فخلعني كفا على رأسي: يا بنة الكلب أنا المدير

jazisultanجاءني صوتها الملائكي عبر الهاتف: تاتا….
ـ يا عين التاتا!
ـ May I borrow some of your Jewelry?
(هل بامكاني أن استعير بعضا من اكسسوارتك؟)
ـ ليش؟
ـ I wanna look like one hundred year old lady
(أريد أن أبدو كعجوز عمرها مائة عام)

صدمتني عبارة جازي، لكنني تمالكت نفسي وسألتها قبل أن أعرف ملابسات القضية:
ـ When I wear my Jewelry do I look like one hundred year old?
(عندما ألبس اكسسوارتي هل أبدو كعجوز في المائة؟)
فردّت بطريقة آلهية:
Kind of (نوعا ما)!
…..
كان بودي أن أصرخ في وجهها: يا بنت الـ…..! اليوم سأتصل بالمحامي لأغير الوصية، سأترك لك خـــــ….من هذه الاكسسوارات! كان بودي أن أنتقم للأنثى الشابة في أعماقي… لكنني تمالكت نفسي، فعلى حد قول المطرب العراقي ناظم الغزالي “معلّم على الصدعات قلبي”!!! يجب أن أكون مدينة للكون لأنها لم تسألني عن عكازي وطقم أسناني!
…….
اليوم يصادف اليوم المائة في السنة الدراسية لهذا العام… طلبت المعلمة من كل تلميذ أن يلبس بطريقة وكأنه عجوز في المائة من عمره! اضطرت ابنتي أن تشتري لجازي نظارات (طبعا بلا عدسات) وعكازا كي تقوم بالمهمة… …..
كل اسبوع تفاجئنا جازي بفرح جديد… اليوم يوما البيجاما، كل تلميذ يجب أن يأتي إلى المدرسة مرتديا بيجاما…
اليوم يوما “القبعة المضحكة”، كل تلميذ يجب أن يأتي إلى المدرسة مرتديا قبعة مضحكة… اليوم يوما “الحذاء المضحك” يجب أن يأتي إلى المدرسة مرتديا حذاءا مضحكا… اليوم يوم المزراع، كل تلميذ يجب أن يأتي إلى المدرسة مرتديا ثياب مزارع… اليوم يوم
Crazy hair (الشعر المجنون)
كل تلميذ يجب أن يأتي إلى المدرسة وشعره منكوش كالمجنون…وتطول القائمة لتشمل كل أسابيع السنة الدراسية…
…. هكذا يدخلون الفرح إلى قلوب أطفالهم كي يخففوا عنهم روتين التعليم وقساوته… أما نحن فزقزقنا كالعصافير وصفقنا طويلا….طويلا….طويلا….لمعلم التربية الدينيّة عندما قال: كان صلى الله عليه وسلم يصلي لله كي يمده بأحد العمرين لأنهما (شديدا البطش)، فأمده الله بكليهما!! ….
كذلك، تعود بي الذكرى إلى مديرنا في المرحلة الإبتدائية الاستاذ محمد زغيبي… شدني من يدي خلال الإستراحة حتى كاد يخلع كتفي، وناولني كيسا من الخبز ثم طلب مني بفظاظة أن أوصله إلى بيته… قلت ببراءة ـ جازي اليوم ـ: استاذ عندنا الآن مذاكرة “تعبير وانشاء” ( كانت حصتي المفضلة، ولم أشأ أن أخسرها)! فخلعني كفا على رأسي: يا بنة الكلب أنا المدير! حملت الكيس ورحت أتدحرج بدموعي…. ومازلت حتى تاريخ اليوم أتلمس رأسي بين الحين والآخر فالألم مازال مستمرا….…..
لا لن أغيّر الوصية يا جازي، لا لن أفعل ذلك! سأترك لك كل شيء… سأترك لك كتبي أيضا، وأشكر الله أنك لا تجيدين قراءتها!
…..
نحن ـ يا صغيرتي ـ جئنا من بلاد يولد فيها الإنسان في المائة من عمره، ويقلّ حكمة كلما تقدم به العمر! نحن من بلاد “صلى الله عليه وسلم”…. نحن من بلاد “العمرين”…. نحن من بلاد محمد زغيبي…. نحن من بلاد شديدة البطش…. نحن من بلاد تنتحر اليوم انتقاما لتاريخها المخزي! …… عيشي فرحك يا صغيرتي واتركيني أتعايش مع مائة عام من آلامي!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

One Response to فخلعني كفا على رأسي: يا بنة الكلب أنا المدير

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: أجمل عبارة هى مسكها { نحن من بلاد صلى الله عليه وسلم … نحن من بلاد تنتحر اليوم انتقاما لتاريخها المخزي } تلك هى الحقيقة المرة التي لايقوى الكثيرون على تصديقها ؟

    ٢: نعم كنّا ولازلنا نحن من بلاد محمد وحسين وبشرى وعدوية ، أعداء الله والبشرية والديمقراطية ، فنحن نعشق السواد حتى الممات وليس ألوان البهجة والحياة والحريّة ؟

    ٣: وأخي اً …؟
    صدقيني نحن مرضى حتى في جيناتنا ، وهى حقيقة أكدها الكثير من العلماء ، فنحن لا زلنا أبناء بيئتنا ونرتدي جلباب تخلفنا ، واليعم بيدو ألله إزدواجية ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.