كل حروب العالم أهلية لأن كل الناس إخوة…. فرانسو فينون,فيلسوف.
كل حروب العالم أو لنقل بأن أغلبية تلك الحروب والنزاعات والمشادات الكلامية لا تكون بين الغرباء, بل دائما هنالك علاقات طيبة بين الغرباء ويودون بعضهم البعض, أما بالنسبة للحروب فإنها دائما ما تقع وعلى الأغلب بين الأهل, فهنا في قريتنا على صعيد المجتمع المحلي دائما ما تقع المشاكل بين أبناء القرية الواحدة أو بين أبناء القبيلة أنفسهم ونادرا ما تقع المشاكل والمشاحنات بين الغرباء, وهنا نحن لا نقول بأنه لا توجد مشاكل مطلقا بين الغرباء بل تحدث بشكل بسيط جدا جدا.
وعلى صعيد العلاقات الدولية فإن الحروب الضخمة والكبيرة تقع بين أصحاب الدين الواحد أو بين أصحاب المذاهب المختلفة لنفس الديانة, مثل الصراع بين الشيعة والسنة ومثل الصراع بين السعودية واليمن حاليا ومثل الحرب الأهلية المندلعة حاليا في سوريا وفي العراق, ومثل النزاع الدولي بين الكوريتيين الشمالية والجنوبية, والحروب منذ القِدم كانت أهلية بين قريش أنفسهم بين الهاشميين وبين الأمويين وبعدها بين العباسيين والأمويين, إن معظم الحروب في كل أنحاء العالم هي أصلا حروب أهلية ولكن لماذا؟.
الصراع الأول في التاريخ كان أيضا صراعا أهليا بين الإخوة وهما أبناء آدم قايين(قابيل) وهابيل, وهنا عندنا كل الناس تقول لبعضها: على قدر استطاعتك إبعد عن أقربائك ولا تقترب منهم لكي تبقى علاقاتك بهم طيبة أما إذا اقتربت منهم فستقع بينك وبينهم المشاكل وكما قال الشنفرة في لاميته:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم
فإني إلى قومٍ سواكم لأميلُ.
وكما قال الشاعر:
وظلم ذوي القُربى أشدُ مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهندِ
وتنشأ النزاعات الأهلية دائما لأسباب اقتصادية محضة, مثل الاقتتال على حدود الأراضي والمساحات وآبار المياه, ونفس هذه المشاكل تقع بين الدول المتجاورة مثل النزاع على الحدود والأقاليم وآبار المياه والنفط والمراعي الخضراء, كل حروب العالم أهلية لأن كل الناس إخوة هكذا قال أحد الفلاسفة, وكما يقول المثل العامي عندنا(الدم على بعضه ثقيل) بسبب الغيرة والحسد والحقد يتقاتل الإخوة وأبناء العمومة كما يقول أيضا المثل) : أنا وأخي على أبن عمي وأنا وابن عمي على الغريب),والناس اليوم حين يفكرون بمصلحة تجارية أغلبهم يفتتحونها بعيدا عن مضارب الأهل والأقرباء, والتعامل مع الغرباء أصبح بالنسبة للغالبية العظمى من الناس أفضل بكثير من التعامل مع أبناء العمومة وأيضا الإخوة, مشاكلنا أهلية, وحروبنا أهلية لأننا إخوة في الروح والدم, كل أزماتنا أزمات عائلية لأننا إخوة, يجب أن نبتعد عن الأهل والأقارب لكي يحبونا ويحترموننا أكثر من ونحن نعيش بجوارهم جنبا إلى جنب.
