فيما تعيش الحكومة السلامية في عطلة قسرية عززتها عطلة الاعياد التي يمضيها رئيسها في إجازة خاصة خارج البلاد في إنتظار ما ستسفر عنه جهود تعويم الحكومة التي تقررت على طاولة الحوار الوطني أخيراً، تبقى المبادرة الرئاسية محور الحركة السياسية الداخلية في ضوء الموقف الأخير لـ”حزب الله” الذي جدد فيه إلتزامه الاخلاقي حيال العماد ميشال عون، ناسفاً أي حظوظ محتملة لتزخيم مبادرة ترشيح سليمان فرنجيه في المرحلة المقبلة.
ما بين كلام رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة أمام مجموعة من الصحافيين عن أن الطرح المتعلق بترشيح فرنجيه لم ينته بعد، وأنه تعرض لفرملة إيرانية أجلت تقدمه، وكلام رئيس المجلس السياسي لـ”حزب الله” السيد إبرهيم أمين السيد الرافض التخلي عن مرشحه العماد عون، بدت المسافة لوصول أحد هذين المرشحين إلى قصر بعبدا أطول بكثير مما كان يعتقده الرجلان. وبدا أن الشغور الرئاسي الذي امتد أكثر من 19 شهراً مرشح لأن يطول أكثر.
تؤكد مصادر مستقبلية ان فرنجيه قد لا يكون الحل المثالي، ولكنه الحل الذي يكسر حلقة الجمود والفراغ، كاشفة أن الخوف من الاسوأ هو الذي أملى هذا الموقف.
والاسوأ الذي قصدته المصادر يكمن في التحديات الامنية والسياسية والاقتصادية والمالية التي تتهدد البلاد. لا تسقط المصادر الاجواء القاتمة التي تحوط البلاد وتداعياتها على الداخل، مشيرة إلى أن كل ما رأيناه على صعيد الوضع العربي ليس إلا رأس جبل الجليد، ولا يمكن التقليل من محاذيره وتداعياته على لبنان.
لكن المفارقة أن هذا “الاسوأ” الذي يخشاه “المستقبليون” ويدفعهم الى تبني فرنجيه لم يدفعهم إلى اعلان التبني رسميا، الامر الذي وضع الموضوع في دائرة التشكيك والمناورة بالنسبة إلى الفريق الآخر الذي لا يزال يتعامل مع الموقف “المستقبلي” بريبة وعدم ثقة.
هل هذا يفتح الطريق أمام مرشح من خارج لائحة الاقطاب الموارنة الاربعة تمهيدا لإنهاء الشغور وإنجاز انتخاب جديد، أو أن الفرملة الايرانية التي تحدث عنها السنيورة تشير إلى أن الافق الرئاسي لا يزال غامضاً؟
تؤكد مصادر سياسية مواكبة لحركة المشاورات الرئاسية الجارية، مجموعة وقائع ستحكم مسار المرحلة المقبلة:
– أولى هذه الوقائع أن الفرملة الايرانية المعطوفة على مناخ إقليمي متشنج جدا تشي بأن الرفض لا يستهدف فرنجيه شخصياً، بل الرئاسة بشكل عام. وأن الرئاسة لا يمكن أن تكون بندا وحيدا في إطار مبادرة يتيمة لا تشمل الرزمة الكاملة التي تحدث عنها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله.
– ثانية الوقائع أنه ما دام الحريري لم يعلن تأييد فرنجيه رسمياً، فإن هذا الترشيح يبقى ضمن القرار الشخصي لفرنجيه، ولا يختلف فيه عن ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع.
– ان الاوان لم يحن بعد للإنتقال إلى البحث عن الرئيس التوافقي، الامر الذي يتطلب تحركاً من بكركي على طريقة “اللي شبكنا يخلصنا” كما يقول مرشح رئاسي وسطي، بعدما حصرت الرئاسة بأربعة. وعلى هذا، يسأل الرئيس السنيورة المقتنع بأن ما أوصل البلاد إلى هذه المرحلة هو الزعماء الموارنة أساسا الذين حالوا دون أي اقتراحات عملية، “هل أمحلت أرحام الموارنة عن وجوه جديدة تخرج الاستحقاق من عنق الزجاجة، كاشفا أن عون تمكن من إحراج كل الموارنة فبات هو من يضع الاجندات؟
– إن التعثر الذي حال دون وصول فرنجيه إلى قصر بعبدا، وقبله عون، يؤكد أن القرار الاقليمي إنجاز انتخاب الرئيس المسيحي لم ينضج بعد. وهذا ما سيحول دون تزخيم الطرح الرئاسي بعد الاعياد ويجعل الجهود السياسية منصبة في اتجاه تعويم الحكومة السلامية.
– هذا التعويم يرمي إلى احتواء المخاطر المتأتية من استمرار الفراغ المؤسساتي تحت وطأة التهديدات الامنية والتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
* نقلاً عن “النهار”