لغة الحديد والأرهاب والمشاعر العربية وسياسات الخارجية ؟

abdelrahmansharafعندما تقع حادثة تفجير أرهابي بأي دولة عربية كانت وأية جهة مستهدفة تنطلق مشاعرنا وعواطفنا بالبكاء والأنسانية وهذا أمر جيد على كل حال إذا ما أستطعنا أن ندرك الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا لهذه المرحلة . وترى مسؤولين هذه البلدان يدينون الأرهاب وهذه الأعمال الفضة ويكادوا أن يشعروننا بأن أطفالهم ذهبوا ضحايا هذه العمليات.
ولكن ينسوا هؤلاء المسؤولين وننسى نحن بأن نعالج الأرهاب من جذوره ونبقى نستمر بالتقليد والمجاملات والتصريحات المستعارة بالأقنعة المختلفة ؟
فيمكنني أن أقول هنا مشاعر وعواطف مؤقتة دون أدنى حس بالمسؤولية أتجاه مايحدث في الواقع العربي من كل جوانبه التي نشهدها في حياتنا اليومية وماتراكم علينا خلال حقبة زمنية ماضية. وهذه المسؤولية تأتي من جوانب مختلفة لأطراف متعايشه داخل هذه البلدان سواء كان بتحسين معتقداتها وتنويرها الفكري أو بالخطابات السياسية أتجاه بعضها البعض وتحمل الطبقة السياسية والدينية مسؤوليتها أتجاه هذا الشأن أو بالأخلاق السياسية الخارجية بالتعامل بشكل أيجابي وفاعل مع الأزمات والقضايا المختلفة . يبدو لنا واضحا رغم الحملة العالمية للحد من الأرهاب تفشل ولم تحقق خطوات جيده بالعكس يزداد التشدد والتطرف أكثر من ذي قبل. وهذا لأن العالم أجمع وممن يختصون بقضايا الأرهاب أخفقوا في تعريفه وكيفية التعامل معه. وأخفقت الأصوات العربية بدور أيجابي ومتوازن في توصيف الأرهاب وتعريفه في المحافل الدولية أيضا.
الوضع السوري أنتج أنقسامات بين الأطراف الداخلية والخارجية لحسم الشأن السوري بالتخلص من نظام كان هو لاعب أساسي بمخابراته بتجنيد الأرهاببين ونذكر تصريح المالكي في البيت الأبيض وتصريح حسون واعظ النظام السوري بأن لديهم أنتحاريين يجتاحون أوروبا والعالم كله ونذكر أيضا قضية ميشيل سماحه لتجنيده من قبل علي مملوك لأحداث تفجيرات ببيروت . وهذه الأنقسامات في الشأن السوري أدت إلى تعصب وتطرف كل طرف اتجاه طرحه وينقاد ورائه الكثير من الاتباع وعامة الشعب بهذا الطرح ويقفون ورائه وفي صفه .
وأصبح لكل طرف طرقه وأساليبة التي ينطلق منها بالخطاب والرفض للأخر والضغط عليه سواء كان بالقتل أو التفجير للضغط عليه والأنتقام منه وتتسع هذه المنهجية ليس فقط في الداخل بل خارج البلاد في عقر دار الطرف الأخر . أصبحنا في هذا العالم قرية واحدة لا ننفصل عن بعضنا البعض بالمواقف والقرارات التي تؤثر سلبا وأيجابا بردود فعل مختلفة.

دائما العمليات الأرهابية تأتي كردة فعل عن شيء مسبق حصل وتراكم من طرف أتجاه طرف أخر . للأنتقام أو توصيل رسالة معينة سياسية ودينية لهذا الطرف أو الدولة المعنية بالأمر.
وكلنا يعرف حوادث كثيرة حصلت كحادثة متروأنفاق لندن الأنتحارية ومجزرة الشاطىء التونسي للسياح البريطانيين وتفجير مجلة شارلي أيبدووأحداث والحادي عشر من أيلول.
كل هذه العلمليات كانت ردة فعل للقاعدة أو جماعات أسلامية متطرفة للرد بهذه الطريقة بعقر دار الطرف الأخر وذللك لأسباب عديدة في السياسة الخارجية أو لأسباب عقائدية
تستخدمها أطراف عديدة متلفقة بالأسلام والتعصب العقائدي لتحقيق غايتها وأهدافها.
وايضا التفجيرات الأرهابية التي شهدتها الدول العربية في الفترة الأخيرة الكويت لبنان سوريا العراق البحرين بالطرق المختلفة

