صعوبات التربية والتعليم في الوطن العربي

fkrhur1التربية الحديثة تسعى إلى إطلاق طاقات الفرد وتوجيهها نحو البناء والأعمار في الشارع وفي بناء الشخصية السوية العاقلة , بينما تعمل التربية العربية على كبح جماح الفرد وتهميش العمليتين برمتهما وهما(التربية والتعليم) وتعمل الأنظمة العربية على حبس طموحات الفرد والجماعة والتقليل من شأنهما حتى يصبح الفرد فاقد للإرادة معتمدا على غيره في كل شيء, وتعمد السلطة في العملية التربوية على التسلط وقهر روح الفرد والجماعة, وعدم توفير وسائل التعليم الحديثة التي ترقى بالطالب إلى مستوى إنتاج الفكر وإنتاج الثقافة, وتعمل التربية العربية على شل القدرات الإبداعية عند الفرد والجماعة بشكل مستمر من خلال فرض رقابة صارمة على الأفراد والجماعات,وتقويض مهارات الإنسان المبدع,وتعطيل طاقاته, وطبيعة النظم التربوية في الوطن العربي تعمل على تعطيل طاقات النمو عند الفرد بشكل سلطوي استبدادي, والكل منهار سواء أكان المعلم أم التلميذ, فحتى المعلم غير مسموح له بالتفكير وبإظهار رأيه أمام الطلبة وتعمل الحكومة على إخضاع الطالب والمعلم إلى السلطوية بدل أن تخضعه للحرية وإطلاق العنان والمخيلة معاً , ومن صور التربية المذلة في الوطن العربي:الحرمان,التمييز,التهديد,والتوبيخ والتعزير والإهانة للطالب, وإحراجه أمام نفسه وأمام زملائه في الصف الدراسي,والعنف, وعدم مراعاة الإنسانية حين التعامل معه, بل على العكس يتم التعامل مع الطالب على أساس أنه لا يفقه ولا يعرف شيئا وليس مؤهلا للتفكير, ومن ثم يتم اختبار الطالب للكشف عن قدراته في التحليل والتفكير فيتبين للمدرسة وللنظام التربوي أن هذا الطالب أو ذاك قادر فقط على تطبيق التعاليم الحرفية وليس مستعدا للاجتهاد وللتحليل وللقياس, ويكبر الطالب على هذا الأساس ويدخل الجامعة وهو ما زال غير قادر على محاكاة الطبيعة وقدراته العقلية مشلولة,وكلما حاول أن يفكر تُستخدم ضده القوة ويتم إحراجه أمام نفسه وأمام الناس,فلا يعود الطالب بعدها إلى تكرار محاولة التفكير,وينشأ الطالب في أسرة من هذا النوع, ففي البيت كما في المدرسة يتم التعامل مع الفرد على أساس أنه لا يحسن ولا يتقن شيئا,وهذه الأسرة تكون مثلها مثل جارتها وكل الحارة والقرية والمدينة من هذا النوع, لذلك الوطن العربي كله من أوله إلى آخره مهزوم تربويا.

إن الدولة في الوطن العربي كما هو المجتمع والبيت حيث الكل يخافون من إطلاق الطاقات الشابة ويخشون أيضا من فتح باب الحرية للذين يريدون الحرية,ويتم أيضا حكر السلطة وعدم مشاركة أو توسيع قاعدة المشاركة بين الجماهير والحكام,وبالتالي نحن نقف أمام نظام إجتماعي وسياسي قهري جدا تعود على إسكات الفرد والجماعة واعتاد الفرد والجماعة على عدم التفكير بل نراهم يحرجون من يحاول تشغيل مخه وعقله وقلبه,ويتعرض الفرد إذا حاول التفكير إلى الإهانة من قبل الوالدين ومن الأسرة كلها بشكلٍ عام.

تعمل الأنظمة العربية الحاكمة على تحديد مسافة طويلة وكبيرة بين التلميذ والمعلم وبين المجتمع والسلطة من خلال تكريس الممانعة والمصادرة على المطلوب من الفرد والجماعة وعدم الاقتراب من السلطة وهذا يتمثل من خلال تخويف الفرد والجماعة من التفكير الذي لا يؤدي إلا إلى النار وعذاب الله أو إلى سجن الحاكم,فعلى حسب ما يقوله الإسلام: من أفتى بغير علم فقد تبوء مقعده من النار,وهذا حديث نبوي,لذلك يرهبون الناس من عملية التفكير فنجد مجتمعا بأكمله يهرب من التفكير مخافة أن يقع في النار أو مخافة أن يدخل سجن السلطان,لذلك يشعر بالذنب الكبير وبالإثم أيضا كل من يحاول أن يفكر ,وهذا يجعل الفرد يشعر بضعف الثقة بنفسه,وبتلويم نفسه كلما حاول أن يفكر أو أن يجتهد,ويصبح الفرد مضادا للأسرة وللمجتمع ويتحول نحو الإجرام ابتداء بتكفير كل من يحاول أن يفكر,ويصبح طبعه ومزاجه عدوانيا, ذلك أن هذا المواطن العربي يعيش طوال حياته وهو يعاني من نقص في إشباع رغباته منذ الطفولة حتى يبلغ سن الرجولة والشيخوخة,وهذه الشخصية تصبح تعتمد على غيرها في طريقة التفكير حيث تلجأ إلى شيوخ الدين ليفكروا ويفتوا بدلا منها وبهذا تصبح هذه الشخصية عاجزة أمام نفسها ولا تستطيع تحقيق التنمية لذاتها وتتحول إلى اتكالية في كل شيء,وفي النهاية شخصية ضعيفة لا تثق بنفسها,إنها القسوة وجلد الذات.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.