كي تخنق عدوك عليك أن تُفرط في احتضانه

baborelkazأم خليل…
يا جارتنا الطيبة كم تذكرتك هذا الصباح….
لترقد روحك بسلام إلى الأبد، فذكراك ستظل حية مادمنا نعيش هذا الجنون الفاحش!

أم خليل كانت قروية طيبة تقطن في حينا…
امتلكت بابورين كاز، وكانا هدية والديها في عرسها…
أحد الأيام تعطل البابورين معا، فتوجهت بهما إلى مصلح البوابير!
….
تفحصهما تحت عدستي نظارتيه، ثم التقت بخبث وقال لمرمورا: لا أعتقد أنهما قابلا للتصليح!
ثم انتظر حتى كاد الخبر يقضي على أم خليل، فتظاهر بالعطف، وتابع يقول: سأحاول أن أساعدك قدر الإمكان، إذا اعطيتني البابورين وعشرين ليرة سأعطيك بابورا جديدا يشتغل على سن ورمح!
ناولت أم خليل مصلح البوابير عشرين ليرة والبابورين، وعادت ببابورها الجديد وهي ترقص فرحا!
بعد يومين لا أكثر ولا أقل، تعطل البابور الجديد، فحملته مرمورا إلى المصلح “العطوف” وشرحت له المعضلة!
تفحص المصلّح البابور جيدا، ثم قال لها: أشعر بالشفقة عليك، البابور غير قابل للتصليح، هل تقبلين أن اشتريه منك بعشر ليرات؟!
ولكي لا تعود أم خليل إلى البيت بخفي حنين ابتهجت للعرض ووافقت عليه بامتنان!
كانت حصيلة مصلح البوابير خلال ثلاثة أيام بوبورين وعشر ليرات مقابل لا شيء!
….
تذكرتُ أم خليل وقصتها هذا الصباح وأنا أصغي لوزير الدفاع السعودي يقول: تصاعدت المعارك!
في البداية تركتنا الصحافة السعودية والصحافة الموالية للسعودية بانطباع أن هناك وكرا للنمل الحوثي، وإن القضاء عليه سيكون بخبطة حذاء لا أقل ولا أكثر!
ثم سمعنا لاحقا أن مئات الطائرات السعودية والموالية قد حلقت فوق “الوكر” ودكته تحت سابع أرض….
شخصيا لم أكن أعلم أن لدى السعودية طائرات، إذ كنت أظن أنها تفسخ النمل المتمرد بجملين، ولكن يبدو أن التكنولوجيا قد وصلتها!
….
منذ بداية “ربيعنا” الساخن، وأنا أتساءل بناءا على مازلت أذكره من تداعيات مجزرة الحادي عشر من سبتمبر:
هل يعقل أن خمسة عشر ارهابيا من أصل التسعة عشر الذين ارتكبوا تلك المجزرة بحق أقوى دولة في العصر الحديث كانوا سعوديين، وسيمر الأمر بدون حساب؟؟؟
خلال الثلاثة عقود الماضية صرفت السعودية أكثر من ثمانين بليون دولار على فتح المدارس الاسلامية والجوامع ونشر الإرهاب في العالم كله. هذا ما تؤكده الإحصائيات الامريكية، ومع هذا هل يعقل أن يخرج علينا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ليقول عقب موت الملك السعودي عبدالله: خسرنا رجل أخلاق!!
يبدو أن الأمريكان تعلموا مقولة لينين: كي تخنق عدوك عليك أن تُفرط في احتضانه!
….
لقد كان للسعودية يد، لا يستطيع أحد أن ينكرها، في تدمير سوريا والعراق…
لقد دفعت كل ريالتها مقابل أن تنفذ تلك المهمة بجدارة، وأملا في أن تنال بابور المصلّح!
لكن مصلح البوابير أذكى وأشد دهاءا من ذلك بكثير…..
هو يعرف رأس الأفعى وقد أقنع ذلك الرأس أن ينفث كل سمومه، ولما فعل لم يبق عليه سوى أن يقطعه!
لو تدمرت سوريا عن بكرة أبيها، ثم اُتيح للشعب السوري أن ينال حريته وينهض من رماده سيكون حتما قادرا على إعادة بنائها، فالتاريخ شاهد!
أما السعوديون، فلا أعتقد أنهم سيجدون لاحقا بعيرا يركبون عليه!
وإنّ غدا لناظره قريب!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to كي تخنق عدوك عليك أن تُفرط في احتضانه

  1. Wafa J says:

    الغالية د.وفا
    لفت نظري صورة البابور الجميلة والتي أثارت في نفسي زكريات محببة …كلك جمال وفن
    والصورة هي التي أثارت فيني فضول قراءة المقال وإذ هي محبوبة الجماهير التي تحب وتقدر د.وفاء
    اؤمن تماما بكل ما تكتبينه وتحللينه صحيح
    لذلك أؤمن بأن
    غدا لناظره قريب
    كل الإحترام والمحبة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.