صلاح الدين المجرم المقدس (4) – خفايا حروبه مع الصليبيين

أمجد سيجري

بدأت بذور علاقة صلاح الدين مع الصليبيين بعد استيلائه على الدولة الفاطمية عندها قرر نور الدين الزنكي التخلص من الصليبيين فوضع خطة للوثوب على الصليبيين بأن يهجم هو من الشام وصلاح الدين من مصر وبطبقوا على الصليبيين بين فكي كماشة لكن خوف صلاح الدين على سلطته في مصر جعلته يتقاعس عن خطة نور الدين ويتركه في ارض المعركة وحيداً ويعود الى مصر مما اثار غضب نور الدين الذي جهز حملةً لتأديب هذا الخائن المتقاعس الذي لاهم له الا السلطة ولم يكتفي بالتقاعس بل تحامى بالصليبيين ضد ولي نعمته لكن الموت حال دون تأديب نور الدين زنكي له يقول المؤرخ السني أبي شامة : ‏” وكان نور الدين قد شرع بتجهيز السير إلى مصر، ﻷخذها من صﻼح الدين، ﻷنه رأى منه فتوراً في غزو الفرنج من ناحيته، فأرسل إلى الموصل وديار الجزيرة وديار بكر، يطلب العساكر ليتركها بالشام لمنعه من الفرنج، ليسير هو بعساكره إلى مصر، فإنه ” صﻼح الدين “كان يعتقد أن نور الدين متى زال عن طريقه الفرنج أخذ البﻼد منه، فكان يحتمي بهم عليه، وﻻ يؤثر استئصالهم ‏.”

– فيما يخص معركة حطين نذكر عدة نقاط :
-سبقت معركة حطين معركة مونگيسار أو معركة الرملة أو معركة تل الجزر ، هي معركة دارت بين اﻷيوبيين ومملكة بيت المقدس في 25 نوفمبر 1177 في منطقة تل الجزر بالقرب من الرملة بين صﻼح الدين اﻷيوبي وبين بلدوين الرابع ذو الستة عشر عاما قائد مملكة بيت المقدس ، تمت المواجهة و حيث خسر جيش صلاح الدين المعركة، ونجح جزء من جيش اﻷيوبيين في الهرب بأمان كانت خسائر جيش صلاح الدين غير معروفة إﻻ أنها كانت فادحة وكبيرة، وقد قام صﻼح الدين بنشر إعﻼن “بخسارة الصليبيين” للمعركة خوفاً من ضعف قبضته على مصر وتحالفه مع الدويﻼت التابعة في سوريا .
-عاود صﻼح الدين وهاجم اﻹمارات اﻹفرنجية من الغرب وانتصر على ‏« بولدوين ‏» في معركة ‏« مرج عيون ‏» في العام 1179 ، وفي موقعة ‏« خليج يعقوب ‏» في السنة الموالية لترسى الهدنة بين الصليبيين وصﻼح الدين اﻷيوبي في العام 1180م وحصل اتفاق صلح بين صلاح الدين وملك القدس بولدوين.
– توفي بولدوين الذي كان مصاباً بالجزام واستلمت سيبيلا اخت بولدوين الرابع العرش وتوجت بعدها زوجها غي دي لوزينيان ملكاً للقدس وعرف بعدائيته للمسلمين واطلق يد حاكم الكرك ارناط لدفع صلاح الدين للحرب وقد كان صلاح الدين مازال على الصلح القديم الذي عقده مع بولدوين الرابع 1186م


وفي أوائل عام 1187 شنّ ‏« ارناط ‏» ‏ خﻼفا لشروط هدنة 1186 ‏على قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق ونهب بضائعها وأسر أفرادها وزجّ بهم في حصن الكرك كانت تلك القافلة ﻷخت صﻼح الدين، بينما تروي رواية أخرى بأن ‏« ارناط ‏» قد أسرَ في غارة سابقة أخت صﻼح الدين وإن كان ذلك غير مشهود في المصادر المعاصرة ‏، فما كان من صﻼح الدين إﻻ أن طالب في الحال من ملك القدس ‏« غي دي لوزينيان ‏» بالتعويض عن الضرر واﻹفراج عن اﻷسرى ومحاسبة الناهب، لكن الملك لم يجازف بمس تابعه القوي ‏ ارناط ‏ فقرر صﻼح الدين الحرب على مملكة القدس ليحفظ ماء وجهة بين المسلمين وخصوصاً ان اخته وقعت اسيرة ويقال اغتصبت من قبل ارناط وجنوده.
وهنا كانت معركة حطين الشهيرة لن اخوض بتفاصيلها لانها معروفة للقاصي والداني لكن ما يهمنا اننا عرفنا سببها المباشر .
-رفضه مواصلة تحرير بلاد الشام بعد معركة حطين :
فعندما تخلص الخليفة العباسي الناصر في بغداد من سيطرة السﻼجقة، واستقلّ عنهم برقعة كبيرة من اﻷرض اﻹسﻼمية، وكما يقول ابن كثير ‏استحوذ جيش الخليفة على بﻼد الري وأصبهان وهمذان وخوزستان وغيرها من البﻼد، وقوي جانب الخﻼفة والخليفة على الملوك والممالك ‏، ولقد بنى فيها جيشاً قوياً، وعزم على أن يرسل جيشه هذا إلى فلسطين، للتعاون مع جيش صﻼح الدين على تحرير ما لم يتحرر من اﻷرض اﻹسﻼمية من الصليبيين، فأرسل يستأذن صﻼح الدين، فرفض قدوم جيش الخﻼفة، ﻷنه اعتقد أنه سيصبح والياً من وﻻة الخليفة تابعاً له!

