فلسفة مبسطة: الصراع الطبقي .. من ستالين حتى زينب!! (وقصة تعبيرية: زينب تستحق اضافة معاش)

nabilaudehحسب الماركسية يتجلى الصراع الطبقي في الحياة الاجتماعية بأكثر صوره شدة في ظل النظام الرأسمالي، وتضيف الماركسية ان الصراع الطبقي بين البروليتاريا (أي طبقة العمال) والبرجوازية يحدد كافة جوانب حياة المجتمع.
تقسم الماركسية الصراع الطبقي الى ثلاثة أشكال من الصراع هي: الصراع الاقتصادي، السياسي والصراع الأيديولوجي. حسب الماركسية تطور الصراع الطبقي يؤدي لا محالة الى وصول البروليتاريا للسلطة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا.
طبعا ما حدث هو النقيض المطلق!!
في الواقع ان ما ذكرته أعلاه هي تعاليم سادت في فترة ستالين، وألصقت بماركس والماركسية. الواقع ان ماركس لم يُعرف الطبقة بالشكل الذي ساد “ماركسية ستالين”.
ورد تعبير الطبقة والطبقات في كتب ماركس ورسائله دون دخوله إلى إعطاء تعريفات دقيقة.. المفكر اليهودي أمريكي نوعم تشومسكي يقول ان تحليل ماركس للطبقات كان نظريا وتجريديا وكانت حدوده الفكرية تعتمد على الواقع الأوروبي الغربي في القرن التاسع عشر. من هنا يرى الكثير من الباحثين ان البروليتاريا لم تنشا إلا في فترة محدودة تاريخيا في القرن التاسع عشر، ثم تلاشت ولم تنشا أي بروليتاريا خارج الدول الأوروبية الغربية المتطورة اقتصاديا. طبعا لم تنشا بروليتاريا في أمريكا أيضا. فقط العقول المريضة تتوهم بنشوء بروليتاريا في دول الرمال النفطية. من الأسهل ان ينور الملح…من ظهور بروليتاريا في قرننا الواحد والعشرين!!
لا اريد التوسع ببحث أصل تعبير بروليتاريا لكني أضيف نقطة أساسية ان أصل التعبير جاء من الامبراطورية الرومانية، لوصف الفئات المسحوقة المعفية من الضرائب. ثم استعمل الاصطلاح اقتصادي انكليزي للتمييز بين فئتين من العمال، فئة عمال شديدة الفقر وفئة عمال ذوي مكانة اقتصادية أرقى.
اذن ما سجلته الماركسية او سجل عنوة باسمها لم يكن الا بدع فترة ستالين، وقد سادت بالفكر الشيوعي حتى أيامنا هذه دون ان نجد مفكر عقلاني يعيد التفكير ويزيل ألتاثير الستاليني الخاطئ والمدمر للحركة الشيوعية. التي ما زالت أحزابها تتعامل مع الموضوع كمرتكز أساسي في فكرها وتخطيط سياساتها.
السؤال المهم اليوم ، وبتجاهل كامل لما سبق وسجلته: هل يوجد حقا صراع طبقي؟
أين هو؟
كيف لا نشاهد هذا الصراع في الأنظمة الرأسمالية الكبرى؟
ما الذي تغير؟
للأسف الخطأ كان في الفهم المشوه لماركس. لنتخيل، في القصة التالية، الصراع الطبقي بين الشغالة زينب ومشغلتها عبير .. وكيف “تنتصر” الطبقة العاملة على المشغلين البرجوازيين!!

