قصة الخليقة بين الدين و نظرية التطور

humamraceوردت تفاصيل خلق الكون والنباتات الحيوانات والانسان في ستة ايام في سفر التكوين من العهد القديم (توراة موسى) ، وكانت مرجعا مهما للانسان لمعرفة كيف نشأت الارض وتكونت السماء بنجومها وكواكبها ومجراتها ، وخلق الكائنات الحية، ومن اوجدها ولماذا
وذُكرت قصة الخليقة في التوراة للنبي موسى خلق الكون اي السماء بكل اجرامها الفلكية والشمس والقمر والنجوم ، واختص سفر التكوين بذكر خلق كوكب الارض بالذات وبالاسم من دون بقية الكواكب لأهميتها كمسكن لخليقة الله من الاحياء والنباتات والحيوانات والبشر ، ووفر الخالق للاحياء كل مستلزمات الحياة من هواء وماء عذب وغذاء لكل منها. ولم يذكر ان كائنات حية اخرى خلقت على كواكب اخرى سوى الارض ، وهذا مطابق لأحدث المكتشفات الفلكية لغاية اليوم ، ولم يثبت الى اليوم رغم الابحاث الفلكية وجود حياة في اي مكان خارج الارض
هذا المرجع المهم لسفر التكوين يتمسك به المؤمنون بالخلق الالهي كمصدر للمعلومات عن خلق المادة والحياة من لا شئ بكلمة الله وقدرته . وهذا ما يعارضه وينفيه الملحدون المؤمنون بنظرية التطور الداروينية التي لا يوجد لها دليل علمي وعملي مقنع لحد الان . انهم يعتقدون بأن الانسان خلق من اصل حيواني تدرج في التطور من كائنات ادنى ، حيث بدأت الحياة اول مرة على كوكب الارض في المياه الدافئة بخلية وحيدة ، لا يعرفون كيف تكونت وكيف دخلت فيها الحياة وجعلتها تتغذى وتتنفس وتتكاثر بالانقسام . ثم تطورت هذه الخلية اليتيمة الى كائنات اكثر تعقيدا حسب اعتقادهم ، منها الهلاميات المائية والاسماك والبرمائيات ثم الثدييات البرية والطيور والداينصورات وظهرت انواع من القرود التي استمرت بالتطور حتى نشأ الانسان من احدى سلالاتها المتقدمة ، وتطور القرد من كائن يمشي على اربعة اطراف منحني الظهر الى المشي على قدمين بعد ان انتصب عموده الفقري (هومو اريكتوس) واستمر بالتطور ليصبح انسانا بسلالات مختلفة منها انسان جاوة ، وانسان بكين والنياندرتال حتى وصل الى الجنس البشري الحديث حيث عرف اللغة والزراعة وتدجين الحيوانات .
كتاب العهد الجديد (انجيل السيد المسيح) ساهم ايضا بذكر قصة الخليقة وايّد ما جاء في سفر التكوين في التوراة، وعلى لسان السيد المسيح وتلاميذه ، وذكرها بولس الرسول في رسائله العديدة . مؤكدا ان الله خلق الحيوانات التي نراها اليوم كما هي في بدء الخليقة دون ان تتطور الى انواع اخرى في خلال مسيرة الزمن الغابر، وكذلك خُلقَ الانسانُ على صورة الله ومثاله ، خلقَ الله آدمَ من تراب الارض واديمه واعطاه نسمة الحياة من روحه، ومن ضلعه خلق اول امراءة حية هي ام كل الاحياء التي دعي اسمها حواء ومن نسل آدم وزوجته حواء وذريته تكاثر الانسان وتكون الجنس البشري منذ ما يقارب الستة الى ثمانية الاف سنة او اكثر حسب تقدير الكتاب المقدس .
احداث سفر التكوين الذي يتحدث عن الخلق والخليقة قد اعيد ذكره وتأكيده على لسان السيد المسيح وتلامذته في اكثر من 100 مصدر في انجيل العهد الجديد .
يوجد 60 مصدر عن احداث سفر التكوين للخليقة الجديدة في العهد الجديد . السيد المسيح تكلم عن الخليقة واستشهد بسفر التكوين 16 مرة . من اصحاح (1-11) .
كما تم التأكيد في العهد الجديد على حقيقة حدوث الطوفان العالمي في زمن نوح وابادة الاحياء جميعا عدى عائلة نوح المكونة من ثمانية افراد وهذا ما ذكره كتاب العهد القديم لموسى .
في هذا المقال سنركز على ما ذكره كتاب العهد الجديد فقط عن قصة الخليقة وتأكيده على صحة ما جاء في سفر التكوين للعهد القديم اي توراة موسى ، وان الاحياء جميعا هم من صنع الله منذ الخلق وحتى اليوم ، وليس نشأؤا بالتطور التدريجي عبر الزمن بفعل الانتقاء الطبيعي وصراع البقاء كما يدعي دارون واتباعه اليوم .
