نعم أنا علوية وأفتخر

 صديقي عامر شاب فلسطيني يشتغل مترجما في أحد المخيمات للمهاجرين السوريين الجدد في السويد. ارسل لي رسالة يشرح لي فيها كيف شاهد, ومن داخل المخيم, مع مجموعة من الشباب السوريين المناظرة التي جرت بيني وبين الشيخ المغربي الفزازي عن وضع المرأة في الاسلام. قال فيها : اقسم لك كلما أجبتِ على سؤال، كانوا يشتعلون غيظا، ويزعقون بين الحين والآخر (شيخ غبي غلبته “شقفة علوية )

أعتقد أن صديقي عامر قد هذب من لغة الشباب بعض الشيء، حفاظا منه على مشاعري فاضطر أن يحرفها، إذ على الأغلب كانوا يصيحون: (غلبته شرموطة نصيريّة) لأنها العبارة الأكثر رواجا في الرسائل التي أتلقاها من مسلمين غيروين على دينهم إنهم ـ فعلا ـ لعلى خلق عظيم!
…….
في أعقاب مقابلتي الثانية على الجزيرة عام ٢٠٠٦، أجرت جريدة محلية في لوس أنجلوس مقابلة مع أحد أعضاء منظمة “كيير” الاسلامية, والمنظمة الأكثر إفلاسا أخلاقيا في تاريخ المنظمات, سؤل خلالها العضو الذكري: مارأيك بما قالته وفاء سلطان؟
فرد على الفور: وفاء علوية وليست مسلمة، والعلويون طائفة حاقدة جدا على الإسلام، وتابع يقول: هي لا تعرف شيئا عن الإسلام!
نعم، لمجرد أنني علوية أنا لا أعرف شيئا عن الاسلام!! يبدو أنني أحتاج إلى دماغ انشتاين كي أستشف البعد “الشيطاني” الذي تجسده الآية التي تقول: (وامراة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)
……
تصلني يوميا رسائل تقذفني بأبشع الألفاظ ، أهمها وأكثرها رواجا “نصيرية ملحدة وشرموطة حاقدة” نصيرية وملحدة! شرموطة وحاقدة! العلويون كلهم ملحدون، وكل الشراميط حاقدون!
لا عجب أليست هي لغة القرآن؟؟ أليس الإنسان ناتجا لغويا؟؟؟
عندما يتشرب الإنسان إلى حد الثمالة العقلية معاني الآيات التي تقول:
ان نطمس وجوها فنردها على ادبارها او نلعنه
ان انكر الاصوات لصوت الحمير
ان شانئك هو الابتر
تبت يدا ابي لهب
وامراته حمالة الحطب
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين
عندما يتشرب معانيها، لا يستطيع أن يتجاوز سلوكيا حدودها!!!
طالما تهيمن عليهم فكرة أن الله يشتم ويسخر ويشوه، يصبحون أنفسهم صورة مقزمة عن هذا الله, ولا يحرّك وصمهم للآخرين بصفات وأسماء لم يختاروها لأنفسهم، لا يحرك ساكنا في مستنقع ضمائرهم الميتة.
الدين، أي دين مهمته ان يرتقي بالإنسان في محاولة ليقرّبه من الله، أما الإسلام فلقد هبط بالإله إلى مستوى الإنسان، وليس أي إنسان، بل إلى مستوى إنسان لم يعد يملك من انسانيته إلا شكله.
………..
أول مرّة في حياتي بدأت أسمع كلمة “نصيّرية” وادرك أنهم يستخدمونها نوعا من الشتيمة كان في أعقاب
زيارة السادات لاسرائيل
قبيل الزيارة جاء السادات إلى دمشق محاولا أن يقنع حافظ الأسد بأن يرافقه في زيارته إلى اسرائيل
ولأن الاسد كان “ذكييييييييا….ذكيا جدا( !!!!!) رفض العرض!!!
بدأ الصراع عندها بين الإعلام المصري والاعلام السوري، كل طرف يتبجح أنه أكثر عروبة واسلاما.
في غمرة هذا الصراع، كان هناك برنامج يُبث من إذاعة “صوت العرب” من القاهرة بعنوان “كلمتين وبس”
للأسف الشديد كان الممثل الفكاهي فؤاد المهندس هو من يقدم ذلك البرنامج. نعم من المؤسف جدا جدا أن يسقط فنان شعبي بمستوى فؤاد المهندس في مستنقع السياسة. كانت أغلب حلقات البرنامج تدور حول الحكم “النصيري” في سوريا، ومدى خيانة “النصيرين” وكفرهم، وكان يقدمها باسلوب ساخر ووضيع! تصوروا لو كان العكس، حافظ أسد هو الذي زار اسرائيل والسادات هو من حاول أن يردعه؟
هذا من طرف ومن طرف آخر، كم هي محظوظة مصر لأنه يحكمها رجل سني وليس نصيري خائن، وإلا
كيف كانت ستصل إلى مصاف الدول العظيمة كما هي اليوم؟؟؟؟؟
……..
منذ حرب ١٩٧٣ وحتى تاريخ هذه اللحظة وهم يكتبون في كل منبر يصلون إليه (النصيريون الخونة باعوا الجولان)!!! يبدو أن الملك حسين كان أكثر وطنية فقدم الضفة الغربية والقدس هدية وترفّع عن بيعهما!!
وجمال عبد الناصر أهدى سيناء لاسرائيل وترفع ـ من منطلق وطني وأخلاقي ـ عن بيعها!! وحدهم “النصيريون” يبيعون ويشترون، ولذلك عندما تمر في قراهم تشعر وكأنك تمر في سويسرا حيث مظاهر الغنى والترف تبهرك في كل مكان!!!
……
نعم أنا علوية، وسمني إن شئت “نصيرية” ! إذ لم يعد وصمك لي أكثر أهمية من دودة علقت بنعل حذائي
أنا نصيرية….ولا أخجل أنا نصيرية….بل وأفتخر وسأشرح لك لماذا لا أخجل…ولماذا أفتخر، إذ أن لكل منهما سبب يختلف عن الآخر
لا أخجل، لأنه لم يكن قراري أن آتي إلى الحياة نصيرية، بل هو قرار كوني ـ أو الهي إذا كانت تعجبك التسمية ـ
وأنا لا أخجل من أي قرار كوني لاعلاقة لي به!
وأفتخر بكوني علوية لأنني عندما أقارن التربية التي نشأت عليها في بيت علوي بالتربية التي نشأ عليها من يوصمني بـ “النصيرية”، لسمحت لي الفروق أن أفتخر! رغم ما قد يوجد من تشابه فرضته بالقوة أكثرية لا تحترم أحدا!
شخصيا، وكل من يتابعني يعرف، أنا لا اؤمن بأي دين عندما يتعلق الأمر بعلاقة هذا الدين أو ذاك
بالله, الله يوجد في كل منا، ولذلك لا يمكن أن يرسل نبيّا ليهدينا إليه، فهو اقرب إلى وريدنا من الدماء التي تسري فيه.
نعم لا اؤمن بأي دين عندما يدّعي علاقاته الغيبية، لكنني لا استطيع أن أنكر أهمية الدور الذي يلعبه الدين
لم تكن العلوية يوما عقيدة دينية تُفرض بالقوة، بل هي طريقة حياة يعيشها الشخص بكل حرية
لا أذكر يوما فرض علي أحد في عائلتي طقسا دينيا محددا, ولا أذكر يوما كفر أحد من عائلتي أحدا، فالتكفير لا وجود له في الثقافة العلوية, نعم الثقافة العلوية، لأن العلوية ثقافة وعادات وتقاليد وليست دينا
لم أسمع في حياتي رجلا علويا يحلل نكاح المحارم، ويقول: إذا لف الرجل قضيبه بقطعة قماش يحل له أن يباشر أمه, ولم أسمع في حياتي رجلا علويا يحلل الاستمتاع بمفاخذة الرضيعة, ولم أسمع في حياتي رجلا علويا يحلل رضاع الكبير، ولا مضاجعة الميتة, ولم أسمعه يوما يفتي بنكاح “العبدة” المتزوجة غصبا عنها وعن زوجها, ولم أسمعه يوما يفتي بأكل لحم تارك الصلاة, ولم اسمعه يوما يهلل لضرب الرقاب وتقطيع الأرجل والأيدي من خلاف, ولم اسمعه يرفع الآذان طالبا من الله أن يدمر النصارى واليهود، ولا أية طائفة أخرى
وحدهم، نعم وحدهم من يشتمنونني بالـ “نصيرية” يفعلون ذلك!!
 أعزائي القرّاء:
أرجو أن تتابعوني لاحقا لكي تتبلور الصورة كاملة، فالبوست طويل واضطررت أن أنشره على دفعات.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، أريدكم أن تستمتعوا بالصور، وتتأملوا بها مليا، لأنها ـ صدق أو لا تصدق ـ ترتبط ارتباطا وثيقا بالفكرة التي أريد بلورتها، وسترون ذلك جليا في البوستات اللاحقة.
شكرا لكم

