وفاء سلطان
ماتعريفك للأخلاق؟!!
أعرّفها، باختصار شديد جدا، على أنّها الإلتزام بحدود ما بُغية حماية الحياة والعمل على تحسين نوعيتها.
يتضمّن تعريفي لها ثلاثة محاور: الإلتزام، الحدود، والحياة.
الإلتزام: هو السلوك الذي تمارسه.
الحدود: هي البوصلة التي ترشد السلوك وتقيّده.
الحياة: هي الغاية التي تقصدها.
أهم تلك المحاور على الإطلاق هو الغاية، فلو لم يكن هناك غاية لن يكون هناك سلوك ولن نحتاج إلى وضع حدود لتقيد ذلك السلوك.
لا تستطيع أن تبني لأيّ مجتمع بشري نظاما أخلاقيا مالم تقنعه أولا بقدسيّة الغاية التي يسعى من أجلها عندما يطبق ذلك النظام، وتبقى الحياة كقيمة أقدس الغايات!
المجتمع البشري الذي لا يرى في الحياة قيمة مقدسة لن يكون مجتمعا مبنيّا على أسس أخلاقية.
والحياة كقيمة تشمل تحت لوائها كلّ البشر دون تمييز بين أحد وآخر.
عندما يؤمن الإنسان بقدسية الحياة ويقدر حقه وحقّ غيره في أن يحيا، لا بدّ وأن يسعى لاحقا لتحسين نوعية تلك الحياة.
المجتمعات التي لا توفر لأهلها حياة تليق بهم، هي مجتمعات في أصلها لا تحترم حقّ الحياة.
لن تفرّط في شيء قبل أن تفقد إيمانك به كقيمة، وبالتالي لن تفرّط في الحياة مالم تفقد إيمانك بها كقيمة.
التدهور الرهيب الذي أصاب المجتمعات الإسلامية في كل جوانب الحياة يعكس مفهوم تلك المجتمعات للحياة كقيمة.
ولكي تتناول ذلك التدهور بعين الباحث عن أسبابه وطرق علاجه لا بدّ وأن تعرّج على مفهوم الحياة في الإسلام، باعتبار التعاليم الإسلامية هي المصدر الوحيد للمعرفة في تلك المجتمعات.
عندما يتعامل الإنسان مع الحياة كقيمة مقدسة لا بدّ أن يلتزم بحدود تحرّم تحريما مطلقا إنتهاك حرمة الحياة، وهذا ما افتقر إليه الإسلام.
الحياة ملك لخالقها، ولا يمتلك مخلوق حق التطاول على مالا يملكه!
لم يحرم القرآن، كأهم مصادر الشريعة الإسلامية، القتل تحريما مطلقا بل أباحه في حالات أطلق عليها “الحق” عندما قال: إلاّ بالحق!
والحقيقة الدامغة هو أنه لا يوجد حق يلغي حقا، وخصوصا عندما يكون الحق الذي نلغيه هو سيّد الحقوق، ألا وهو حقّ الحياة!
لو عدنا إلى الشريعة الإسلامية وبحثنا في تلك الحالات التي يعتبرها القرآن وتعتبرها الأحاديث حقا يلغي حق الحياة لأدركنا بسهولة أسباب تدهور الحياة كقيمة وكنوعية في المجتمعات الإسلامية.
يكفي أن أذكر حديث محمد المنقول عن سعد بن الخدري “إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما” كمثال على تفاهة السبب الذي يبرر انتهاك الحياة كحق وكقيمة!
لست هنا بصدد الخوض في تلك الحالات ولكن قراءة شاملة للآيات التي تبيح القتل والقتال وتلك التي تتحدث عن الحياة الدنيا، تعطيك فكرة واضحة عن استهتار الإسلام بالحياة كقيمة!
يحتج البعض بادعاءاتهم إنها آيات جاءت في سياقها التاريخي!
ليس للدين، كشريعة إلهيّة، سياق تاريخي وإلاّ لأنتهى مفعوله في اللحظة التي ولد فيها!
بغض النظر عن كل الأحداث التاريخية التي يتبجّح بها البعض دفاعا عن وحشية تلك التعاليم، تبقى اللغة المستخدمة فيها لغة عنيفة لا تقيم للحياة وزنا.
أبّان الثورة الفرنسية وأحداث المقاصل، يُروى أنهم كان يغمضون عيون الرجال المسؤولين عن رمي المقصلة فوق الرقاب، وكانت حجتهم في ذلك أن لا يدمنوا القتل من خلال ممارسته.
لأنك عندما تدمن سلوكا معينا لن تتورع عن ممارسة ذلك السلوك عندما يتطلب الأمر أن لا تمارسه.
