في الذكرى السابعة للثورة المصرية 2011

في ذكرى 25 يناير 2011
المتأمل للصراع في وطننا اليوم يجد أن أعظمه نوعين، النوع الأول والأخطر هو الصراع الديني كصراع المسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة والأرذوكس والبروتستانت إلخ، وهو صراع لا تندمل جراحه بسهوله ويستمر سنيناً طوالاً وتكون ضحاياه بالملايين؛ أما الثاني فهو صراع قبلي عنصري يحاول فيه عنصر ما ان تكون له الغلبة والسلطة داخل الوطن على عنصر آخر حتى ولو كان من نفس الدين وذات الملة، ومن ثم فالجيش – في عالمنا الثالث – أصبح يراه كثير من المقهورين أنه الوحيد صاحب التغيير، صاحب السلطة، مالك الدستور، وحاكم الشعب. وبالرغم من ذلك – ومن منظور الراديكاليين الفقراء – أصبحت تلك الجيوش لا تملك القدرة على تحريك الثابت الآسن إلى متحرك متجدد، جيوشا لا تحقق – كما كانت بالأمس – أمل الملايين في الحد الأدنى المتكامن في صدورهم من الحرية الإنسانية ودحر الديكتاتوريات الحاكمة التي جثمت على صدورهم عقوداً حتى يستشعر – المواطن – بفضل جيشه الوطني، جيش بلاده الوطني، انه موجوداً يأخذ ويعطي ويتفاعل ويمارس حقه الطبيعي في الحياة كسائر الشعوب من حوله وليس كمن يحيا في مجموعة شمسية أخرى وفي زمن آخر يسير عكس عقارب الساعة.
تلك المسألة تسببت داخل المجتمعات العربية بما سمته بعض الأنظمة ” الفلتان الأمنى ” بينما أطلق عليه المقهورين ” الغليان الشعبي ” وإزدادوا تمرداً وهم يعلمون حجم وجرم وخطأ التمرد ولكن تحت إيمان بأن خطيئة المتمرد الغاضب أعظم وأطهر من حسنات النظام الديكتاتوري الذي يعتلي كراسي الحكم منذ عشرات السنين، فخطيئة المتمرد من وجهة نظر المقهورين تشفي غليل اليائس المقهور بينما حسنات النظام لا تزيدهم إلا فقراً وبطالة.
هذه وجة نظر الناس بالفعل وليست محض سيناريو خيالي أتيته عن علم من عندي، لأن المتأمل المهموم بردود أفعال الناس في الشارع العربي يجد أن الأنظمة في الوقت الذي أدارت فيه ظهورها لشعوبها ولمطالب شعوبها، خرجت من محاضن تلك الشعوب جماعات راديكالية نمت في قاع الوطن الذي تطأه قدم حاكم واحد أو وزير واحد أو محافظ حتى تحول هذا القاع لكتل عشوائية عانت من ضياع المواطنة ومن كسر الحلم ومن التهميش فاستولت بسبب ذلك الجماعات الراديكالية بأفكارها وبغضبها على الوعي الجمعي لجموع قاع المدينة وعلى مشاعر المقهورين الذين وجدوا فيهم ( معولاً ) للثأر من الديكتاتوريات الظالمة المترفة التي تحكمهم، بل واعتبروهم جماعات منصفة واعتبروا رموزهم قادة ستقودهم لشاطئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ثأراً للمستضعفين الذين لم تنصفهم قادة الجيوش الوطنية حينما وقفوا على الحياد فكان حيادهم لصالح الحكم الديكتاتوري وليس لصالح الشعوب التي يقهرها الديكتاتور بحكمه الذي طال أمده ولا ينتهي، بل ولن ينتهي إلا بثورة الشعوب نفسها ومن ثم رأت تلك الشعوب بكل الكامن فيها من غضب واحلام مستحيلة في هذه الجماعات قاده مخلصين ومصلحين وزعماء سيقودونهم لتحقيق تلك الأحلام وتخفيف أو تجفيف حدة ذلك الغضب فالتفوا حولهم ودعوا لهم بالنصر وعلقوا صورهم – رغم أنف النظم – في غرف نومهم استبشاراً بهم وهي مسألة انتبهت لها الأنظمة الديكتاتورية بالفعل ولكنها انتباهه متأخرة – ورغم الإنتباهه – لم تجد أو تقدم ولو حلاً واحداً سريعاً لعلاجها لان غالبية هذه النظم كانت– تحت وطأة الظرف السياسي الفوضوي والتدخل الأجنبي بالمنطقة – تبحث عن كل وسيلة تحافظ بها على كرسي الحكم في البلاد؛ ومن منطلق ديكتاتوري ولكبت مشاعر الناس تجاه هذه الجماعات ظهرت وسائل قمعية تجاه الشعوب قبل الجماعات التي ولدت من رحمها وسقطت تلك الأنظمة في فخ قهر الناس بدلاً من اظهار بصيص من حسن النوايا في تحقيق متدرج لأحلام هؤلاء البشر ليستشعروا الحد الأدني من أنه وطن لا يأكل أبناؤه .. لكنهم حق عليهم القول فلم يفعلوا وقامت الثورات التي أطاحت بكل شئ أمامها حتى القيم والأخلاق.
واليوم، جزء كبير من الشارع الشعبي داخل الوطن تحكمه بالفعل رموز وقادة تلك الجماعات التى تطورت كثيرا في مناهجها وآلياتها ووجدناها تنشطر بسرعة من بعضها كالانشطار الجزيئي للذرة إلى جماعات اصغر فأصغر كل منها له عقيدته وعنصره ومناهجه، يصارعون بعضهم البعض أحيانا وسط شماتة النظم ثم لايلبثوا أن يتحدوا ضد النظم فتشمت الشعوب في رؤوس الحكم، شماته تدفع أحيانا برؤوس بعض الأنظمة لأن تعقد مع تلك الجماعات صفقة قد تصل إلى الشراكة الرمزية في حكم البلاد اتقاءً لخطرهم الكامن كما حدث في تونس والعراق والمغرب ولبنان وما قد يحدث في سوريا واليمن وليبيا وربما مصر في المستقبل القريب.

نزكي لكم مشاهدة: فيلم الساحة
ربما الحل في أن يعود للناس – من خلال حكامهم الحاليين – كبريائهم الإنساني من جديد لتستعيد بهم بلادهم الكبرياء الوطني، ربما اصبح لزاما على من وقع عليه حكم البلاد بعد ثورات الربيع العربي وتم اختياره ليكون رئيساً للبلاد بعد سفك دماء عظيمة بعضها مازال يسفك حتى اليوم أن يجاهد ويتفانى في تحقيق العيش والحرية والكرامة الإنسانية، ليستعيد الكل كبريائه الإنساني وحد الرضا من تحقق الطموح، على من تم اختياره حاكما على الناس أن يغلق كل أبواب الفساد التي قننتها ديكتاتوريات قبله وانقسم بسببها الناس في الوطن الواحد لأسياد وعبيد، وعلى الجيوش الوطنية ألا تقف على الحياد بين الشعب والحاكم لأن حياد الجيش دائما مايصب في صالح الحاكم الديكتاتور على حساب الشعب وأحلامه وكبريائه الوطني ورغبته في البناء.

نزكي لكم مشاهدة: فيلم الساحة
بقلم محيي الدين إبراهيم
vob5@hotmail.com

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.