وأن معظم هذه التفجيرات كان ورائها القاعدة أو داعش أو مايسمى الدولة الأسلامية في الشام والعراق ؟ التي يتفق العالم كله حاليا للتخلص منها بالتدخل بالطيران الحربي من جميع القوى الأقليمة في سوريا
اليوم هذه الدولة الأرهابية هي أصبحت قائمة بالأمر الواقع في الجغرافية العربية وتفرض حكمها على مساحة واسعة من الأرض تعادل نصف العراق وأجزاء كبيرة من سوريا وحوالي عشرة ملايين مواطن يحصلون على خدماتها الأمنية وطبية وتعليمية والماء والكهرباء وسيطرتها على حقول النفط ولديها ميزانية تصل إلى بيلون دولار ويؤيدها حوالي اثنان واربعون مليون مسلم وهذه استطلاعات للرأي وأحصائات عربية وأميركية.
أستطاعت داعش بأن تشكل هذه المقومات والأمكانيات كلها في غضون سنوات قليلة بنفوذها بالعراق وسوريا وتعتبر داعش اليوم أغنى وأكبر منظمة أرهابية
ولكن السؤال كيف أستطاع هذا التنظيم بهذه السرعة في أقامة دولة ويمللك كل هذه الأمكانيات هل هم أوجدوه أم نحن أوجدناه لأنفسنا وساعدنا على قيامه
لا أعرف من هم ولأ استطيع تحديدهم بالضبط ولكن نحن بالنهاية مسؤولون في المنطقة العربية وبالأخص حكامها المستبدين بدءا من النظام السوري والعراقي ومعظم دول المنطقة والدول الخارجية تساهلت كثيرا بتمدد هذا التنظيم منذ البداية وأيضا تساهل مرشديها ووعاظها ومفكريها ومثقفيها أمام هذه الفاجعة التي وصلنا إليها سواء كان على المستوى الميداني أو الفكري . ومن ناحية أخرى
لقد تعرضت المنطقة للأستبداد الفكري والديني والأذلال والأحباط عند معظم المكونات وتشرذمت بالتدخلات العسكرية والسياسية المختلفة في مختلف شؤونها وأحداثها اليومية وعدم وجود نحب سياسية ودينية مسؤولة محقة تحافظ على التوازن بين الداخل والخارج وعدم نضوج هذه المجتمعات جعلها وقود صراع سياسي وطبقي ومذهبي بالطرق المختلفة وتؤيد القاتل والعقيدة التي تحمل القتل سواء كان بحماية المقدسات أو الدفاع عن الأمة ونشر راية الأسلام والجهاد في سبيل الله.
مما جعل البيئة خصبة للأرهاب وللأصوات المتعالية بالحقد والكراهية أمام أية حركة تزرع في هذه المنطقة وتزداد خصوبتها بالمعتقد والمال والسلاح والأمكانيات التي توفر لها بزيادة نفوذها وتوسعها
والخطابات الدينية والسياسية المفعمة بلغة الكراهية وعدم التوافق بين المكونات المختلفة بطرق عقلانية ومثالية وإيجابية سواء كان بالتنشئة الدينية و المصالح والتوافق السياسي
زاد من حدة هذه المكونات وهذه البلدان بالتطرف أتجاه بعضها البعض
فالأرهاب أصبح بشكل فكري وسياسي بخطاب من حديد صلب أتجاه المصالح وتحقيقها والنفوذ والتبعية للدول الخارجية بطريقة بعيدو كل البعد عن مايناسب هذه المجتمعات من أستمرارية في الحياة والعيش والتطور .ليتطور ويرسم هذا الواقع العربي بالتفجيرات وقتل المدنين الأبرياء في المناطق المختلفة لأيصال رسائل سياسية ودينية بالصراعات والأنقسامات وأستغلال القوى الخارجية عربية وغير عربية لأطراف مختلفة لتحقيق نفوذها ومصالحها.
تقابلها ردة فعل بمثيلها بأرهاب أخر فكري وسياسي بالنار والترهيب بين الأطراف المنقسمة والمتصارعة والتي يقودها رجال ومسؤولين ليس لديهم أدنى المسؤولية بأحترام التعددية والحقوق والقيادة السليمة
فتنقاد الفئات الشعبية وراء هذه الأحزاب والحركات بالموروث الديني والثقافي والمشاعر والعواطف والتاريخ الفاسد لتشكل عند معظم مكوناتها محطة شهداء تزفها الى جنتها السماوية ويبقى واقعها رماد وجحيم عند كل عمل أرهابي وفي مسيرة حياتها اليومية المتصارعه والمنقسمه على بعضها البعض والمستغلة بالمشاعر والعواطف
وهل سيعترفون بداعش في نهاية المطاف كما أعترفوا بحركة طالبان؟ وهل العالم جاد في محاربة الأرهاب وهل الشعوب العربية ستصحى من غفلتها أمام الذين يقودونها دينيا وسياسيا أم سنبقى نسير بسينياريوهات مختلفة تعد لنا وينقاد حكامنا ورؤساء الأحزاب ورائهم ونحن نقتل بعضنا البعض بأكاذيبهم السخيفة وجهلنا بعقولنا وراء عقائدنا وأيديولوجياتنا التي تهتك بنا ولم تعد تنفع لمتغيرات العصر.
.

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.