مقدمة :
وهم الفهم ,موضوع هام الى حدٍ بعيد وينفع الجميع ,ليختبر ويعرف المرء نفسه ومعلوماته قبل أن يُحاور شخصاً آخراً .
النتيجة ستنفع في تقدير أنفسنا حقّ قدرها ,أيّ ليس بطريقة المبالغة العربية مثلاً ,بشعورنا أنّنا أصحاب الحقيقة المُطلقة !
وكذلك ليس بطريقة التواضع المُصطنع أوالمُبالغ فيه ,بحيث يبدو المرء غير واثق من نفسه ومعلوماته !
الإجابة على بضعة أسئلة تخّص موضوع النقاش قبل بدء النقاش مع الآخر,ستجنبنا المشاكل المذكورة من الجهتين !
****
هذا مُلخّص مقال مفيد بعنوان :
كيف تكسب النقاش وتغير رأي من يجادلك؟
كتبهُ السيّد (( توم ستافورد )) المُحاضر في علم النفس في جامعة شفيليد الإنجليزية .
وستجدون الرابط في نهاية المقال لمن يشاء الإطلاع على الأصل !
في البدء يسأل :
كيف يُمكنكَ أن تُغيّر رأي شخص آخر إذا كنتَ مقتنعاً بأنّكَ على صواب وهو على خطأ ؟
ويُجيب قائلاً :أثبتَ علم النفس أن أقلّ الطرق نجاحاً لتحقيق ذلك ,هي الطريقة التقليدية المتبعة عادةً !
ويضيف هكذا يدور الحوار غالباً :
أنت على خطأ ,موقفك ليس فيه منطق ,إصغِ إليّ وسأكون سعيداً في تفصيلِ الأسباب الكثيرة التي تبين لماذا أنا مُحّق وأنتَ مُخطئ .
هل تشعر بأنك مستعد للاقتناع ؟
تلك هي الطريقة الرائجة التي يستخدمها كثيرون ,عندما يحاولون إقناع الآخرين بتغيير آرائهم .
سواء كان الحديث عن تغير الطقس أو عن قضايا الشرق الأوسط المُستعصية ,أو عن خطط للتمتع بعطلة .
وهي الطريقة ذاتها التي تقود غالبا إلى تشبّث الطرف المقابل بموقفه !
يضيف توم ستافورد : لكن الأبحاث تشير لحسن الحظ الى أن هناك طريقة أفضل تنطوي على عنصرين هما :
1/ الاستماع للآخر بقدر أكبر !
2 / الإقلال من محاولات إخضاع الجانب الآخر لرأينا !
***
تجربة !
قبل أكثر من عقدين بقليل إقترح الباحثان (( ليونيد روزنبليت وفرانك كيل )) من جامعة ييل الأمريكية .
أنّهُ في الكثير من الحالات ,يعتقد الناس أنهم يفهمون كيف تسير الأمور في حين أن فهمهم لذلك سطحي في أحسن الأحوال .
يُطلق على هذه الظاهرة “وهم الفهم العميق” !
بدأ الباحثان في الطلب من المشاركين في الدراسة بوضع تقييم لمدى فهمهم لكيفية عمل الأشياء مثل :
تدفق الماء من خزان المراحيض
أو عدادات السرعة في السيارات وماكينات الخياطة .
وذلك قبل أن يطلبا منهم شرح ما يفهمونه ومن ثم اختبارهم بالإجابة على أسئلة حول تلك الأشياء.
وما كشفته التجربة هو أنّ تقييم المشاركين لأنفسهم كان أسوأ بعد إجراء الاختبار !
ما يحدث كما يقول العلماء ,أنّنا نعتقد خطأ بأن لدينا فهماً واسعاً لكيفية عمل تلك الأشياء .
لكن في الواقع أنّ أحداً لم يختبر فهمنا هذا من قبل !
فلماذا إذن نتجشّم عناءَ الفهم الحقيقي لتلك الأشياء ,إذا كنا نستطيع تدبّر الأمر دون الحاجة الى ذلك الفهم ؟
المُثير للاهتمام أن بوسعنا أن نخفي عن أنفسنا مدى ضحالة فهمنا لتلك الأشياء !
وقد أظهر بحث نُشِرَ العام الماضي عن “وهم الفهم”
كيف يمكن إستخدام هذا الأمر لإقناع الآخرين بأنهم على خطأ.
فقد أوضحَ فريق البحث الذي كان يقوده (فيليب فيرنباتش) من جامعة كولورادو ,أنّ هذه الظاهرة تنطبق على الفهم السياسي بقدر إنطباقها على فهم عمل خزان تدفق ماء المرحاض !
بمعنى آخر, إنّ الناس الذين لديهم آراء سياسية صارمة ,ربما يكونون أكثر إنفتاحا على الأفكار الأخرى ,لو طُلِبَ منهم أن يوضّحوا بالضبط كيف أنّ السياسة التي يدافعون عنها ستجلب النتائج التي يعتقدون أنّها ستتحقق من ورائها !
إستطلع البحث آراء عينة من الأمريكيين إستدعاهم الفريق عبر الإنترنت حول مجموعة من القضايا المُثيرة للجدل في السياسية الأمريكية مثل العقوبات على إيران ومسألة انبعاث الكربون .
وقد طُلب من إحدى المجموعات إبداء الرأي ومن ثم تقديم الأسباب التي تدعوهم الى تبني ذلك الرأي .
اُتيحت لهذه المجموعة فرصة طرح رأيهم في القضية على قدر المساواة مع جميع المشاركين في النقاش للإدلاء بآرائهم.
أما أولئك الذين في المجموعة الثانية فقد فعلوا (بمهارة) شيئاً مختلفاً .
فبدلاً من تقديم الأسباب طلب منهم توضيح كيف تُؤثر السياسة التي يدافعون عنها .كما طلب منهم أن يتتبعوا خطوة فخطوة من البداية وحتى النهاية مسار السياسة نفسها حتى الانتهاء بالنتائج التي يفترض أن تحققها.
وكانت النتائج واضحة !
فالذين قدموا أسباباً ظلّوا على قناعاتهم ذاتها التي كانوا عليها قبل بدء التجربة .
أمّا أولئك الذين طُلب منهم أن يقدموا إيضاحات فقد خفّفوا من وجهات نظرهم .وهبط بقدرٍ كبير تقييمهم السابق الذي وضعوه لفهمم تلك القضايا
***
الخلاصة :
هذه التجربة الإنسانية العقلانية ينبغي وضعها في البال في المرة المقبلة التي نبدأ فيها النقاش مع صديق حول أمر عام مثير للجدل .
(خصوصاً نحنُ معشر القوم الذين نعتبر عموماً .. ظاهرة صوتية) !
إطلب من المُقابِل أن يوضح وجهة نظره .
لكن كن مستعداً لتقديم وصف مُفصّل لوجهة نظركَ .
فإن لم تستطع .. فقد تكون أنت من يحتاج تغيير رأيه !
***
الرابط من ال
BBC http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2014/05/140528_vert_fut_how_to-win_an_argument.shtml
اضغط هنا اضغط هنا للاطلاع على القصة باللغة الإنجليزية
(الرابط يفتح خارج بريطانيا فقط)
تحياتي لكم
رعد الحافظ
30 يوليو 2014