محطات في حياة المرأة في الدار العربي

adibelshaarمحطات في حياة المرأة في الدار العربي
فعاليات ما قبل مغادرة الرجل الدار نحو العمل
الدكتور أحمد أديب شعار
جمعية العاديات 16-11-2011
غالباً ما تقوم المرأة مع الرجل والأولاد البالغين من ذكور وإناث فجراً، إذا كانت الأسرة ملتزمة دينياً، للوضوء وأداء صلاة الفجر. وقد تكون أول كلمة يتفوهون بها: أصبحنا وأصبح الملك لله. وغالباً ما تأوي الأسرة للنوم بعد ذلك للنوم حتى قرابة السادسة صباحاً. تبدأ المرأة فعاليات يومها بعد صلاة الفجر (وﭽ الصبح) بعجن العجين لإتاحة الفرصة له حتى يختمر، حوالي السادسة صباحاً وقد تصحو المرأة لتعجن قبل صلاة الفجر: منذ السلام الأول أو السلام الثاني . أما في الشتاء فيتم العجن أول المسا كي يختمر صبيحة اليوم التالي. وعلى الغالب تعجن المرأة كل يومين أو ثلاثة لضمان وجود خبز طري نسبياً في المنزل. يرسل العجين إلى الفرن مع أحد الأولاد، حيث وعلى الغالب، يبقى معه عند الفران ريثما يرق على شكل ترغفة ويخبز، خشية أن يسرق الفران بعضاً منه. كانت السيدات اللواتي يعجنّ العجين كثيراً ما تتفشكل أصابعهن أي لا تبقى كلها متوازية. وقد تتورم عقد الأصابع نتيجة ذلك. وكثيراً ما كانوا يعبرون عن المرأة الشاطرة الشغّيلة قائلين: بتسمع طقة عجينا من راس الحارة. كان من يداري ويدلل زوجته يستأجر من تعجن لها العجين.

تعرف جاهزية العجين للخبز من ظهور ثقوب فيه. أما جاهزيته من ناحية سلامة العجن فتعرف من خلال تماسكه أثناء اقتطاع قطعة منه، تماماً مثل الجبنة المشللة. وتحاشياً لآلام الركبة أثناء العجن يوضع لقن العجين أعلى العتبة لتجلس العجّانة في العتبة، إذا كان في البيت عتبة عالية. يعتبر علو وكبر العتبة مؤشراً على جودة البيت (بسبب كلفة العتبة التي تصنع غالباً من حجر أصفر مزخرف) كما تعتبر مؤشراً على وظيفة الغرفة، حيث تكون عتبة غرفة الجلوس وغرفة استقبال الضيوف، كبيرة كي تتسع لعدد أكبر من الأحذية. عند كل عجنة تستخدم خميرة على شكل قطعة عجين محمّضة (مختمرة) من العجنة السابقة. وقبل أن يرسل العجين إلى الفران تؤخذ قطعة صغيرة منه وتوضع في الطحين لتصبح الخميرة للعجنة التالية. من الممكن إرسال العجنة إلى الفران قبل اختمارها تاركين للفران تقدير اختمارها قبل خبزها.

عندما يرق العجين في الفرن يوضع على طرحيات من الخشب طول كل منها حوالي المتر وعرضها حوالي 25 سم. يقدم الفران كشف حساب أجرة الخبز، لأصحاب العجين، يشكّل على محيط آخر رغيف طعجات (زمات) بحيث تكافئ كل طعجة عشرة أرغفة وما يتبقى (الأقل من عشرة) يشار إلى عددها من خلال طعجات أصابع في منتصف ذلك الرغيف الأخير. كان الفران يفتح حتى المغرب حيث يمكن إرسال العجين في أي وقت. كما يقوم الفران بتحضير وخبز اللحم بعجين (أما عش البلبل فيشترى جاهزاً من عند الحلواني). وعند وصول العجنة إلى الفرن يوضع لقن العجين على الدور. إذا كلف أجير الفرّان بأخذ العجين إلى الفرن وإحضاره بعد خبزه فقد يأخذ رغيف خبز أجرة له. عند إعادة الخبز يضع حامل اللقن كعكة قماشية على رأسه لأنه ساخن. وطوال مسير حامل الخبز الساخن من الفرن إلى المنزل يعزم صاحب الخبز من يقابلهم من الأصدقاء قائلاً: تفضل خبز سخن. أما عند الذهاب فلا داعي للكعكة لأنه بارد. يذكر هنا أنه وفي الأحياء الطرفية خارج السور من الممكن أن يوجد تنور في المطبخ، يخبز عليه الخبز التنوري والكعك الكبير. وقد يستخدم العجين والخبز في الكثير من العبارات كأن يرد أحدهم على صديق آخر يتهمه بأنه لا يعرف زميلهم: مين قلّك أنا ما بعرفو… إي أنا عاجنو وخابزو.

