شك بعمالتي لاسرائيل من أول سوقي إلى خدمة العلم

Bassam Yousef

في عام 1986 تم سوقي إلى خدمة العلم، ( كلمة سَوق من ساق ” ساق الماشية إلى المراعي”)نعم ساقونا إلى خدمة العلم ” أبو عيون خضر جريئة”، ولأنني من حملة الشهادة الجامعية فقد كان هناك مكرمة عظيمة من خالق وصانع سوريا “حافظ الأسد” وهي منحنا نحن الجامعيين شرف أن نكون ضباطا برتبة “ملازم مجند”.
في “عين النسر” وعلى الطريق من حمص إلى المخرم، وبعد المشرفة، وعند مفرق السلمية تجد كلية الهندسة العسكرية، هناك كانت بداية خدمتي للعلم المعظم.
وصلت إلى حمص ظهر أحد أيام شهر تشرين الثاني، وفي كراجاتها سألت عن الميكروباص الذي يوصلني الى الكلية وصعدت الى ميكرو متجه إلى “المخرم” ( كان من فئة الهوب هوب) .
على باب الكلية نزلت، وككل مداخل القطع العسكرية في سوريا سيطالعك رسم رديء لحافظ الأسد، كتب تحته العبارة الشهيرة”قائدنا إلى الأبد .. الأمين حافظ الأسد”، وعلى القوس المعدني الذي يعلو المدخل كله قرأت ” تذكر أخي النقّاب أن غلطتك الأولى هي الأخيرة “.( النقّاب هو المختص بكشف ونزع الألغام ).
على الباب استوقفني الحرس وبعد أن فتشني وأخذ المهمة العسكرية التي أخذتها من شعبة التجنيد سمح لي بالدخول.
ستة أشهر أمضيتها في كلية الهندسة العسكرية، تحولت خلالها وفق مصطلحات الجيش السوري من حمار ( كل جامعي حمار) إلى ملازم مجند .
في نهاية الدورة وبعد أن تخلصت من “حمرنتي” ووضعت نجمة ذهبية فوق كل كتف، انتقلت إلى حلب، التي سأواصل منها خدمتي للعلم.
في معسكر الحمدانية، وعلى طريق خان طومان تقع كلية التسليح حيث تم فرزي.
بعد وصولي بفترة قصيرة جاء دوري للمناوبة، ولأنني أصغر رتبة في سلم الضباط فقد كان مكان مناوبتي هو الباب الرئيسي، حيث يتوجب علي أن أمضي ليلتي .
ذهبت بعد الغداء الى الباب الرئيسي، كان هناك عسكري بلباسه وسلاحه الكامل يقف على الباب ليفتح الحاجز المعدني من أجل دخول وخروج السيارات، دخلت الى غرفة المناوبة، قرأت لوحة معلقة على جدار الغرفة تحدد مهام الضابط المناوب ومهام عناصر الباب، درت في الغرفة قليلا ثم توجهت الى حيث يقف العسكري وأعطيته أوامري وتوجيهاتي بصفتي “القائد العام” للباب الرئيسي ثم عدت الى الغرفة.
بعد حوالي الساعة دخل العسكري الى الغرفة ليخبرني أن المقدم “نصر” خارج من الكلية، فهل يفتح الحاجز؟
سألته: هل فتشت سيارته ..؟.
ارتبك العسكري قائلا : سيدي ما بسترجي ..!.
يبدو أن المقدم “نصر” استفزه عدم فتح الحاجز فأطلق زمور سيارته عالياً.
خرجت الى الخارج وبعد أن حييته وفق الأصول العسكرية طلبت منه السماح للعسكري بتفتيش السيارة.
جن جنون المقدم … فتح باب سيارته ونزل منها صائحا بوجهي:
– انت مابتفهم ..انا المقدم نصر .
قلت له بهدوء: انا الملازم المجند بسام، كل كلمة سيئة تتلفظ بها سأردها عليك فورا، وسيارتك لن تخرج قبل أن تفتش.
توجهت الى العسكري منبها: ممنوع خروج أو دخول أي سيارة دون تفتيشها كائنا من كان فيها. وعدت الى داخل الغرفة .
لم يطل الأمر … استدار المقدم بسيارته عائدا الى داخل الكلية، وبعد دقائق عاد، سمح بتفتيش سيارته وغادر.
كانت تلك آخر مرة أناوب فيها، لم يعد لي اسم في سجلات المناوبة، وعرفت في الأيام التالية أن المقدم نصر هو المسؤول عن تهريب مخصصات الطعام الواردة الى الكلية وبيعها في أسواق حلب.
نسيت قلكن انني اعتقلت بعد عدة أشهر من وجودي في كلية التسليح، أي كنت لا أزال مجندا في الكلية، وبعد أن خرجت أخبرني أصدقاء لي أن المقدم نصر كان دائما يتحدث أنه شك بعمالتي لاسرائيل من أول قدمت فيه الى الكلية.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.