الأسماء في أغلب الأحيان تصنع شخصية الفرد,فكل إنسان أسمه يحفزه لكي تكون تصرفاته مطابقة لأسمه,وهذا ما حدث مع محمد في أيام طفولته وشبابه, فنحن نعلم بأن أسمه لم يكن محمدا بل (قثعما),وهذه إحدى الروايات المحتملة, ولكن هنالك دلائل من كُتب السيرة تشير إلى أن جد محمد هو من أطلق عليه أسم(أحمد-محمد) وذلك حين كان في بلاد الشام مع نفرٍ من قومه في تجارةٍ لهم, وهم: سليمان بن مجاشع وهو جد الشاعر الكبير الفرزدق, وأحيحه بن الحلاج,وحمران بن ربيعة, هؤلاء النفر التقوا براهب مسيحي ويقال بحبر يهودي قال لهم:بأن الزمن اقترب من أن يظهر فيه نبيٌ أسمه(أحمد) فأقسم الأربعة رجال ومن بينهم عبد المطلب(شيبة) على تسمية أبناءهم باسم أحمد,طمعا بأن يكون المولود الجديد هو النبي المنتظر,وحاول كل رجلٍ أن يستأثر لنفسه بهذا الأسم, وحين عادوا وجدوا نساءهم قد أنجبن ذكورا فأطلقوا عليهم جميعا أسم(أحمد) إلا شيبة(عبد المطلب) كان شيخا عجوزا ولا ينجب فانتظر (آمنة بنت وهب) زوجة أبنه عبد الله أن تنجب وأقسم إن كان ولدا سيسميه أحمد, ويقال أنه حين عاد من الشام وجدها قد وضعت مولودا ذكرا وقد كان ما أراده فسماه أحمد,طمعا بأن يكون هذا المولود نبيا من الله لقومه.
ومنذ ذلك التاريخ كان محمدٌ وهو شاب صغير يسأل عن معنى أسمه فروا له الناس قصة جده مع الراهب أو الحبر اليهودي, لذلك انتشى محمدا بهذه الأفكار وملأت عليه مخيلته فصار يعتقد بينه وبين نفسه بأنه النبي المنتظر, فصار يتصرف وهو شاب بتصرفات الأنبياء والرسل,وعلى هذه الطريقة كان يعيش طوال حياته,وحين كان يسافر في التجارة إلى بلاد الشام , كان يسأل الرهبان والأحبار عن صفات الأنبياء,وحين كان يعود إلى قومه كان يتصرف أمامهم كما قيل له , وأضاف إلى شخصه صفات أنبياء اليهود,فكان يرفض أن يأكل الصدقة, وكان يصدق في تجارته مع الناس,ومع مرور الزمن شعر بينه وبين نفسه بأنه هو ذلك النبي المنتظر, فكان يتعبد في غار حراء وكان يعتزل الناس حتى أصابه الهوس بشخصية النبي والرسول,ويقال بأنه حج وهو شاب في الثلاثينيات من عمره وطاف بالكعبة عاريا ليس عليه ثياب,ويقال بأن هذه القصة لم تكن إلا محض صدفه إذ أنه سقط عنه ثوبه وهو يشارك في بناء الكعبة لمّا هدمها السيل, المهم أنه شجع نفسه شيئا فشيئا حتى صدق نفسه بأنه هو النبي المنتظر(أحمد), وحين أصبح عمره أربعون عاما جمع قومه من بني هاشم ودعا لهم بوليمة وبعد أن أصابوا من طعامه وقبل أن ينفض السامر من بيته أعلن لهم بأنه هو النبي المنتظر,ولم يؤمن به في وقتها أحدٌ منهم.
من المفترض أن تكون هذه الرواية هي الرواية الأقوى التي تدلنا شيئا فشيئا حول حقيقة النبوة, فمحمد كان أسمه يحفزه بأن يكون هو النبي المنتظر,ولأنه كان فقيرا ومحتاج كانت لديه رغبات جمة لتعويض عقدة النقص التي كان يعاني منها, وخصوصا أن قومه بنو هاشم كانوا جميعا من الفقراء وليسوا من أسياد مكة كما هم بنو أمية, فحاول أن يعطي لنفسه صفة غير موجودة في قريش وحاول أن يتسابق إلى شرفٍ جديد لم يصله أحد من قبله, إن المركز الاجتماعي مهم جدا وكل شخص في المجتمعات القبلية يحاول أن يعطي لنفسه رتبة ومركزا اجتماعيا,ولأن قومه من الضعفاء آمنوا به بعد وقتٍ قصير لكي يلحقوا ببني أمية ويسبقونهم في الشرف, وهذا ما كان يقوله أبو سفيان بن حرب بن أمية عن شخصية محمد بأنه نخلة…إلخ, ربما تكون هذه رواية ضعيفة ولكن فحوى كلام أبن أمية بأن محمدا…..أو الذي نفهمه من مقولة أبي سفيان بأن محمدا عبارة عن نخلة وسط قومٍ لا ينتمون للشرف بأي صلة,أنا لا أريد أن أقول ما قاله أبو سفيان بالضبط,ولكن رغبت بترجمة ما قاله بشكل مفهوم.