صِنّين إن حكى

صِنّين إن حكىws2
من كتاباتي في عملاق الفن الجميل المرحوم وديع الصافي
    بقلم : زهير دعيم

لا أخفي سرًّا إن قلت أنّني لست من عُشّاق الغناء الحديث والمطربين الجُدد ، رغم أنّ بعضهم يتميّز بحضور لافت ، وصوت جميل ، فأنا فُطمت منذ صغري – ولست بنادمٍ – فُطمت على شيئيْن اثنين : الترانيم التي تسمو بالرّوح والغناء الأصيل الذي يحلّق بالنفس.
 و قبل أيام لفتت زوجتي انتباهي الى دويتو(الامانة)الذي يجمع عملاق الطرب الأصيل وديع الصّافي والمطرب عاصي الحلاني ، اغنية تحمل الترجّي  للحفاظ على الاصالة وحمل مشعلها الى الآماد.فهذا الصافي يرنّم :
يابني العُمر هربان وصاير أنا حَيران
خايف على لبنان والفن من بَعدي
يابني برِضايي علَيك خَلّيك غنّي هَيك
وخَلّي الأمانِه بدَيك وحافظ على عهدي.
اغنية ترفع اسم لبنان عاليًا وتجعله يجرّ الذيل فوق السّحاب ، فتشتمّ من خلال الكلمات القليلة والصوت العذب ، تشتمّ رائحة الشموخ والمجد الأثيل وعطور عشتروت تنسكب من جدائلها  فتؤرّج الشرق الغافي في حضن الموسيقا والجمال.
 ودمعت عيناي وهزتني رجفة طغت على كياني وأنا أرى الحلاني ينحني بخشوع ويطبع على يد الصافي المرتعشة بجبروت قبلة ملأى بالمحبة والتقدير والعِرفان.
 لقد حقّق هذا المطرب الشاب حلمه ، فشارك صنّين الغناء ، وشارك صيدون كتابة التاريخ!! 

عَ قدّ ما صلّيت حَققت شو تمَنّيت
وما ضَلّ عندي حِلم حَدّك أنا غَـنّيت
  لا ألوم الحلاني وهو يغنّي فرحًا تارة وأخرى مرتبكًا …إنه في حضرة الكبير ، قيصر المواويل وامبراطور الأغنية ، وناسك الترانيم.
  إنه أمام شموخ الطرَب وشيخ شيوخ المطربين وقيدومهم!
  رغم السنين ورغم الهزال ورغم الشيخوخة التي تفتّ في عضد صنّين ، فما زال هذا النسر نسرًا يُجدّد شبابه ، وما زال صوته مرنانًا ، هادرًا ، قاصفًا مرة ، وهامسُا اخرى ، يأخذك وروحك الى الأعالي ، الى الآفاق والقمم ، فلو تغزّل حملَكَ على اجنحة الحُبّ حتى وان كنت عاشقًا خاشعًا في محراب الربّ ، وأن رنّم طار بك الى القدسية حتى ولو كنت جاحدًا لمحبة الخالق.واذا غنّى لبنان وامجاده جعلك تتأوه قائلا : ” يا ليت لي مرقد عنزة هناك”.
  شيخوخة صِنّين ؟!!
 من قال ان صنّين يشيخ ؟!.
 مُتجنٍّ أنا…

 إنّه في فورة الشباب والعطاء ، فتحت ثياب الهزال هناك أسد زائر ، مهيب ، يصل صدى زمجرتة ابعد من بحيرة طبريا بمليون مرّة.
  سمعته في المدة الاخيرة  في الكنائس يُرنّم ، يُرتل ..فانتشيت وخشعتْ روحي حقًّا ، أنها ذبائح حمد ذكرتني بداوود او بنفحاته ، وسمعته مع الحلاني يحكي لبنان فصرخت : انه رمز الوحدة ولُحمتها وقاسمها المشترك مع كاهنة الطرب فيروز.
…إنّه رمز يُوحّد ، يجمع ، يقرّب في زمن باتت الفرقة عنوانًا.
 قلمي المسكين يرتجف قائلا : لقد ورطتني ، لقد اقحمتني يا رعاك الله  في انسان لا أجاريه ، ولا استطيع ان أعدوَ في ميدانه … الصّافي يا صاحبي فوق طاقتي !!وفوق براعتي وقدرتي المتواضعة!
   إنّه من طينة أخرى .
 إنّه قطعة من خلود !!
 ارحمني ارجوك .
 صدقت يا صديق عمري ، صدقت فأنا وأنت قطرة واحدة في اوقيانوس هذا الرجل الانسان والفنّان …ولكن هيّا انا وانت  نُصلّي له ومن اجله ان يمدّ الله المُحبّ في عمره ليبقى قيثارة تنفح بخورها في كلّ الارجاء.

زهير دعيم (مفكر حر)؟

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.