الناعور

iraqprisdentmlakiحوار بدأ بالسؤال الشخصي ثم تعداه،كالعادة،الى ازمة العراق.
هذا الحوار الذي تفصله آلاف الكيلومترات بيني وبين زميلتي سماء الخليلي التي هذه وصفت الازمة حين قالت ازمة العراق مثل الناعور.
لم اجد اكثر دقة من هذا التشبيه:حصان مربوطة عينيه بقطعة قماش ولايدري لماذا سوى انه يدور ويدور حول بئر الماء لساعات طويلة،ساقيا محاصيل الفلاح ويروي عطش الخضروات ولكنه لايدري انه يدور ويدور في دائرة.
هل صحيح ان ازمة العراق مثل حصان الناعور؟
العراق والحصان يدوران في نفس الدائرة وكلاهما وضعوا لهما قطعة قماش على عينيه حتى لايرى ماهو فاعل بل عليه ان يدور ويدور.انه امر محير ان يخلو العوراق العظيم من ساسة بمعنى الكلمة يديرونه ليحل محلهم مهرجون من الدرجة العاشرة.
هؤلاء الساسة،وهي كلمة تطلق جزافا،تركو كل مشاكل البلد واتجهوا مرة الى البحرين واخرى الى اليمن وثالثة الى سوريا،لم يجرؤ احدهم ان يخرج علينا ويقول مايجب قوله في احتلال الموصل وسبايا الايزيدين والمسيحيين والاطفال والشيوخ.
في البصرة يريدون اقالة المحافظ وفي ذي قار يردح الجميع في اجتماع مجلس المحافظة وعلى رأسهم سعادة دولة رئيس المجلس،وفي بغداد يتعارك النواب وكادوا ان يضربوا رئيس المجلس بعد ان تلاسنوا معه.
في بابل اطنان من المشاكل ونفس الوزن في تكريت وصلاح الدين.وحذارى من “يجيب واحد سيرة ايران بالنص”فتهمة العمالة للاجندة الخارجية جاهزة ولابد من تصفية الحسابات مع هؤلاء لأنهم موتورون وعملاء للاجنبي.
الكل يعرف ان ايران ليست جارة مخلصة ولايمكن ان تمد يدها للسلام خصوصا وان القائد المظفر قاسم سليماني يتجول بالعراق وكأنه في طهران ويبدو انه تقلد منصبا جديدا كمبعوث سلام الى اليمن.
لايعرف هؤلاء المهرجون ان العراق بل كل الشرق الاوسط معرض للتقسيم بعدها تندلع الحرب التي لايعرف احد حجم دمارها.
هؤلاء المهرجون يعرفون مايريدون بالضبط:هناك المحاصصة تحت شعار “شيلني واشيلك” وهناك سكرتير خاص للشؤون المالية يقدم كشف الحساب اليومي وياويله لو اخطأ بعدد الاصفار فانه يخير مابين الاستقالة او كاتم الصوت.
هؤلاء المهرجون ينتظرون ساعة الصفر حين ينقلب السحر على الساحر ويسحبوا جوازاتهم الاجنبية من الادراج ليهربوا محملين بالغنائم،وهي غنائم “كاش” واخرى حولت الى بلد الهجرة وغنائم السيدة الزوجة التي اشترت سبائك ذهبية ستكون عونا لها في بلاد الغربة.
ابعد هذا هل هناك افضل من تشبيه ان هذا الشعب مثل حصان الناعور؟ مجرد سؤال.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.