبدالعزيز من حجارة تشبه حجارة الكعبة المشرفة. ودوائر مواجهة لقبر النبي محمد وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب.

prophettomp

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

ماذا جرى منذ اغتيال الحريري؟

rashedالشرق الاوسط اللندنية

لماذا تمر السنوات الإحدى عشرة أكثر حزنا على غياب رفيق الحريري، الذي قتله نظام الأسد؟ لأن القتلة نجحوا ليس فقط في التخلص من رئيس وزراء لبنان الأسبق وأحد أهم زعاماته، بل نجحوا في هدم مشروع لبنان الجديد، وأفشلوا مسعاه إلى إخراج البلاد من حالة الحرب الأهلية، التي وإن توقف رصاصها بقيت مهيمنة على الساحة، تعطل التطور والانتقال إلى عالم جديد.

الأسد، وحلفاؤه، قاموا بتصفية الحريري فعطلوا مشروع المصالحة والبناء والتعمير، بعد أن فشلوا قبل ذلك في اعتراضه وتخريبه بالدعاية المضللة التحريضية ضده. كان طموح الراحل أن تتحول بلاده إلى قبلة المستثمرين، ومحل ثقة المؤسسات الدولية، وجعل كل الفئات اللبنانية تشعر أنها شريكة في البناء ولها مصلحة فيه، وليست فقط تتنافس فيما بينها على المقاعد النيابية والحكومية. حتى خصمه حزب الله، ذهب إليه الحريري وعرض عليه أن يكون طرفا في تطوير مناطق نفوذه وتغيير حالة الإنسان اللبناني الذي لم يعد له مصدر رزق إلا أن يهاجر إلى خارج بلده. كان يعتقد أن حزب الله وبقية المعارضين سيجدون في مشروعه مكاسب لهم، ولأتباعهم، ويكونون جزءا إيجابيًا، لا طرفا سلبيا يتمسك بالسلاح وسيلة للحصول على حصته. أقنع كبار شخصيات المهجر اللبناني، والحكومات في السعودية والخليج ومصر وأوروبا والولايات المتحدة وروسيا، وطار إلى إيران عدة مرات أيضا لطمأنتها ودعوتها. ووجد ترحيبا من معظم هذه الشخصيات والحكومات والصناديق الدولية. وظهرت ملامح نجاح مشروعه على الأرض، حتى قرر الأسد التخلص منه، رغم أن الحريري وافق على التنحي وترك منصب رئاسة الحكومة، ورغم أنه أيضا رضخ للتمديد، ظلما وعدوانا للرئيس إميل لحود، مع هذا اغتالوه.

قتله السوريون والإيرانيون ووكلاؤهم، ليس فقط للتخلص من شخص الحريري السياسي، بل للتخلص من مشروع الحريري الكبير، وإبقاء لبنان دولة تابعة تحت السيطرة، منشغلة بالخلافات الهامشية، وجبهة مفتوحة مع إسرائيل لحلب اللبنانيين دوليا، وحتى لا يفتح الأسد جبهة الجولان، واستغلال لبنان ضمن مشروع المساومة الإيرانية. فمنذ يوم اغتياله، واغتيال بقية القوى السياسية اللبنانية الوطنية المعتدلة، وحتى هذا اليوم توقف لبنان، توقف الإعمار، وتوقف الأمل والحلم. كان هذا هو الهدف وهذه هي النتيجة.

لكن الجريمة ثمنها غال. ولو سألنا الرجل الذي أصدر أمر قتل رفيق الحريري ما الذي كسبه اليوم مما فعله بالأمس؟ هل هو سعيد لأنه أزاحه من دربه، أم نادم لأن دم الحريري جلب عليه كوارث متعددة؟ هل خسر لبنان وكسبت سوريا؟

القاتل، أو القتلة معروفون، الرئيس الأسد وحلفاؤه الغارقون اليوم في بركة الدم السورية. ولم تعد هناك حاجة إلى الجدل حول دورهم في تلك الجريمة، لأنهم، بعد ست سنوات من قتلهم الحريري ورفاقه، ارتكبوا ما هو أعظم بكثير، فقد قتلوا نحو نصف مليون سوري.

هل يقول الأسد اليوم في سره، إنه لو استقبل من أمره ما استدبر، لما ارتكب جريمته بقتل الحريري؟

مع أن اغتيال الحريري جلب على الأسد كل المصائب الهائلة التي يعيشها اليوم، إنما مثله لا يستوعب دروس التاريخ، بدليل أنه كرر ارتكاب جرائمه في سوريا ودم ضحاياه في لبنان لم يجف بعد. وبدل أن يحاول استرضاء مواطنيه، في بدايات 2011، ويجرب الحلول المختلفة لاستيعاب احتجاجاتهم سارع إلى تهديدهم وقتلهم بالتالي، ثم عمد إلى ارتكاب مجازر جماعية هائلة.

لا نحتاج إلى أن نفتح دماغ الأسد حتى نفهمه، فبصمته تتكرر مطبوعة في كل الجرائم. رأى أن أسهل طريقة لوقف مشروع الحريري، وبقية الزعامات اللبنانية المعتدلة التي لم تقبل إملاءاته هي بالتخلص منهم جميعا بالتصفيات الجسدية.

ومع أن اللبنانيين يتذكرون بأسى، كل عام في مثل هذه الأيام، اغتيال زعيمهم الوطني المعتدل الحالم رفيق الحريري، إلا أنهم لم يستوعبوا أهمية أن يحيوا ذكراه بالعمل على إحياء مشروعه، توحيد اللبنانيين بالبناء والتغيير الإيجابي البعيد عن الطائفية.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

رعد الشمال وبرق المغرب!

samilnisifسامي النصف

تأتي مناورات رعد الشمال أو رعد العرب في الشمال السعودي والتي تشارك فيها 20 دولة عربية وإسلامية كضربة معلم أخرى للقيادة السعودية، فلو قامت مناورات عسكرية سنوية مماثلة بين الجيوش العربية منذ عقد اتفاقية الدفاع العربي المشترك عام 1950 ومثلها مناورات للجيوش الخليجية منذ تأسيس مجلس التعاون عام 1981 لما هزم العرب في 56 و67 واحتلت أراضيهم ولما تم احتلال لبنان في 78 و82 أو الكويت عام 90.

***

منذ 60 عاما وشعوب الخليج والعراق وسورية يدعمون عرب الغرب أو عرب الشمال الافريقي الممتد من شرق مصر الى سواحل المغرب في حروبهم ضد المستعمرين بدءا من دعم مصر في حروب 56 و67 و73 وحروب تحرير الجزائر وتونس والمغرب، ووصل الأمر بالشعب السوري أن صوتوا بنسبة 99% للوحدة مع مصر وتنازل الرئيس السوري شكري القوتلي طواعية عن كرسي حكم سورية لعبدالناصر، ويُنحر هذه الأيام مئات الآلاف ويهجر عشرات الملايين للحفاظ على ذلك الكرسي، كما حمل الشعب السوري آنذاك سيارة الرئيس عبدالناصر عندما زار دمشق وحمص وحلب في ظاهرة لم يشهد لها العالم مثيلا، وقام الشعب السوري بتفجير أنابيب النفط المارة بأراضيهم نصرة لمصر إبان العدوان الثلاثي، كما قام الشاب اللاذقي السوري جول يوسف جمال بقيادة طراده لتفجير البارجة الفرنسية جان بارت.

***

إن ما تستغربه شعوب الخليج وسورية والعراق هو صمت دول الشمال الافريقي عن نصرة شعوب المشرق العربي وتساقط دول الحاضرة العربية كحال العراق وسورية واليمن وتدمير آثارها الانسانية على يد الميليشيات المتطرفة التي تعيث في الأرض فسادا ومعها بعض جيوش الأنظمة القمعية والاثنان يسعيان لتفتيت أوطان المشرق، وبسبب الصمت وعدم التحرك ستصل كرة التقسيم الجهنمية آجلا أو عاجلا الى جميع دول الشمال الافريقي، وسيتم الندم عندما لا ينفع الندم.

***

آخر محطة

(1) يأتي إعلان قطر باستعداد الدوحة لإرسال قوات برية لمحاربة داعش متى ما طلبت منها السعودية ذلك ليثلج ويفرح صدور شعوبنا الخليجية.

(2) إذا لم تستخدم الجيوش الخليجية والعربية في هذا الوقت لوقف المذابح وتساقط الدول فمتى تستخدم إذن؟!

(3) نرجو ألا نسمع أو نقرأ شكوى روسية من الغزو النازي، فما تقوم به الطائرات الروسية من قصف للمدارس والمستشفيات وإبادة للآمنين من السوريين لا يقل فظاعة عما قام به الجيش النازي.
نقلاً عن الأنباء

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment