هل الأزهر الشريف هو المرجع الفكري للإسلام؟ أم ( السلفية الداعشية والقاعدية أو الأخوانية واشتقاقاتهم جميعا !؟

Abdulrazakeidالدين الإسلامي هو الوحيد بين الديانات السماوية الذي لا يزال يسمح فقهيا بالزعم أنه (دين ودولة)، استنادا إلى مرجعية فترة زمنية قصيرة أربعين سنة، هي الفترة الراشدية……

فمنذ أقام الأمويون الدولة على العصبية (الخلدونية ) الدنيوية، وأسسوا أكبر واعظم امبراطورية في التاريخ على أنقاض الررومان والفرس ،بدأت غربة الاسلام الموضوعية عن الحكم كدين كما حدث لدى كل الديانات السماوية والأرضية الأخرى التي وظيفتها الأولى والأساسية هي (مكارم الأخلاق)، وظل الأمر كذلك حتى اليوم حسب الاسلام السياسي (السلفي المتشدد أو الأخواني المعتدل )،بعد أن أصبح الحكم دولة عضوضا ككل الدول ….ترفع راية الإسلام كدين للدولة والمجتمع عبر العصور حتى ظهرت الحركات السلفية كحركات مقاومة ضد الاستعمار،وأخذت شكلها السياسي المؤسسي مع قيام الحركة الوهابية، ومن ثم مع الأخوان المسلمين في عشرينات القرن الماضي …

لقد ظل الأزهر حلال الألف سنة التي مرت،هو مرجعية للهوية الاسلامية (ثقافيا دينيا وليس سياسيا دولتيا)، حيث حافظ الأزهر على هوية كيان الجماعة الاسلامية عبر القرون .. وظل يتطور فقهيا بتفاعله مع (دوران الأزمان والحدثان)، دون عنت أو اكراه في تأييد سياسة الدولة الاسلامية القائمة على الشوكة والغلبة حتى اليوم ، بل من خلال ميله للاستقلال الديني عن السياسة (كما سيعبر عنها الإمام نمحمد عبده في لعنه للسياسة وفعل ساس ويسوس!)، وذلك عبر الحفاظ على الدين الاسلامي من الغلو والتطرف من خلال الحفاظ على المساحة الضرورية لاستقلاليته كمؤسسة دينية .. ،فكان دائما متقدما في فكره على الجركات الدينية الخارجية والخوارجية (الشعبوية الغريزية التي يقودها الفقهاء العوام صراخا وهياجا)،بينما بقيت هيئة ادارة الأزهر منذ الامام محمد عبده (راجع كتابنا محمد عبده إمام الحداثة والدستور)،حنى اليوم وهي متقدمة عقلانيا ومدنيا على الاسلام السياسي (الخوارجي ) ..

ما ذكرنا في ذلك هو حملة الاسلام السياسي الخوارجي على لسان مفكرهم المصري ماليء الشاشات والفضائيات (الإسلاموية الصوتية ) …. المفكر الأخواني وجدي غنيم الذي لا يجد ما ينتقد به المؤتمر الاسلامي في الشيشان، سوى السخرية من (دكتوراه الفلسفة ) التي يحملها إمام الأزهر الدكتور أحمد الطيب،مع أنه كان بإمكانه ان ينتقده سياسيا بأن الأزهر أرقى كظاهرة ومؤسسة دينية فكرية مدنية ولاهوتية، من مؤتمر إسلامي ترعاه (الشيشان البوتينية)،التي يخرج رئيسها حاملا صور رئيس المافيا الروسية (بوتين) التي تذبح الشعب السوري، يحمل صور بوتين المجرم في احتفالات عيد ميلاده في مسيرات بالشوارع تشبه مسيرات بيت الأسد في سوريا المستعمرة أسديا …

لم يجد السيد غنيم مدخلا لنقد المؤتمر الشيشاني إلا عبر نقد شيخ الأزهر بوصفه ( دكتور في الفلسفة)، على حد ما فسر غنيم الفلسفة عاميا انها (كلام يعني علاك)، وراح يهزأ من علم الكلام الاسلامي،بوصفه (كلاما –علاكا )، والشيخ غنيم المفكر (الأخواني) لا يختلف عن أي عامي أمي يعتبر أن علم الكلام (كلاما فارغا ) وهو يضحك بسخرية وهزء، في حين أن الفكر الانساني العالمي ،وليس العامي كالفكر الغنيمي)، يعتبر أن علم الكلام الاسلامي، مع التصوف ، هو الاضافة الأصيلة للعرب المسلمين بالفكر الانساني، حيث علم الكلام يعني فكريا ونظريا أنه (الثيويولوجيا أي علم اللاهوت)،أي استخدام البرهان في اثبات حقائق الإيمان ( مثل ظاهرة الاعتزال الأرقى تمثيلا عقليال للفكر العربي الإسلامي)، تعتيبر أحد تمثيلات (الثيولوجيا ) الإسلامية الرفيعة وفق المصادر الفكرية العالمية، أي أنها تنتمي إلى علم الكلام الذي يمثل الإضافة الاسلامية الأصيلة الثانية مع التصوف إلى الفكر الإسلامي كما أشرنا، حيث لم ير الاعلام الخوارجي (الفضائيات الاسلاموية السياسوية) ظاهرة سيئة في المؤتمر سوى مشاركة الأزهر وبعض الرموز التصوفية، بدلا من النعي على الصوفية (الروحانية الرفيعة) أن تكون تحت راية ( العدمانية الفاشية الروسية) التي لا يناسبها سوى شيوخ بيت الأسد (العدمانيين) وليس العلمانيين مثل المافيا البوتينية ،كمفتي سوريا الأسد أحمد حسون ….

إن حقنا على الأزهر الشريف ليس في تسييسه لبرنامجنا السياسي كثورة سورية، بل حقنا أن يمثلنا كهوية إسلامية لشعب ومجتمع سوري أغلبيته اسلامية، وليس كهوية طائفية أقلوية أسدية، بل هو حق تمثيلنا كشعب سوري مسلم يتم سحق هويته والتواطؤ الدولي مع الأقلية الاستيطانية الأسدية لمحو هوية الأكثرية الاسلامية ،سيما وأن المؤتمر يعقد تحت شعار (من هم أهل السنة) ؟ إذن ننتظر من الأزهر أن يمثلنا كشعب ليس دينيا فحسب، بل وحضاريا ومدنيا ومواطنيا تعدديا كما كان عبر القرون مظلة للاعتدال والعقلانية والتعددية والتعايش والتنوير من خلال رمزيته الأرقى المتمثلة بالإمام محمد عبده …

About عبد الرزاق عيد

كاتب ومفكر وباحث سوري، وعضو مؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني وإعلان دمشق. رئيس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر.
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.