زينب تستحق اضافة معاش/ نبيل عودة

كانت زينب تشتغل مساعدة في منزل، تقوم بكل أشغال المنزل، لأن الزوجة عبير غائبة معظم ساعات النهار، بحجة تواجدها مع صديقاتها، والزوج غائب في عمله بإدارة شركة مقاولات، لكنه بين فينة وأخرى يتردد على المنزل لبعض الوقت.. ومع الأيام صار تردده شبه يومي أحيانا، الا اذا كان على سفر. زينب لا تجهل حقيقة تمتعها بجسد متناسق ووجه يطيب للإنسان النظر اليه، فهو وجه جذاب بتقاسيمه وصفاء بشرته…
في يوم من الأيام وقبل ان تخرج الزوجة للقاء صديقاتها، قالت لها زينب انها تريدها لحديث هام.
– الا يمكن تأجيل حديثك لوقت آخر؟
– لا يا سيدة عبير.. لأني يجب ان اقرر .
– ماذا تقررين؟
– البقاء في عملي في منزلك او الانتقال للعمل في منزل آخر.
– لكننا ندفع لك معاشا جيدا.
– لم يعد يكفي… مقابل ما اقوم به من خدمات منزلية ..
– هذه هي وظيفتك.. هل تعتقدين انك جئت للراحة هنا؟
– ان لم نتكلم الآن سآخذ أعراضي وأغادر المنزل.
– ما هذا الكلام .. تهددينني؟
– لا اهددك يا عبير ، بل أطالب بحقي…
– ما هي طلباتك…؟
– اضافة 20% على معاشي.
– لماذا يجب ان اضيف لك هذه الزيادة؟
– اولا انا اعد الطعام وزوجك يقول لي اني طباخة ماهرة وطبيخي أفضل من “الخبيصة” التي تعديها له عندما أكون غائبة.
– ليسامحه الله.. لا يعجبه العجب.
– لكنه معجب بما أعده من طعام.
– هذا ليس سببا كافيا لزيادة معاشك.
– اقوم أيضا بتنظيف البيت ومسح الغبار وكي الملابس وزوجك يقول لي اني منذ بدأت العمل في بيتكم صار البيت أكثر نظافة وترتيبا ولم يعد بحاجة لارسال ملابسه للكوى.. بل يقول لي اني أفضل منك في كي ملابسه وتنظيف البيت وترتيبه.
– هذه تفاهات لا تعني شيئا .. وهي ضمن أشغالك المتفق عليها.
– الم تقتنعي بعد يا عبير بأني استحق إضافة معاش؟
– لا .. حججك لا قيمة لها يا زينب.. وما تقومين به تقوم به كل شغالة أخرى وربما افضل منك!!
– حسنا .. يقول لي ما هو أهم وأخطر.. باني افضل منك في السرير…
– ماذا؟ زوجي نام معك في السرير..؟
– ليس زوجك فقط، الجار أيضا قال لي اني أفضل منك في السرير!!

nabiloudeh@gmail.com

About نبيل عودة

نبذة عن سيرة الكاتب نبيل عودة نبيل عودة - ولدت في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947. درست سنتين هندسة ميكانيكيات ، ثم انتقلت لدرسة الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . أكتب وأنشر القصص منذ عام1962. عانيت من حرماني من الحصول على عمل وظيفي في التعليم مثلا، في فترة سيطرة الحكم العسكري الاسرائيلي على المجتمع العربي في اسرائيل. اضطررت للعمل في مهنة الحدادة ( الصناعات المعدنية الثقيلة) 35 سنة ، منها 30 سنة كمدير عمل ومديرا للإنتاج...وواصلت الكتابة الأدبية والفكرية، ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تركت عملي اثر إصابة عمل مطلع العام 2000 ..حيث عملت نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الاهالي "مع الشاعر، المفكر والاعلامي البارز سالم جبران (من شعراء المقاومة). وكانت تجربة صحفية مثيرة وثرية بكل المقاييس ، بالنسبة لي كانت جامعتي الاعلامية الهامة التي اثرتني فكريا وثقافيا واعلاميا واثرت لغتي الصحفية وقدراتي التعبيرية واللغوية . شاركت سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين اول 2010 استلمت رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية، أحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست". منشوراتي : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية) كتاب الكتروني في الانترنت ومئات كثيرة من الأعمال القصصية والمقالات والنقد التي لم تجمع بكتب بعد ، لأسباب تتعلق اساسا بغياب دار للنشر، تأخذ على عاتقها الطباعة والتوزيع.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.