الترا صوت: جورج كدر – كاتب وباحث وإعلامي من سوريا
في كتابه “فقه اللهجات العربيات، من الأكادية والكنعانية وحتى السبئية والعدنانية” (دار شمأل، دمشق 2001) يطرح الدكتور محمد بهجت قبيسي نظرية مثيرة للجدل تقول إن أصل قريش من بلاد الشام، وتحديدًا من سوريا. تعتمد نظرية القبيسي على التاريخ اللغوي والطقسي الذي رسخته قبيلة في الجزيرة العربية من خلال ثقافتها ولغتها، بناء على إحصاءات لغوية تم من خلالها حصر عدد الكلمات المشتركة بين اللغات القديمة التي كانت النواة التي تشكلت منها اللغة العربية.
طرح الباحث السوري محمد بهجت قبيسي نظرية مثيرة للجدل تقول إن أصل قريش من بلاد الشام، وتحديدًا من سوريا
يقول القبيسي في نظريته التي سأختصرها في عدة نقاط:
إن اللهجة العربية العدنانية (العربية الفصحى) تحوي من الآرامية 75% من مفرداتها، كما أن الآرامية تحوي من العاميات 11.2%.
إن العربية العدنانية تحوي من الكنعانية ما هو بحدود 94%.
إن العربية العدنانية تحوي من الأكادية بفرعيها الآشوري والبابلي بحدود 60% رغم غربتها وتأثرها بالدخيل، ألا وهو السومرية.
إن العربية العدنانية لا تحوي أكثر من 65% من العربية السبئية أو العربيات الجنوبيات.
بمعنى آخر فإن اللهجة العربية العدنانية تمت بصلة إلى الشمال أكثر مما تمت بالصلة إلى الجنوب.
إن أسماء الأشهر القمرية: محرم، صفر، جمادى 1، جمادى 2، ربيع 1، ربيع 2، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة، تحوي ثمانية أشهر مناخية (والمناخ شتاء وصيفًا واضح في الشمال أكثر منه في الجنوب) وأربع أسماء دينية. وإذا
ما أجرينا المقارنة التالية:
الترتيب بعد إجراء النسبية بين ربيع وجمادى (راجع ص 134 من الكتاب)
وهكذا نجد ثمانية أشهر تحمل معنى مناخيًا هي: صفر، ربيع 1، ربيع 2، شعبان، رمضان، شوال، جمادى 1، جمادى 2، وأربعة أشهر تحمل أسماء دينية، منها ثلاثة سرد وواحد فرد هي: ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، والفرد رجب.
ولما كانت الفصول الأربعة واضحة في بلاد الشام، وغير واضحة في شبه الجزيرة العربية، اضطر أصحاب هذه الأشهر إلى استعمال القمر لمعرفة المواقيت، فأُسقطت أسماء الأشهر المناخية الشمالية على الأشهر القمرية في شبه الجزيرة العربية.
كثير من الأسماء الخاصة ككلمة “عصفور” تعطينا ما يرجح لنا هذا الموضوع. فكلمة عصفور: في الآكادية: إصّر، في الأوغاريتية: عصور، وفي السريانية والآرامية: صفور. وهكذا نجد كيف أن اللهجة العدنانية ضمت اللهجات العربيات الشماليات (الأكادية والأوغاريتية والسريانية) في جذرها المركب الرباعي المؤلف من: إصوروم (أكادية) + عصور (أوغاريتية) + صفورو (سريانية) = عصفور (عدنانية).
قبيلة قريش وافدة إلى مكة وقد سبقها في الإقامة بها قبيلة جُرهم
نحن نعلم أن قبيلة قريش وافدة إلى مكة وقد سبقها في الإقامة بها قبيلة جُرهم، وأن معنى القبيلة هي الجماعات التي قبلت التعايش مع بعضها لحماية نفسها، ومعنى قريش من قَرَشَ أي جَمَعَ فهي مجموع لأكثر الأطراف الشمالية ذات اللهجات المتعددة فأخذت أحسنها وألفت القبيلة “قريش”. كان لقصي زعيم قريش بيت دائم في دمشق. رحلة الشتاء والصيف التجارية كانت متأصلة بقريش فمعرفتها في الشمال كانت كبيرة.
اسم الشمال في العدنانية من شمأل عاصمة (مملكة يادي الآرامية) الواقعة في شمال غرب سوريا (لواء اسكندرون اليوم) وهي مدلول على الاتجاه، أما اسم الشمال في اليمن فهي أشامن، حيث كان اليمني يقف قبالة الكعبة باتجاه الشرق فيقول: أيامن: أي الجنوب جهة اليمن، أشامن: أي الشمال جهة الشام. فالشمال في العدنانية من شمأل وهي في شمال بلاد الشام (راجع ص 400)، والشمال في اليمنية من الشام. يقول امرؤ القيس: فتُوضِح فالمِقْراةِ لم يَعْفُ رَسْمُها/ لما نَسَجَتْها من جَنوبٍ وشَمأَلِ.
لكل هذه الأسباب كما يلخص القبيسي يقول: إن قريش أتت من الشمال ولم تأتِ من الجنوب كما يشاع. نخص في ذلك قُرب العدنانية للكنعانية والآرامية الشماليتين أكثر منها للسبئية الجنوبية.
إنَّ وجود قواسم مشتركة بين اللغات يدل على حرية التبادل الثقافي والمعرفي بين الشعوب ،وقد حافظت الشعوب على ثقافاتها في أوعيتها اللغويّة. والجدير بالذكر أن هناك فرضية قوية لإعتبار اللغة العربيّة أماً لكافة اللغات الحية ومصدراً غنياً أساسياً لَهَا. والدليل على ذلك استعمال اللغات الأوربية مجموعات من حروفها الأبجدية ،مأخوذة من اللغة العربيّة.Abcdمن ابجد ،klmn من كلمن، qrst من قرشت. وهناك فرضية تنسب إلى النبي يونس عليه السلام فضل اختراع الاحرف الأبجدية العربية بداية بحرف النون ولذلك سمي ذا النون ، وبملاحظة ذلك نرى أنّ حرف النون باللغة العربية هو الحرف الوحيد في اللغة العربية الذي يستعمل للاعراب وتمييز حالات النصب ( َ) والكسر ( ٍ) والضم ( ٌ) والتنوين (“) والمثنى والجمع ونون النسوه وغيرها… ولو دققنا النظر في حرف النون وتشابهه مع حروف ال ب وال ت وال ث ( مع ملاحظة عدم استعمال التنقيط إلا في وقت متأخر وذلك بهدف تمييز الحروف بالنسبة لقارئي القرآن الكريم من الأعاجم ) وكذلك حرف ال س وال ش هي نون مع شرطة إلى اليمين ، وحرف ال ع وال غ وال ف وال ق وال ك وال ط والظ ( كانت كتابتهما مفتوحة الرأس ).وقد يتبادر إلى الذهن الإختلاف في بعض الأحيان بين القواعد الموضوعة من النحويين وبين بعض الاستعمالات الغير مطابقة لها والواردة في القرآن الكريم ، والرد على ذلك هو أن القرآن الكريم جاء بلغة العرب الفصيحة أصلاً وماتنوع قراءاته إلا كحتمية للهجات العربية السائدة آنذاك دون أي مساس بالمعنى المراد إيصاله للقارئ. وعليه فلا خلاف إن كان أصل من الشام أومن الجزيرة العربية طالما أن أباهم إبراهيم كان أصلاً من بلاد الرافدين ( العراق )
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: الدليل القاطع من القران نفسه بأن قريش ومحمد نفسه ليسا من شبه جزيرة العرب {الأعراب أشد كفرا ونفاقاً… ، ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر … } ؟
٢: عن الامام أحمد عن عن عن عن النبي قال (من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن إتباع السلطان إفتتن } ؟
٣: وأخيراً …؟
لما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولا وإنما كانت البعثة من أهل القرى ، بدليل قوله تعالى { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى } يوسف : 109 ، واللبيب تكفيه الإشارة ؟