أنت أكبر مما تعتقدين أنك أنت…

sultanagrandfilsأعزائي القرّاء:
اليكم جزء من ردي على الرسالة التي وردت في البوست السابق
أتمنى أن تستمتعوا بقراءته!
………

صباح الخير سيدتي
اتمنى فعلاً أن تصلك الرسالة وتقرأيها بصدر رحب.
أنا ……. عمري ….. سنة، أردنية، مسلمة….
مشكلتي في الكلمة الأخيرة من الجملة السابقة (مسلمة)
قرأت قبل قليل مقالك حول (ونفحنا فيه من روحنا..)
لا استطيع ان اصف شعوري وانا اقرأ كلامك والتعليقات حرفاً حرفاً … لكن سأختصر بأن أقول أني غصصت فعلا. ولولا أني في مكان العمل لبكيت..
*************
يسعد صباحك يا بنيتي وكل أوقاتك…
اسمك…عمرك….جنسيتك ودينك ليسوا أنت!
أنت أكبر مما تعتقدين أنك أنت…
أنت أكبر من اسمك ومن عمرك ومن جنسيتك ومن دينك…
أنت إنسان جاء إلى هذا الكون لغاية تخصه دون سواه…
ويجب أن يكون ذاته ليتمكن من أن يحقق تلك الغاية!
…….
يسعدني أن صوتا في أعماقك قد همس باذنك لتنتبهي بأنك تعيشين حياة ليست حياتك…
الدموع التي غصّت في عينيك هي تعبير صارخ للقهر الذي تعيشينه داخل سجن لم يكن من خيارك.
ما يسعدني أنك سيدة عاملة ولك وظيفة تعتاشين منها، وهي بلا شك سياج كرامة!
الإستقلال الإقتصادي مهما كان الراتب ضحلا يحمي ماء الوجه، ويشجع المرأة لأن تكون ذاتها وترفض نمطا حياتيا ألزموها به…

رفضك للآية التي أشرتُ إليها في صفحتي دليل على أنك تعين حجم المأساة وطبيعة تلك المأساة!
وعندما يدرك الإنسان أبعاد مشكلته يكون قد مشى نصف الطريق باتجاه حلها….
…….
يقول الفيلسوف ورجل الدين اليهودي
Azulai:
(لن يحاسبني الله لأنني لم أكن موسى، سيحاسبني لأنني لم أكن أزولاي!)
لست هنا لأروّج لآراء رجل دين يهودي أو مسيحي أو من كان يكون، ولكنني آخذ الحكمة ولو جاءت من أفواه المجانين…
سواء آمنا بالله أم لم نؤمن، عبارة ذلك الفيلسوف تحمل عمقا فلسفيا جديرا بالتأمل…
هو جاء إلى الكون لا ليكون صورة فتوكوبية عن موسى، بل ليكون أزولاي..
وأنتِ جئتِ إلى الكون لا لتكوني صورة فتوكوبية عن ـ وفاء سلطان أو فلان من الناس ـ بل جئت لتكوني نفسك، وسيتفاعل الكون معك بمقدار ما تكونين من جئت لتكونين!

هناك فصل واسع جدا في كتابي القادم “دليك إلى حياة مقدسة” يساعد القارئ على أن يكون نفسه، من منطلق أن السمكة الميتة هي وحدها التي يجرفها التيار، وبعد أن أنتهي من الرد على رسالتك سأنشر مقطعا أهديه إليك على صفحتي تلك!
….
قلتِ: مشكلتي تكمن في كلمة “مسلمة”!
وهي ليست مشكلتك وحدك بل مشكلة ملايين النساء اللاوتي وجدن أنفسهم رهائن ذلك السجن البغيض…
لنكون منصفين، ليس سهلا الخروج عن الجماعة في أي مجتمع، ولكن في الإسلام يعتبر الأمر حكما بالموت!
الموت في أبشع صوره “ليقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف”!
كل دور تلعبينه غصبا عنك أو إرضاءا لغيرك يسلبك بعضا من سعادتك، ورويدا تجدين نفسك تعيشين حياة تعيسة للغاية!
لا أفهم كيف تستطيع امرأة مسلمة أن تقرأ الآية التالية (على سبيل المثال لا الحصر)، وتبقى فخورة باسلامها؟؟؟

أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ

هل يُعقل أن يضع الخالق النساء والغائط بنفس المستوى، ثم أن السؤال الذي يطرح نفسه: طالما يجب على الزوجة أن تغتسل إذا لامست زوجها فلماذا لم تأتِ الآية على الشكل التالي: (أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامس الرجل امرأته او لامست المرأة رجلها)
ليس لدينا جواب سوى: أن الرجل منزّه عن مستوى الغائط، رغم أن الحكم نفسه بين الرجل الذي يلامس المرأة والمرأة التي تلامس الرجل!
سيخرج عليّ الآن أحدهم ليقول: أنت تجهلين معنى الآية، كالعادة!
ويبقى السؤال: لماذا يرسل الله كتابا عصيّا على الفهم؟ ولماذا إذا كان عصيّا لم يقم نبيه بتفسيره كي لا يخلق كل هذا الإرتباك؟؟؟

لا تقبلي ـ يا بنيتي ـ أن تكوني بمستوى الغائط
وارفعي رأسك عاليا بانتظار تكلمة الرد!
…..
سنتابع لاحقا…
مع أحلى أمنياتي وخالص محبتي

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.