ولذلك كانت اللغة العنيفة المستخدمة في آيات القتل والقتال وفي وصف الحياة الدنيا السبب الرئيسي الذي يكمن وراء استهتار المسلم بالحياة كقيمة، ومع الزمن أدمن الإستهتار فامتد ذلك الإدمان ليشمل حياته هو نفسه!
قاتلوا….اقتلوا…احصروهم…اقطعوا الأيدي والأرجل من خلاف…اضربوا الرقاب…اضربوا فوق الأعناق…اضربوا كل بنان…شدوا الوثاق…أثخنوا الجراح…
حفرت تلك اللغة، وعلى مدى أربعة عشر قرنا من الزمن، خنادق لها في عمق اللاوعي عند الإنسان المسلم، ومن هناك صارت تتحكم بحياته وقراراته وسلوكه.
………………
في الطائرة من عمّان إلى نيويورك جاورتني سيدة لبنانيّة متقدمة في السن، راحت تتصفح كتابا بعنوان “عشّاق العرب”. يبدو من خلال غلافه المهترئ وأوراقه الصفراء أنه من مخلفات أبي زيد الهلالي، وقد ورثته السيدة عن جدّها العاشر.
شدني العنوان فاستأذنتها أن تعيرني الكتاب لبعض الوقت، قدمته لي وهي تبتسم وتدردش: لا يوجد أجمل من العشق عند العرب، أنا متأكدة بأنك ستستمتعين به!
غرقت بين صفحاته، كعادتي عندما أتصفح كتابا، ورحت أبحث في ثناياه عن حكايا العشق ودموع العشاق فأذهلني ما وجدت!
وجدت نفسي اُحصي كم مرّة وردت عبارة “فاستل سيفه وقطع رأس غريمه”، ومن شدّة استغرابي توقفت عن العدّ قبل أن أصل إلى نهايته!
عندما يُدمن الإنسان لغة العنف لدرجة يرى في عبارة “فاستلّ سيفه وقطع رأس غريمه” عشقا ممتعا، يجب أن ندرك بأن الحياة، وفي أجمل لحظاتها، قد فقدت قيمتها لدى ذلك الإنسان!
تساءلت في سرّي: ألم يلعب ذلك الإدمان دورا كبيرا في الحرب الأهلية في لبنان؟!!
عندما نرى في قطع الرؤوس عشقا ممتعا، كيف سنستهجن أن يقتل الجار جاره بناء على دين هويته؟!!
وكيف سنستهجن أن يقتل الأخ أخيه عندما يختلف معه على أمر تافه؟!!
ناهيك عن قتل “الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بدين الحق…..”!!
أين هي قيمة الحياة في ثقافة تعتبر قطع الرؤوس عشقا ومتعة؟!!
ألم تبنى تلك الثقافة على ما جاء في القرآن ككتاب لم يقرأ المسلمون غيره على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن؟!
ألا تمتد جذور تلك الثقافة لتصل إلى قول محمد: للقاتل سلبه!
أي ثقافة تلك التي تمنح القاتل حق السلب؟!! أية ثقافة تلك التي تجعل السلب حقا؟!! وأين قيمة الحياة في ثقافة كتلك؟!!
استهتر القرآن بالحياة فادّعى أنها مجرّد متاع الغرور بل هي لهو ولعب، وأصرّ على أن من يطلب حرث الحياة لن ينل حرث الآخرة ومن يطلب حرث الآخرة عليه أن يتنازل عن حرث الحياة:
وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ…
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور….
مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ…
أساءت تلك الثقافة إلى مفهوم الحياة ووصمتها بتعابير قتلت لدى الإنسان رغبته في تحسين نوعيتها، ولذلك لم يستطع الإنسان المسلم أن يتجاوز بدائيّة حياته بكل ما فيها من قحط وشظف العيش.
استهتر المسلم الذي وقع ضحية تلك الثقافة بالحياة كقيمة ولذلك لم يسعى إلى تحسينها، وما نراه من إنحطاط وإنحدار في مستوى حياته اليوم ليس إلا نتيجة حتمية لذلك الإستهتار.
في المجتمعات التي تعطي الحياة قيمة، سعى الإنسان بكل جهده لتحسين نوعية الحياة، وكان قادرا على الإرتقاء بها من بدائيتها إلى مستويات لم تكن يوما في حسبانه.
في زيارتي الأخيرة لسوريا كان لأهلي جارا وكان لذلك الجار ولد مشلولا من نصفه السفلي.
رأيته يزحف على مؤخرته ويديه في شوارع الحارة وقد أكل اسفلت الشارع من كفيه وجسده بطريقة تقطر القلب دما.
لا أحد يكترث، والمنظر يبدو مؤلوفا للغاية!
لقد فصلتني عن ذلك المشهد يومها أربعة عشر عاما قضيتها في أمريكا قبل تلك الزيارة.
علمتني تلك السنوات قيمة الحياة، وبالتالي لم أعد أحتمل إهانة الحياة بذلك الشكل المريع!
