قصة وحكمة من زياد الصوفي.. 140

القصة:

المسيحية عبيروت ، و العلوية عالتابوت..

طلع علينا تلفزيون الدنيا الاكثر مشاهدة من قليلين الاخلاق بالايام الاولى لثورة الحرية و الكرامة بأحد عواجلو:

الارهابيين في جبلة طلعو من جامع ابو بكر و هنن عم يصرخو: المسيحية عبيروت و العلوية عالتابوت..

ضجّت سوريا بهالعاجل، و عديمي الأخلاق صارو يتداولوها على صفحاتهون و بقعداتهون ، متهمين فيها اهالي جبلة بالتكفيريين و الطائفيين، لحد ما صدّقو تماما انو هاد اللي صار و اعتمدو بالدفاع عن ربهون بشار على هالعبارة المخابراتية المعلبة..

الحقيقة غير هيك تماماً..

الحقيقة أنو عقلهون الباطن اللي بيحمل طائفية غير مشهودة، خلاهون يصدقو أنو هالكلام انحكى..

جبلة .. هالمدينة التاريخية اللي دفعت اكبر الأتمان و بكل هدوء و بدون ما حدا يضوّي عليها، و اتحملت من النظام تهمة هالعبارة الكاذبة اللي قالو انها طلعت من ساحاتها..

الك علينا اليوم واجب نوضّح اللي صار، مع أنو من الخطأ محاولة اثبات اللي هوة مثبت بالاساس..

جبلة و حقيقة اللي صار …

انطلقت مظاهرة الشام ب١٥ آذار ٢٠١١، و عملت درعا بالجمعة الاولى هالردة الفعل التاريخية اللي حركت كل مشاعر الوطنيين بسوريا …

أهالي جبلة و على عوايدهون، كانو من أوائل اللي لبو نداء اهالي درعا، و بديو بتنظيم خروج المظاهرة الاولى ب ٢٥ آذار…

ما حدا من أهالي جبلة كان متوقع أنو يطلعو أهالي هالمدينة الصغيرة عن بكرة أبيها، نظراً لوجود قطعان هائلة من الشبيحة المتربصين لأي حراك ممكن..

من جامع سيدنا أبو بكر، و من جامع السلطان و بعد انتهاء خطبة الجمعة، طلعت صرخات الحرية..

حرية حرية.. اسلام و مسيحية..

بالساحة المقابلة لمسجد ابو بكر اجتمعو آلاف الجبلاوية، بصرخة وحدة ما عم تنادي الا للحرية و الوحدة الوطنية..

الاف البشر زحفو عهالساحة، على مرأى و مسمع من الشبيحة اللي ما كانو مصدقين المنظر اللي عم يشوفوه..

بتمشي المظاهرة لحتى وصلت للمجمع الحكومي اللي بيبعد مئات الامتار عن جامع السلطان، و بكل حارة كانت عم تمر فيها هالمظاهرة ، كانو الاهالي عم يتركو بيوتهون و ينضمو لشباب الحرية اللي صارت أعدادهون غير قابلة للحصر…

و ما زال شعار حرية حرية هوة السائد لهيدي اللحظة..

بيوصلو للمجمع الحكومي، و بيستنفر الأمن و بيحاوط المظاهرة ، بيبني جدار بشري عند آخر الشارع لتنفيذ المخطط الطائفي..

مئات من عتاصر الامن بيوقفو بوجه مظاهرة الاحرار، ليمنعهون من الوصول بحسب اعتقادون لمنطقة الجبيبات ذات الاغلبية العلوية..

هيك بديت..

شباب رايحين بمظاهرة عفوية للمجمع الحكومي و شعارهون حرية و بس، و الامن من الجهة التانية أعطى و بكل خبث انطباع لأهل الجبيبات انو السنّة جايين يدبحوكون..

بيطلعو و نتيجة هالتحريض الطائفي اهالي الجبيبات و بيجتمعو بسلاحهون عند ساحة البريد، و ما في شي براسهون الا انو السنّة جايين يدبحونا ، و ما يتركو حدا فينا طيّب…بعد فشل المحافظ بتهدئة الامور، قرر منظمين المظاهرة يقتربو اكتر من ساحة البريد المجتمع فيها الموالين و الشبيحة و الطائفيين..

قرارهون كان فيه شجاعة كبيرة، بس الهدف كان أسمى بكتير من الشعور بالخوف..

هدفهون يوصلو للموالين و يقنعوهون أنو نحنا أهل و اللي عم يروّج الو عناصر الامن مانو صحيح..

بتوصل المظاهرة على ساحة البريد..

حرية حرية. للسنة و العلوية…

بتحريض من الامن كمان، بيهربو الموالين من الساحة و بيتخبو بشارع الفروة، و بيتفرجو على ابناء مدينتهون كيف عم يخترقو جدار الخوف من حارة لحارة، و عم تتمدد المظاهرة لتعم كل المدينة…

واحد واحد واحد … الشعب السوري واحد…

حرية حرية.. للسنة و العلوية…

بتاخود المظاهرة القرار التاريخي ،بمحاولة لتبيان أنو هدفنا مانو طائفي و الهدف هوة الكرامة لكل اهالي هالمدينة بكل الوانها…

بيقرروا يوصلو لمنطقة العمارة اللي سكانها بشكل كامل من العلويين..

بيوصل آلاف البشر عساحة العمارة تحت دهشة و خوف اهاليها ، انو دبحنا صار عالابواب، و ما عاد بيفصل حد السكين عن رقابنا الا امتار قليلة..

ربع ساعة بالساحة و شعارات الترغيب بالانضمام للثورة مازالت هية القايمة…

الساحة اتحاوطت بعناصر الامن السياسي، و عناصر امن الاطفائية و حشود من الشبيحة و المهربين…

لحد ما اجت اللحظة اللي اتغير فيها كلشي…

من على شباك بيتو اللي بيطل عالساحة، بيسحب الشبيح صقر زيدان روسيتو و بتطلع أول رصاصة بثورة جبلة…

الشهيد الطفل شادي ميمة كان أول شهداء هالمدينة، اللي ضل يركض و الرصاصة عم تنهش بلحمو عشر امتار و يهرب مع اللي هربو من المظاهرة ليتخبّو من رصاص الغدر..

بيصرخ هالولد آخر صرخة و جملة قالها بحياتو : في شي سخن بضهري..

و بيسلّم روحو..

بتفرط مظاهرة الحرية على صوت رصاص الشبيحة و على صوت الشعارات المضادة : الله سوريا و بشار و بس..

ليلتها و ليكمل فيلم التحريض الطائفي…

الأمن بينظم مسيرة عفوية، و بيخرجو موالين و شبيحة النظام على المناطق السنية و عالكورنيش و ما بيتركو محل أو عرباية درة و فول الا بيكسروها و هنن عم يصرخو:

شبيحة للأبد لاجل عيونك يا اسد…

الحكمة:

اتطلعّو بالشوارع مين اللي صار بحواري بيروت…

و لا توقفو عالدور، طابورنا طويل ناطرين فرصة لنشتري تابوت…

 

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.