ففي رسالة بولس الرسول الى العبرانيين 11-3 يقول :
” بالايمان ندرك ان الله خلق الكون بكلمة منه . فصدر ما نراه وما لا نراه “
اي ان الله خلق المادة التي نراها كالصخور والجبال والمعادن، والتي لا نراها كالهواء والبكتريا والفيروسات والجاذبية والشحنات الكهربائية من لا شئ وبكلمة منه . وهذا ما يعارض نظرية التطور تماما.
انجيل يوحنا 1:1- 4 جاء فيه : [ في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. 2 هذا كان في البدء عند الله. 3 كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. 4 فيه كانت الحياة ]
اما انجيل متى اصحاح 22 الاية ( 34-35) فيقول السيد المسيح:
[ سينزل بكم العقاب على سفك كل دم برئ على الأرض من دم (هابيل) الصديق الى دم زكريا بن برخيا …] يستشهد السيد المسيح هنا بخلق الانسان الاول بذكر اسم (هابيل) ابن ابي البشر (آدم) الذي خلقه الله كأول انسان على الارض ومنه تناسل بقية البشر الحاليين. وهذا ضد نظرية التطور الداروينية التي تقول ان الانسان تطور من سلالة قرود
ذكر توراة موسى قصة الطوفان العالمي الذي انزله الله على سكان الارض من بشر وحيوانات وابادهم جميعا ما عدا النبي نوح وعائلتة والحيوانات التي امره الله بجمعها وحملها معه في فلكه الكبير لحمايتهم من الانقراض .
وأيد انجيل العهد الجديد حدوث ذلك الطوفان العالمي ، والذي ايدت وقوعه الابحاث العلمية والجيولوجية . فذكر انجيل لوقا اصحاح 17 الاية (26-27) : ( وكما حدث في ايام نوح ، فكذلك يحدث في ايام أبن الأنسان . كان الناس يأكلون ويشربون ويتزاوجون الى يوم دخل نوح السفينة ، فجاء الطوفان واهلكهم كلهم . )
وقال بطرس الرسول تلميذ السيد المسيح في رسالته الثانية اصحاح 3 الاية (5-6) :
( فهم يتجاهلون عن قصد ان الله بكلمة منه خلق السموات وارضا تكونت من الماء وبالماء ، وبها غرق العالم القديم في الماء وهلك ) .
كلمة [غرق العالم القديم في الماء وهلك] … دليل على ان الطوفان كان عالميا غطى الارض كلها وليس محليا.
كما ان هناك آيات عديدة تتحدث عن الطوفان في زمن نوح وبناء فلكه مثل رسالة بطرس الاولى 3-20 ، ورسالة بولس الى العبرانيين 11-7
لقد حفظ لنا الطوفان الكثير من متحجرات الكائنات الحية لذلك الزمن بين طيات الصخور وطبقات الارض المترسبة لنكتشفها الان ونعرف انواع واجناس الحيوانات التي كانت تعيش في زمن نوح ونقارنها مع الاحياء الموجودة الان ، لقد وجد علماء المتحجرات ان المتحجرات القديمة المحفوظة بين الصخور منذ عصور بعيدة كلها من نفس الانواع واصناف الاحياء الحيوانية التي تعيش الان تماما دونما حدوث اي تطور بيولوجي فيها كما يدعي التطوريون.
ولم يُثبت لنا اصحاب التطور وجود متحجرات لحيوانات تحمل صفات لحيوان مرّ في مرحلتين من التطور، من جنس الى جنس او نوع آخر، او قد تطور من مرحلة الى اخرى ، اي لديه صفات واعضاء في طريق الاضمحلال كان يمتلكها سابقا اوظهور صفات جديدة واعضاء في طور التغيير والتطور لم تكن موجودة سابقا. كأن يكون الحوت الذي يقولون انه كان حيوانا ثدييا بريا تحول الى العيش في البحار، فلابد انه كان يمتلك ارجلا للسير على البر وتحولت في مرحلة تطورية لاحقة تلك الارجل الى زعانف للسباحة في البحر . فهل انقرضت الارجل وظهرت الزعانف في ليلة وضحاها ؟ لابد ام ذلك التغيير ان حدث يحتاج ملايين من السنين ، اذن لابد من العثور على متحجرات او هياكل عظمية لحيوانات مرت بالمرحلتين اي حيوانات امتلكت الصفتين البرية والبحرية اي لها ارجل في طريق التحول الى زعانف مشتركة الوظيفة كي تتبث صحة نظرية التطور ، وهذا لم يحصل الى الان .
الكتب السماوية التوراة والانجيل و القرآن كلها ذكرت قصة الخلق و ان الله خلق الكون و الحياة و الانسان و الحيوانات والنباتات وكرمت الانسان و جعلته في اعلى مقام و اسمى المخلوقات التي تمتاز بالعقل و التفكير ،
والقرآن ذكر في نصوصه ان الله خلق الانسان في احسن تقويم .
فماذا خلق دارون غير فلسفة الالحاد الفارغة و حط من قيمة سيد المخلوقات الانسان و جعله ابن عم للقرود ومن سلالتها الحيوانية .

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.