يوجين روبنسون
تعد الصفقة التي قادتها الولايات المتحدة لتجميد برنامج إيران النووي إنجازا كبيرا على عدة مستويات. ولنبدأ بأبسط الفرضيات: ماذا لو فشلت مفاوضات جنيف؟
لو رجع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بخفي حنين فلربما كانت الأمور تنحدر نحو الحرب. وكانت أجهزة الطرد المركزية الإيرانية لتخصيب اليورانيوم ستواصل دورانها حتى يتضح دون ريب، أن الأمة إن اختارت تستطيع أن تحقق طفرة ببناء سلاح نووي خلال أسابيع – وهو ما صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه لن يسمح به.
بمقدور الرئيس أن يقرر ضرب منشآت إيران النووية إن أراد، أو بمقدوره الانتظار حتى تلوي إسرائيل ذراعه بعمل عسكري. في الحالتين سنجد أنفسنا في خضم حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط، حرب ستكون مواردها الاقتصادية والسياسية والإنسانية شحيحة للغاية.
إذن ما الذي فعله كيري في جنيف؟ لقد كسب اتفاقا لم يحقق تجميد برنامج إيران النووي لتخصيب اليورانيوم لمدة ستة أشهر فحسب، بل أدى في الحقيقة إلى تراجعه. وهو يمنع دخول منشآت نووية جديدة إلى العمل ويوفر التفتيش اليومي غير المسبوق مما يضمن إيفاء إيران بتعهداتها.
سأعيد تأكيد ذلك لتوضيح الأمر أكثر: في مايو (أيار) العام المقبل ستكون إيران أبعد من أن تكون قادرة على صنع قنبلة مما هي عليه اليوم. وقد هوجم هذا الإنجاز بكلمة «تهدئة» والإشارات إلى ميونيخ؟
في المقابل، وافقت الولايات المتحدة ودول كبرى أخرى على تعليق بعض العقوبات البسيطة، والتي تعني مبلغا تافها هو سبعة مليارات دولار بالنسبة للاقتصاد الإيراني. حتى لو فشلت المفاوضات في التوصل إلى اتفاق دائم، فإن هذا سعر زهيد وصفقة رابحة لستة أشهر من السلام، وتذكروا ستة أشهر يتراجع خلالها البرنامج النووي الإيراني ولا يتقدم.
يشكو المنتقدون أن الاتفاق اعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم فقط إن كان بتركيزات أقل غير مفيدة لصنع قنبلة. في الواقع أن اتفاقية جنيف غامضة عمدا من هذه الناحية. ولكن يجب أن يكون من الواضح الآن أن العقوبات مهما بلغت من القسوة فإنها لن توقف أبدا برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم. عندما طبقت عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران للمرة الأولى عام 2006، كانت إيران تمتلك 3000 جهاز للطرد المركزي في حالة تشغيل على أقصى تقدير، تنتج يورانيوم مخصبا بنسبة 3.5 في المائة. الآن لدى إيران 18000 جهاز للطرد المركزي وتستطيع تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وهي تسعة أعشار الطريق نحو إنتاج الوقود اللازم للقنبلة.
بمقتضى اتفاقية جنيف فستجري إذابة نصف يورانيوم إيران المخصب بنسبة 20 في المائة ولن يجري إنتاج المزيد. من المؤكد أن ضربة عسكرية تستبعد نصف مقدرة الوقود اللازم للقنبلة ومسح المقدرة على صنع المزيد تعد نجاحا، ولذلك من الغباء الواضح أن نهاجم أوباما وكيري على تحقيق ذات النتيجة دون إطلاق رصاصة.
لا يستطيع المنتقدون معارضة الاتفاق بمصداقية على أسس عملية. والسبب الحقيقي لتفلتهم هو أن الاتفاق تحقق بواسطة أكثر الاتصالات الثنائية على المستوى العالي بين واشنطن وطهران منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
يحمل الاتفاق احتمال إعادة تشكيل المنطقة بأكملها بما يؤدي إلى ضرر المستفيدين من الوضع الراهن.
مع توفر احتياطي ضخم من النفط والغاز وشعب تعداده 80 مليونا تمتلك إيران الأبعاد والطموحات لتصبح قوة إقليمية. ويشير انتخاب الرئيس حسن روحاني «المعتدل» في سياق النظام الإسلامي المتشدد، إلى أن إيران قد تكون مستعدة لتغيير علاقاتها مع الغرب من المواجهة إلى التعايش السلمي. وأعرب أوباما عن رغبته في اختبار هذا الافتراض.
كما أدى انفتاح الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون نحو الصين إلى زعزعة حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، أدت مكالمة أوباما مع الرئيس روحاني إلى إثارة أعصاب وغضب حلفائنا في الشرق الأوسط.
قد تكون إيران غير قادرة على أن تصبح شخصية مسؤولة في المسرح الدولي طالما ظل يقودها الملالي. ولكن كان هناك وقت لا يمكن فيه تخيل أن تكون الصين غير دولة منبوذة طالما كان يقودها الماويون، لكن بكين الآن هي عاصمة إحدى القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، مع صورة ماو التي تطل على ميدان تيانامين.
النظم تتطور وتتطور أحيانا بطرق تجعل من العالم مكانا أكثر أمانا. أوباما يطرح بشجاعة هذا السؤال: هل يمكن أن يحدث ذلك في إيران؟
* خدمة «واشنطن بوست»
منقول عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
ماقل ودل … بشى من المنطق والعقل وتساءلات ؟
١: ماحدث بكل بساطة هو انتصار الشجعان الأسود والخرفان لان الاثنين أمريكا وإيران لا خيارات أمامهما غير الذي حدث وهى لعبة الساسة المحنكين ؟
٢: ان ماحدث يمكن ان يكون طلاق أمريكا للسعودية خاصة بعد جولات الامير بندر المتكررة لموسكو ، فما تحت عباءته ليس بخافي على العم سام خاصة بعد جوقات الإرهاب في سوريا والمنطقة ، ومن ثم لاطعم لما يسمى بالربيع العربي من دون شمول السعودية خاصة والخليج العربي عامة ؟
٣: سعي الغرب الحثيث عامة وأمريكا خاصة نحو الطاقة النظيفة البديلة بسرعات قياسية سيقلل من اعتماد هذه الدول على النفوط العربية خاصة والخليج عامة مما يعني ان طلاق العرب والسعودية خاصة مربح للعالم كله والغرب خاصة ، فغبي من يعتقد ان أمريكا قد نسيت ان ١٤ إرهابيا من مجموع ال ١٩ من الذين هاجمو برجي التجارة هم سعوديون ، كما انها لم تنسى سعهم لبناء مسجد مكان مكانها ، فمن يعتقد ان أمريكا تنسى او انها غبية مثله عليه فقط انتظار
النتائج ؟