كتب إبن خلدون في مقدمته الشهيرة الآتي
عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدّعون والكتبه والقوّالون والمغنون النشاز والشعراء النظّامون والمتصعلكون
وضاربوا المندل وقارعو الطبول والمتفيقهون وقارئوا الكفّ والطالع والنازل والمتسيّسون والمدّاحون والهجّائون وعابرو السبيل والإنتهازيون ؟
وتتكشف الأقنعه ويختلط ما لايختلط ويضيع التقدير ويسوء التدبير وتختلط المعاني والكلمات ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل ؟
*عندما تنهار الدول*
يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف ، وتظهر العجائب وتعم الإشاعه ، ويتحول الصديق الى عدو والعدو الى صديق ، ويعلو صوت الباطل ويخفض صوت الحق ، وتظهر وجوه مريبه وتختفي وجوه مؤنسه ، وتشح الأحلام ويموت الأمل ، وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه ، ويصبح الإنتماء إلى القبيله أشد إلتصاقاً ، والى الأوطان ضربا من ضروب الهذيان ، ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء ، والمزايدات على الإنتماء ؟
وعلى مفهوم القوميه والوطنيه والعقيدة وأصول الدين ، ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعماله والخيانه ، ، وتسري الإشاعات عن هروب كبير ، وتحاك الدسائس والمؤامرات ، وتكثر النصائح من القاصي والداني ، وتطرح المبادرات من القريب والبعيد ، ويتدبر المقتدر أمر رحيله ، والغني أمر ثروته ، ويصبح الكل في حالة تأهب وإنتظار ، ويتحول الوضع الى مشروعات للمهاجرين ، ويتحول الوطن الى محطة سفر ، والمراتع التي نعيش فيهاإلى حقائب ، والبيوت الى ذكريات ، والذكريات الى حكايات ؟
رحمك الله يا نبي الحقيقة يا إبن خلدون ؟
فهل أنت لازالت بيننا لتوثق ما يجري لنا قبل سبعة قرون ، سلام ؟
