هولوكوست المناهج

assilzebanخرج الرقم 9 من كتاب الرياضيات يركض لاهثا وهو ينظر خلفه إلى رفاقه الذين لم يتمكن من إنقاذهم. وبعد أن ابتعد مسافة كافية لضمان سلامته من النار، توقف ليلتقط أنفاسه. ثم لمح على يمينه آية الكرسي فأسرع نحوها واتكأ عليها. لم تميزه آية الكرسي بسبب السخام الذي يغطي وجهه. فسألته:
-من أنت؟
-أنا الرقم 9. ماذا تفعلين هنا. ولماذا خرجت من كتاب التربية الإسلامية.
– أنظر إلى أسئلتك التي لا نكهة لها. فقد استشهدت علامة الاستفهام أيضا وهي تحاول الهرب من كتاب اللغة العربية.
-آية الكرسي، لم تجيبيني،هل أحرقوا بيتك.
-أجل  أحرقوا كتاب الدين! ورفيقة دربي الفاتحة لم يبق منها سوى “الضالين”.

قطع حديثهما كيان بدا وكأنه ينبثق من الدخان. لم يتعرفا عليه إلا عندما تعثر ووقع أمامهما.
-الجدول الدوري!! أنت أيضا. يا إلهي! وما علاقة الكيمياء.
وأخذ الجدول الدوري في النحيب:
-مات أولااادي. أحرقهم الجبناء.
فرد عليه صوت فاجأ الجميع وجوده:
-فقدت العناصر النبيلة. أليس كذلك. لم يستمع إلي أحد عندما قلت أننا بحاجة إلى حصص موسيقى تحرك هذه العناصر التي قتلها خمولها. ها هي اليوم لم تتمكن من الهروب.

فبادرها الرقم 9 بالسؤال:
-ومن أنت.
-أنا “حرية”. كل ما تبقى من كتاب التربية الوطنية.
-لكنك تضعين نقطة. لهذا لم نعرفك.
-نعم . اضطررت للتنكر. وأما كسرة رائي فقد أعرتها ل “قبلة” الهاربة من إحدى القصائد. فبكسر قافها أنقذناها من الجموع المسعورة.
-وأين هي الآن.
-تبحث عن ضمتها.
-الضمة علقت بلحية أحدهم.

قال صوت عميق بهدوء. ثم جلس واتكأ بخده على يده الوحيدة. ثم أردف:
-لم تعرفوني. أليس كذلك. أنا الكروموسوم Y .
فسكتوا جميعا مدركين أنه قد فقد رفيقته X . لم يجرؤ أحد على سؤاله عنها سوى حرية المشهورة بجرأتها.
-وماذا عن X .
-قتلوها. قتلوها لأنها عورة!

نهضت آية الكرسي لتخاطب الجميع بعد صمت طويل:
-ها نحن الآن مشردون. فماذا سنفعل.
استغرق الجميع في التفكير إلا الرقم 9 قال فورا:
-لنطلب اللجوء.
فسألوه جميعا بصوت واحد:
-أين
-إلى ناد ليلي.

الأردن 2016
48 ق.م حسب التقويم العالمي.

About اسيل الزبن

اسيل الزبن كاتبة اردنية ليبرالية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.