وبمجرد عودة الخبز الساخن تقوم المرأة بإعداد الفطور لزوجها وأولادها. تحتوي صفرة الإفطار مجموعة فرعية من المجموعة التالية: عفيسة، قريشة مشتراة صباحاً، زيت وزعتر، لبن، جبنة، بيض، زيتون مكسر، وزيتون مكلّس، وزيتون مجرّح. وفي الشتاء يوضع الدبس والطحينة والحلاوة والعسل (إذا كان رب الأسرة ميسوراً). ولصنع العفيسة تقطّع المرأة الخبز الساخن وتدهكه مع قليل من الماء الساخن والسكر (أو الدبس) والسمنة. تقطع العفيسة بعد ذلك مثل تقاطيع الكبة النية لتؤكل بعد ذلك مع الجبنة.

وبعد أن يتناول سكان البيت الفطور، وقبل أن يتجه الرجل إلى دكانه، يذهب إلى سوق الخضرة ليحضر أغراض الطبخة إلى المنزل. ليس من الضروري أن يتفق الرجل مع امرأته على الطبخة، خصوصاً إذا كانت المرأة مسايرة، بل يشتري ما يراه مناسباً واقتصادياً. ومن الممكن أن يأخذ ابنه معه ليدربه على التسوق. وصف لي أحد الأصدقاء كيف علّمه والده التسوق: إبني بتطلع السوق متفرّج.. بتنزل شاري، أو بتسوم اللي بدك يا من أول السوق لآخره…بعدين بترجع بتشتري من عند الأرخص (وبالطبع ليس على حساب الجودة وليس بالضرورة شراء كامل الأغراض من عند بائع واحد). وإذا كان البائع سمحاً فقد يقول له الشاري: ألله يجبر عنّك. وقد يبالغ فيقول: ألله يجبر عنّك أحسن جبر. وهذا ما قد يقوله تاجر الجملة لتاجر المفرق أو الورّيش.

من الأقوال التي كان يستخدمها الآباء حثاً لأولادهم على إيقاظ الأولاد للتوجه للعمل: قوموا صارت الشمس قامات.

من فعاليات الرجل في البيت متابعة صيانة البيت. يقولون: البيت العربي مهو متل البيت الفرنجي..بدو يضل إيدك فيه. من أكثر أعمال صيانة البيت العربي تكراراً: تسليك المجراير (الكهريز)، تحرير الجب، تظبيط نجارة البيت، وتنظيف الحاووظ وجب القناية.

وبعد أن يذهب الرجل والأولاد البالغون إلى العمل ويذهب الصغار إلى الشيخ وإلى الخوجة، وعلى الغالب لا يغادر أحد البيت ما لم يكن طاهراً ومتوضئاً، تبدأ المرأة وبناتها بتنفيذ الأعمال والفعاليات التالية التي تمتد حتى النوم مساءً:
• لمّ الفرش.
• الترتيب والتنظيف والجلي.
• رعاية الأطفال وفض الخرق.
• تقطيب (صيانة) الغسيل.
• الطبخ وتبادل السكبة للجيران.
• تبادل الزيارات النسائية لبعض الأرحام والأقرباء والجيران.
• ممارسة بعض الأعمال الإنتاجية.
• تبادل الزيارات العائلية.
• تبادل القبولات المسائية النسائية.
• فرش الفرش.

About أحمد أديب شعار

الدكتور المهندس أحمد أديب شعار .. عاشق تراث حلب...له اهتمامات أدبية... سولزبري
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.