في مقابلة مع صحيفة ” التايمز” البريطانية نشرت، السبت، قال “بنجمن برافمان” محامي المنتج الهوليودي “هارفي واينستين” 65 عاماً ، أنه ” في حال ارتأت امرأة أنها بحاجة إلى إقامة علاقات جنسية مع منتج هوليودي بغية التقدّم في مسيرتها، وقامت بذلك فعلاً واعتبرته مقززاً، فإن الأمر لا يشكّل حالة اغتصاب … اتخذتم هذا القرار طوعاً وأبديتم استعدادكم للقيام بأمر يضايقكم شخصياً بهدف الارتقاء بمسيرتكم المهنية .. وليس هذا الواقع بجريمة … أن هذا الواقع لم يفرضه هارفي واينستين، فسمعة قطاع السينما كانت كذلك حتى قبل ولادتي”.
طبعاً من المعروف بأن المنتج الهوليودي ” واينستين” الذي تتهمه أكثر من مئة امرأة من المجتمع الهوليودي الفني الموبوق، من بينهن آشلي جاد وغوينث بالترو وسلمى حايك، بالتحرش والاغتصاب والاعتداء الجنسي، تم فضحه والتشهير به من قبل حركة “أنا أيضاً” على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بظاهرة التحرش الجنسي…
بالواقع هذه القضية تطرح مشكلة معقدة حساسة لها جوانب إنسانية ورغبة آدمية راقية, بتوق الطرفين, الأنثى والذكر, بممارسة الجنس, هذه المشكلة تتمركز حول: اين هو الحد الفاصل قانونياً بين جرم الإغتصاب والمعاشرة الجنسية برغبة الطرفين؟, أي متى نعتبره اغتصاباً ومتى نعتبره علاقة جنسية عابرة برضى الطرفين البالغين طبعاً؟ سنعالج هذا الموضوع من خلال المحاور التالية:
أولا: في المجتمعات الشرقية المغلقة, بمجرد قبول الفتاة بأن تذهب مع الشاب الى أي مكان مغلق, فهي بحكم المجتمع وحتى القضاء مذنبة ولن تستطع الحصول على أي حق لها, وكان الحل الوحيد لكثير من الفتيات الشرقيات في مثل هذه الحالات هو الإنتحار… ولكن الامر يختلف في المجتمعات الغربية, فذهاب المرأة الى شقة الرجل وحتى الاستلقاء معه في فراشه بغرفة النوم والقبول بتقبيله, لا يعط الرجل الحق بأن يمارس معها الجنس اذا كان ضد رغبتها, ونفس الامر ينطبق حتى على الزوج مع زوجته …
ولكن حتى موضوع الرغبة لدى المرأة هو معقد كثيراً.. لأنه من المعروف بأن أي أمرأه في العالم سترفض وتتمنع في البداية عندما يبدي الرجل رغبة نحوها وهذا جزء من انوثتها … وهنا السؤال الحيوي الذي يطرح نفسه: من يضع الخط الفاصل بين ابداء الرجل من رغبته الغريزية بجرأة وقوة, وبين تمنع المرأة الغريزي المنساق من طبيعتها الانثوية؟؟؟ .. ولكي أوضح هذه النقطة سأحكي لكم قصة حقيقية حصلت في بريطانيا وتم انتاج فيلم سينمائي عنها (للأسف لا اذكر اسم الفيلم):
القصة باختصار حول شابين وفتاتين جمعتهم علاقة صداقة حميمة منذ ان كانوا زملاء في كلية الحقوق, وبعد التخرج اصبح كل منهم محاميا محترفاً مشهوراً .. وقد تزوج كل منهم بصديقته وسكنوا في منزلين متجاورين لا يفصل بينهما الا سورا صغيرا بين الحديقتين .. شأت الأقدار ان يموت زوج احداهما بحادث سيارة … وفي احدى الامسيات خرج الثلاثة التي تجمعهم علاقة صداقة وجيرة وزمالة مهنة بسهرة الى احد المطاعم, وكجنتلمان بعد السهرة أراد ان يتأكد الزوج بأن صديقتهم ستكون بخير بعد أمسية حافلة بالطعام والشراب … فيوصلها الى منزلها .. وهناك تطورت الاحداث بينهما, وبدأوا بتقبيل بعضهما كما اعتادا عندما اثناء الدراسة.. وعندما أراد الرجل اكثر من ذلك رفضت لأنه أولا زوج صديقتها التي تحترمها ولا تريد ان تخون صديقتها مع زوجها .. ولكنه اصر على ممارسة الجنس كما كانا يفعلان اثناء الدراسة وقبل الزواج, واستخدم القوة معها, ولم تستطع المقاومة لأنها كانت تعبة وتحت تأثير الكحول .. وكان بقية الفلم في المحكمة بين أساتذة بعلم القانون وكل منهم يحاول ان يثبت قضيته, فمحامي الرجل يريد ان يثبت بأن ما جرى هو جنس برضى الطرفين وان التمنع الذي ابدته هو جزء من العملية الجنسية,.. بينما الطرف الثاني يريد ان يثبت بحيثياته بأن العملية هي اغتصاب ضد رغبة المرأة.. وتقول القصة بأن زوجة الرجل وقفت مع صديقتها بكل صدق, وطلقت زوجها, واعتبرت ان ما قام به هو اغتصاب كامل الأركان, مع العلم بأن المحكمة برأته من جرم الاغتصاب في النهاية … وهذا شئ اكيد لأنه من الصعب اثبات التهمة.
بعد مشاهدتي لهذا الفيلم انا أصبحت اسأل نفسي هل علاقاتي الجنسية التي قمت به اثناء دراستي في الغرب كانت اغتصاب ام ممارسة طبيعية .. فمعظم المرات عندما دعوت زميلتي للخروج الى أي نادي ونتمتع بالموسيقى والطعام والرقص ونعود الى منزلي وغرفة نومي, كان هناك تمنع من قبل الكثير من الفتيات!! ولكن بعد التمنع اصبحن نمرات متوحشات يطلبن المزيد والمزيد .. وقد اتهمتني الكثيرات منهن في اليوم التالي بأني أرغمتهن على ممارسة الجنس ولم يكن بكامل رغبتهن؟؟ .. ولكن من جهة ثانية كانت الكثيرات منهن تعتبر بأن ابدائي لرغبتي بها بهذه القوة والإصرار هو إطراء لها .. فأين هو الخط الفاصل بين هذا وذاك؟
ولكن من ناحية ثانية ليس بمصلحة النساء بالبلدان الحرة خاصة, ان يخاف الرجل بأن يبدي رغبته بالمرأة بطريقة جريئة فيها قوة … فهذا سيقضي على حياتهن الجنسية وخاصة في المجتمعات العملية التي فيها كلا الطرفيين مشغولين بالتقدم بحياتهم العملية وهي تسبق حياتهم الجنسية… وقد أظهرت الدراسات على ان الحياة الجنسية لدى الرجال والنساء على السواء ضعيفة جداً
ثانيا: ان استخدام المرأة للجنس من اجل التقدم بالمهنة ومن اجل المصالح معروف منذ قديم الزمان؟ والمنتج الهوليودي تحلم به الكثير من الفتيات المبتدئات بأن يمارس الجنس معهن مقابل دور لهن في أي فيلم له, والذي تكون ميزانيته عادة بمئات الملايين من الدولارات؟؟ فأين هو الحد الفاصل بين ما يعتبر اغتصابا او ممارسة برضى الطرفين؟ اترك هذا السؤال بعهدة السادة القراء؟