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

4 Responses to نعم أنا علوية وأفتخر

  1. جابر says:

    صدقت ايتها المتنورة وفاء . الاسلام هو الدين الوحيد في العالم والذي يشتم ويسيء الى كل الديانات الاخرى السبب بسيط ان كان اله الاسلام ونبي الاسلام يفعل ذلك هم يتبعون القدوة أسوة بالمثل الشائع ان كان رب البيت بالدف ضاربا

  2. Mokhles khatib says:

    اختي العزيزه الدكتوره وفاء
    يا لها من صدفة عظيمة اهدتني إليك اذ انني وجدت من يشاركني
    في ثورتي التي اعلنتها منذ أدخلني والدي عند سيد لأكون عبداً له وأنا لم أتخطى الرابعة عشرة
    أسئلتي وانتقاداتي لهذا الدين الذي قزم الاله لم تدع لي صاحب وعزائي الوحيد ان أولادي تأثروا باراءي ورفضوا ان يكونوا عبيد
    ما يوءلمني جداً ان معظم النساء العلويون ما زالوا يصدقون ان هذا قدرهم
    اختي وفاء ثورتك ستتمدد شكراً لك والتكنولوجيا التي تساعد في نشر الحقيقة والمعرفة
    لك بأخلاص
    مخلص الخطيب

  3. Bader Rammal says:

    لماذا أطباء النفس يحبون اليهود ويكرهون المسلمين؟ بما أن جميع الكتب السماوية أدانت اليهود بصفتهم قتلة الأنبياء، لذا كان لزامأ على اليهود إيجاد بديل عن الكتب الدينية للتخلص من الخزي السماوي الأبدي، فأخترعوا علم النفس وأصبحت صناعة يهودية بإمتياز كل نظرياتها وخزعبلاتها تحمل أسماء يهودية. الهدف هو وصف بقية الشعوب الغير يهودية بأنها تعاني من أمراض عقلية وتحتاج علاج على أيدي أطباء النفس اليهود، فالمسلم الذي يقرأ في القرآن أن الله قد مسخ اليهود الى قردة وخنازير، والمسيحي الذي يقرأ في الإنجيل أن المسيح وصف اليهود بأبناء أبيهم الشيطان، كل هؤلاء المسلمين والمسيحيين يحتاجون الى الذهاب لأطباء النفس اليهود لكي يعالجوهم من أمراضهم العقلية!!…جابر طلب مني عدة مرات أن يعالجني

  4. جابر says:

    عندما يفلّس التاجر يبحث عن أوراق قديمة وهذا حال المسلمين عندما تنتقدهم يرجعون الى التوراة ويتحدثون عن حوادث القتل والاغتصاب وعندما تنفخ في آذانهم المتحجرة وتقول لهم اليهود في الوقت الحاضر اعتمدوا العلمانية وحقوق الانسان يرجعون ويقولون قتلة الأنبياء لو المسلمين يتصرفون مثل اليهود في الوقت الحاضر ما كنّا ننتقدهم المشكلة ان المسلمين لا زالوا يطبقون ما ورد في كتبهم وسيرة نبيهم الى الان من قتل وسب الآخرين انظروا الى ممارساتكم ضد المسيحيين واليهود في دولكم الاسلامية وقارنوها بممارسة المسيحيين معكم وهنا تجد الفرق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.