أندرو فينكل
إسطنبول – في منتصف اليوم في حي بايزيد التاريخي في إسطنبول امتلأ الجو فجأة بصوت الأذان من الكثير من المساجد السلطانية القريبة، تذكر بأن ذلك الجزء من المدينة الذي يكتظ بالمتاجر وطلاب الجامعات والسائحين كان في السابق حاضرة لإمبراطورية إسلامية عظيمة.
لم تعد إسطنبول الآن مقر الخلافة، لكنها لا تزال مصدر إشعاع للمتدينين، فقد شهد الأسبوع الماضي اجتماع علماء من جميع أنحاء العالم – إندونيسيا وبريطانيا وباكستان – في غرفة اجتماعات متواضعة بالفندق لتحديد معالم الصواب والخطأ في الصراع في أفغانستان.
ورغم أنه طلب مني أن لا أذكر أسماء المشاركين دون إذنهم خشية التعرض لانتقام طالبان، فلم يبدِ أي منهم خشية في تسمية الأشياء بمسمياتها. وقد بذل الكثير من الجهد في تفنيد فكرة أن الصراع في أفغانستان حرب مقدسة وليست صراعا مباشرا على السلطة.
كان مؤتمر «التعاون الإسلامي لمستقبل سلمي في أفغانستان» من بنات أفكار الشيخ نعمة الله نجومي، أستاذ حل النزاعات في جامعة جورج ماسون، الذي حاول مناقشة القضية بالصورة الشاقة. كان نجومي قد شارك في الحرب ضد السوفيات في أفغانستان، مسقط رأسه، في سن الرابعة عشرة. والآن تتمثل مهمته في وقف الاقتتال الداخلي الأفغاني، تلك الطريقة المباشرة، حيث التقى المشايخ الأفغان البارزون مع كبار المفكرين في العالم الإسلامي لبحث التفجيرات الانتحارية واستهداف المدنيين وتدمير الآثار التاريخية – حتى العنف الداخلي.
بلغ مؤتمر الأسبوع الماضي ذروته في قرار مفصل وشديد اللهجة أعاد التأكيد على توافق الإسلام مع المعايير الإنسانية العالمية، ودعا المؤسسات الدينية في أفغانستان وباكستان والدول المجاورة لوضع حد للعنف. وسيتم تعميم هذه الوثيقة على أكثر من 160 ألف مسجد في أفغانستان حتى تجد نتائجه طريقها إلى ضمائر الأفراد هناك.
أوضح آتور رحمان سليم، مدير مركز البحث الإسلامي العلمي في كابل، أن هذا الاجتماع كان الثالث من نوعه، وقد بدأ هذا الجهد يؤتي ثماره. وقال: «من السهل الآن أن نعارض الداعين إلى العنف. فغالبية العلماء لا يخشون رفع أصواتهم. لكن البعض يقفون على الحياد». وأشار إلى أن عددا من المتحدثين دعموا طالبان على الحكومة الأفغانية وانتقدوا بشدة غارات الناتو أكثر من الهجمات الانتحارية التي يشنها المتمردون.
وقد جلست بجوار العالم الهندي إعجاز أرشاد قاسمي، الذي يرتبط بعلاقات وثيقة بجماعة ديوباند المتشددة، والذي يعتقد أن الناتو، لا باكستان، هو سبب تأزم الموقف في أفغانستان، وأن الحكومة لا تحظى سوى بدعم 10 % من السكان، لكنه خالف طالبان في اللجوء إلى العنف، فقال: «العنف لن يحل العنف. الإسلام لا يعني الحرب».
وقالت مسودة القرار النهائي إن الإسلام لا ينكر أيضا حقوق المرأة في التعليم والخدمات الصحية، وتؤكد الوثيقة على أن انتهاك حقوق المرأة يناقض قيم الإسلام.
لم يتوقع المشاركون أن يتمكن هذا المؤتمر من حل مشكلة أفغانستان الأساسية – الحكومة دون حكم بحسب نجومي – لكنها تسمح لحركة مجتمع مدني مزدهر أن تدعو كلا من الحكومة الأفغانية والمتمردين للضغط على دول الجوار لوقف التدخل في شؤون بلادهم الداخلية.
يعتقد المنظمون أنهم بجمع هؤلاء الأفراد ذوي النيات الطيبة في غرفة واحدة فقد نجحوا في ما فشلت فيه السلطات الوطنية. شهد المؤتمر حضور أربعة علماء من باكستان، وقد حاولت الحكومتان الأفغانية والباكستانية لكنهما لم تنجحا في تنظيم اجتماع علماء مسلمين منذ بداية العام.
نظرا لتنوع المشاركين، كانت درجة الإجماع متميزة. وقال المتحدثون واحدا تلو الآخر، إن اللجوء إلى العنف في أفغانستان ليس له أي مبرر ديني، أو على حد تعبير البيان الختامي: «جريمة ترتكب باسم الإسلام هي جريمة ضد الإسلام».
* خدمة «نيويورك تايمز»