بقوة الإراده لن يتأثر المرء ببيئته , وبالأهداف الطموحه يمكن المباشره بواجب تهذيب وتثقيف النفس من أجل صقل مزاياها
عندما كنا صغاراً كنا نلعب بدمى بلاستيكيه مختلفة الأشكال والألوان صغيرة الحجم في قاعدتها من الداخل مثبت ثقل معدني , ولهذا فكيفما سقطت أو رُميت فهي لا تسقط إلا على قدميها , تسمية هذه الدميه باللغة الأنكليزيه : دمية رولي بولي .. بتفخيم الباء
في هذه الحياة هناك بعض الأشخاص ماهرون في تجنب الكوارث , وهم لا يقعون بسهوله , يشبهون دمية الرولي بولي التي تقف على قدميها كلما سقطت . مثل هؤلاء الأشخاص يمكن أن نجدهم في كل مكان , في التجاره , في مجالات العلم , في السياسه , في المؤسسات والبنوك , وأسواق البورصه , ودوائر التسجيل العقاري , والمحاكم
لماذا هذا النوع من الأشخاص لا يقهرون وعلى ماذا يعتمد نجاحهم المتواصل ؟ أولاً هم يمتلكون الحكمه التي تؤهلهم لفهم كل شيء . ثانياً لكونهم متجاوبين متعاونين مع الغير وقدرتهم على تحمل كل شيء . وثالثاً لحقانيتهم واستعدادهم للتضحيه . ورابعاً لتحملهم المسؤوليه وإستعدادهم لتحمل نتائج التقصير إن وقع
دمية الرولي بولي تتمكن من التمايل والتأرجح بسهوله وحريه , ولأنها تعرف كيف توازن نفسها فلا تسقط إلا على قدميها ولهذا فليس مهماً اذا كانت تقف في أي مكان لأنها حالما تسقط فستوازن نفسها
الروح المعنويه لدى أصحاب الإرادة القويه روح لا تقهر مهما كانت تضحياتهم . بنهاية الحرب العالمية الثانيه كان ( كوريشيكا أنامي ) آخر وزير دفاع ياباني قبل إندحار اليابان في الحرب . هو من تظهر صوره منحنياً على مائدة ليوقع على معاهدة إستسلام اليابان وكان ذلك يوم 14 آب 1945 وفي اليوم التالي صباحاً إنتحر على طريقة الساموراي وترك رسالة الى إمبراطور اليابان كتب فيها 9 كلمات فقط تقول : مع موتي أنا أعتذر بتواضع للإمبراطور عن الجريمة العظيمه
إنتحر كوريشيكا أنامي بطريقة ( سيبوكو ) حيث غرز سيفاً مستقيماً حاداً كالشفره في بطنه ودفعه بين أحشائه من اليمين الى اليسار مما يسبب ألماً رهيباً للمنتحر حين تتقطع أحشاؤه وتنزف كميات هائلة من الدم داخل البطن , ولا يموت المنتحر مباشرة بل يستغرق بعض الوقت . طريقة سيبوكو في الإنتحار الياباني تعبر عن معاقبة الذات نتيجة تقصير في تحمل المسؤوليه أو الوقوع في الإثم
الى حد اليوم يحترم اليابانيون كوريشيكا أنامي حيث يرقد في مقبرة مهيبه , أما رسالته الى الإمبراطور والسيف الذي انتحر به وثيابه الملطخه بالدم فهي حتى اليوم معروضة في متحف يوشكان في طوكيو
في هذه الحياة الأشخاص الذين لا يقهرون هم المعتدلون المتعاونون المتسامحون لأن هؤلاء لا يواجهون مقاومة من الغير ولا أعداء لهم , ولهذا اذا أردنا أن نصبح أشخاصاً لا نقهر فعلينا أولاً أن نمتلك الشروط الأساسيه لذلك .. وعندها لن يهزمنا أمر في هذه الحياة بالتأكيد
د. ميسون البياتي