منذ قرون عديدة والنساء العربيات يتعرضنّ للتنكيل والاضطهاد النفسي والجسدي مما ترك اثرا بالغاً في نفوس غالبية النساء لتنخفض اصواتهنّ باستثناء بعض الأصوات القليلة اللاتي نادت وتنادي بحرية المرأة وطالبت بالمساواة التامة على اعتبارها انساناً كاملاً ومساوياً للرجل لا ينقصها العقل ولا الدراية ولا الحكمة , وعليها أخذ حقوقها المساوية للرجل من دون اي نقصان .
ما حدث ويحدث في مجتمعاتنا التي لا تزال متنكرة للمرأة ولدورها في البناء ولا تزال مستندة عليها كعكازة لا ترغب بمبارحتها تاركة دورها الاساسي في البناء الحقيقي بالرغم من التأثيرالسلبي من حيث أنهاك النصف الآخر , فما حدث في الأنتخابات الأخيرة التي حاول الساسة الرجال اخفاء عكازتهم بتغليفها بالغلاف البراق الذي طالما تفننوا بأشكاله ليخفوا عيوبهم به مستخدمين المرأة كسلعة للترويج لديمقراطيتهم التي اثبتت من خلال صور البعض منهن اللواتي تلحفنّ بالسواد تارة وبالشكل المتبرج تارة أخرى , فالمرأة التي تغطي كامل جسدها تكون عورة أو تلك التي تبالغ في امتثالها بشكلها الغربي والغريب عن هذا المجتمع سلعة , تعكس هاتان النظرتان نظرة المجتمع المتناقضة والدونية في نفس الوقت للمرأة معتبرها كجسد ونافياً منها عقلها .
تقول ابتهال الزيدي وزيرة المرأة في احدى لقائاتها : أنا مع قوامة الرجال وأرفض مبدأ المساواة بين الجنسين وضد المساواة الكاملة لأن المرأة ستخسر الكثير في حالة مساواتها مع مع الرجل !! ((هذه الوزيرة من المفترض انها تمثّل المرأة )) ووجودها بهذه الأفكار التي لا يرتضي بها العاقل تمثّل خطرا حقيقياّ .
لنسأل انفسنا كيف وصلت هذه الوزيرة لهذا المنصب ما لم تكن دولتنا تحت وصاية الحكم الأسلامي وما لم يقوم هذا الحكم بوضعها لقمع بنات جنسها ليس ألا .
أما النائبة العراقية فحدث بلا حرج عن حواراتها المُخزية والكثيرة فتقول في احداها : علينا ان لا نشكك بقيادات الخط الصدري , فنحن قومُ عقائديون ثابتنا وثوابتنا هي (( طبّق ثم ناقش)) !!أي سياسة القطيع السائر خلف القائد دون اي تفكير وشك بعقيدته , هكذا تريد هذه النائبة من الأنسان العراقي ان يكون , لا يسأل ولا يناقش الا بعد ان ينفذ ما تريد هي وحليفها , هذه السياسة تستخدمها الهيئة التدريسية للأجيال لتقمعهم منذ النعومة وتلغي تفكيرهم ليكونوا جيلاّ من القطيع في المستقبل فهكذا يهيمنون على عقولهم .
عن أي مشاركة للمرأة بصنع القرار السياسي يتحدثون وعن اي ديمقراطية ؟
أي ديمقراطية ونحن لا زلنا نرضخ لمفاهيم وتعاليم ما قبل قرون ((ما فلح قوم ولوّا أمرهم لامرأة)) , فكيف سيسمح الرجل بنزول زوجته لمعترك السياسة ومحالطتها للرجال , وكيف سيفلح ان ولّى امره لها ؟؟
أي ديمقراطية وقد أجبرت الميليشيات الاسلامية في بعض المناطق والميليشيات الشيعية في مناطق اخرى النساء على ارتداء الحجاب وكذلك فرض الحجاب للصغيرات في المدارس وبعكسه يتم تسقيطهنّ في بعض الدروس .
أي ديمقراطية وأي انتخابات وأي دور للمرأة في ظل مجتمع يطالب بتحجيب حتى صغيراتهُ ؟, وكيف يريدون للمرأة ان تحكم ولا زال القانون لا يجرّم زواج القاصرات , ولا زالت المرأة تعاني من تعدد الزوجات , فهل يُعقل لها أن تستلم الحكم وتعطي الأوامر للرجال وهي مجرد زوجة من مجموع اربعة نساء تقوم بخدمة الزوج ورعايته مع الثلاثة الأخريات ؟
وهل صارت الديمقراطية مجرد الذهاب الى صناديق الأقتراع , او السماح للنسوة بترشيح انفسهن ووضعهنّ كديكور تجميلي مكمّل لهذه المهزلة ؟
هل يعقل لمجتمع أبوي ذكوري سلطوي يسيطر فيه الرجل في جميع نواحيه ولا زال يرضخ لقوانين لا تأخذ بشهادة المرأة امام المحاكم الا بأثنتين امام رجل واحد , بأن ينتخب امرأة ويأخذ برأيها ؟.
