عادت لتكتشف أنها تُعاشر شعبا متحرشا بطبعه، جاهز بمبررات الجريمة

rababkamalRabab Kamal

عادت صديقتي من حيث لا يصفها أحد بالكاسيات العاريات المائلات المميلات، عادت لمصر لتتلفت حولها وهي تسير في شوارع وطنها مثل اللص، وتُحيط صدرها بذارعيها كلما توجست خيفة من شخص يقترب منها. عادت لتسمع الشيخ يقول أن حجابها هو عفافها بالرغم أنه لم يصنها من بعثرة كرامتها بتحرشات دنيئة.
عادت من مغامرتها دون أن يعترض أحد طريقها، عادت دون أن يُعلق أحد على حجم مؤخرتها أو شكل ثدييها، عادت دون أن تسمع صوتا عاليا أو همسا خافتا لما يريد أن يفعله بها أحد المارة إن تمكّن من فخذيها، عادت دون أن ينعتها أحد بلفظ العاهرة ومشتقاتها الشعبوية، عادت دون أن يشبهها أحد بالسيدة الفاضلة حرم الأسد! عادت دون أن يميل عليها رجل منتصب في المواصلات العامة ليلامس جسدها، فليست كل المواصلات العامة مجهزة بعربة للسيدات فقط .عادت دون أن يمسسها سوء أو تتحسسها يد عابثة، عادت دون أن يمتهن أحد آدميتها، أو يدمر نفسيتها أو ينسف كرامتها
عادت لتحضر رذاذ الفلفل والمطواة والدبوس لتضعهم في حقيبتها قبل مغادرة المنزل، فأداوتها تلك أهم من عطرها وأحمر الشفاة، فهي كالمحارب الذي لا يغادر ثكنته دون ذخيرة أو عتاد. عادت لتسير كالجندي في الشارع بخطوات أشبه بعسكري المشاة كما نصحها الأهل والأصدقاء وإلا فلها وعليها ما نستحق من المتحرشين. عادت لتكتشف أنها تُعاشر شعبا متحرشا بطبعه، جاهز بمبررات الجريمة. عادت من حيث جاءت وهي تحمل تجربة عدة أيام كانت فيها من فصيلة بني إنسان.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.