مناف طلاس بين واقع الصمت وواقعية العمل.
وصلت القضية السورية إلى نقطة الحرج، باعتبارها حرباً لم تصل إلى نهايتها بعد ولم تُنجز وظيفتها النهائية أيضاً. وتكاد تصل كل القوى المتحاربة سواء بنفوذها وثقلها الغير مباشر أو من خلال وكلائها المحليون حد الإهتلاك. نقطة الحرج تلك تُدلل عليها : واقع الميدان “داريا وحلب وما تبعها من مناطق”، وواقع أروقة السياسة “الأستانة وما تبعها”. جميع الوكلاء دخلوا هذا النفق، وخلال السنوات الماضية وبحكم إدراك المخاطر والإطلالة الأكيدة، على كُل كواليس السياسات والإرادات الدولية _تناقض وتلاقي وإختلاف المصالح_، كما على كواليس السُلطة السورية ومفردات قرارها ورؤاها وارتباطاتها الإقليمية والدولية ومراكز النفوذ والثقل داخلها وآليات عملها. هذه الإطلالة العارفة أتاحت منذ البداية ومن اللحظة الأولى لخروجه وقراره في الوقوف على ضفة مُستقبل الوطن السوري والشعب السوري. أتاحت للعميد مناف طلاس أن يتخذ قراره حينها للعب الدور المُمكن والمُحتمل في تقصير عمر المأساة والمعاناة وتعزيز قدرات “العامل الذاتي” تجنُباً وإدراكاً للحظة الحرج الآنية. وفي سياق هذه الرؤية التي تحيط بدقائق وتفاصيل وخفايا هذا الصراع وامتداده، في كل خطوة ارتكزت الرؤية على هذا الخط الواضح وبدأت اللقاءات بقصد تعزيز دور “العامل السوري” على أية طاولة تفاوض، انطلاقاً من زيارته الأولى إلى دول الخليج العربي ومن ثم الدول الإقليمية مروراً بروسيا وغيرها من الدول المؤثرة في القضية السورية. والتي سبق كُلٍ منها لقاءات مع طيف واسع من أطياف الحركة الوطنية وشخصياتها دون استثناء لنسج علاقة وطنية أساسها مصالح الوطنية السورية، ومستقبل سورية وطموحات السوريين في التغيير، ( مجلس وطني وإئتلاف وهيئة تفاوض وتيارات وأحزاب سياسية وشخصيات عامة وضباط الجيش السوري المُنشقين وقادة الفصائل المقاتلة وناشطين الثورة والمجتمع المحلي ) الهاجس الأساسي لتلك الرؤية كان تقديم الضمانة الأساسية الوطنية للمجتمع السوري، كما لكُل الفاعلين الدوليين والإقليميين بان بناء هذه “الضمانة الوطنية” القادرة على سحب فتيل الحرب والبساط من تحت اقدام كل القوى التي لا مصلحة لها بالتغيير، تلك التي في قمة سلطة النظام السوري أو التي فهمها للتغيير وإرادتها فيه يرتبط بمصالح ضيقة آنية وأيديولوجية أقل من مستوى الوطنية السورية ولا علاقة لها بطموحات السوريين. ان تلك الضمانة ادركت ومنذ البداية ان بنائها سيوفر الفرصة المؤاتية لاختزال المأساة وتجنيب المنطقة ومحيطها تداعيات هذه الحرب التي نشهدها الآن وكانت ولمَّا تزل اهم نقطة في تلك الرؤية هي التقاط اللحظة المؤاتية محلياً وإقليمياً ودولياً لأخذ زمام المبادرة المسئولة وأحداث الانقلاب الاساسي المطلوب في بنية السلطة السورية لتجاوز هذا المأزق الدموي.