وهل يعقل لهذا الكيان الذي مسخوه عنوة بأن يكون ندا بند أمام الرجل بالوقت الذي لا زالت محاولات السلطة فيه بمنع اختلاط الطالبات مع الطلاب في الجامعات ؟
علاوة على أن اختلاط المرأة مع الأجانب لا يسمح به الأسلام وأن عملية الانتخاب والترشيح تتطلب منها الاجتماعات والاختلاطات وهذا ما يسبب الأذى للمرأة من وجهة نظرهم المتخلفة , فكيف ستنجح المرأة بعد كل هذه القيود المفروضة عليها فهي في كل يوم تُغتصب وتُهان وتُقتل وتُزوج وهي قاصر وتُباع للرجل الذي يملك الأكثر .
مجتمعنا يرضخ تحت حكم العادات والتقاليد والعشيرة , حيث الفكر السائد هو إعداد الأنسان فيه بحدود الخصائص الطبيعية لكلا الجنسين , وتهيئة المرأة للزواج والمكوث في البيت لتربية اولادها والعناية بزوجها , فهي من وجهة نظر مجتمعنا تمتلك طبيعة الأنوثة وعليه يجب أن تُعد لهذا الشأن , حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة رائعة وأماً صالحة وربة بيت مدّبِرة ومطيعة , وأعداد الرجل للمجتمع وأعالة عليه الدور الذي يجعله قادراً على ان يكون رجلاُ بما تحمله الكلمة من معاني الرجولة التي أرادوها له.
هل سألوا انفسهم عن السبب الذي جعل البعض من الشارع العراقي بأن يقوم بتشويه صور الناخبات بالكلام البذيء الذي كتبوه والذي يدلل على ثقافة سوقية بائسة تعكس رفضهُ لقيادة المرأة له , أو وضع اللحية والشوارب على صورتها كدليل استرجالها ليحكروا حقها في الحياة لهم ويتسلطوا عليها ويُحّجِموا من دورها .
اي وجه تقارب بين الواقع وما حث به المالكي وكذلك هذه الوزيرة على مشاركة المرأة في الأنتخابات كمرشحة وناخبة داعيان بوضع الثقة بالمرأة !!, وكأن الثقة تباع وتُشترى ولمجرد طلبها ستمكث تحت اقدامهم , متناسين بأن المرأة ترضخ تحت قيود كثيرة , مع علمهم بأن الغالبية من النساء امتنعن عن اعطاء اصواتهن أو ترشيح انفسهنّ لأسباب عديدة منها : –
صوت المرأة لا زال ضعيفا من الداخل ومن الخارج برغم اكذوبة حصتها ال25% من مجلس النواب , حيث صوتها من الداخل مرهون بالزوج والأخ المتحكم الذي يملك حق منعها من ادلاء صوتها , فهو لا زال يرضخ تحت قناعة وفكرة بإن صوتها عورة , وغالبية النساء لا زلنّ يتصورنّ بأن أصواتهنّ عورة وعليهن واجب خُفضها وكتمها لكي لا يسمعه الرجال , وأن دورها محدود في خدمة الزوج والأولاد , أما صوتها في الخارج فهو مرهون بالثقافة المتردية للمجتمع والقناعة التي استقرت في دورها المحدود في البيت بعيدا عن السياسة والتدخل بالشؤون المناطة للرجال والخاصة بالأحزاب , الا اذا كانت تعيش بمفردها من دون وصي كأن تكون مطلقة او ارملة بالأضافة الى وجوب امتلاكها لوعي عالي وثقافة تحصنها من بقية الرجال كأن يكون أخا لها أو حتى ابناً .
أستخدمت المرأة كبرواز ومكمّل للفراغ فقط وللشكل المطلوب أن يّظهِروا عليه كدولة متقدمة وتعمل بنظام ديمقراطي , ومن ثم اختيرت منهن اللواتي لا يرتقين بمستواهنّ الى مستوى المرأة العراقية الحقيقي , والمرأة الجديرة بهذا المنصب فشلت بأن تأخذ دورها الحقيقي .
كان الأجدر بهم ان يعدّلوا ويغيروا من القوانين الجائرة بحق المرأة من عدم تمكنها من السير حرة طليقة في الشارع دون أي قيود وخوف من الرجال المتربصة لها .
كان الأجدر بهم أن يفكروا بدلاً من هذه الشكليات المُخزية بالسبب الذي كبّلوا المرأة بزوجها لغاية موتها مهما شكّل هذا الزوج لها من خطورة ومن طلاقها لزوجها من الصعوبة بحيث اصبح هذا الطلب منسيا بشروط تعجر من تطبيقها , فالسلم لا نصعده بطفرة واحدة ولكن بالتدرج ابتداء من التفكير الجدي بجذور المشكلة الأساسية من الأهتمام بالتعليم ومن ثم محاولة تعديل القوانين التعسفية ضد النساء والتي تعتبر المرأة مجرّد كيان مكمّل للرجل فقط .
علينا بالبحث عن الحلول لأنهاء مهزلة نظام دكتاتوري محمياً من قبل اكبر مستعمرة في عالمنا سار ويسير على نفس نهج النظام السابق..
ابداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا — بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانية