ما الذي يجمعني بالعلوي؟
رسالة جاءتني قبل أيام أخذت وقتي في دراستها ومن ثم الردّ عليها؛ وكان مضمون الرسالة: “لماذا معظم قرّاءك من العلويين؟”. ردّي البسيط على الرسالة صغته في مقال أبسط بعنوان: ما الذي يجمعني بالعلوي؟
أكره الطائفية بجنون؛ لكني مع ذلك أحكي عنها مثلما يحكي طبيب عن السرطان: يكرهه لكنه موجود وهو من ثم مضطر للتعامل معه.
الطائفية شيء من الماضي البعيد؛ وأنا أعتبر نفسي أطمح إلى المستقبل الأبعد – لذلك لا سبيل للتلاقي بين الماضي البعيد والمستقبل الأبعد لأني أصلاً في فهمي للزمن لا أؤمن بوجود الحاضر.
العلوي، مثل أي بشر آخر، هو كينونة صاغ بعضها الماضي، ومنفتحة في بعضها الآخر على المستقبل – مثل أية كينونة أخرى في العالم، كما قلت. لكن ما يميزه عن الآخر السنّي أو الإثني عشري هو أن قيود الماضي التي تكبّل يدي العلوي أضعف كثيراً من مثيلاتها التي تكبّل يدي السني أو الإثني عشري عموماً. ومن هنا يمكن أن نبدأ:
1 – انتماء العلوي سوري تماماً؛ ورغم وجود ملايين من العلويين خارج سوريا، إلا أن الانتماء العلوي سوري بما لا ينازع؛ وهنا نجد أيضاً أن الروم الأرثوذكس والمرشديين على وجه التحديد يشتركون مع العلوي بهذه الصفة؛
2 – العلويون عموماً ليسوا متعصبين طائفيّاً؛ وما نراه من مظاهر تعصب عند العلويين إنما هو ردة فعل صادرة عن لا وعي جمعي يحفظ في طياته آثاراً لا تمحى من عصور الاضطهاد والتكفير؛
3 – ليس للعلويين مرجعية مركزية دينياً؛ بعكس السنة الذين تتوزع مرجعياتهم بين الرياض والأزهر والإثني عشريين المقسمين بين النجف وقم؛
4 – هذا يعني أن العلوي يغلب عليه الطابع الفرداني فهو لا يعمل وفق غريزة القطيع لضعف سطوة الطائفة والعشيرة عليه؛
5 – العلوي، بسبب ضعف القيود التقليدية على يديه، منفتح وقابل أكثر من غيره لأن يكون علمانياً أو أن يتقبل الآخر المخالف له في الرأي أو المعتقد.
ليست المسألة طائفية، بل انسجام ثقافي. ما أكتبه ينسجم مع تفكير شريحة لا بأس بها من العلويين، وهي أعلى كنسبة مئوية من باقي الشرائح، وأحدد هنا السنة والإثني عشريين. والمجتمع السوري منقسم قبل كلّ شيء ثقافياً وقيمياً؛ ولولا ذلك ما كان معظم قرّاء أعمالي وكتاباتي من غير أهل السنة والجماعة. هذه الكتابات تحمل طعماً معيناً، ومن لا يستسيغ هذا الطعم، بغض النظر عن خلفيته التي تلعب بلا شك دوراً هاماً في “مذاقاته”، يلفظ هذا الزاد الثقافي. والموضوع ليس كارثة بالنسبة لي.
بقي أن أقول إنه حتى بين العلويين أنفسهم تختلف نسبة من يتذوق هذه الكتابات بين الساحل والداخل؛ فالانفتاح الذي أدعو له يميّز الساحل أكثر من الداخل، لذلك إذا فكّرت يوماً بعمل على نطاق مجتمعي سأختار طرطوس مقرّاً لنشاطي؛ ومن بعدها اللاذقية، ومن بعدها حمص، التي هي – كما يفترض – مدينتي!!
صدقوني:
المسألة ليست طائفية؛ المسألة توجه معرفي: إما أنت مع الماضي أو أنت من أنصار المستقبل.
عاشت سوريا علمانية
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **
أحدث التعليقات
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح