يبدو ان النواب الجدد لبرلمان السياسة في العراق قد تفوقوا على زملاء المهنة السابقين في عالم احتراف اللصوصية والرشاوي التي غرق فيها اقرانهم السابقين . فقبل ان يمارسوا اعمالهم في عالم السياسة وتشريع القوانين ، وقبل ان يعرف كل منهم اين مقعده في قبة البرلمان ، ولمجرد انهم اقسموا اليمين على خيانة الضمير والشرف والمبادئ لبيع الشعب والوطن لمن يدفع لهم اكثر ويملي جيبوهم بالمال الحرام وملايين الدولارات ، كشفوا عن هوياتهم و قدموا شهادات الخبرة التي تثبت انهم محترفون اكثر من السابقين الذين نهبوا ثروات العراق و تقاسموا الكعكة فيما بينهم ، واثبتوا انهم يفوقونهم احترافا في عالم اللصوصية و حب المال الحرام ، بانت انيابهم وسال لعابهم لمجرد ادائهم القسم ، فقد عرض بعضهم ضميره للبيع في اسواق النخاسة لممارسة السياسة الخيانية واعلنوا عن استعدادهم لخيانة الكتلة التي جاؤوا للبرلمان تحت اسمها والانتقال للكتلة التي تدفع لهم اكثر دولارات . او توعدهم بالمناصب والعقود المغرية بضمانات وتواقيع .
كان الشعب يصف النواب السابقين بالحرامية ، لكن يبدو ان بعض النواب المنتَخبين الجدد للدورة الرابعة هم اساتذة في عالم اللصوصية قبل ان يمارسوا مهامهم البرلمانية، فقد بانت كفائاتهم منذ الجلسة الاولى التي لم يستطع فيها الاكبر سنا منهم ان يعرف من هي الكتلة الاكبر عددا فيهم !!
مهزلة المهازل لبرلمان مهمته ان يشرع القوانين ، وهو اول من يخترق الدستور ويعطل القانون ، فالدستور يفرض ان يتم انتخاب رئيس البرلمان ونوابه في الجلسة الاولى ولا يحق له رفع الجلسة من غير انجاز تلك المهمة ، الا ان رئيس البرلمان المؤقت الاكبر سنا عجز عن تحديد الكتلة الاكبر عددا !! وسقط في يده تصارع الرؤوس الكبيرة وكل منهم يدعي وصلا بليلى ، وانه صاحب الكتلة الاكبر عددا من اللصوص و المحترفين في عالم السياسة ومعظمهم جهلاء لا يفقهون سوى كيف يكسبون الدولارات الحرام والامتيازات والرواتب المليونية ، وكيف يحوزون على المناصب والعقود و يقضمون اكبر قطعة من الكعكة . وقد اقسموا يمين الولاء على ان يبقوا عملاء اذلاء للدول التي يخدمونها والتي تدفع لهم الملايين لينفذوا اجنداتها في وطنهم ويخدموا مصالحها باخلاص … و طز في الشعب الذي انتخبهم .
هنيئا لك يا شعب العراق على انتخابك خبراء في الرشاوي و بيع الذمة والضمير ، وتستاهل ما يصيبك من مآسي ، فانت من جاء بهؤلاء وانت من اخترتهم ليمثلوك تحت تأثيرالدين والولاء لتلك العمامة البيضاء والسوداء . شعبك في البصرة يموت من العطش ويشرب المياه المالحة ويتجرع السموم التي تقذفها ايران في شط العرب، ويستقبل الرصاص بالصدور ، وانت تختار من يدعس في بطنك لمجرد الولاء للشيخ فلان وزعيم القبيلة علان .
الا بئسا للضالمين .
لم ترفع الجلسة الاولى للبرلمان العتيد بعد ، حتى تصارع حيتان الكتل والاحزاب ذوي الوجوه المكررة منذ سقوط بغداد ولحد الان. كل كتلة تتوسل ان ينظم لها من هب ودب لمجرد ان ترفع عددها و رصيدها من خرفان السياسة بغض النظرعن كفائاتهم و ولائهم واخلاصهم . وبعد الفوز فهم احرار في الانتقال الى كتل اخرى، المهم الفوز بكرسي الرئاسة و القبض على نواصي الحكومة والوزارت السيادية التي ستباع بالمزاد فيما بينهم اما الكتل الكردية المتصارعة مع بعضها، فهي تجلس فوق التل تنتظر فوزالاسد بالفريسة لتعلن الانظمام له حتى تشاركه المغانم والاسلاب وتقدم له شروط المكاسب والاصرار على الحقوق المكتسبة التي لا تفرط بها على حساب الوطن الواحد .
لقد وصل صراخ البعض الى المريخ اثناء الانتخابات، واعلنوا ان هناك تزويرا بالانتخابات وقدمت الشكاوى الى المحكمة الاتحادية مع الادلة الدامغة في وقوع التزوير و بيع المراكز الانتخابية واغلقت المفوضية المستقلة للانتخبات بعض المراكز الانتخابية اعترافا دامغا منها بوقوع التزوير، و جمّدت المحكمة العليا عمل المفوضية لقناعتها التامة بانحياز موظفيها الحزبيين الغير مستقلين الى ممارسة التزوير والتغطية على المزورين ، واستلامهم الرشاوي ثمنا لخيانة الامانة ، و تم اشراف على عملية العد والفرز اليدوي للتأكد من عمليات التزوير وكشفها واعلان اسماء المزورين وارسالهم للعدالة . لكننا وجدنا ان القضاء المخترق من حيتان الفساد اعلن ان الانتخابات سليمة من التزوير بنسبة 99% !!! بالرغم من الحرائق التي احدثها المزورون في مخازن صناديق الاقتراع و تحطيم الاجهزة الالكترونية في مخزن آخر لطمس معالم جريمتهم . ولكن لم تعلن الحكومة عن المسبب للحريق و تحطيم الاجهزة الالكترونية المستوردة للانتخابات لحد الان، فالفاعل مجهول ، والمتهم هو التيار الكهربائي دائما .
والان تريد المفوضية الغير مستقلة والمشكوك بأخلاصها وشرف مهنتها، ان ترفع الدعاوي المضادةعلى من اتهمها بخيانة الامانة و التستر على المزورين لرد اعتبارها . بلد عجيب غريب حتى في جزر الواق واق لا نجد هكذا عالم !!
لازال الصراع محتدما بين الحيتان الكبيرة والرؤوس تتناطح كل يريد ان يعلن نفسه هو الكتلة الاكبر والفائز في كعكة السلطة ، والتصريحات المتبادلة تتوالى والشعب لا يعرف ماذا يجري خلف الكواليس .
انها ليست كتل برلمانية وحزبية بنظر الشعب بل عصابات انتهازية وحيتان فساد تريد ابتلاع العراق وتأكل حتى ترابه وتبلع كل ما فيه وتبيعه قشورا.
لا توجد دولة تحترم سيادتها تسمح لاجنبي ان يتدخل في اختيار حكومتها ومن يحكمها ، الا العراق ، فالسفارة الايرانية و ومبعوثي ايران وقائد الحرس الثوري الايراني ينشطون في عملهم للحوار و تقديم الضغوط والاغراءات على اقزامهم من زعماء الكتل الموالية لهم ، وامريكا برعاية مبعوث رئيسها و سفيرها ينتقلون بين الاحزاب الكردية وبين الاحزاب السنية والشيعية يدورون يحاورون، يضغطون ويهددون . يريدون ان يديموا الولاء والخنوع واختيار العملاء المخلصين ، لتمرير سياستهم و الحفاظ على مصالحهم على حساب مصلحة العراق وشعبه .
العراق اصبح ساحة الصراع الأمريكي الايراني، يتناطح عليها الثيران الاقوياء، وشعب العراق يتلقى غبار المعارك . للاسف العراق يتحكم به بعض قادة الاحزاب الدينية و بعض اللصوص و محترفي الف باء السياسة و العملاء . كل منهم يريد ان ينهب و يسرق و يحصل على المكاسب و العقود ، المال والنفوذ ، ولكنهم بعيدون عن خدمة الشعب المسكين الذي يموت فقرا ومرضا ويعاني شبابه البطالة والحرمان، الازمات تتوالى عليه . ايران تغلق منافذ انهارها عن اراض العراق ، و تركيا تقلل مياه النهرين الخالدين دون خوف او حياء او احترام لحق الجيرة او القوانين الدولية لخزنها في سدودها العملاقة ، و شط العراق تغزوه مياه البحر بأملاحها القاتلة، واصبح الشط وفروعه مكب للنفايات والسموم والقاذورات في فينيسيا العراق .
هنيئا لك يا شعب العراق ، وتستاهل ان يصيبك كل هذه المآسي لانك لا تعتبر من العِبر و الدروس الماضية ، فأنت من تختار اؤلئك العملاء والاقزام لتنصبهم على مقاعد البرلمان و تؤيد الاحزاب الدينية العميلة التي تمتص من دمك لتقدمه هدية الى دول الجوار ، وتركع ذليلا تقبل ايادي اصحاب العمائم ليصبحوا قادة و وزراء و وكلاء ليسرقوا خيراتك و ثروات بلدك ليملئوا جيوبهم ويرفعوا من كروشهم ويزيدوا من ارصدتهم في البنوك .
فنوابك الجدد مارسوا النخاسة قبل ان يجلسوا على مقاعد السياسة .