جهاد علاونة
جاء في كتاب:(تحف إخوان الصفا وخلان ألوفا):( كن عربي الدين عيسوي الأخلاق). وهن خمسون رسالة أو مقالة -المصدر:مجلة الجدار-بيروت-العدد الأول,1994م.
هل ستحكم على أخلاقي من خلال شخصيتي أم من خلال الديانة التي أنتسب إليها؟ وهل للأخلاق علاقة بالدين؟ يبدو للجميع بأن الموضوع نسبي جدا فأنا لستُ أكثر الناس جمالا في أخلاقي ولكن هذا لا يعني أنني سيئ الطباع والأخلاق وإنما يعني بأن هنالك دائما شيء إضافي هو الأفضل مني أو منك.
جماعة إخوان الصفا لم تعجبهم أخلاق المسلمين وكانت أكثر شيء مؤلم بالنسبة لهم ولكي يجملوا الدين الإسلامي ظهروا في القرن العاشر الميلادي في البصرة وهم مجموعة علماء كتبوا هذه الرسائل بحرية وأخفوا أسماءهم الحقيقية وكانت هذه العبارة التي ذكروها هي أجرأ عبارة كُتبت باللغة العربية عن أخلاق المسيحيين ويا ليت كل العالم اليوم يقرأ هذه الرسائل وخصوصا هذه العبارة التي تقول :كن عربي الدين عيسوي الأخلاق.
ومن المعروف عن العرب حتى اليوم غلظتهم في التعامل وحبهم للشهوات وتلهفهم للغدر والتلاعب على كافة الأصعدة وهذا كله أعرفه من خلال ملاحظاتي وخبرتي وتجربتي الشخصية ومن الممكن أن تكون تجربتي الشخصية غير كافية لإصدار مثل هذا الحكم على أخلاق العرب المسلمين الذي قال نبيهم :(وما بعثتُ إلا لأتمم مكارم الأخلاق) في الوقت الذي لا نرى فيه هذه الأخلاق واضحة أو باديةً على وجوه أغلبية المسلمين اليوم, وأرجو أن أكون مخطئا في وجهة نظري ومن الممكن أنني لو جربتُ غير الذين جربتهم وخبرتهم في حياتي أن تكون لي وجهة نظرٍ أخرى,والله أعلم, ومن الممكن أن لا تكون هذه العبارة لإخوان ألصفا قدحا وذما بأخلاق المسلمين فمن الممكن أيضا أن تكون أخلاق المسلمين جيدة وأخلاق الإغريق جيدة ولا بئس عليها ولكن من الأهمية بمكان أن تكون أخلاق المسيحية هي الأفضل من بين جميع أخلاق الأمم,وتجربة جماعة إخوان الصفا من خيرة العلماء أثبتت صحة ما يقال عن الأخلاق العيسوية بأنها الأفضل من بين الجميع,وفي الحقيقة نحن دائما نسمع بعض المقارنات بين الناس أي الرجال أو النساء أفضل خُلقاً؟ فمن الممكن أن تكون أخلاقك أنت عزيزي القارئ أفضل من أخلاقي ولكن هذا لا يعني أن أخلاقي سيئة كليا,ومن الممكن أن نقارن أخلاق المواطن الياباني بأخلاق المواطن الفرنسي وأن تكون أخلاق الفرنسي أكثر خفة وقبولا من أخلاق غير الفرنسي, كذلك من الممكن أن تكون أخلاق المواطن الأردني هي الأفضل أو أخلاق السعودي أو الخليجي هي الأفضل ولكن هذا لا يعني بأن غيرهم سيئا كليا, أما بخصوص عبارة إخوان الصفا فمن الممكن وهذه حقيقة دامغة أن تكون فعلا أخلاق المسيحيين هي الأفضل من بين جميع أخلاق الأمم والأديان مجتمعة ,إنها تجربة مجموعة علماء عرب من القرن العاشر الميلادي قد تكون شاهدا على ما يدعيه بعض الناس حول أخلاق العرب المسلم أنها أقل في المرتبة من أخلاق المسيحيين…وكافة المسلمين حين أتناقش معهم عن سلوك غالبية المسلمين وشهواتهم الجنسية وحبهم للإجرام والغدر بالمثقفين والتنكيل بهم يقولون في النهاية حين أحكم قبضتي عليهم: (يا أخي خذ من أقوال الشيوخ ولا تأخذ من أفعالهم) وكن أنت خلوقا, بمعنى أن المسلم العربي لا يستطيع إلا تجزئة الدين بين الدين نفسه وبين الممارسات الأخلاقية اللاذعة, علما أن الدين الإسلامي يتباهى بأخلاق الشيوخ ورجال الدين الإسلامي,وإذا كنا سنأخذ مثلا بدين العرب وهو الإسلام ولا نأخذ أخلاقهم فما هو الدين أصلا إلا الأخلاق؟ فإذا سقطت أخلاق المسلمين فهذا معناه أن الدين نفسه ينهزم أمام أخلاق المسيح والمسيحية,ومن المعروف جيدا عن إخوان الصفا وخلان ألوفا أنهم جماعة من علماء المسلمين الذين اجتمعوا واتحدوا على ألوفا وعلى ألصفا وأخذوا عهدا على أنفسهم بأن يحاولوا التوفيق بين الدين الإسلامي والفلسفة الإغريقية,وحاولوا جاهدين رفع مستوى الدين الإسلامي وتطهيره من الشوائب التي علقت به من ممارسات بعض الناس وفي النهاية لم يستطع أي أحدٍ منهم أن يثبت تاريخيا بأن أخلاق المسلمين هي الأفضل ورفعتها وحتى يتجنب إخوان الصفا الفشل الذريع في مشروعهم وهو مقارنة الأديان أو حوار الأديان أو بالعربي الفصيح التوفيق بين الأديان وبين الفلسفات قالوا في النهاية:خذوا دين العرب ولا تأخذ أخلاق العرب, إنها كانت محاولة يائسة من مجموعة علماء تآلفوا واتفقوا وتحالفوا على التصالح مع الدين الإسلامي والتوفيق بينه وبين كل المذاهب كما يحاول اليوم بعض الكُتّاب التوفيق بين العقل وبين الدين الإسلامي,وأظن بأن محاولة التوفيق هذه بحد ذاتها تكون اعترافا بأن الإسلام نفسه غير متفق مع أحد لا مع المنطق ولا مع العقل وكل المحاولات ستبقى للأبد تحاول التوفيق بين الدين الإسلامي وبين الحرية أو الديمقراطية علما أنه في القديم لم يستطع أحد التوفيق بين المذاهب الإنسانية الراقية وبين الدين الإسلامي ورسائل إخوان الصفا وخلان ألوفا ستبقى شاهدة على ذلك ومحاولات الديمقراطيين اليوم من حيث التوفيق بين الدين الإسلامي وبين الحرية والديمقراطية ستبقى شاهدة على ذلك لعصورٍ متتالية.
لقد فشل إخوان الصفا في ذلك فتجنبوا أخلاق العرب وأخذوا فقط بدين العرب وشجعوا على ضرورة الالتزام بالأخلاق المسيحية كمحاولة منهم جاهدة لتقريب مفهوم الدرس الجديد لتتمكن مجموعة من طالبي العلم أن يفهموا طبيعة التعامل الجديدة, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : أيهما أهم الدين أم الأخلاق؟ أي أيهما يأتي أولا :الدين أم الأخلاق؟ هل الدين بالمرتبة الأولى أم الأخلاق؟ طبعا الكل يقول بأن الأخلاق أولا والدين يأتي ثانيا.
قام المجروطي في القرن الرابع الميلادي بتأليف كتاب أسماه:(رسائل إخوان الصفا وخلان ألوفا) وهذه المعلومة للجميع لكي لا تلتبس الأمور على أحد.
أخر الكلام بعد التحية والسلام … ؟
١ : بكل أمانة ياعزيزي جهاد إنك دائما تبدع في مقالاتك ، ورغم الكثير من الكلام إلا أنه لايخلو من الدرر النادرة ؟
٢ : مايقوله ألإخوان الصفا في هذا المقال هو شاهد حي على إفلاس أهل البدع والترتقيع والتزيف ، ولكن السؤال هل تتعض أمة إقرآ ، لا أبدا بدليل الواقع قبل التاريخ ؟
٣ : نعم كل شئ في الحياة نسبي ، ولكن أن تصفر أمة ما من كل شئ حتى من الضمير وألأخلاق فذالك منتهى ألإنحطاط ، خاصة قادتها وقوتها ولابيس فقط من الرعاع ؟
ومسك الختام محبتي لك ومودتي والسلام ؟
سرسبيندار السندي
مواطن عراقي يعيش على رحيق الحقيقة والحرية
أريد التنويه إلى خطأ وقع سهوا وهو أن المجريطي ظهر كتابه في نهاية القرن الرابع الهجري وليس الميلادي وشكرا للجميع لكل القراء.