لا يزال هذا المشروع قائماً ومشروعاً ويُدرك بعمق أن ضمانته، “كضامن وطني”، تستند إلى قوى التغيير وذات تلك القوى المُبعثرة اليوم والتي تقول جميعها لا بُد من الإجماع على رؤية وطنية واحدة، إدراكاً عميقاً أيضاً بأنه لن تعود سوريا إلى زمن الاستبداد وأن سلطة القانون ستكون هي الأساس وبأن السلطة تخضع قبل سواها من باقي بنى الدولة، تخضع للقانون، وفي عمق الرؤية أن حمل المسؤولية الوطنية يتطلب حضوراً وازناً لنواة الدولة السورية الوليدة، وعلى الاخص في مرحلة الانتقال الحرجة، ويتطلب كذلك قبولاً وطنياً لجميع تلك المؤسسات والمكونات التي لم تتلطخ يديها بالجريمة _لم تكن صاحبة قرار في القتل وإرادة تنفيذه_. حس المسؤولية العالي، وخلال كُل الفترة الماضية وفي فترة زمنية محددة منها تحديداً “تقارب السنتين”، كان لِزاماً وواجباً التواجد في داخل الوطن وعلى الارض وحيث كانت الحاجة تقتضي دائماً، لم تكن هناك بقعة واحدة مستثناة من حس المسؤولية، ولم يغب أي طيفٍ وطني عن الاهتمام، باستثناء داعش والقاعدة والميليشيا الطائفية في الجهة المقابلة، وليس بالطبع كثير من أبناء الوطن السوري ومؤسسات الدولة السورية الحريصون كما نحن على مستقبل سوريا وهم ضحايا القرارات الدموية كما نحن ضحاياها.
هذا النقاش وهذا الحوار لم يكُن مُتاحاً الخوض فيه قبل داريا وحلب والقلمون الغربي والأستانة وجنيف أربعة، ولكنه اليوم أصبح واجباُ الوقوف عليه وتحديد المسار وأين نقف جميعنا الآن من قضية وطننا وأيُّ اصطفافٍ وطني يتوجب العمل عليه وفق أولوية إنقاذ سورية ومستقبلها. ايَّ كان اتجاه الصراع، وأيَّ كانت إرادات الدول الفاعلة، فهي لن تستطيع ابداً أن تستند في أي عملية سلمية على قوى الحرب ورموزها، ولكن لن تستطيع ان تفعل شيئاً أيضاً دون قوة محلية مؤسساتية تشكل نواةً للدولة السورية القادمة، وضمانة محلية لا بد منها لترسيخ السلم وتعزيز شروط الانتقال السلمي في سوريا الى مرحلة جديدة، وتستطيع حماية الحدود والمساهمة في الحرب على الإرهاب، وحماية البناء القادم للمؤسسات السياسية والمدنية ( صياغة دستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية وتعزيز المصالحات والسلم الأهلي وحماية القضاء وضمانة عودة المُهجرين و اللاجئين وتعويض المتضررين وإعادة البناء وحماية العدالة بما فيها وأساسها عدالة إنتقالية ).
أن موقفاً حصيفاً وواقعياُ لا بُدّ له أن يُدرك اليوم أن نقطة الارتكاز في المرحلة الانتقالية، والتي تُشكل قاسِماً مشتركا بين السوريين، لا يُمكن ان تكون فيها أيّ من ميليشيات وقوى الحرب الحالية، بل قوى وطنية عسكرية ضامنة تقودها شخصيات تلقى قدراً كافياً من التوافق الوطني على كامل التراب السوري وكما تلقى توافقاً إقليمياً ودولياً حاسماً لا يمكن تجاهله.
خارطة الطريق هذه “المجلس العسكري الإنتقالي” باتت اكثر إلحاحاً كما كانت وهي ضرورة سيلجأ أليها الفاعلون الدوليون والإقليميون ولكن من الضرورة أن يُدرك كُل السوريين أنها بيدهم الآن ولأول مرة قد يستطيعوا معاً أن يجلسوا إلى طاولةٍ يكونوا فيها أصحاب قرارٍ في مصير وطنهم.
أحمد منصور
فرنسا _ تاريخ 2017 / 03 / 30
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **