أتقدم بالشكر الجزيل لاحد المعلقين في مقالتي ” نهضة مليار إمرأة ” الذي تولى الرد على المعلق قاسم أمين الذي إنتحل إسم
الكاتب الذي كان اول من دافع عن المرأة وحقوقها العالم العربي بينما..
يقول السيد قاسم امين.
“” أعتقد أن القوى الصهيونية التي إغتصبت بلادك وشردت شعبك يا أحلام أكرم قد فرضت يدها القوية ومنعت دخول السيد القرضاوي إلى بريطانيا لذلك لم تجديه واقفاً يدافع عن حقوق المرأة في ذلك اليوم الممطر البارد في لندن، وفي المقال تقولين : (أو مطالبة بحقها في ميراث والدها الذي يعتقد بحمايتها وإكرامها بنصف حق أخيها في الميراث…) وهذه الجملة بالذات تكررت كثيراً في مقالاتك وبما أن مقالك هذا هو عن العنف ضد المرأة أحب أن أسألك ماهي العلاقة بين ميراث البنت مقارنة مع ميراث أخوها بحسب الرؤية القرآنية وبين العنف ضد المرأة؟ هل ياترى أنت ضد أحكام الميراث الواردة في القرآن؟ وهل تعتقدين أن أحكام الميراث في القرآن نوعاً من العنف ضد المرأة؟ أرجو منك الإيضاح… “”
حقيقة أن هناك لوبي يهودي قوي في بريطانيا.. ولكن هذا اللوبي مقسوم.. لنصف يدافع عن الحقوق الفلسطينية بقوة.. وآخر يدافع عن الحق في يهودية إسرائيل وحقها في التوسع تبعا لعقيدتها التوراتية.. ولكن منع القرضاوي من الدخول لبريطانيا كان بناء على مديحه للعمليات الإستشهادية على إعتبار انها شكل من أشكال الجهاد.. والذي لم يتمخض عنه شيئا سوى الخوف الإسرائيلي المبالغ فيه والربط العقائدي مابين محو إسرائيل من الوجود كالسبب الأول لهذه العمليات.. بحيث اعطت ذريعه كبرى لإسرائيل في تشويه حقائق الصراع.. وفي التوسع الغير قانوني والغير أخلاقي على حساب بؤس الإنسان الفلسطيني.
القرضاوي رجل الدين التقّي..قرأت انه لم يدفع مستحقات الطلاق لطليقته الجزائرية أسماء بن قلادة.. ورفض الإلتزام وهو الملزم شرعآ حتى بالفتات من الأحكام الشرعية حين رفض دفع مستحقات الطلاق وهي مؤخر الصداق ونفقة العدة والمتعة وأجرة السكن.. إلى أن تدخّل شيخ الأزهر ونصحه على إعطائها هذه الفتات (ولا أدري إن كان أخذ بالنصيحة؟).. ولم أسمعه مرة واحدة يدافع عن أي حقوق للمرأة.. بل كل أحاديثه التي سمعتها كانت تحث المرأة على الطاعة.. والإلتزام الأعمى!!!!
اما بالنسبة للعلاقة بين ميراث البنت مع ميراث أخوها.. فأود أن أوضح.. بأن الإسلام حقيقة كان ثورة في عصرة.. حيث أجمع العديد من فقهاء الدين على إجماع أعراف الجزيره العربيه قبل الإسلام على حرمان المرأه من حقها في الميراث. حين كانت المرأة،تورّث من جملة الأغنام والبعير والأملاك في مجتمع كانت المرأة فيه تباع وتشترى وتعتبر جزء من إرث المتوفي يرث الحق فيها وفي التمتع بجسدها ورثة المتوفي الذكور إن أرادوا.. وليس لها أي حق في وراثته سواء كان أبا أو أخا.. أو حتى زوجا….. عملآ بما جاء في شريعة حمورابي من حرمان المرأه المتزوجه من الميراث.. ثم ما كان معمولا به في الأديان الأخرى التي كانت سائده في الجزيره العربيه آنذاك.. اليهوديه.
والمسيحيه.. والصابئه والحنيفيه والدهريه.. وأن كل هذه الأديان تفننت في إذلال وتحقير المرأه.. إلى أن جاء الإسلام.. وأعطاها حقآ في الميراث لم تكن لتحلم به.. ولكننا لا نستطيع التوقف عند هذا الحق النصفي.. خاصة ونحن نؤكد بأن الإسلام فضّل التدرج في تغيير العقليات.. مراعاة لمجتمع قد يرفض التغيير الجذري الذي كان مطلوبا آنذاك.. فمن الأولى وإعترافآ بهذا المبدأ بأنه آن الأوان للبدء في تغيير العقليات…
وحين نؤكد بأن المساواة أصل راسخ في البناء التشريعي للإسلام.
إضافة أنه ومن المعروف في الأحكام الدينية تلك أنها إرتأت مبدأ النسخ في القرآن لمصلحة المجتمع ومراعاة للتطور الإنساني..
