غرام روسيا بديكتاتوريات الشرق الأوسط

لا ندري بأية حروف , ولا في أية صفحة . سوف يسجل التاريخ , موقف روسيا من ثورة شعب سوريا ذاك الموقف الذي لا يصب الا لصالح الديكتاتور الطبيب ! – بشار – وريث عرش الديكتاتور الطيار الحربي : حافظ الأسد

ذاك الطبيب – بشار – الذي لم يعالج آلام شعب سوريا من القهر والفقر والجوع للحرية والديموقراطية , والشوق للخلاص من الفساد . بل زاد سوريا وشعبها أمراضا علي أمراض وقهرا زائدا علي القهر .

لا نتعجب من موقف القيادة الروسية من مأساة شعب سوريا . اذا عرفنا لماذا لم تخرج في روسيا مظاهرات شعبية مؤيدة لشعب سوريا . ومنددة بموقف القيادة الروسية من ثورة شعب سوريا !

وخاصة عندما نتذكر أن قيادات روسيا الحالية هي نفسها كانت قيادات في روسيا السابقة – الشيوعية -.. فالرئيس ” بوتين ” جاء من جهاز أمن النظام الشيوعي السابق .

كان لغرام روسيا الشيوعية بديكتاتوريات الشرق الأوسط ما يبرره . وهو الأمل في أن تكون تلك الديكتاتوريات الشرق أوسطية . جسورا لعبورالنظام الشيوعي وقيامه بباقي دول المنطقة .

ودائما كانت تنتهي قصص عشق روسيا لديكتاتوريات الشرق الأوسط , بنهايات دراماتيكية . باللوع والفراق .

ولكن في سبيل العشق . ولأجل عيون الديكتاتوريين . تتحمل القيادات الروسية منهم – أو بمعني أصح : تحمل بلادها وشعبها – الصفعات والركلات , وتكبدها . الخسائر تلو الخسائر ..

1 – فمع عبد الناصر . قامت روسيا ببناء السد العالي – أضخم مشروع اروائي في العالم – وقتها – وأنشأت مصنع الحديد و الصلب , ومجمع الحديد واالصلب , ومجمع الألومنيوم , وزودت عبد الناصر بالأسلحة الروسية , واستصلحت الأراضي بمديرية التحرير . وساندته سياسيا ودبلوماسيا . في معاركه العنترية ( بالطبع كانت لروسيا مصالح اقتصادية أيضا بجانب المصالح الاستراتيجية . ولكن في مقدمة تطلعاتها من وراء العلاقة هو قيام النظام الشيوعي في مصر – .. وفي المقابل . كان عبد الناصر اذ شعر بثمة حلم دار في المنام برؤوس الشيوعيين المصريين . يمس عرشه . فلم يكن يتواني عن الانقضاض عليهم مثلما تنقض حدأة علي كتكوت .. ويذيقهم شتي صنوف العذاب ( طالعوا مذكرات الشيوعيين ” كتاب شيوعيون وناصريون لفتحي عبد الفتاح , وما كتبه كل من : صلاح عيسي , ومحمود السعدني . وغيرهم كثيرون .. ) .

ولم يكتف عبد الناصر بمحاربة الشيوعيين المصريين – واللعب معهم لعبة القط والفأر . بأن يقريهم منه ومن المناصب والمراكز العليا , ارضاء لحليفته روسيا . ثم ينقض عليهم ويلقي بهم وراء قضبان المعتقلات والسجون – . وانما كان يحارب الشيوعية بالمنطقة . مثلما فعل مع عبد الكريم قاسم . حاربه اعلاميا حتي قام الانقلاب عليه . وليس ببعيد ضلوع عبد الناصر في ذاك الانقلاب ..

وأكمل عبد الناصر ما فعله ضد روسيا الشيوعية كثمن لمساعدتها له . بأن ولي خليفة له .- السادات – طرد الخبراء الروس من مصر شر طردة .. – أيا كانت التفاصيل – وهكذا انتهت قصة عشق روسيا لواحد من ديكتاتوريات الشرق الأوسط – الديكتاتور الضابط الحربي ” عبد الناصر ” – .

— —

2 – روسيا وقصة عشقها مع ديكتاتور العراق – صدام البعثي . أو البعث الصدامي – :

فتحت روسيا لصدام حسين ولحزبه – البعث – باب البعثات العلمية والتدريبية للعراقيين في روسيا , وزودته بالأسلحة , وقامت بكافة المشاريع الاروائية – سدود وخزانات . عديدة – .. علي أمل تصديرنظامها الشيوعي للعراق والدول المجاورة له . ولكن صدام والبعث , فعلوا مع مثلما فعل عبد الناصر مع الشيوعيين المصريين . ليقطع في وجوههم طريق الوصول للسلطة .. وكنت شاهد عيان علي قيام نظام صدام البعثي . بالقبض بوحشية . علي الشيوعيين العراقيين والزج بهم في المعتقلات – بعضهم كانوا ضمن زملائي . عندما عملت بالعراق في ذاك الوقت – .

ولم يكتف نظام صدام والبعث . بمحاربة الشيوعية في العراق – والتظاهر بالعكس – . بل عندما تدخلت القوات الروسية لمساندة النظام الشيوعي الذي قام في أفغانستان – 1979 – جن جنون صدام والبعث العراقي . – وعقب ذلك تم شن حملة اعتقال وسط الشيوعيين العراقيين .ونرجح قيام صدام . بالمساعدة في الحرب ضد الروس حتي خرجوا من أفغانستان .. – .

وبعد تدمير العراق . عقب احتلاله من قبل أمريكا والحلفاء لها . ولاعادة الاعمار . تطوعت روسيا – أسوة بدول أخري – بالتنازل عن الغالبية العظمي من ديون العراق . المستحقة لها … … وكان ما تنازلت عنه القيادة الروسية من قوت شعب روسيا – ثمنا لصداقة القيادة الروسية ومغامراتها في عشق ديكتاتوريات الشرق الأوسط .. صحيح أن التنازل هو ضرورة انسانية وموقف دولي مطلوب . ولكنه تأسس علي خطيئة التعاون مع حكام ديكتاتوريين جهلاء أغبياء . يغامرون ببلادهم وبشعوبهم وتتضرر منهم الشعوب الأخري والمجتمع الدولي برمته . ولم تنجح القيادة الروسية في قراءة الطالع السياسي لتعرف أن تلك الديكتاتوريات لا مستقبل لها سوي الدمار لنفسها ولبلادها ولشعوبها – كما فعل صدام , وقبله عبد الناصر .. والبقية في نفس الطريق – .

——

3 – غرام روسيا . بالديكتاتور “محمد سياد بري ” :

” كان الجنرال الصومالي ” بري ” – رئيس الصومال قبل الدمار بالحرب الأهلية . والذي أقامت روسيا معه علاقات قوية . يقول : ” لقد اخترنا الماركسية . لأننا شعب يسمي الأشياء بأسمائها ” .

وعندما قامت دارت حرب حدودية بين الصومال واثيوبيا . وانحازت روسيا لجانب اثيوبيا التي كان قد قام بها نظام شيوعي بقيادة الجنرال “مانجستو هيلا ميريام ” الذي أطاح بالامبراطور هيلاسلاسي . . وعلي الفور . لجأ الجنرال ” سياد بري ” للسعودية . وأعلن بأن الصوماليين . وألبس جنوده العقال – غطاء الرأس العربي ! ليحصل علي المساعدات من السعودية والعراق وليبيا وباقي الدول العربسلامية . وأدار ظهره لروسيا وللشيوعية التي اعتنقها من قبل !

انتهي حكم الديكتاتور الجنرال سياد بري . وسقط معه حلم روسيا الشيوعية . في بقاء نظام شيوعي بالصومال . يمتد ويمتد للدول الافريقية الأخري . وكذلك سقط الحكم الشيوعي في اثيوبيا – الجنرال مانجستو هيلا ميريام – الذي راهنت عليه روسيا !

وانتهت قصة غرام روسيا مع ديكتاتور عسكري جنرال أخر ..!.

—-

4 – غرام روسيا بالديكتاتور الجنرال السوري حافظ الأسد البعثي وولده بشار – أو بحزب البعث الأسدي – :

ظل الديكتاتور الطيار العسكري السوري الراحل – وولده من بعده – يرتكبون المجازر ضد شعب سوريا مجزرة تلو مجزرة . . وظلت روسيا قبل وبعد سقوط الشيوعية تعقد الاتفاقيات والمعاهدات , واحدة تلو الأخري مع الديكتاتور وولده !

وكلما اقترب النظام الأسدي البعثي السوري من حافة السقوط , كلما زاد اصرار القيادة الروسية علي التمسك وتوسيع علاقاتها معه ! وأخيرا قامر القادة الروس . بعلاقة شعب روسيا مع شعب سوريا. وراهنوا علي حصان بشار الأسد وحزب البعث , الخاسر بالتأكيد !

انها حالة فريدة من عشق ديكتاتوريات الشرق الأوسط ..!