بكيت وضحك الجميع على بكائي!
بكيت لأنني أعتبر الحياة قيمة، ففي أمريكا يقود كل المعاقين عربات تتلائم مع حاجاتهم ونوع عاهاتهم، وإذا مرّ المعاق بعربته على رصيف ولم يجد فيه انحدارا كي ينتقل إلى جهة أخرى من الطريق يقيم الدنيا على بلدية المدينة ولا يقعدها!
في حيّنا كان لي جار مشلول من قمة رأسه حتى أخمص قديمه، وكان مدربا ليقود عربته الخاصة بشفتيه وفمه ويعيش حياة تليق بالإنسان مهما كان عاجزا!
أليس الإختلاف في مفهوم الحياة هو السبب في إختلاف نوعيتها؟!!
لو اعتبر الأمريكي حياته مجرد لهو ولعب ومتاع إلى حين، هل استطاع أن يسمو بتلك الحياة إلى ذلك المستوى الذي يليق به كإنسان؟!!
…….
كنت أتصفح مجلة علميّة منذ حين، قرأت نبأ مفاده أن عالما استراليّا قد توصل إلى اختبار جديد يستطيع بواسطته أن يكشف عن سرطان الثدي عند المرأة في مراحله الأولية وقبل أن يستفحل.
الإختبار في غاية البساطة ولا يتطلب إلا شعرة من شعر العانة، فلقد دلت الدراسات على أن أورام الثدي السرطانية عند المرأة تفرز في بداياتها ذيفانات تساهم في تخريب البناء التشريحي للشعرة والذي يبدو واضحا تحت المجهر، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا شعرة من العانة؟
يجيب العالم الاسترالي على ذلك السؤال بقوله: لأن شعر العانة لا يتعرض عادة للمواد الكيميائية المتواجدة في مستحضرات صبغ الشعر والشامبو والتي تساهم بدورها في تخريب بناء الشعرة، ولذلك عندما نستخدم شعرة من العانة تكون مصداقية الإختبار أعلى بكثير.
النقطة الأهم في ذلك النبأ هو ما صرح به العالم نفسه: “أنا اليوم في منتهى السعادة لأنني توصلت إلى اختبار قد يساهم في إنقاذ حياة ملايين النساء في بلدان العالم الثالث. لن يتطلب الأمر جهدا كبيرا أو مالا كثيرا، بل شعرة تضعها المرأة في ظرف وترسلها بالبريد إلى أي مخبر مجهز بمجاهر تستطيع أن تكشف التخريب الذي أحدثته الذيفانات السرطانية فيها”.
لو خضع ذلك العالم إلى ثقافة برمجته على أن الحياة مجرّد متاع إلى حين أو مجرد لهو ولعب، هل كان قد ضحى بوقته وجهده محاولا أن ينقذ ملايين النساء في مجتمعات لا تشتري حياتهن بفلس أكله الصدأ؟!!
أليس ما حرثه ذلك العالم في الحياة الدنيا هو ما سيحرثه في حياة الآخرة، لو افترضنا وجود آخرة!
أي إله ذاك الذي سيكافئ القرضاوي لأنه اغتصب طفلة بعمر حفيدته تحت اسم النكاح على سنة الله ورسوله، ولأنه يحرض على القتل في كلّ كلمة يتشدق بها، سيكافئه بجنات خالدات يتكئ فيها على الأرائك وغلمان تسرح وتمرح لتخدمه بإشارة من بنانه، ثمّ يزجّ ذلك العالم في نار وقودها الحجارة والناس أعدت له وللمشركين؟!!
من سنيقذ تلك الأمة المغلوبة على أمرها من ذلك الجحيم العقلي الذي لم يخلف سوى نارا ورمادا؟!!
عندما تسقط الحياة من ثقافة أمة كقيمة، بل كأغلى القيم، تسقط معها الأخلاق وتضيع عندها الحدود!
لماذا أحتاج لوضع حدود عندما لا اؤمن بالحياة كقيمة، ولماذا عليّ أن التزم بتلك الحدود طالما لا تساهم في الحفاظ على الحياة كقيمة ولا تساهم بالتالي في تحسين تلك الحياة.
طالما الحياة مجرد لهو ولعب، لماذا نحتاج إلى حدود ولماذا علينا أن نلتزم بتلك الحدود؟!!
………………….
ما معنى الإلتزام؟!!
الإلتزام هو القدرة على ضبط النفس، لا يستطيع الإنسان أن يلتزم بحد مالم يكن قادرا على ضبط نفسه وكبح جماحها، وبالتالي منعها من تجاوز ذلك الحدّ.
لا تسرق عندما تكون قادرا على ضبط نفسك…
لا تزني عندم تكون قادرا على ضبط نفسك…
لا تكذب عندما تكون قادرا على ضبط نفسك…
لا تغضب عندما تكون قادرا على ضبط نفسك..
لا تقتل عندما تكون قادرا على ضبط نفسك…
باختصار، لا تسيء إلى الحياة كقيمة ولا تستهتر بنوعيتها عندما تكون قادرا على ضبط نفسك. فضبط النفس هو الأخلاق برمّتها!
لقد وضع علماء الإجتماع للإنسان تعاريف كثيرة ميّزته عن الحيوان، منها على سبيل المثال لا الحصر: حيوان اجتماعي….حيوان ناطق…حيوان عاقل الخ.
لكنني لا أجد في قاموسي تعريفا يميّزه عن الحيوان أفضل من أنه حيوان قادر على ضبط نفسه!
ضبط النفس ميّزة ليست موروثة وإنما مكتسبة، يكتسبها الإنسان من تربيته ومن القائمين على تلك التربية.
السيرة الذاتية لنبي الإسلام والتعاليم الذي خصّت الرجل المسلم جرّدت ذلك الرجل من قدرته على ضبط نفسه.
لقد اعتبر الإسلام الحياة مجرد متاع إلى حين وطلب من أتباعه أن لا يسعوا إلى حرثها، لكنه في الوقت نفسه لم يضع لأتباعه من الذكور حدا لإشباع رغباتهم من ذلك المتاع، وفي ذلك تناقض يندى له الجبين!
تبقى غريزة الجنس من أقوى الغرائز التي يفترض بالإنسان أن يهذبها ويكبح جماحها كي يتميّز عن الحيوان، ويتطلب ذلك الأمر قدرة كبيرة على ضبط النفس؟!
فهل زوّد الإسلام ذكوره بتلك القدرة؟!!
انكحوا ما طاب لكم من النساء…..أوما ملكت أيمانكم!
أين الفرامل الأخلاقية التي على الرجل المسلم أن يكبحها في تلك الآية طالما يحق له أن ينكح ما ملكت يمنه؟!!
يستطيع ملك السعودية أن يشتري نساء دولة مسلمة بكاملها، فهل يحق له أن يكنح ما ملكت يمنه بلا ضوابط؟!!
ما قيمة حياة المرأة عندما يعتبرها الإسلام مما ملكت اليمين؟!!
أحد المفلسين فكريّا وأخلاقيا ردّ على إحدى مقالاتي بقوله: لو كنت تفهمين ما تقرأين لأدركت بأن اعتبار الإسلام للمرأة ناقصة عقل هو إكرام لها؟!!
من يدري، قد يخرج عليّ مفلس آخر ليقول: يعتبر الإسلام المرأة مما ملكت اليمين إكراما لها، لكن وفاء سلطان لا تفهم ما تقرأ؟!! ولذلك تجنبا لفضح المزيد من هؤلاء المفلسين لن أناقش تلك النقطة الآن.
لكن يحق لي أن أتساءل: كيف يتعلم رجل أن يضبط نفسه عندما تبرمجه ثقافته على أن ينكح ما هبّ ودبّ من النساء بلا تحديد؟!!
عندما يفلت من يد الإنسان زمام نفسه في أيّ أمر، لن يكون قادرا على الإمساك به في أمور اخرى.
فالرجل الذي لا تضبطه حدود عندما يطلق عنان شهواته الجنسية، لن يستطيع أن يضبط نفسه عندما تراوده تلك النفس على أن يسرق…أو يقتل…أو يغضب.. أو يؤذي.. أو ينتهك أيّ حد من حدود الأخلاق!
ولذلك استشرى الفساد على كلّ الأصعدة في مجتمعات لم تعلم ذكرها متى وكيف يربط عقدة سرواله!
لو كان للحياة قيمة في الإسلام لما أباح لأتباعه الذكور الإستهانة بالزواج إلى ذلك الحد.
لقد سقط الإسلام بالزواج إلى مستوى النكاح، واعتبر العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة “ما طاب”، دون أن يأخذ بعين الإعتبار ما قد يترتب عن تلك العلاقة من مسؤولية لا يمكن لرجل أن يقوم بها على المستوى الأفضل.
فلو افترضنا أنه نجم عن نكاح كل واحدة مما ملكت يمنه طفل، ما مسؤوليته أمام هذا الجيش من الأطفال؟!!
كيف يستطيع أن يكون مسؤولا في تلك الحالة عن حياة كل طفل من أطفاله كقيمة، وأن يسعى لتحسينها كواجب أبوّي مقدس؟!!
إذا كان قادرا على أن يوزع نطافه وأمواله بالعدل، هل هو قادر على أن يوزع ابوته بالعدل؟!!
هل النطاف والأموال هي كلّ ما يتطلبه الزواج ليكون عادلا وأخلاقيا، أم أن هناك متطلبات أقدس وأهم تخصّ الحياة كقيمة وتهتم بتحسين نوعيتها؟!!
قرأت منذ فترة قصة قصيرة شارك بها أحد القرّاء في أحد نواد النت وقد أقسم بصحة ما جاء فيها، وليس هناك من داعي كي نشك في مصداقية راويها فالقصة مألوفة في كل المجتمعات الإسلامية.
يقول الراوي: كنت أسير في أحد شوارع دمشق فمررت أمام هاتف عمومي وإذ بامرأة تركض باتجاهي وتصيح: أتوسل إليك يابنيّ أن تساعدني!
فتوقفت وسألتها عن نوع المساعدة، قالت: أريدك أن تتصل بهذا الرقم وستردّ عليك سيدة، اطلب منها أن تتحدث إلى أبي عمر وعندما يردّ أبو عمر قل له ابنه عمر في مستشفى المواساة يعاني من نوبة ربو خطيرة وتوسل إليه أن يزوره في المستشفى، قل له لا نحتاج إلى ماله بل إلى بعض من وقته ورحمته.
فسألت: من هي هذه السيدة التي سترد على الهاتف؟
قالت: امرأة تزوجها منذ فترة وتركني مع أولادي الثمانية، يزورنا بين الحين والآخر وعندما يغيب لا تسمح له أن يردّ على الهاتف.
لم يفعل أبو عمر شيئا يخلّ بشريعته، فلو أخذت تلك الشريعة بعين الإعتبار حقوق عمر كطفل وقدّرت حياته كقيمة لعلمت والده كيف يضبط نفسه ويكبح جماح فرامله الجنسية. ولما عجزت تلك الشريعة عن فعل ذلك أسقطت عن أبي عمر ما يميزه عن الحيوان ألا وهو القدرة على ضبط النفس.
قد يكون أبو عمر منصفا عندما قسّم نطافه وأمواله بين زوجتيه، من يدري؟! وبذلك التزم بحدود شريعته، لكنه لم يلتزم بحدود اُبوّته التي تفرض عليه أن يكون إلى جانب طفله وهو يحتضر!
الحدود التي رسمتها تلك الشريعة ليست حدودا أخلاقية لأنها لم تأخذ الحياة كقيمة ولم تفرض على الرجل أن يهتمّ بتحسين نوعيتها. لكن الحدود الأبوية التي يجب على أي أب أن يلتزم بها، والتي تجاهلتها الشريعة الإسلامية، هي حدود أخلاقية فهي تحترم الحياة كقيمة وتسعى إلى تحسين نوعيتها.
ليس كل حد هو حد أخلاقيّ! فالحد الذي لا يتعامل مع الحياة كقيمة هو ليس حدا أخلاقيا. تقاس القدرة على ضبط النفس بمقدار ما يستطيع الإنسان أن يلتزم بتلك الحدود الأخلاقية وليس بحدود لا علاقة لها بالأخلاق.
أن توزع نطافك بالتساوي ليس حدا أخلاقيا، ولكن أن توزع نطافك بعقلانية تأخذ بعين الإعتبار مسؤولية ما قد ينجم عن ذلك التوزيع هو الحدّ الأخلاقي الذي يجب على الرجل أن يلتزم به.
يحكى أن لاسامة بن لادن أكثر من ثلاثين أخا وأختا وكلهم من أب واحد، كم من الوقت قضى كل منهم مع والده، وهل نال أحد منهم ما للإبن من حقوق على أبيه؟!!
هل يعرف ملوك وامراء وأغنياء الإسلام كل أولادهم، وهل يساهم الواحد منهم في تربية كل ولد على حدة، أشك في ذلك؟!!
لم يعط الإسلام للطفل أية قيمة، اعتبره ملكية ولم يعتبره مسؤولية، وإلا لكبح شهوات والده الجنسية وهذبها بطريقة أكثر قبولا.
…………..
نجلاء ابنتي الأصغر وهي الوحيدة من ملائكتي الثلاث التي ولدت في أمريكا، أحسدها عندما أنظر إليها وإلى الفرح الذي يشعّ من عينيها.
في طفولتها كانت كثيرة الحركة، وبالتالي كثيرة الوقوع والجروح. لا أكاد ازيح عيني عنها لحظة حتى تقفز من مكان إلى آخر ثم تبدأ بالصراخ لأنها وقعت أو اصطدمت بشيء. وكنت استقبل بكائها بهدوء: “اعطيني ايدو…ايدو حتى بوسا”. وكانت على الفور تمد يدها فأطبع قبلة عليها وينتهي الأمر.
نجلاء اليوم في سنتها الجامعية الثانية وهي أصغر بعامين من طلاب صفها، ويبدو أن ضغوط الدراسة قد أثقلت كاهلها الغضّ. عندما تعود من الجامعة وأفتح لها الباب تمدّ يدها، وبعربيتها المحببة إلى قلبي تقول: “إيدو…إيدو بوسا”، فأطبع قبلة على يدها.