فمع تغير الأحوال..ومساهمة النساء في إعالة أسرهن.. ألم يحن الوقت لنتجرأ لمناقشة مثل هذه التشريعات.. والأهم ترسيخا لمبدأ المساواة الذي نؤمن بأنه الأصل الراسخ في الدين.. أن نعمل على إستنباط قوانين تتخذ من المساواة الأساس كما في قوانين حقوق المرأة العالمية.. خاصة وأن لدينا المثل الأعلى في مساهمة المرأة في إعالة زوجها.. كما فعلت السيدة خديجة ( سلام الله عليها ) لمدة تزيد عن 13 سنة..حيث مكنته بمالها من التفرغ للتعلم من إبن عمها ورقه بن نوفل صاحب اكبر خبرة آنذاك في الديانات.. وأن النبي ( سلام الله عليه ) لم ينفق عليها إطلاقا خلال الثلاثة عشرة سنه التي عاشها قبل وفاتها.. وقبل الهجرة.. لأنها كفته عن العمل مما أعطاه الوقت الكافي للتعلم.. والتأمل.. والتحنث والبحث عن سر الكون ونشر الدعوة!!!!! لقد تعلمنا ودرسنا بدور السيدة خديجه في بث الثقة.. وفي مشاركة النبي وهو تأكيد على ان مبدأ الشراكه هو الأصل في الزواج.. ألا يعني هذا أيضا المساواة؟؟؟
إن هناك الكثير من النساء اللواتي يساهمن في إعالة أسرهن.. فهل من المنطق أن تاخذ مثل هذه المرأة الثمن حين وفاة الزوج.. بينما تكون قد ساهمت في ما تركه من مال… هل من المنطق والعقل أن تتشارك بناته مع أعمامها وعماتها إن لم يكن له ولد؟؟؟ خاصة وحين يكون إرثه لا يكفي حتى لإعالة بناته!!!!!!! ألا يتحايل العديد من الأعمام لأخذ أكبر نصيب لهم في الإرث.. ثم ألا يتحايل العديد من الآباء في وضع عقود بيع وشراء بينهم وبين بناتهم حتى لا يشاركهم أحد في الميراث.. أليس من الأفضل أن نحمي الرجل من هذا التحايل.. ونحمي المرأة بقوانين تتماشى مع حقوقها التي أقرها الله عز وجل..
كلنا يسمع بقصص تحايل الأقارب.. الأعمام والعمات على الزوجة والإبنة لحرمانهما من نصيبهما في الإرث سواء كان المتوفي غنيا ام فقيرآ….
كلنا يعلم بقصص كتابة عقود بيع وشراء بين العديد من الآباء والبنات لحفظ حق كلاهما خاصة إذا لم يكن هناك ولد… ولكن هناك قصص أيضا عن خسارة كلتاهما في متاهات القضاء حين يموت الأب بنوبة مفاجئة….؟؟؟
هناك العديد من القصص التي تفضح تحايل الإخوة على ميراث الأخت.. قصة المرأة السعودية التي ’نقلت إلى المستشفى ليجدوا في معدتها سلاسل أمها الذهبية.. مثلا لذلك.. لقد دفعها الخوف من الحرمان من ميراث أمها لتبتلع هذه السلاسل؟؟؟؟؟؟ كلنا يقرأ ويسمع عن ضياع المرأة في متاهات القضاء حين يتخلى الولي الأخ عن مسؤولياته المادية تجاهها.. وطبقا للثقافة المجتمعية السائدة.. فإن المجتمع يتقبّل تحايل الأخ و تهربه من مسؤولية الإنفاق.. ويستهجن مطالبة المرأة بحقها…
إن نصف ميراث المرأة.. شكل من أشكال العنف.. لأنه ’يرسّخ لعدم المساواة.. ماذا لو تزوجت المرأة رجلآ على خلق ولكنه أقل منها في النواحي المادية.. فلماذا ’تحرم من حقها أسوة بإخوتها لتحسين معيشتها.. وماذا سيكون إحساسها حين يتمتع الأخ وزوجته وأولادة بميراث أبيها.. بينما ’يحرم اولادها منه..
العنف ليس فقط في الضرب.. ولكن العنف النفسي في الحرمان من الحق أكثر ضررا وتأثيرا على الصحة النفسية وعلى علاقة الإخوة والأخوات ببعضهم وإستمرار هذه العلاقة!!!
إضافة إلى ذلك.. أن هناك الأقليات من الأديان الأخرى التي لا تريد الإلتزام بالتشريع الديني.. فلماذا نجبرهم عليه.. ولماذا نعطي هذه الأقليات الفرصة لتطبيق تشريعاتهم المختلفه.. والتي ونتيجة لذلك تقضي على مبدأ المواطنة؟؟؟؟
ستتهمني بأنني نسيبت أن أقر بأن المرأة المسلمة مكفولة النفقة..نعم من الزوج الذي يملك الحق السيادي في الطلاق.. وفي الزواج باخرى.. ومن الإخوة الذين وحين عودتها تصبح عالة عليهم وعبئا كبيرا على زوجاتهم؟؟؟
السؤال.. لماذا نسيء إلى ديننا بالتصلب.. والتوقف عند زمن غابر لا يتماشى مع التطور العصري..ومع القيم الإنسانية الكونية حولنا.. علينا أن نتسلح بالشجاعة الفكرية ونطالب بالمساواة حرصا وحماية للدين من التشوية الذي يتفتّق به علماء جهله يبثون في قلوبنا الخوف والرعب من الله عز وجل.. بينما الأصل في صفات الله العدالة والمحبة لجميع خلقه بدون تمييز…. وعليه لماذا لا نعمل على حماية المجتمع كله نفسيا؟؟؟
سيدي لقد عمل المشرّع على إستنباط حق لأولاد الإبن المتوفي في ” الوصية الواجبة “.. فلماذا لا نختصر الطريق ونعمل على إصلاح شامل للنظام القضائي بما يتناسب والحقوق العالمية للمرأة وللإنسان.. أختصارا للمعاناة.. وللوقت الذي لم يعد في صالح مجتمعاتنا ومنطقتنا العربية… ولمحو ما التصق بها من نعوت الإنغلاق والتحجر والإرهاب….
منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية