مابين سليمة و- سليمة

daiishkhalifaمن بين الاغاني العراقية القديمة برزت اغنية، سليمة ياسليمة، ونالت حظها من الشهرة بعد ان غناها الرعيل الاول من المطربين.
ولكن العراقيين باعتبارهم في المرتبة الاولى في موسوعة جينيز، للارقام القياسية في كل شيء لم يهتموا كثيرا ب”سليمة” الاولى وركزوا على “سليمة ” الثانية والتي تعني كل ذكر وانثى نالهما التشرد والصياعة و”اكلان التبن” والغباء الفطري.
وحتى كتابة هذه السطور لا احد من اللغويين يعرف كيف استطاع المواطن العراقي ان يطلق هذه التسمية على الذكر والانثى في نفس الوقت.
فالاب يقول لولده “ولك سليمة” ونفسها يطلقها على ا بنته حين يقول “ولج سليمة”.
ولأن الزمن يتطور ولا يقف عند سليمة واحدة فقد تبين بعد التحري انها تطلق على مجموعة من البشر ايضا مع اضافة كلمتي “يعرف ويحرف”.
في بابل الان 60 مدرسة اهلية وهو رقم يدعو للفخر وكل من يقرأه من الاغبياء سيقول نحن في عصر التطور العلمي الذي يعتبر امتدادا الى حضارتي اشور وبابل حينما كانت المدارس الاهلية في كل حارة بل في كل بيت وصريفة.
لو يمتلك احدكم عقلا تآمريا لوجد ان اصحاب هذه المدارس هم من اصحاب الكروش الذين كان لهم الفضل اما في تطور المسيرة النيابية او الحكومية بقيادة المغفور لهم اولاد المنطقة الخضراء.
في محافظة صغيرة نسبيا قياسا بمناطق العالم الاخرى تحتل 60 مدرسة اهلية مساحة لابأس بها فامر يدعو الى العجب.
لماذا؟.
لأن هذا العدد الهائل من المدارس تعني اولا ان المدارس الحكومية صفر على الجنوب وليس الشمال، وهي تعني ايضا ان اصحاب الكروش ساهموا الى حد كبير في تدني مستوى هذه المدارس لكي يضطر اولياء الامور الى التسول من اجل الحاق اولادهم وبناتهم في المدارس الاهلية.
لا أحد يستطيع ان يثبت ان اصحاب هذه المدارس حريصين “اويلي يابه” على ابناء بابل بل كلكم تعرفون حرصهم ينصب على “شنو”.
تربية بابل تصدت الى هذه الظاهرة من باب ان “الفساء” يبطل الصلاة فقالوا لابأس من كثرة هذا العدد ولكن الشرط التربوي الاول الا يتعدى عدد الطلاب في الصف الواحد 25 طالبا.
اعتقد عرفتم سبب كتابتي لمقدمة هذا المقال.
ماعلينا….
يعني الشباب في التربية يعرفون ذلك الشرط التربوي ولكنهم يصابون بالعمى او ال”الكورونا” حين يأتي ذكر المدارس الحكومية التي ينحشر في صفوفها طلاب لا يقل عددهم عن الخمسين في كل صف وكثيرا منهم يفترش الارض.
اما تعليمات وزارة التربية فقد سكتت عن المدارس الحكومية منذ زمان واصبحت في خانة “سليمة”.
فهي تنص كما تقول مسؤولة التعليم الأهلي في مديرية تربية بابل ازدهار كاظم آن “عدد المدارس الأهلية في محافظة بابل يصل إلى 60 مدرسة في مختلف المراحل منها 16 مدرسة ابتدائية وثلاث مدارس متوسطة وثماني مدارس إعدادية وثانوية و28 روضة أطفال وخمسة معاهد خاصة”.
وبكل عنترة تقول كاظم، أن “التعليمات الوزارية لفتح المدارس الأهلية تنص على أن لا تقل المدرسة عن ستة صفوف مع مختبر للعلوم ومختبر حاسوب للمدارس الابتدائية ومختبر للفيزياء والكيمياء للإعدادية منها والثانوية، إضافة الى مكتبة وغرفة إدارة وغرفة للمعلمين، في حين يخصص مجمع للذكور وآخر للإناث في حال كانت المدرسة مختلطة”.
ياسلام يابنت كاظم، كم انت رائعة حين تذكرين الناس بان وزارة التربية مهتمة بالمختبر والحاسوب وليس بالمرافق الصحية.
خوية، هل زرت مدرسة ناحية ابو غرق، طبعا لا لأنك لايمكن ان تطأي ساحة مدرسة كانت مخصصة للتمارين الرياضية ولكنها اصبحت مرافق طلابية فيها من البول والغائط مايشفع لوزارة التربية ان تقول لابد من وجود المختبرات والحاسوب في المدارس.
عيب بويه يابنت كاظم كان لازم تعتذرين عن هذا التصريح لأن اولاد الملحة كاعدين ركبة ونص، خصوصا من تذكرين نكتة ضرورة وجود التكييف في هذه المدارس. لأنهم سيقولون لك كما قال عادل امام: انا ماعنديش تلفون.
ولاندري بعد ذلك كيف سمحوا بتدريس مواد الرسم والمرسيقا في هذه المدارس؟ الا يخافون من داعش.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.