قرضاوي صيني كونفوشيوسي!

قرضاوي صيني كونفوشيوسي!

طلال عبدالله الخوري

لدي حساسية مفرطة من اي رجل دين يتحدث بالسياسة, او من اي سياسي يستشهد بآيات دينية, فهذا يعني بالنسبة لي شئ واحد: وهو ان الرجلين, السياسي والديني, كاذبان رخيصان, نقطة على السطر انتهى.

وكما يقال: لا سياسة بالدين, ولا دين بالسياسة. وأي سياسي لا يحصر خطابه بالمصطلحات التالية: العلاقات الاقتصادية المشتركة, تطوير الخدمات وسوق المنافسة الاقتصادية, وخلق استثمارات جديدة, فهذا ليس برجل سياسة وانما رجل دين دجال!

السياسي الذي يقول لنا بأن هناك امكانية لخلق عالم افضل, أوتقليل الهوة بين الغني والفقير, من دون ان يعطينا الآلية العملية لتحقيق ذلك معتمدا على علم الاقتصاد, فهذا ليس بسياسي وانما رجل دين دجال.

السياسي الذي يشتم الرأسمالية والامبريالية والصهيونية والغرب من دون ان يقدم لنا برامج اقتصادية واقعية مبنية على علم الاقتصاد, فهذا ايضا رجل دين دجال.

منذ حوالي القرن, ويحكم الصين الحزب الشيوعي الصيني, وسياسة هذا الحزب بحكم الصين هو ان اولوية الاولويات, واهم شئ بالبلاد هي رفعة ومكانة الحزب الشيوعي الحاكم وتأليهه وتصويره على انه السبب وراء حياة وتنفس الشعب الصيني وهو سبب نموه الاقتصادي , حتى ولو كان ذلك على حساب قتل الملايين من الفقراء وعلى حساب رفاهية المواطن الصيني وحريته وكرامته, فالانسان ورفاهيته غير مهمة بالنسبة للحزب, وما هو مهم هو نجاح الحزب بحكم الصين واستمراريته.

كان لابد من هذه المقدمة, لاننا في هذا المقال سنقوم بفحص بعض الافكار التي يروجها الكاتب الصيني Yan Xuetong , يان شيتونغ, في مقاله الاخير بعنوان :
(How China Can Defeat America)
” كيف يمكن للصين ان تتغلب على أميركا “, والذي نشرته جريدة النيويورك تايمز الاميركية, حيث يعتبر يان شيتونغ احد اهم الكتاب الحكوميين الصينيين الشيوعيين, وهو أيضا أستاذ العلوم السياسية وعميد معهد العلاقات الدولية الحديثة في جامعة تسينجوا الصينية, اي ان كاتب المقال هو أحد صانعي القرار وراسمي السياسات الصينية الخارجية في الوقت الحالي؟

في مقاله: كيف يمكن للصين ان تتغلب على أميركا, يصل السيد يان الى نتيجة مفادها بأن الدولة التي تتمسك بالاخلاق اكثر هي الدولة التي ستفوز بالسباق العالمي على المدى البعيد, وقد وصل الى نتيجته هذه معتمدا على افكار الفلاسفة الصينينين القدماء؟

morality can play a key role in shaping international competition between political powers — and separating the winners from the losers.

طبعا هذا ليس كلام سياسي وانما كلام رجل دين دجال, لانه لم يقل لنا ما هي المعايير العملية للاخلاق. نحن نعرف بان المعايير يتم وضعها عبر قوانين دولية شفافة عادلة للجميع ومتفق عليها بين جميع الدول! ويجب ان تحمي هذه القوانين حقوق الانسان بما فيها الحقوق الاقتصادية, على عكس السياسة الصينية التي لا تحترم حقوق الانسان؟
الفكرة الثانية التي اراد ان يروج لها السيد يان هو ان حل المشكلات الاقتصادية عن طريق المساعدات المالية هو غير مجدي في الحالات الحرجة اي انه ضد المساعدات الاقتصادية كحل للازمات المالية كما تفعل اميركا لكي تكون هي الفائزة بالسباق العالمي؟

Both governments must understand that political leadership, rather than throwing money at problems, will determine who wins the race for global supremacy.
Many people wrongly believe that China can improve its foreign relations only by significantly increasing economic aid. But it’s hard to buy affection; such “friendship” does not stand the test of difficult times.

من الواضح ان السيد يان هو معارض لمشاركة الصين ماليا بحل الازمة الاقتصادية التي تعاني منها منطقة اليورو؟؟
الفكرة الثالثة التي طرحها السيد يان هو اهمية السياسة الداخلية وهي التي ستكون المرآة للخارج لكي تستأثر بقلوب وعقول العالم؟ أي أن تحول الصين أولوياتها من التنمية الاقتصادية إلى تأسيس مجتمع متناغم خال من الهوة بين الأغنياء والفقراء، كما أنها بحاجة إلى استبدال عبادة المال بالقيم الأصيلة واستئصال الفساد السياسي من أجل العدالة الاجتماعية والإنصاف.

According to ancient Chinese philosophers, it must start at home. Humane authority begins by creating a desirable model at home that inspires people abroad.
This means China must shift its priorities away from economic development to establishing a harmonious society free of today’s huge gaps between rich and poor. It needs to replace money worship with traditional morality and weed out political corruption in favor of social justice and fairness.

مرة ثانية هذا ليس بكلام رجل سياسة وانما رجل دين دجال فهو لم يقل لنا عن الآليات العملية لتقليص الهوة بين الغني والفقير؟

ما كنا نود ان نعرفه من السيد يان هو هل يعقد الصينيون بان العالم واميركا سيمح للصين بأن تستمر بالغش بالتجارة العالمية عن طريق ابقاء عملتها رخيصة وبذلك تكون قد قامت بعملية الدعم الحكومي للسلع, وهذا مخالف لقوانين التجارة الحرة والمنافسة الشريفة؟ وأين الاخلاق الكونفوشيوسية في هذا؟

ما كنا نود ان نعرفه من السيد يان هو هل يعتقد بان تسلط الحزب الشيوعي وتسيير البلاد بالحديد والنار, وانتهاكاته المستمرة ضد الشعب الصيني وعدم احترامه لحقوقه الآدمية, فيها اي شئ من الاخلاق الكنفوشيوسية ؟؟

ما كنا نود ان نعرفه من السيد يان هو انه هل استثمارات الشركات الصينية باستخراج المواد الاولية من البلدان التي لا تحترم حقوق الانسان مثل السودان وسوريا وليبيا سابقا وبيع هذه الدول الاسلحة لقتل شعوبها, ومساندتها بمجلس الأمن عن طريق رفع الفيتو, لتأمين لهذه الدول الغطاء الشرعي الدولي للاستمار بقتل وتنكيل شعوبهم, هل هذا كله فيه اي شئ من الاخلاق الكنفوشيوسية. وهل هذا يساعد الصين على كسب قلوب الناس بالخارج والتغلب على اميركا؟

لا نريد من الصين دجالين يحاضرون علينا بالاخلاق, فلدينا بالعالم العربي من هذه النمر الآلاف المؤلفة حيث يتم تخريجهم في كل سنة من مختلف المعاهد الدينية بالعالم العربي.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to قرضاوي صيني كونفوشيوسي!

  1. س . السندي says:

    أخر الكلام بعد التحية والسلام … ؟
    أولا : لولا أسواق الغرب العملاقة خاصة أسواق أوربا وأمريكا وقدرتهما الشرائية الرهيبة لما كان للصين خاصة من قيامة بهذا الشكل الذي رأيناه ، وهو ما إستغلته الصين لأبعد حدود بدليل أنه بمجرد هبوط القيمة الشرائية لهاتين الكتلتين وكساد أسواقهما دفع الحكومة الصينية للإتخاذ إجراءات إحتياطية ومنها اللجوء إلى الخزين ألإحتياطي لإبقاء عملتها بعيدة عن تأثيرات ألأسواق العالمية، ويبقى السؤال هنا هل يصفح الغرب عما فعلته وتفعله الصين ، وهل تنجو من ربيع الثورات بعد أن إنتهى شهر عسلهم في القارتين ، الجواب عند جهينة السر الدفين ؟

    ثانيا : إن تدخل رجل الدين بالسياسة أو تدخل رجل السياسة بالدين فهو من باب ألإحتياط ، فإذا ما كسدت تجارة الدين فهناك السياسة ، وإذا ما كسدت تجارة السياسة فهناك الدين ، وليس أحلى من ألإتجار بالإثنين كما يفعل اليوم ألإخوان المسلمين ؟

    ثالثا : إن عالم اليوم شاء البعض أم أبى فقد غدى قرية صغيرة … والحمقى وحدهم من لايصدقون ذالك ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.