انت وجاية من الشام باتجاه لاذقية العرب, بتستقبلك على حيط جسر جبلة, العاصمة الفعلية للدولة المخلو أسدية عبارة ” اهرب يا ولد, هارون بالبلد “, عادة زوار المدينة ما بيعطوها اهمية أو ييتعمدو عدم التعليق عشي بيعتبروه علنا خفة دم كاتب العبارة و سراً بالزعرنة و التشبيح.
بتشد عدعسة البنزين تزامناً مع تسارع نبضات قلبك لمجرد دخولك عش الدبابير. بتلمح من بعيد اشارة القرداحة ترحب بكم.
بس وصلت على مفرقها بتصطدم بعجقة سير خانقة, تتساءل كالعادة سراً شو صاير؟
بأغلب الأحيان بيكون السبب موكب سيارات تهريب راجعة من طرابلس لبنان أو موكب أحد أبناء عموم بشار , و احيانا باصات موظفين الدولة و طلاب الجامعات و المدارس التي عم يتسابقو لدخول الضيعة ليقدمو واجب النفاق على ضريح الاسد الأب , و ممكن يصادفك احيانا موكب الأئمة و المفتيين و اصحاب النيافة جايين لتقديم القرابين لمقام السيدة ناعسة قدس الله سرها.
بتخلص من خنقة مفرق القرداحة و انت رافع راسك لرب العالمين عم اتصلي انو سيارتك بعدها معك ما اجا شي قطاع طرق سرقلك ياها.
بتدوس مرة تانية حتى توصل لمفرق ضيعة الهنادي, هالضيعة المحاوطة بشجر الليمون و مطوقة بذكرى ابنها الضابط المسؤول عن سجن تدمر أثناء مجازر حماة, و قصة هالضابط اللي كلف زوجتو بلم المال والذهب من أقارب زوار سجن تدمر واعدتهون بتأمين موعد زيارة غالبا ما اتحقق.
بتمشي بسرعة لتشوف شي ينسيك قصة هالضابط و زوجتو و اللي ما بيروحها الا غيمة سودا بتغطي سماء الاوتستراد السريع الواصل لقلب المدينة. بيسألك ابنك: شو هادا بابا ضباب؟؟
لا يا ابني هاد دخان معمل الحديد تاع ايمن جابر و اللي حول شجر الليمون و الزيتون عمدخل المدينة للون رئة ختيار سوري بيدخن سيغارة الحمرا الطويلة الفاخرة.
بعد ما تنقشع هالغيمة السودة و تطفي اضواء الضباب بسيارتك, بتلمح من بعيد علم سوريا على سارية عالية بتحسها انها رح توقع لولا انها مسنودة ببعض العساكراللي عم يحتمو بفيتها هربانين من ثكنة اليهودية اللي صوبها.
بتقطع الدوار باتجاه المدينة مرورا بحامعة تشرين المزينة بصور القائد و ابناءالقائد و احفاد القائد و اسلاف القائد, صور ملونة و تانية بالابيض و الاسود و تالتة ممحية الوانها بالكامل بس ما في مين يسترجي يشيلها, لأنو لحتى تشيلها بدك مرسوم جمهوري صادر عن القائد بنفسو و مصدق من مجلس المهللين و المصفقين و ممهور من نقابة العمال و الفلاحين و من المكتب الفرعي لصغار الكثبة.
بعجقة الصور بتصطدم بدوار الزراعة الشهير..
الشهير !!!!! و من وين شهرتو؟؟؟
شهرة هالدوار بتجي من موقعو اللي بيحدو من الغرب بيت فواز و من الشرق بيت منذر و من الجنوب بيت الرب و من الشمال بيت الشاليش..
لما بتقطع هالدوار بتحس انو بالفعل هلأ بديت رحلتك السياحية.
لحد اللحظة اللي باتضيع افكارك عند الحيطان العالية لسجن اللاذقية المركزي صاحب السمعة السيئة, و آلاف الزوار الناطرين عالسور من برا, و مثلهم الألاف من عناصر الأمن و المخابرات.
بترفع رأسك بالعالي بتلمح الثياب الداخلية للمساجين و المعلقة على قضبان شبابيك زنزاناتهون.
بعد قرف هالصورة بتوصل لمفرق طرق..
يمين باتجاه البحر, او يسار لقلب المدينة.
فكرك البعثي الفطرة بيدفشك لتروح عاليسار مع عيلتك لشي مطعم من مطاعم المدينة مطاعم المدينة قبل ما تروح عالبحر.
بتوقف عند مطعم اسبيرو بتشوف عبابو مية سيارة ميرسيدس لزوار المطعم, و مئة بيجو لمرافقي زوار المطعم, و مئة كيا لأزلام زائري المطعم,و المخبر الكبير بياع اللوز.
ليش الشدة يا مرا, خلينا نشوف مطعم تاني.
بتدخل عالاميركان لتشفلك شي مطعم تاني
بتختار واحد ليستقبلك المضيف : ما تواخزني استاذ المطعم محجوز..
بتتطلع باستغراب للطاولات الفاضية..بيقرا المضيف استغرابك وبيجاوبك قبل ما تسأل: بتتذكر المية ميرسيدس و المية بيجو و المية كيا عند اسبيرو استاذ؟؟؟ احتمال كبير كلهون يجو هون يأركلو و لازم الطاولات تكون جاهزة لاحتمال جيتهون.
حسبي الله ونعم الوكيل, بتقضيها انت و مرتك و ابنك بشوية بسكويتات جايبهون معك من الشام..
بتبدا مرة تانية سواقة باتجاه البحر, و بنص الطريق عند افاميا بتصرخ بابنك ؟ شو ضرطت يا كلب لعما بألبك عهالريحة…
يا شحارو لهالولد طلعت براسو كل مجارير افاميا المفتوحة و اللي عمر ريحتها من عمر البعث…
عيسار الطريق بيصادفك مدينة اشباح
بتسألك مرتك خايفة: شو هاد ابن عمي؟؟؟.
هيدي مدينة وليد عثمان الرياضية بنت عمي..
من وليد عثمان بابا؟
ما حدا ماحدا و انسيه لهالاسم و امحيه من راسك
عقرب البنزين لامس النهاية لما بتوصل على منتجع الشاطئ الأزرق.
الابتسامة و التفاؤل على وجه مرتك اللي عم تحلم بأكلة نضيفة و تشميسة بعدها, و ابنك بالمقعد الوراني ملهي بلبس المايو و نفخ بالون البحر.
تقف على واجهة قطع التذاكر. لتستقبلك بنت من شاكلة مضيفات الطيران السوري او عشكل مذيعات التلفزيون الرسمي…
بلا اهلا و لا سهلا..
كم واحد انتو؟
تلات اشخاص ستنا.
ستة الأف ليرة..
الغرفة بست الاف ستنا؟؟؟
باستخفاف بتجاوب: ..أفي غرفة, دخولية بس..
و شو بدنا ناكول ستنا؟؟
جبلك كم قضوضة من برا.
بتتطلع بجزدانك لتشوف شو معك مصاري. بتشوف بقيان من راتبك يا دوب حق بنزين لرحلة رجعتك عالشام و حق تلات مناقيش زعتر و قنينة بيبسي جامبو و تمن قنينة اسيتون لمرتك لتشيل الموناكير.
و لافتة عطريق الرجعة بتقول:
شكرا لزيارتكم لاذقية العرب.
الحكمة:
لاذقية العرب صارت بس للمصابين بالقمل و الجرب…