لم أسمح يوما لكلب ينبح أن يحجب عني بلبلا يصدح

wafaletterpoetiraqعندما يقترب ديسمبر تدخل أعصابي في أتون من نار….
يحمل لي هذا الشهر من الضغوط مالا يحمله العام كله.
تصفية حسابات…..تنقية علاقات….إعادة النظر في اعتبارات…
باختصار، تقييم عام للعام!
لكي يزداد الطين بلة، تطلبت بعض المعاملات الحكومية البارحة مني صورة فتوكوبية عن “عقد زواجي” بالعربي ومترجمة إلى الإنكليزي!
رغم حلاوة تلك الوثيقة كنت على ثقة من أن الذباب الأزرق سيكون عاجزا أن يجدها….
تنهدت بعمق كعادتي عندما أواجه تحديا، وبدأت عملية البحث ببرودة أعصاب…
كنت كمن يبحث عن ابرة في كومة من القش!
لم أجد الإبرة، لكنني وجدت جوهرة كنت أظن أنني أضعتها إلى الأبد!
…………
الجوهرة هي رسالة كانت قد وصلتني في ديسمبر عام ١٩٩٣ من الشاعرة العراقية الرائعة والمشهورة لميعة عباس عمارة!
كنت يومها في بداية حياتي الأمريكية، لا أحد يعرفني وأنا أشق طريقي بصعوبة بالغة في عالم لم أكن يومها أنتمي إليه….
أن تتنازل شاعرة مرموقة بمستوى السيدة لميعة عباس عمارة لتعبر عن دهشتها وإعجابها بمقال قرأته لكاتبة لا أحد يعرفها لأمر
إن دلّ على شيء إنما يدل على سمو أخلاقها وثقتها العالية بنفسها!
رسالة السيدة لميعة، كما هي كل كلمة جميلة سمعتها خلال رحلة طولها أكثر من ربع قرن، ساهمت ومازالت تساهم في صناعتي وفي
ردف قلمي!
وأنا أكن لأصحاب تلك الكلمات مالا أستطيع أن أصفه من حب وشكر وتقدير!
…….
إياك أن تبخل يوما بالتعبير عن مواطن الجمال حتى ولو كانت تعود إلى ألدّ أعدائك…
الإعتراف بالجمال يزيد الكون جمالا ويزيدك نعمة!
عندما أطالبك بأن تعترف بالجمال، لا أقصد أن تتغاضى عن القبح…
لكن باستطاعتك أن تكون جميلا حتى عندما تنقد القبح…
الأمريكان يقولون: “أن تقول لا بأدب خير ألف مرّة من أن تقول نعم بخشونة”!
…..
لكل الذين ساهموا في دعمي من خلال كلماتهم الجميلة أقدم أسمى آيات شكري، وأهديهم هذا المقطع من كتابي القادم
“دليلك إلى حياتي مقدسة”!
(عندما تقرر أن تأخذ مكانا لك تحت الشمس عليك أن تتحمل حروقها…
لقد كنتُ دريئة للكثيرين ممن صوبوا بنادقهم باتجاهي، لكن لم يمنعني هذا الأمر يوما من أن أحسَّ بالملايين التي دعمت موقفي وساهمت في نشر كلماتي…
لم أسمح يوما لكلب ينبح أن يحجب عني بلبلا يصدح….
لقد أسقطتُ من حساباتي كل شتيمة وتهمة باطلة، وركزتُ على كل كلمة جميلة ومشجّعة…
لم تسمح نقاطُ التفتيش ومراكز الجمرك المرابطة حول اُذنيّ يوما لفكرة سلبية أن تتسلل داخل عقلي، كي لا تهدم عزيمتي وتقوض من روح المثابرة التي تدفعني لأتابع مسيري…
تجاهلت عن قصد وسابق تصميم كل فكرة حاولت أن تمنعني من أن أكون نفسي، وتبنيّتُ في الوقت نفسه كل فكرة جميلة أشعلت شغفي للتعبير عما يجول في خاطري….
ذلك الشغف الذي يجب أن تملكه كي تكون من تريد أن تكون….)
**************************
نعم، لم أسمح يوما لكلب ينبح أن يحجب عني بلبلا يصدح…
وما أكثر البلابل في حياتي!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.