المقدمة
المتأمل لما يسمي بثورات الربيع العربي سيجد نفسه حقا في حيرة ، هل ما حدث كان فعلا ربيعا وإنتهى بسرعة إلى خريف يتنازع مابين البقاء ربيعا وما بين ألإنحدار إلى شتاء بارد جدا ، والسؤال كم سيطول عمر هذا الخريف الذي إرتضى به كثيرون ولو على مضض رغم أن شتاءتنا نادرا ما تكون طويلة أو باردا جدا ، ولكن هل بحكم المتغيرات الجديدة في العالم ستكون بلداننا عرضة لشتاءات باردة جدا لابل طويلا ومظلمة ؟
المدخل
إن ما يحير الكثيرين فعلا هو ما إذا كانت هذه الثورات عفوية ، وبريئة من دنس المستعمرين والمنتفعين أم هى ثورات قد خطط لها مسبقا في دهاليز المخابرات وخلف جدران السفارات ، ورأي المتواضع يؤول إلى المقولة الثانية لأنها أكثر قبولا ومنطقية ولأني من الذين لايؤمنون بالأقدار والصدف ، ولأن هذه الثورات لم تتبلور وتتطور لتكون فعلا ربيعا يستحق الفخر والتباهي ، الربيع الذي يعني ألأمل للشعوب بالحياة الحرة الكريمة وللشباب يعني تحقيق طوحاتهم في غد أفضل في ظل أجواء الحرية والتآخي والمساوات ، لكننا وجدنا العكس تماما إذ بهذه الثورات تعود بمن قادوها وفجروها إلى عصور تشبه كثيرا عصور أوربا المظلمة أيام كانت الكنسية ألأمر الناهي بإسم ألله والدين ، كما أنها قد أحدثت شروخا عميقة في غالبية المجتمعات التي إنتفضت ، بين من يسعون للحداثة والتنوير والدولة المدنية وبين من يسعون للعودة بالمجتمعات إلى عهد الخلافة والرسول حيث الجلباب والحجاب والمسواك وركوب الحمير والبعير ، والمصيبة أن دعاة هذا الفكر الظلامي ليسو بأكثر من نصابين ومنافقين وتجار تقية ودين ، بدليل أقوالهم وأفعالهم وتاريخهم ؟
الهدف
وتساءلنا اليوم هل ستسقط النساء وخاصة في مصر المقولة التي تقول أن الثورات يخطط لها العقلاء وينفذها الأبطال ، الثورات التي رأينا مع ألأسف الشديد كيف فشلت لابل إنقلبت حتى ضد من قامو بها الذين ندم الكثير منهم لقيامها وذالك بسبب تسلم قيادة هذه الثورات أناس كلاسيكيون في السياسة بعيدون جدا عن معاني الثورة والثورية ، ومن ثم تسلق الكثير من ألإنتهازيين ظهور هذه الثورات من الذين أقل مايقال عنهم بأنهم مرتزقة سياسة ودين وعملاء مأجورين والأحداث تدعم صدق مانقول ؟
والأن بعد فشل الثوارات في تحقيق غايات الثوار هل ستنجح النساء في ذالك من باب ( مايجيبها إلا نسوانها ) وذالك من خلال الشد على أيدي الثوار من جديد وخاصة الشباب الواعي والمتنور لتحقيق ولو أبسط مقومات الثورات وهى المواطنة الكاملة في ظل دولة مدنية عصرية يكون القانون فيها هو السيد ، الدولة التي لم ولن تحد من تدين أي إنسان حتى وإن كان من عباد البقر أو الحجر ولن تجبره على إعتناق مالايريده بدليل مانراه في الدول الغربية ذات النظم المدنية التي لم تزل تأوي لليوم الكثير من شراميط السياسة والدين ، ولكن ماسيمنعونه هو إستغلال الدين أي دين للحط من قدرة هذه المجتمعات على التطور والرقي وخاصة الحط من كرامة المرأة والطفولة كمنعهم من التعلم بحجزهم في البيوت أو تزويجهم قسرا ونكاح الميتة وإرضاع الكبير وإتهام المرأة بأنها ناقصة عقل ودين وبعدم تساويها مع الرجل ، المقولات التي لم يقلها إلا من كان مريضا نرجسيا ، رغم وجود الكثير من النساء لليوم لايقوون على الخروج من بودقة الذل والجهل والعبودية وهو مايؤسف كثيرا ؟
والسؤال كيف للمرأة أن تقلب موازين القوى الظلامية وهو ماقد عجز عنه الرجال ؟
إنه تساءل منطقي والإجابة قد لاتكون بالسهولة التي يتصورها البعض ولكنها ليست بالمستحيلة ، أليست النساء نصف المجتمع ، أليس لهم حق الترشح والإنتخاب ، أليست الصناديق هى الحكم والفيصل ، إذن لترشح نساء بقدر عدد الرجال المرشحين للبرلمان مثلا ، ولتصوت النساء لجنسهن فقط خاصة ممن يرون فيهن القدرة والكفاءة في تحقيق مطالبهم وحقوقهن وهذه هى أولى الخطوات للتصدي للقوى الظلامية المعادية لحقوق المرأة والطفل والمجتمع ، كيف الحال إذا إصطف معكن كل الثوار والأحرار في العالم ، وتساءلي لمن لم تزل تملك قدرا من الغيرة والوعي وحب الوطن .. لاتيأسو رغم الويلات والمحن ؟