نجلاء تظن أنها تمزح معي وأنا أداعبها على أنّ الأمر محض مزاح، لكنني على ثقة بأن لعبة “القبلة على اليد” أعمق من ذلك بكثير.
في اللاوعي عند نجلاء استقرت قناعة تربط بين قبلة أمها على يدها وبين إحساسها بالراحة. كانت قبلتي في طفولتها تداوي جروحها وهي اليوم تخفّف ضغوطها.
كانت نجلاء في المرحلة الإبتدائية عندما رحت مرّة “أبحبش” في حقيبتها المدرسية كي أتفحص ما فيها.
عثرت على دفتر الإنشاء وفيه كانت المعلمة قد أعطتهم موضوعا حول “الصفات التي تحبها في عائلتك”.
أسهبت نجلاء واستفاضت، لكنّ عبارتها ” أشعر بالأمان عندما أتواجد مع عائلتي” كانت ما أثار دموعي!
أشعر بالأمان!
متى يعي الإنسان المسلم أهمية أن يشعر طفله بالأمان، فالخوف من الغد يقتل لدى الطفل رغبته في أن يحيا كي يرى الغد؟!!
كيف يشعر بالأمان طفل ينازع الموت بعيدا عن والده الذي يغرق في نكاح امرأة أخرى؟!!
كيف يشعر بالأمان طفل يعرف بأن والده يقضي الليلة في بيت آخر وفي حضن امرأة غير أمه ويعتني بطفل غيره؟!!
كيف يشعر بالأمان طفل لا يجد لنفسه موقع قدم في بيت يعجّ بالأطفال؟!!
لا يشعر الطفل بالأمان إلاّ عندما يكون على يقين من أن والديه قادرين على حمايته من كل ما يهدد ذلك الأمان.
يستمد الطفل قوته من قوة المحيطن به، ولذلك لا يبلغ إيمانه بنفسه سوى مدى إيمانه بوالديه.
كنت أقرأ مؤخرا مذكرات رجل أمريكي حيث كتب: كان طفلي البالغ من العمر ثمانية سنوات يساعدني في أعمال الحديقة. سألته: لماذا لم تزح تلك الصخرة من هنا، فرد: لم أستطع!
سألته: هل استخدمت كل امكانيتك، فرد طفلي: نعم!
قلت: هذا ليس صحيحا، كنت أقف بجانبك ولم تسألني كي أساعدك على إزاحتها!
أراد الرجل أن يُشعر طفله من خلال تلك المحادثة بأنّ إمكانياته هي استمرار لإمكانيات والده. أراد أن يقنعه بأن وجوده إلى جانبه هو مصدر يستطيع أن يستمد منه قوته.
عندما يغيب الرجل المسلم عن البيت بحجة رغبته في توزيع نطافه بالتساوي لن يكون قادرا على أن يُقنع طفله بأنه مصدر من مصادر إحساسه بالأمان.
يستمد الطفل خوفه من البيت الذي يعيش فيه، ويقتل الخوف عادة لدى الطفل كل حلم وكل أمل وكل رغبة في أنا يحيا ليرى غده.
ليس المال هو الشرط الوحيد لإحساس طفلك بالأمان، فالمال لا يغني عن وجودك في حياة ذلك الطفل. تواجدك إلى جانبه، لغتك، مفاهميك والطريقة التي تتعامل بها معه هي وحدها التي تمنحه إحساسا بالأمان.
كان أبي رجلا ميسورا ولم تضنّ عليّ الحياة في طفولتي. لكن جدتي ـ كسيدة البيت الأولى ـ سربلتني بالخوف!
كانت تعجن مع كل فجر، ثم تقرّص عجينها وتأخذه إلى فرن حيّنا، وعندما تعود تسبقها رائحة الخبز الطازج إلى البيت، فنركض نحن الأطفال نحوها وآيادينا الغضة تمتد باتجاه طبق الخبز.
لا أذكر بأنني أكلت يوما خبزا طازجا!
تدفعنا وهي تقول: ليس قبل أن تأكلوا فتات الخبز البايت كي لا أضطر أن ألقيه في سلة القمامة.
وعندما نحتج ترّد على احتجاجنا بقولها: تحمّدوا الله على نعمه، لا تتكبّروا عن أكل الخبز البايت، سيأتي يوم لا تجدون فيه “شدقا” تأكلوه. ثمّ تبدأ العزف على سيمفونية “سفربرلك”:
– أيام “سفربرلك” كنت وأمي نتقفى آثار البغال التركية كي نبش بعيرها بحثا عن حبات الشعير!
في أمريكا، عندما أدخل الماركت يقودني اللاوعي المبرمج على الخوف من أن يأتي “سفربرلك” ولا أجد بغلا تركيّا أنبش في بعيره عن حبات الشعير فأجد نفسي دائما في قسم الأخباز، علما بأنني لم أتناول الخبز منذ سنين فنظامي الغذائي يكتفي بنشويات كعكة الصباح!
……………..
عندما يمارس الإنسان الجنس عليه أن يكون قادرا على تحمل مسؤولية ما ينجم عن تلك الممارسة. الطفل هو أهم وأقدس ما قد ينجم، وهو الذي يمنح تلك العلاقة قدسيتها.
لا يوجد آية قرآنية واحدة تطلب من الآباء أن يحسنوا تربية أولادهم، بل على العكس أصرّ القرآن على أن الأولاد مجرد متاع وزينة كما هو المال بالضبط!
لقد حشر القرآن الأولاد مع الأموال في نفس المستوى وصنفهما على أنهما مجرد زينة الحياة الدينا، بل وذهب أبعد من ذلك عندما حظّر من أن يكون الأبناء والأموال فتنة تلهي الرجل عن واجباته الدينية.
هل يعقل أن يكون الوقت الذي تصرفه مع طفلك بنفس قيمة الوقت الذي تصرفه وأنت تتدبر أموالك؟!!
أية عبادة أقدس من أن تعتني بطفلك؟!! أيّ إله ذاك الذي لا يقبل إن يصرف الرجل من وقته على أطفاله أكثر مما يصرف على عبادته؟!!
هل يعقل أن تتساوى مسؤوليتنا أمام أولادنا من حيث الأهمية مع مسؤولياتنا تجاه أموالنا؟!!
ليست الأموال مقياسا لأخلاقنا، ولكن مما لا شكّ فيه أن سلامة أولادنا النفسية والعقلية هي المقياس الأصح الذي يعكس مستوى أخلاقنا.
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا….
اعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ
يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه
لي صديقة ايرانية، كلما ذكرت والدها تبكي بمرارة. مرّة كنّا نناقش العادات الإسلامية، وكانت تشكو إليّ من فقدان العلاقة الابوية الدافئة بين البنت ووالدها في العالم الإسلامي. قالت لي بأنها لا تذكر يوما واحدا تحدثت به إلى والدها ناهيك عن ضمة إلى صدره أو قبلة على جبينها فقد كان زوجا لثلاثة نساء وأبا لجيش من الأطفال. ومع هذا، تبكي كلما ذكرته والسبب هو ذكرى جميلة ووحيدة تحتفظ له بها.
قالت سيما: كنت مسؤولة في البيت عن تنظيف المطبخ وتلميع الأواني المصنوعة من الألمنيوم على وجه التحديد. مرّة غسلت الطناجر ولمعتها بالإسفنجة الخاصة بها وبدأت أنقلها إلى الشرفة كي تجف في الهواء الطلق، وإذ بوالدي يقف بجانبي ويضعه يديه على خاصرتيه ويقول: سلّم الله يديك، لقد أحسنت تلميعها!
وتتابع سيما:
كنت يومها في عامي الثالث عشر، ولقد خسرت والدي بعد تلك الحادثة بقليل إثر حادث سيارة، لا أستطيع أن أذكره إلا من خلال تلك العبارة. أشكر الله، هذا كل ما تركه والدي لي من ورثة، وأنا مدينة له بها. خرجت إلى الحياة لا أجيد سوى غسل الأواني، وأترحم عليه في كلّ مرة أغسلها.
…………………….
عندما يكون المقياس الوحيد لكبح جماح رغبة الرجل الجنسية هو مستوى تلك الرغبة “ما طاب لكم” كيف سيكون الرجل مسؤولا عن كل طفل يأتي كثمرة لتلك الممارسة غير المضبوطة وغير المقوننة!
ما الغاية من الزواج؟ وهل يتزوج الرجل فقط لإشباع حاجته الجنسية؟!!
الزواج هو شركة تحترم حقوق، وتهدف إلى تأمين حاجات، كل طرف في تلك الشركة بما فيهم الزوجان والأطفال الذين يأتون إلى الحياة كثمرة لتلك الشركة. عندما لا تراعي تلك العلاقة حقوق وحاجات كل طرف على حدة تفقد شرعيتها وأخلاقيتها.
هذا من جهة ومن جهة أخرى، لا يستطيع الإنسان أن يتطور أخلاقيا إلا من خلال علاقاته مع الآخرين، ولا تستطيع علاقة أن تسمو بالإنسان أخلاقيا أكثر مما تستطيع العلاقة الزوجية.
العلاقة الزوجية تضع المرء أمام تحديات صعبة، ومن خلال مواجهة التحديات يكتسب الإنسان القدرة على ضبط النفس وبالتالي القدرة على الإلتزام بالحدود الأخلاقية.
تعالوا نتأمل معا في ذلك الحديث: عن ثابت البناني قال: (كنت عند أنس وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها فقالت: يارسول الله ألك بي حاجة؟
فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها وا سوأتاه….وا سوأتاه!
فردّ عليها والدها أنس: هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها!)
ما القيمة الأخلاقية من ذلك الحديث؟!! ما هو الدرس الأخلاقي الذي علّمه أنس لابنته عندما قال لها: هي خير منك لأنها رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها؟!!
على أي أساس تعرض امرأة نفسها على رجل متزوج، وهل يندرج ذلك العرض تحت لواء الزواج؟!!
القرآن لم يترك امرأة إلا وحللها لمحمد، وكي لا تفلت امرأة واحدة من ذلك التحليل ختم الآية بقوله: “وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها…..”
فالشرط الوحيد الذي قيد نكاح محمد للنساء في هذا التحليل المطلق هو “إن أرادها”، خوفا من أن يلتزم بامرأة وهبت نفسها ولم يشته عليها!
ثمّ ما بالك أن تهب امرأة متزوجة نفسها له، هل يحلّ له أن ينكحها إن أرادها فالآية لم تستثن المرأة المتزوجة؟!!
كان ذلك واضحا في نكاحه من زينب زوجة ابنه بالتبني، والتي قرر أن ينكحها في نفس اللحظة التي رآها بها عارية عندما كشفت الريح باب خيمتها وكشفت معه عدم قدرة محمد على ضبط نفسه!
عبر التاريخ الإسلامي لم يستطع المسلم أن يضبط النفس أكثر مما استطاع نبيّه، فالإنسان يستمد قدرته من الشخص الذي يلعب دور المثل الأعلى في حياته.
عندما لا يجيد نبيّ سوى قرع الطبل لن يجيد أتباعه سوى هزّ الخصر!
كيف سيلتزم أتباع دين بحدود لم يلتزم بها نبيهم واسوتهم؟!!
عن عائشة قالت: إذا كانت إحدانا حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت: وأيكم يملك اربه كما يملك النبي صلى الله عليه وسلم إربه؟
ما الحكمة من أن يحلل محمد لنفسه أن يضاجع زوجته الحائض ويحرّم ذلك على أتباعه؟!! وما الحكمة الإلهية من أن يملك محمد إربه بينما لا يحق لغيره أن يملكه؟!!
مادام محمد اسوة لغيره كان عليه أن يلتزم بالحدود التي طالب أتباعه بالإلتزام بها؟!!
كلما غصنا في أعماق السيرة المحمدية كلما اكتشفنا تجاوزات رهيبة في مفهوم الإسلام للحياة كقيمة، وبالتالي في مفهومه للأخلاق وحدودها ومفهومه للقدرة على ضبط النفس.
رأيت في حديث آخر تجاوزا يصعب عليّ أن أصدق بأن مسلما عاقلا يقرأه ثمّ يصرّ على أن يظل قابعا داخل جبّة نبيّه!
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة أو لم يدخل النار قال وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق….
عندما لا يكون الزنى أوالسرقة حدا من حدود الأخلاق ومقياسا من مقاييس الدخول إلى الجنة عند إنسان يؤمن بحكاية الجنة، ما الذي سيردع ذلك الإنسان عن أن يسرق أو يزني؟!!
لا أعتقد بأن صدام حسين أو أي ديكتاتور مسلم آخر قد أشرك بالله الذي يؤمن به، ولكن لم يترك ديكتاتور مسلم واحد حدا من حدود الأخلاق إلا واغتصبه؟!!
ولهذا السبب يعتبر الكثيرون من المسلمين صدام حسين شهيدا ينعم الآن في حضن حورياته السبعين ونيف، رغم كل ما اقترفه من جرائم بحق الحياة؟!!
ليست المشكلة في هؤلاء الحكام المجرمين، لكنّ المشكلة في شريعة أباحت الحدود وتجاوزت الأخلاقيات وأطلقت العنان للشهوات، فأساءت إلى الحياة كقيمة وهبطت بها دون مستوى يليق بالإنسان.
………….
يقول انشتاين: عندما تكون اسوة للآخرين لن يكون سلوكك الطريقة الأهم التي تؤثر بها عليهم، بل سيكون الطريقة الوحيدة!
لقد كان محمد اسوة لكل أتباعه، ولذلك لم يكن سلوكه الطريقة الأهم التي أثر بها على حياتهم ، بل كان الطريقة الوحيدة التي قولبت تلك الحياة.
ويبقى السؤال: متى سيخلع المسلم جبّة نبيه ويخيط لنفسه جبّة أكثر حشمة وأكثر قدرة على أن تحمي حياته كقيمة من تقلبات الزمان والمكان؟!!
**********************