فقد وقف العالم فزعا من هول ما يحدث لشعب سوريا علي يد رئيسه بالوراثة الجبرية ” بشار الأسد “.. وباستثناء – ايران – حليفة بشار – كان موقف روسيا . مثيرا للأسف والحيرة . وزاد من شدة الحيرة والدهشة . الاصرار علي المقامرة :

(( رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمجلس الفيدرالي الروسي، الذي تحادث مع وفد المعارضة السورية، كرر الموقف الروسي بأنه إذا كانت المعارضة تتمسك بشعار إسقاط النظام، فإن لروسيا حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي.)) قناة الجزيرة يوم 10-9-2011

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3D3B72E3-5FE1-455B-BB90-9AE1FB03D681.htm

!! !!

حتما سيسقط حليف روسيا – الديكتاتور ” بشار ” وحزب البعث . مثلما سقط حليفها البعثي السابق ” الديكتاتور صدام حسين ” .

وسيكون نصيب روسيا وشعبها – لو دمرت سوريا علي يد البعث . الذي جر العراق نحو الدمار . من قبل . فسوف تتنازل روسيا عن الغالبية العظمي من ديون النظام البعثي الأسدي – ثمن الأسلحة وغيرها -. مثلما اضطرت للتنازل عن غالبية ديون العراق بعد الدمار علي يد الديكتاتور صدام .. والثمن يدفعه شعب روسيا من قوته ومن حقه في رفاهية لم يعرفها منذ ما يقرب من قرن من الزمان !

تحول روسيا دبلوماسيا عن النظام الديكتاتوري البعثي الأسدي في سوريا . قد يأتي متأخرا . في وقت لا يحتاجه شعب سوريا . الذي خذلته روسيا في أوج محنته مع النظام ..

ولأن الشعب هو الباقي والطغاة مصيرهم للزوال واحدا تلو آخر .. فتري : كيف ستكون علاقة سوريا بروسيا . بعد سقوط الديكتاتور ؟!.

من الآن .. قام الشعب السوري بحرق العلم الروسي ..

http://www.youtube.com/watch?v=bvspnNA93yA

—-

التنافس علي الزعامة , أو المكانة لعالمية . بين روسيا وأمريكا – وحلف الغرب بشكل عام – . وحرص روسيا علي ألا تبدو تابعا ومسايرا لسياسة غيرها – أمريكا والاتحاد الأوربي – يبدو له دور في الموقف الروسي . الذي يعضد الديكتاتور قاتل شعبه ” بشار ” ..

ولعله ليس من اللائق – ولو انسانيا – أن تتقاعس دولة كبري عن مناصرة شعب .لأجل الكيد السياسي من دولة أخري – أو حلف – غريم – أو منافس سياسي دولي . أو لأجل أن تبدو الدولة عاملا مهما في السياسة الدولية . لها هيبتها وقدرتها علي الرفض أو القبول ..

ولم يلجأ أي من تلك الديكتاتوريات لحضن روسيا الشيوعية – أو روسيا الحالية – الا في أوقات الصدام مع دول المعسكر الغربي ! أو في حالة الاحساس بأن عروش استبدادهم مهددة من قبل دول حلف الناتو . فقط ..

فعبد الناصر لم يخطب ود روسيا الشيوعية الا عندما رفض الغرب تمويل مشروع السد العالي . ولو مولوه لاختلفت الأمور والسياسات ولما اتجه لروسيا وربما لم يضطر لعمل التأميم ومصادرة أراضي الاقطاعيين مجاراة لنظام الدولة الحليفة السياسية – روسيا الاشتراكية – !

5 – والقذافي – قبل سقوطه بسنوات كثيرة – كان قد شبع سبا وشتما في روسيا الشيوعية , وتطاولا عليها لسبب وحيد : انها دولة كافرة … , وطالما دعاها لاتباع الاسلام .. !

وعندما وجد القذافي حبل مشنقة دول حلف الناتو يقترب من رقبته , ورقبة نظامه الديكتاتوري . بسبب شروعه في انتاج أسلحة دمار شامل . ومساندته للارهاب الدولي ,, سارع بمد حبال الوداد مع روسيا الكافرة ! والتي طالما تطاول عليها ووصفها بأسوأ الأوصاف . ولم تمنع روسيا حضنها عن الانقتاح لديكتاتور ليبيا ..! . وهنا اضطر القذافي . لتقديم عربون مودة مع روسيا بأن رفع يده عن مساعدة الصومال في حربها ضد اثيوبيا – 1977- التي تؤيدها روسيا . كما منع مساعداته عن ارتريا التي كانت تحارب للانفصال عن اثيوبيا في عهد النظام الشيوعي – مانجستو – الذي تؤيده روسيا الشيوعية وقتذاك ..

( وعندما رأي القذافي أن روسيا لن تقدر علي انقاذه من قبضة الغرب .بعدما عزموا علي تصفيته مالم يذعن لمطالبهم , رضح . وسلم مصاانعه للغرب . ودفع التعويضات لضحايا ارهابه – طائرة لوكيربي – ) .

وكذلك عندما قامت قوات الحلفاء بقيادة أمريكا بغزو العراق واسقاط الديكتاتور صدام وحزب البعث . بعد 11سبتمبر عام 2001 . فزعت ديكتاتوريات الشرق الأوسط بكاملها خوفا من نفس المصير , وخشية قيام نظام جديد بالعراق . ديموقراطي علماني تنتقل عدواه الي تلك الأنظمة ( نظام ولاية الفقيه بايران , ونظام الديكتاتور مبارك في مصر . والديكتاتور بالوراثة ” بشار الأسد ” والتاج الملكي بالأردن . والنظام الديني الوهابي السعودي ) وكان من ضمن مخططاتهم لمنع قيام نظام جديد ديموقراطي بالعراق , وتنتقل عدواه لعروشهم .. أن راح اعلامهم وسياسيوهم ينفخون في أوداج روسيا التي كانت تعاني من كسور وتحاول تضميد جراحها الناتجة عن سقوط نظامها الشيوعي وانهيار الاقتصاد .. فراح اعلام تلك الديكتاتوريات يتكلم عن ضرورة وجود توازن للقوي . وان وجود روسيا علي ساحة السياسة الدولية له أهميته في تحقيق التوازن ..! وخف بعض المسؤولين بنظم تلك الديكتاتوريات . وقاموا بزيارات للكرملين . لاستنهاض روسيا من جديد . لمصلحة بقاء عروشهم . بايجاد حضن لهم يلجأوون اليه عند خلافهم مع أمريكا وأوربا . ولاستخدام روسيا كورقة ضغط علي أوربا وأمريكا , يهددون بتحويل علاقاتهم في اتجاهها. بعيدا عن الغرب فتخاف الدول الغربية . علي مصالحها ولا تقترب من عروش ديكتاتوريات الفساد وقهر الشعوب ..! .

والواضح أن مسامع المسؤولين في روسيا . كانت تطرب من غناء ( نشاز ) , وأصوات (منكرة ) ديكتاتوريات الشرق الأوسط .. !

لقد ذكرنا أهم تلك الديكتاتوريات ( العربسلامية ). وليس جميعهم .

ولا ندري كم تكبد شعب روسيا . ثمنا لقصص غرام قياداته بديكتاتوريات وجنرالات الشرق الأوسط ! . ولكن لعل نزوح بنات روسيا ولجوئهن للاشتغال داعرات وخادمات بدول الخليج وغيرها من العديد من دول العالم ووقوعهن صيدا سهلا , بأيادي شبكات وعصابات الرقيق الأبيض . وهجرة ابن أحد زعماء روسيا التاريخيين ” خروشوف ” الي أمريكا وطلبه للجنسية الأمريكية . كان مجرد جزء .. مما دفعه شعب روسيا , ثمنا لقصص غرام قادته السياسيين قبل وبعد سقوط النظام الشيوعي ! وعشقهم لديكتاتوريات الشرق الأوسط وبعض دول افريقيا ( وغيرهم من الديكتاتوريات الكثيرة الأخري الموزعة بين آسيا , وافريقيا وأوربا , وحتي قارة أمريكا ) .

المقال القادم : “غرام أمريكا براديكاليات الشرق الأوسط “

About صلاح الدين محسن

صلاح الدين محسن كاتب مصري - كندي . من مواليد القاهرة عام 1948 عضو"اتحاد كتاب مصر" . عضو " جماعة الفنانين التشكيليين والكتاب " بالقاهرة عضو اتحاد كتاب كندا - تورنتو - PEN CANADA عضو " جمعيةالكتاب المغتربين " بكندا - تورنتو- التابعةلاتحاد كتاب كندا PEN CANADA. له عدد من المؤلفات في عدة مجالات - 16 كتاب . طبع بالقاهرة حتي عام 2000 تنشر مقالاته بأكثر من موقع الكتروني سجن بمصر 3 سنوات من 2000 : 2003 عن كتابيه " لا أحب البيعة " و "ارتعاشات تنويرية ".. لمطالبته بالديموقراطية وتداول السلطة بالكتاب الأول ، ولدعوته لعهد جديد من التنوير الفكري بحقيقة العقيدة البدوية والتاريخ العرباوي : بكتاب ارتعاشات تنويرية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.