ولما بلغ الخليفة هذا الرفض، مع كل ما نقل إليه عن صﻼح الدين، أرسل مبعوثاً وصل في شهر شوال من سنة 583 هـ – أي بعد فتح القدس بثﻼثة أشهر فقط – مع رسالة شديدة اللهجة، مملوءة بالتعنيف لصﻼح الدين‏، فتظاهر هذا بالسكوت، ولكنه راح يعرض الرسالة على من سماهم ‏( أكابر القوم ‏) ، ونجح أسلوب صﻼح الدين كما يقول العماد، في دفع أولئك اﻷكابر إلى نقد تلك الرسالة بعنف مماثل، وإلى تحريض صﻼح الدين على التمرد على الخليفة، وهذا هو عين ما كان يبيته صﻼح الدين في نفسه ويمهد له، ليكون هؤﻻء مستعدين بل متحمسين لقتال جيش الخليفة إذا جاء إلى فلسطين .
ورأى صﻼح الدين أن من الحكمة أن يؤخر الصدام بالخليفة، وأن ﻻ يعجّل باستفزازه قبل أن يهيئ وسائل المقاومة ويرتب المحالفات، وبادر على الفور إلى التفاوض سراً مع الصليبيين
لعقد هدنة تنهي الحروب بينهما، وتتيح له التحالف معهم لقتال العدو المشترك ‏( خليفة المسلمين ‏) الذي لم تكن يومها خﻼفة شرعية لسواه.
– كانت الحملة الصليبية الثالثة ، الممولة من انجلترا ” ضد صﻼح الدين ” ، والتقى جيش صﻼح الدين اﻷيوبي والملك ريتشارد اﻷول من إنجلترا في معركة أرسوف في 7 سبتمبر 1191 م ، حيث هزم صﻼح الدين اﻷيوبي هزيمة نكراء كادت ان تقضي على دولته.
وكانت عﻼقة صﻼح الدين مع ريتشارد تتسم باﻻحترام المتبادل والشهامه في التنافس العسكري ، فعندما أصيب ريتشارد ، وعرض صﻼح الدين اﻷيوبي خدماته الطبيبه الخاصه . وفي أرسوف ، عندما خسر ريتشارد جواده ، أرسل صﻼح الدين اﻷيوبي له اثنين ليحلا محله . كما بعث صﻼح الدين له الفواكه الطازجة والثلج للحفاظ على المشروبات الباردة لهم .!!!

وفعلا التأخي والمحبة بين ريتشارد وصلاح الدين اثمر هدنة وسلاماً سلاماً كله زل ومهانة حيث تم التوقيع على معاهدة الرملة بين صﻼح الدين اﻷيوبي وريتشارد قلب اﻷسد في يونيو 1192 بعد معركة أرسوف ، وبموجب شروط اﻻتفاق ، سوف تبقى القدس تحت سيطرة المسلمين ، ومع ذلك، فإن المدينة ستكون مفتوحة للحج المسيحي ، وأيضا حققت المعاهدة حصول الصليبين على المملكة الﻼتينية ” أورشاليم ” وهي شريط على طول الساحل من صور إلى يافا .وبذلك بفترة قصيرة خسر صلاح الدين مساحات شاسعة من فلسطين مقابل مدينة القدس. توفي صﻼح الدين في 4 مارس 1193 في دمشق ، بعد فترة ليست طويلة من رحيل ريتشارد
تعليقي على ماذكر في كامل مقالاتي:
صلاح الدين هو قائد من قادة التاريخ سياسي محنك من اخبث السياسيين وأقذرهم سياسة فالغايه عنده تبرر الوسيلة بأبشع اشكالها..
يُظهر البطش والإجرام مع ابن جلدته والمودة والاخلاق مع العدو حتى العدو في ارض المعركة.
تجده يبطش ويغدر في من يكرمه كالعاضد ونور الدين ويكرم ويظهر الفروسية لعدوه كما فعل مع ريتشارد ويرسل له الماء البارد والفواكه المثلجة والخيل في ارض المعركة .
يخرج الصليبيين من بيت المقدس ويكون شديد التسامح معهم ويبطش ويجرم بأخوته سنة وشيعه لتوطيد اركان حكمه.
تجده متخاذلاً عن واجب الدفاع عن الارض بسبب شهوانية السلطة والخوف أن يضيع ملكه وثوراً جامحاً اذا ماتعلق الواحب بالعرض والشرف .
اذاً لست ضده لكن اتمنى من القارئ ان يضعه في سياقه التاريخي الصحيح وابعاد صفة القدسية التي أصبحت تلازمه حتى صار الحديث عن أخطاءه يتجنبه المسلم خوفاً من اغضاب الله.
– المراجع :
1- حسن اﻷمين- صﻼح الدين اﻷيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين .
2- ابو شامة المقدسي – الروضتين في أخبار الدولتين ‏
3- ابن اﻷثير -في الكامل في التاريخ .
4- عماد الدين الكاتب اﻷصفهاني – الفتح القسي في الفتح القدسي – حروب صﻼح الدين وفتح بيت المقدس.
5- معادي أسعد صوالحة – صلاح الدين بطل معركة خطين (مقالة ).‏

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.