يوم سعد ويوم نحس

muf43عبد النبي حجازي

يوم سعد ويوم نحس
كان النعمان بن المنذر ملك الحيرة يسهر مع اثنين من أعزّ أصدقائه على مائدة الشراب وفيما لعبت الخمرة برؤوسهم قام بقتل صديقيه من حيث لايشعر . وعندما صحا من هول المصيبة جعل يومه يوم (نحس) ويومه التالي يوم (سعد) وصار إذا جاءه أحد في يوم (نحسه) قطع رأسه وإذا جاءه أحد في يوم(سعده) أكرمه وبذل له العطاء .  

كان النعمان يحب الصيد وذات يوم خرج على فرسه (اليحموم…) يرافقة أتباعه ففوجئ (بحمار وحش) فتبعه من مكان إلى آخرحتى حلّ الليل فضاع وضلّ عنه أتباعه وراح يبحث عن ملجأ يأوي اليه في فضاء البادية فألفى بناء متواضعاً يقيم فيه رجل من طيئ يقال له (حنظلة) فسأله: هل من مأوى ؟ وكان جائعاً متعباً فرحب حنظلة به وأنزله في مجلسه , وقال لامرأته أرى الرجل ذا هيئة وما أخلقه أن نكرمه فما الحيلة؟ قالت عندي شيء من طحين أدّخره واذبح أنت له الشاة فخبزت وقام حنظلة الى شاته لايملك غيرها فحلبها ثم ذبحها فسقا النعمان من لبنها وأطعمه من لحمها. وجعل يحدثه بقيه ليله فلما اصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال : ياأخا طيء انا النعمان ملك الحيرة فاطلب ماتريد.أصيب حنظلة بالذهول وقال إن شاء الله , وتابع النعمان طريقه .
بعد أمد من الزمن وقعت بحنظلة نكبة وساءت أحواله فقالت له امرأته لو اتيت الملك النعمان لأحسن اليك , فمضى الى الحيرة إلى النعمان فلما رآه سأله: انت الطائي الذي نزلت في بيته ؟ قال نعم يامولاي لقد وقعت بي نكبة . قال النعمان أفلا جئتني في غير هذااليوم؟ وكان يوم نحس النعمان فقال الطائي أبيت اللعن وماكان علمي به . قال والله لو جاءني في هذا اليوم قابوس ابني لم اجد بداً من قتله فاطلب حاجتك من الدنيا فانك مقتول قال حنظلة:أبيت اللعن وما أصنع بالدنيا بعد نفسي؟إن كان لابدّ منها أعطني فرصة أذهب إلى أهلي أوصي بهم وأهيئ شؤونهم ثم أرجع إليك .قال النعمان “اختر من يكفلك” , فطلب حنظلة من (شريك بن عمر) وهو من أعوان النعمان فأبى . اغتمّ الطائي وأصيب باليأس وإذا برجل من بني كلب اسمه (قراد) يقول للنعمان: أبيت اللعن أنا أكفله يامولاي . قال النعمان محذراً : “ولكنه إن لم يعد قتلتك” قال قراد “كما تشاء يامولاي”.
منح النعمان حنظلة مئة ناقه وحدد له حولاً كاملاً ينتهي بمثل هذا اليوم من السنة ليعود .

ومضى حنظلة الى أهله حتى بقي من الاجل يوم واحد . قال النعمان لقراد: ما اراك الا هالكاً غدا فقال قراد: سبحان من يحيي ويميت .
فلما اصبح النعمان ركب في خيله وسلاحه ورجاله كما كان يفعل حتى اتى الغريين ( اسم مكان ) فوقف بينهما ووضع قراداً على النطع وهمّ يأمر بقتله فقال له وزراؤه: ليس لك ان تقتله حتى يستوفي يومه فتركه وكان النعمان يشتهي قتل قراد ليفلت الطائي من القتل فلما كادت الشمس ان تغيب وقراد قائم ومجرد من أزاره على النطع وامرأته تنتحب
فبينما هم كذلك شاهدوا شخصاً قادماً من بعيد قيل للنعمان: ليس لك ان تقتله حتى ياتيك الشخص وتعرف من هو فكف النعمان عن القتل فاذا الشخص هو (حنظلة) الطائي فلما نظر اليه النعمان شق عليه مجيئه فقال له: ما حملك على الرجوع بعد افلاتك من القتل؟ قال الطائي الوفاء يامولاي سأله النعمان: ما دينك؟ قال النصرانيه ـ ولم يكن الاسلام قد ظهر حينها ـ  فقال النعمان أعرض علي دينك فعرضه الطائي فتنصر النعمان وكل أهل الحيره أجمعين ـ وكان قبل ذلك يعبد الاصنام . وقال: والله ما ادري أيهما أوفى وأكرم هذا الذي نجا من القتل وعاد أم هذا الذي ضمنه والله لن أكون ألأم الثلاثه , وترك القتل من ذلك اليوم وأبطل تلك السنّة وأمر بهدم الغريين وعفا عن قراد والطائي .


This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.